كيف تستعيد مزاجك الإيجابي عندما تشعر بالملل؟

يستحيل أن تكون في مزاجٍ إيجابيٍّ طوال الوقت؛ فكلُّنا نمر بأوقات نشعر فيها بأنَّنا لسنا على سجيتنا، وعندها قد نشعر بالملل والإحباط، وغالباً ما تعود إلى حالتك الطبيعية قبل أن تتاح لك فرصة اكتشاف الخطأ.



إلا أنَّنا قد لا نستعيد حيويتنا ونخرج من حالة الملل بهذه البساطة؛ بل نرى سعادتنا تنجرف أكثر فأكثر نحو الهاوية بدلاً من ذلك، وعندما تلاحظ حدوث ذلك، قد ترغب في تعزيز مزاجك الإيجابي عن طريق القيام بهذه الأشياء الثلاثة:

1. إنعاش أو تحسين بيئتك:

نقلِّل غالباً من مقدار تأثير بيئتنا فينا؛ حيث يمكِن أن يثبط المنزل غير المرتب والفوضى المنتشرة في كل مكان وغيرها من الأمور من عزيمتنا، ويعكر مزاجنا بطرائق لا نُدركها، وإذا لاحظتَ أنَّ مزاجك الإيجابي لم يَعُد كذلك؛ فحاوِل تغيير بيئتك، ورتِّب محيطك واجلب المزيد من الهدوء والسَّلام إلى حياتك.

لا يعني هذا مجرد تكديس كل الفوضى في مكان واحد لإزاحتها من أمام ناظريك ونسيان أمرها - هذا إن كان بإمكانك ذلك أصلاً؛ بل يعني في الواقع التَّعامل مع كل الأشياء التي تُعيقك جسديَّاً وذهنياً في حينه.

على سبيل المثال: ربما لديك كومةٌ من الأعمال الورقيَّة التي عليك معالجتُها، مثل: دفتر الحسابات الذي يجب إغلاقه، والفواتير التي يجب دفعها، وما إلى ذلك؛ وفي كل مرَّة تَنظُر فيها إلى هذه الأوراق، يتعكر مزاجك وتشعر بالإحباط، ولا ينبغي هنا أن تُكدِّس الأوراق في خزانة فحسب؛ فعلى الرغم من أنَّك ستزيحها عن مرآك، سيظلُّ بالك مشغولاً وذهنك مشوشاً لا ينفكُّ يفكر في كل تلك الأمور التي تُرِكَت بلا معالجة.

فكِّر في الأمر منطقياً: كل ما تُؤخره سيحتاج إلى معالجة في النهاية؛ حيث يمكِنك إنجازه عاجلاً وليس آجلاً، ثمَّ الاسترخاء وتحرير دفتر يومياتك للقيام بأشياءٍ أكثر إثارةً، أو يمكِنك تركه يستمرُّ لأسابيع والسَّماح له بالتَّأثير في مزاجك طوال الوقت، مما يجعله يسبب لك قلقاً طويل الأمد.

لكي نكون واضحين هنا، عندما يتعلق الأمر بأشياء مثل: الترتيب أو القيام بالأعمال المنزلية، لا يتعيَّن عليك التظاهر بالاستمتاع بأيٍّ منها، عليك فقط الاعتماد على حقيقة أنَّك ستشعر بتحسُّنٍ بمجرد القيام بها.

نميل كبشر إلى مقاومة العمل على المهام الروتينية التي نظنُّ أنَّها بلا جدوى؛ فإن لم تتمكن حقاً من استجماع الطاقة اللازمة لمعالجتها؛ فانتقِل للعمل على أي شيء آخر، ربما من خلال مغادرة المكان للحظات.

اذهب في نزهة لتمنح دماغك الرَّاحة، أو شغِّل بعض الموسيقى إذا كان ذلك يساعدك، أو افعل أي أمر يثير في نفسك الحماس ويرفع روحك المعنوية؛ كالرسم أو الغناء أو مشاهدة الكوميديا الارتجالية، وافعل ما يحلو لك فقط أياً كان؛ إذ لا يجب أن تكون كلُّ النشاطات التي تؤدي إلى المزاج الإيجابي نشاطاتٍ ذهنيةً؛ ففي بعض الأحيان، قد يكون مجرد الجلوس والتأمل هو أفضل علاجٍ لمشكلاتنا.

