كيف تستخدم استراتيجيات الإصغاء إلى الموظفين لدعم سلامتهم؟

يعاني ما يقارب من ثلثي الموظفين الذين يعملون بدوام كامل من الإرهاق في أثناء العمل، إلى جانب مشاعر الاكتئاب والتعب والحزن التي قد تزداد في فصول معيَّنة، حيث يمكِن أن يؤدي الإرهاق إلى جعل الموظفين معرضين بشكل خاص لمشكلات نفسية.



للأسف، لا يحرص الموظفون دائماً على التحدث عن سلامتهم، وفي كثيرٍ من الأحيان لا يتمكنون من إيجاد مساحة يمكِنهم من خلالها مناقشة هذه القضايا. سنشرح في هذا المقال كيف يمكِن لأرباب العمل استخدام استراتيجيات الإصغاء لتحديد ما يعانيه الموظفون وكيفية اتخاذ إجراءات بعد تقديم تغذيتهم الراجعة لتعزيز سلامتهم.

استخدام الإصغاء إلى الموظفين لتحديد المشكلات المتعلقة بسلامتهم:

يتمحور الإصغاء إلى الموظفين حول جمع تغذيتهم الراجعة بشكل مستمر خلال دورة حياتهم المهنية، ويمكِن لأرباب العمل استخدام هذه الاستراتيجية لاكتساب مزيدٍ من الرؤى حول مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك سلامة الموظفين، وإليك كيفية جمع هذه البيانات على المستوى التنظيمي والجماعي والفردي.

1. المستوى التنظيمي:

تدرك معظم الشركات أنَّ عديداً من موظفيها يعانون من مشكلات نفسية أو من الإرهاق، لكنَّهم قد لا يعرفون طريقة جيدة لمعالجة هذه المشكلات، حيث يُعدُّ اختبار السلامة الطريقة الأكثر فاعلية وقابلية للقياس لجمع المعلومات حول كيفية تأثُّر الموظفين واحتياجاتهم وكيفية اتخاذ الإجراءات حيال ذلك.

عندما تستثمر الشركات في البحث والقياس والعمل على تعزيز سلامة الموظفين، فإنَّها تفيد الجميع؛ حيث وَجدت الدراسات التي أجراها موقع "وورك أون ويلبيينغ" (Work on Wellbeing) أنَّ الرفاهية العالية تؤدي إلى زيادة الإنتاجية، وتقليل الإجازات المرضية، وتحسين التعاون، وتعزيز مزيدٍ من الإيجابية العامة للموظفين، وإذا لم تكن متأكداً من كيفية البدء بذلك؛ فإنَّ استطلاع السلامة يسمح لك بتقييم أداء مؤسستك من وجهات نظر مختلفة - بدءاً من القيادة ووصولاً إلى الثقافة - وإطلاق العنان للرؤى الشاملة التي ستساعد موظفيك على الازدهار.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لحماية الصحة والحفاظ على السلامة في العمل

2. مستوى الفريق:

لتقييم السلامة على مستوى الفريق، يمكِن لقادة الموارد البشرية تشجيع المديرين على اتباع أحد الأساليب التالية:

  1. تحليل بيانات استطلاع السلامة على مستوى الفريق: يمكِن أن يساعد فهم البيانات الخاصة بالفريق المديرين على تحديد الإجراءات الصحيحة التي يجب اتخاذها، في حين أنَّه من الهام تحليل النتائج الكمية، يجب على المديرين أيضاً الانتباه عن كثب إلى الردود المفتوحة؛ حيث يمكِن أن يسفر عنها مشكلات هامة ربما لم تظهر في النتائج النهائية.
  2. المشاركة في عمليات التفقد الدائم لأمور الفِرَق: يمكِن إجراء محادثات مع الفريق بأكمله أن يفتح المجال لتقديم تغذية راجعة ذات قيمة؛ فقد يشعر أحد الموظفين بالتوتر بشأن إثارة قضايا - تتعلق بعبء العمل - بنفسه، ولكن إذا شعر أقرانه بالطريقة نفسها، فيمكِن أن يشعر براحة أكبر عند مناقشة هذه القضايا كمجموعة.

3. المستوى الفردي:

تُقدِّم الاجتماعات الفردية واحدة من أفضل الفرص للمديرين لجمع التغذية الراجعة الفردية من تقاريرهم المباشرة، ولسوء الحظ، لا يستفيد عديدٌ من المديرين استفادةً كاملة من هذه المحادثات ويفشلون في تفقُّد أحوال الموظفين بشأن الموضوعات الهامة، مثل سلامتهم، كما أشار ما يقرب من 40% من الموظفين العالميين مؤخراً إلى أنَّه لم يسألهم أحد في شركتهم عما إذا كانوا على ما يرام.

لمنع حدوث ذلك، ساعِد مديرك على تقوية ذكائهم العاطفي، على سبيل المثال: قَدِّم لهم قائمة بأسئلة تُظهر اهتمامك بهم والتي يمكِن أن تحثُّهم على الحديث عن سلامتهم، أو درِّبهم على المهارات ذات الصلة، مثل تعلُّم الإصغاء بدلاً من الانتقال مباشرة إلى حل المشكلات، أو فهم كيفية طرح مزيدٍ من الأسئلة المفتوحة.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني

أفضل الممارسات لدعم سلامة موظفيك:

يجب أن تؤدي النتائج المستخلصة من استراتيجيات الإصغاء إلى الموظفين إلى اتخاذ إجراءات محددة؛ ولكن هناك أيضاً أفضل الممارسات العامة لفِرَق الموارد البشرية التي يمكِن أن تبدأ في تطبيقها اليوم، والتي نشاركها أدناه:

1. توفير الموارد التي تتوافق مع احتياجات الموظفين:

يعتمد الموظفون على شركاتهم لتوفير الوصول إلى موارد الصحة النفسية، وبعد تلقِّي نتائج استطلاع السلامة، هناك طريقتان يمكِن للموارد البشرية اتباعهما في تقديم عروضهم الحالية:

  • توفير وصول الموظفين إلى الموارد: من الشائع أن تُقدِّم الشركات موارد رائعة للصحة النفسية لا يدركها الموظفون؛ حيث قال ما يقرب من 46% من العمال إنَّ شركاتهم لم تبادر إلى مشاركة هذه الموارد معهم، مما يشير إلى الحاجة إلى إطلاع الموظفين على ما هو متاح لهم. استضِف جلسات إعلامية لتذكير الموظفين بالمزايا التي يمكِنهم الوصول إليها وتوصيل هذه المعلومات عبر قنوات مختلفة.
  • إعادة النظر بالموارد المتاحة: إذا كانت التغذية الراجعة الخاصة بالموظفين تشير إلى أنَّ الموارد الحالية لا تتوافق مع احتياجات القوى العاملة لديك، فأعِد النظر في عروضك وأجرِ التعديلات حسب الحاجة، وعلى سبيل المثال: قد تكتشف من الاستطلاع أنَّ إرغام جميع الموظفين في فروع شركتك العالمية على أخذ إجازة محددة في أيام مختلفة يمثل مشكلة؛ حيث يمنع الموظفين من الاستمتاع بإجازتهم لأنَّ أحد زملائهم في مكتب منفصل ربما لا يزال متصلاً بالإنترنت ويحتاج إلى شيء ما، وفي هذه الحالة، قد ترغب في تعديل عروضك وتخصيص أيام الإجازة نفسها للجميع في الشركة.

2. تقديم كبار المسؤولين في الشركة الدعم للموظفين:

يجب أن تجري فرق الموارد البشرية محادثات مع قادة الشركة -من الرئيس التنفيذي إلى مديري الفِرَق- لدعم سلامة الموظفين بشكل أفضل، وفيما يلي بعض الأمثلة على أنواع الموضوعات والدورات التدريبية التي يمكِنك تقديمها:

  • تقديم إرشادات حول كيفية استخدام لغة شاملة لا ينفر منها الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية ونفسية.
  • اقتراح أفكار حول تقليل أعباء العمل أو منح الموظفين إجازة إضافية من العمل.
  • تمكين القادة من الاهتمام بشكل استباقي بفرقهم بدلاً من انتظار تغيير سياسة "رسمي". على سبيل المثال، إذا كان أحد المديرين قلقاً بشأن موظف يعاني من مشكلات نفسية، شجِّعه على منح هذا الموظف إجازة إضافية.
  • تدريب المديرين حول كيفية إجراء محادثات أكثر تأثيراً بين شخصين واستخدام هذا الوقت للتواصل والتحقق من رفاهية الموظفين شخصياً.

في حين أنَّه من الهام جداً الاهتمام بالصحة النفسية لموظفيك، إلا أنَّه من الهام أيضاً التحقق من صحتك الشخصية وسلامة فريق الموارد البشرية والمديرين، فبدون تلبية احتياجاتك الخاصة لن يكون لديك الطاقة لدعم بقية المنظمة؛ لذا خذ الوقت الكافي للانخراط في الرعاية الذاتية ومراقبة مديري الخطوط الأمامية لديك بحثاً عن علامات إرهاق محتملة، وإذا وجدتَ أنَّك أنت أو مديرك تعانيان؛ فاطلب المساعدة، وابحث عن طرائق للتخلص من بعض المسؤوليات، أو إذا أمكن، خذ بعض الوقت بعيداً عن العمل.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل الشركات مع إرهاق الموظفين؟

3. ممارسة المرونة:

إحدى أفضل الطرائق لدعم سلامة الموظفين هي مساعدتهم على بناء المرونة العاطفية، سواء كان ذلك من خلال ورش العمل أم التدريب، فهذا لا يعني أن يضغطوا ويرهقوا أنفسهم ويتجاهلوا مشكلاتهم النفسية؛ بل يتعلق بناء المرونة بمساعدة الموظفين على الشعور بالراحة مع حالة انعدام اليقين وتعلُّم المهارات التي يحتاجون إليها لاستعادة عافيتهم بعد وقوع أحداث سلبية.

لكنَّ العبء لا يقع على عاتق الموظفين وحدهم؛ بل يتعين على الشركات تعلُّم كيفية بناء المرونة أيضاً، من خلال إظهار المرونة في الاستجابة للمواقف العصيبة، على سبيل المثال: لنفترض أنَّ شركتك ستطرح منتجاً جديداً قريباً، ولكن من الواضح أنَّ عديداً من موظفيك يعانون من الإرهاق بسبب هذا المشروع؛ فبدلاً من إجبار الجميع على الالتزام بالموعد النهائي غير الواقعي، يمكِن للمدير التنفيذي تأجيل تاريخ إطلاق المنتج، الذي سيخفف بدوره العبء عن الموظفين.

لم يسبق أن كان دعم الصحة النفسية للموظفين أكثر أهميةً مما هو عليه اليوم؛ لذا يمكِن لقادة الموارد البشرية القيام بدورهم من خلال تحديد ما يُؤثِّر في سلامة موظفيهم واتخاذ الإجراءات اللازمة لتلبية هذه الاحتياجات.

المصدر




مقالات مرتبطة