كيف تختلف مع الآخرين بذكاء عاطفي؟

عندما تكون الأوضاع على ما يُرام، يكون اكتساب الذكاء العاطفي أمراً سهل المنال، فتحافظ على هدوئك تحت :الضغط، وتتحمَّل مسؤولية أخطائك وتتعلم منها، وتستلم دفة القيادة بكامل يقظتك الذهنية ووعيك بذاتك.



لكنَّ الظرف لن يكون مثاليَّاً كل يوم، وقد تحتاج في بعض الأحيان إلى العمل بجد من أجل اكتساب الذكاء العاطفي، فعندما تبدأ الخلافات ويتصاعد معها التوتر ويتشبث كلا الطرفين برأييهما، يصبح من الصعب كبح جماح العواطف، وهنا يُؤتى القادة ثمار المواظبة على العمل الجاد لبناء ذكائهم العاطفي.  

فإن أنت وجدت نفسك قد أُقحمت وَسَط خلاف محتدم في العمل، جرِّب اتِّباع هذه الاستراتيجيات الست:

1. البحث عن أرضية مشتركة:

يرى القادة الأذكياء عاطفياً في النزاعات فرصاً؛ لذلك قبل أن تأخذ الخلافات منحىً سيئاً، توقف وخذ نفساً عميقاً، وامنح نفسك الوقت للتأكد من أنك تخوض نقاشاً واعياً؛ حيث يرى سانجاي مالهوترا (Sanjay Malhotra)، مدير التكنولوجيا التنفيذي في شركة كلير بريدج موبايل (Clearbridge Mobile) أنَّ القادة الأذكياء عاطفياً يبحثون عن الفرص في النزاعات، فيقول: "يستطيع القادة توظيف الذكاء العاطفي بسهولةٍ في الخلافات من خلال التعامل مع الموقف بوصفه وسيلةً لاكتشاف فرص التعاون، وعندما يتعامل القادة مع الخلافات بهذه الطريقة يستخدمون مهارتين محددتَين: القدرة على الاستجابة وعدم التعامل مع الأمور بمبدأ رد الفعل، ورؤية المشهد العام من منظور الوعي الذاتي".

يلاحظ مالهوترا (Malhotra) أنَّ هذه العقلية - إيجاد فرص للتعاون - فعالة جداً في تحييد مشاعر الإحباط والغضب؛ حيث يُتابع كلامه قائلاً: "والأهم من ذلك، يشجِّع كل من الوعي بالذات والقدرة على الاستجابة القادة وغيرهم من الأفراد الأذكياء عاطفياً على دراسة الموقف استناداً إلى جميع وجهات النظر".

2. التعاطف:

يعرف القادة كيف يضعون أنفسهم في مكان الآخرين، وينظرون إلى الخلاف من وجهة نظره، فإن لم تكن تعرف وجهة نظره، فاحرص على سؤاله؛ حيث يشير مالهوترا (Malhotra) إلى أنَّ الافتراض الخاطئ في الخلافات قد يأتي بنتائج عكسية، إذ من الضروري أن توضِّح وتتأكَّد من صحة أي افتراضات تُطرح في الخلاف، سواء كانت خاصةً بالآخرين أم بك، وبعد التعرف على مختلَف وجهات النظر والعواطف لجميع المعنيين، يمسي القادة قادرين على تحويل الانتباه وتشجيع الجميع على التعاون بحثاً عن إجابة أو حل، وفي نهاية المطاف، يتيح هذا للقادة تسخير القوة الإبداعية التي تقف خلف الصراع.

لا ريب أنَّ تقبُّل وجهات النظر الأخرى يعني الاضطرار إلى التخلي عن وجهات نظرك الخاصة في بعض الأحيان، فلا مكان للكبرياء في الخلافات الذكية عاطفياً.

يقول لي روسيني (Lee Rossini) نائب رئيس قسم الإنتاج في شركة ليميد (Limeade): "تخلَّص من كبريائك تماماً، واجعل عقلك منفتحاً، وكن على قدر كافٍ من الحكمة للتعرف بأفكار أفضل من أفكارك، واحرص على فهم مخاوف شريكك قبل التكلم عن مخاوفك، واستمع وتعاطف قبل محاولة تدريب الطرف الآخر أو طرح وجهة نظر بديلة".

إقرأ أيضاً: ما هو التعاطف؟ وكيف يمكن أن يكون مفيداً للقادة؟

3. الإصغاء الفعال:

من المعروف عن القادة الأذكياء عاطفياً عدم استهلال الحديث في الخلافات، ليس لافتقارهم إلى الرأي السديد؛ بل لأنَّهم يعيرون أهميةً كبيرةً للاستماع أولاً؛ حيث يقول عالم النفس السلوكي والإداري الدكتور إليوت بي جافا (Elliott B. Jaffa) "إنَّ الاستماع مهارة أساسية يستخدمها ذوو الذكاء العاطفي العالي في الخلافات".

ويزوِّدنا ببضع استراتيجيات يمكن الاتكال عليها لاستماعٍ أكثر فاعلية، فيقول ناصحاً: "انتظر دورك، ولا تقاطع الطرف الآخر أبداً في أثناء حديثه، وعندما يفرغ، عُدَّ إلى الرقم 2 ثم تحدَّث، فإذا قاطعك، اقطع حديثك فوراً؛ فكيف لشخصين يتحدثان في نفس الوقت أن يسمع أحدهما الآخر، لا ترفع صوتك أو تستخدم كلمة غير لائقة، ولتوضيح وجهة نظرك، من الأفضل خفض صوتك إلى ما فوق الهمس.

قد تبدو هذه النقاط سهلةً، لكنَّها تتطلب جميعها ممارسةً وتبادل الأدوار والمحاكاة لتحكيم سيطرتك على السلوك؛ حيث يلجأ القادة الأذكياء عاطفياً إلى الاستماع أولاً بغية مساعدة أعضاء الفريق على النمو، ويرغب معظم الناس في حل مشكلاتهم بأنفسهم، وهذه هي أفضل طريقة لهم للنمو على المستوى المهني".

يقول جوناثان فرايز (Jonathan Fries) نائب رئيس قسم الهندسة والتحول الرقمي في شركة إكساديل (Exadel): "لطالما رأيت معظم الناس يطلبون حل مشكلاتهم بأنفسهم، وهذه في الحقيقة أفضل طريقة لهم لينموا على الصعيد المهني؛ فإذا كان لديك خلاف مهني مع شخص آخر، فاستمع إليه أولاً، وضع في حسبانك أنَّ التنفيس قد يكون طريقته للتعبير عن حاجته للتوجيه، ثم اطرح الأسئلة واحرص على أن تُفهَم؛ حيث إنَّ طرح أسئلة تطلب فيها طريقةً لمعالجة الحالة أمر فعال للغاية".

شاهد بالفيديو: 7 أسرار للإصغاء الفعال

4. الانتباه إلى لغة جسدك ونبرة صوتك:

إن أردت معرفة حقيقة شعور الآخر، دون أن يعبِّر كلامياً؛ انتبه إلى العلامتين اللتين تنذران بنواياه الحقيقية ودوافعه العاطفية، كما يقول روسيني (Rossini): "عندما تحدُث الخلافات، أراقب مؤشرين: لغة الجسد ونوع الكلمات المستخدمَة ونبرتها؛ فيتوضح بهذين المؤشرين تماماً ما إذا كان الفرد مهتماً حقاً بحل النزاع أم أنَّه مصرٌّ على رأيه فحسب.

غالباً ما تستند الحالة العاطفية للفرد إلى الكبرياء؛ حيث يرتبط الصواب في موضوع أو نهج معين بـ تقييم ذلك الشخص لقيمة الذات وأهميتها، لكن للأسف يمكن أن نبدِّي الكبرياء على ما فيه مصلحة الشركة أو الفريق".

ينصح روسيني (Rossini) بالانتباه إلى انغلاق الشخص وتهكُّمه وسلوكه في المقاطعة وإلقاء اللوم على الآخرين دون تحمُّل مسؤولية الموقف، ثم تقييم لغة جسدك ونبرة صوتك للتأكد من ألا يُفهم قصدك خطأً.

إقرأ أيضاً: لغة الجسد، التقاط وفهم الإشارات غير اللفظية

5. الابتعاد في الوقت المناسب:

أحياناً يكون تحاشي الخلاف هو الطريقة الأكثر ذكاءً من الناحية العاطفية للتعامل معه، وبالنسبة إلى القادة، يمكن أن تكون هذه استراتيجية هامةً لاتِّخاذ الصراع الصحي نموذجاً يُحتذَى؛ حيث يُعدُّ تحديد توقعاتك لحل الخلاف إحدى الطرائق السليمة للقيام بذلك، على حد تعبير فرايز (Fries).

يقترح أن نقول مثلاً: "هل ستتحدث إلى سعيد هذا الأسبوع؟ أعلمني لو سمحت كيف تسير الأمور" أو "فضلاً استمع إلى الوجه الثاني من الخلاف واسعَ لأن يكون الطرفان راضيين". 

يقول فرايز (Fries): "لا تتدخل إلا إذا بدت الأطراف غير راغبة أو غير قادرة على التوصل إلى قرار، فقد يكون الحياد صعباً في بعض الأحيان، ولكن ربما يكون احترام الحدود أحد الميزات التي يطلبها المدير".

6. افتراض النية الحسنة:

لا أحد يحب الصراع، فإن وجد الشخص نفسه قد انجرَّ إلى خوض جدال في العمل، فلا ريب أنَّ وجهة نظره تمثِّل خطاً أحمر لا يسمح لأحد بتخطيه.

يقول روسيني (Rossini): "من غير المحتمل أن يستيقظ الشخص الذي تعمل معه يوماً ليقرر أن يكون وقحاً أو يبحث عن المشكلات".

ويضيف أنَّ القادة الأذكياء عاطفياً يفترضون نوايا إيجابيةً عند التعامل مع الخلافات.

 

المصدر




مقالات مرتبطة