كلما زاد عدد الأشياء التي تحفِّز إفراز الإندورفين من دماغك، كان ذلك أفضل، فاستمِع إلى الموسيقى المبهجة في أثناء احتساء قهوتك المفضلة وغنِّ مع الجوقة الجذابة (سواء كنتَ تعرف الكلمات أم لا)، افعل كل ذلك في أثناء ارتداء ملابسك المريحة؛ فالفكرة هنا هي أن تفعل أي شيء يعزز مزاجك الإيجابي.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح بسيطة للحصول على مزاج جيّد

2. الاعتماد على الإبداع لتبقى إيجابياً "فليكن لديك مشروعٌ سريٌّ":

ركَّزَ القسم السابق من هذا المقال على طرائق إثارة مزاجٍ إيجابيٍّ فوراً عندما تشعر بعلامات الضجر وانخفاض المزاج، ففي هذا القسم، سنشرح مفهوم "المشروع السريِّ"، وهو وسيلةٌ لجعلك بمنأىً عن حالة الضجر في المقام الأول.

المشروع السري: هو مشروع تضيف عليه بمرور الوقت، بناءً على موضوعٍ يُهمّك؛ فالمفتاح (والسحر) في هذا المشروع هو:

  • أنَّك لستَ مضطراً لإكماله مطلقاً.
  • ليس عليك إظهاره لأي شخص.
  • ليس عليك تحقيق أي أهداف.
  • لا تحتاج حتَّى إلى أن تكون جيداً فيه!

بكلِّ بساطةٍ، يجب أن يكون شيئاً تجده ممتعاً أو ملهماً أو كليهما.

الفكرة من وراء وجود مشروعٍ سريٍّ هي توفير فرصة للهروب من أي رتابةٍ في حياتك، وإنَّه طريقةٌ لإبقائك مبدعاً ومنتعشاً كي تفكر باستمرارٍ في الاحتمالات الجديدة.

ربما تفكر في إعداد أطباق شهية عندما تغوص في أحلام اليقظة؛ حيث لديك الكثير من الأفكار التي لا تؤتي ثمارها أبداً، فعندما تعود إلى المنزل من العمل، تكون متعباً جداً بحيث لا يمكِنك الطَّهي، فتكفيك حينها تلك الراحة المتمثلة في وضع شريحتين من الخبز في محمصة الخبز ودهنهما بزبدة الفول السوداني، ويوماً بعد يوم لا ترى 80% من وصفاتك الغريبة والرائعة النور أبداً.

في هذه الحالة، سيكون مشروعك السِّري ببساطة تخصيص دفتر لوصفاتك التي لم تُختَبر بعد، ولستَ مضطراً لإعداد هذه الوصفات في الحياة الواقعية، ولا داعي للقلق بشأن شراء مكونات لا تشتريها عادةً، ولا داعي للقلق بشأن ما إذا كان مذاقها جيداً أم لا، فأنت تلجأ إلى هذا المشروع بانتظام عندما يتوق عقلك إلى الشعور بالإلهام والإبداع.

يمكِن أن تتضمن الأمثلة الأخرى للمشاريع السرية ما يلي:

  • جمع صور منزل أحلامك، وصولاً إلى اختيار الوسائد التي ترغب في الحصول عليها إذا لزم الأمر.
  • إنشاء كتيِّب السفر الخاص بك والذي يضمُّ أفضل البلدان التي ترغب في زيارتها، بما في ذلك ما قد تراه، وما قد تأكله، والمكان الذي ستقيم فيه، وما إلى ذلك.
  • كتابة قائمةٍ لا تنتهي من الأعمال التجارية الجديدة التي يمكِنك البدء فيها، فلا تأتي المتعة، بالنَّسبة إليك، من البدء بتنفيذ أي أفكار؛ بل من مجرد طرحها.

للأسف، يعاني الكثير منَّا من روتين لا يسمح لنا بالإبداع؛ فلا تدع هذا يتملَّكك، واعمل على مشروعٍ سريٍّ تلجأ إليه متى شئت.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تُسهّل عليك تبنّي الإيجابية كأسلوب حياة

3. ممارسة الامتنان:

عندما نكون في حالةٍ من الفوضى، من السَّهل التفكير في أنَّ حياتنا سيئة وأننا غير محظوظين، والحقيقة هي أنَّ هذه العقلية يمكِن أن تدفعنا نحو المزيد من الانحدار عندما يكون كل ما نحتاجه هو تحسين مزاجنا لإخراجنا من الفوضى.

عندما تشعر بأنَّ مزاجك في أدنى مستوياته؛ فأنت بحاجة ماسَّة إلى تذكير نفسك بمدى حُسن حظك، حيث يمكِنك أن تفعل هذا من خلال ممارسة الامتنان.

هذا ليس بالأمر السهل وهو يتطلب التَّدريب بمرور الوقت، والأهم من ذلك، لا تنتظر حتى تكون في مزاجٍ سيءٍ لتبدأ في ممارسة الامتنان لأن ذلك لن ينجح؛ بل ابدأ عندما تكون في مزاج إيجابي.

قدِّر حقاً ما هو رائع في حياتك عندما تسير حياتك بسلاسة، وقدِّر تلك الأشياء الصغيرة والأشياء الكبيرة بقدر ما تستطيع، وامتنَّ لامتلاك هذا السرير المريح الذي يمنحك النوم الهانئ ليلاً؛ حيث لا يمتلك كل فرد في العالم هذه الأشياء، وامتنَّ لأنَّ الشمس ساطعة اليوم، واستشعِر أشعتها تداعب جسدك، أو امتنَّ لأنَّ صديقك قد أرسل إليك رسالة لطيفة تخبرك أنَّه يفكر فيك.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

انتبِه بقدر ما تستطيع لكل ما يجعلك في حالة مزاجية إيجابية؛ لأنَّ حظك سينفد عاجلاً أم آجلاً، وربما لم يبادلك شريكك الذي أحببتَه الحب، وفي نفس الأسبوع، لم تحصل على الترقية في العمل، وعندما لا يكن من الممكن أن يزداد الأمر سوءاً، سكبتَ العصير الأحمر فوق القميص المفضل لديك وبدأَت السماء تمطر وأنت في العراء.

هذه هي الأوقات التي يصبح فيها من السهل جداً نسيان كل الأشياء الجيدة في حياتك، فما يحدث هو أنَّ الأشياء الجيدة تطغى عليها سلسلة من الأحداث المؤسفة؛ لأنَّك تشعر بالمشاعر السَّلبيَّة بقوة أكبر مما تشعر بالمشاعر الإيجابيَّة.

ابكِ؛ لأنَّ إطلاق المشاعر السَّلبيَّة هو فعل هامٌّ حقاً، ولكن لا تبقَ في هذه الحالة بشكلٍ دائم؛ بل اجبِر نفسك كل بضع ساعات في العثور على أشياء في حياتك تشعر بالامتنان من أجلها، وحافِظ على هذا المنظور ما استطعت.

الخلاصة "ابحث عمَّا يناسبك":

إنَّ الحفاظ على المزاج الجيد ليس بالمَهمَّة السَّهلة خصوصاً عندما تكون في حالة من الضجر؛ إلا أنَّه ليس مستحيلاً، فعليك فقط أن تجد ما يناسبك، ومن المثالي أن تفعل هذا قبل أن تصل إلى حالة ذهنيَّة سلبيَّة، وكلَّما فهمتَ ما الذي يجعلك سعيداً؛ اتَّسعَت الترسانة التي ستكون تحت تصرفك عندما تبدأ الأمور في الانحراف.

وإذا استطعتَ، اعمل على تحسين إيجابيتك طويلة الأمد من خلال ممارسة الامتنان كلَّ يوم، ولكن عندما تحتاج إلى دفعة إيجابية إضافية؛ انتقِل إلى الأشياء التي تعزز سعادتك على الفور، ولا تنسَ تخصيص مشروع سرِّي لأنَّ ذلك سيساعدك في الحفاظ على ذهن مُلهم وإبداعي، وهاتان الصفتان يمكِن أن تساعداك في منع نوبات السَّلبيَّة في المقام الأول، خاصَّة إذا كنتَ تمتلك روتيناً رتيباً وغير ملهمٍ في حياتك اليومية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة