كيف تحفز الآخرين لتحقيق النجاح؟

القدرة على تحفيز الآخرين هي إحدى مهارات القيادة الضرورية في مجالات العمل، إضافةً إلى ذلك يوجد عديد من التطبيقات العملية لهذه المهارة في مجالات مختلفة من الحياة وحتى خارج إطار العمل.



إليك 6 نصائح فعَّالة جداً لتحفيز الآخرين:

1. افهم نمط الشخصية التي تريد تحفيزها:

تختلف الأمور التي تحفِّز الناس باختلاف شخصياتهم، فبعض الناس اجتماعيون ويحبون التغذية الراجعة الصريحة، وبعضهم الآخر انطوائي ويفضِّل الملاحظات الإيجابية الهادئة.

لذلك، عندما تريد تحفيز أحدهم، احرص على فهم طبيعة شخصيته وما الذي يجعله مُتحمِّساً، فمن دون هذا الفهم لنوعية الشخصية ستكون كل جهودك لتحفيز شخص ما عبثية، لأنَّك قد تستخدم أسلوباً للتحفيز لا يتناسب مع الشخص.

فمن خلال فهم نمط الشخصية المستهدفة ستكون قادراً على تحديد الأشياء التي تحفِّزهم، ولتتمكَّن من فهم نمط الشخصية وما هي الأمور الأساسية التي تحفِّزهم، يمكنك اللجوء إلى وسائل أو مبادئ عدة.

أكثر هذه الوسائل شيوعاً هي اختبارات الشخصية، مثل اختبار "مايرز_بريجز" (Meyers_Briggs)، وإحدى الوسائل الأخرى هي بطاقات تُقدَّم للأشخاص لملئها على شكل استمارات، وهذا يساعدك على معرفة ما هي الأشياء الهامَّة بالنسبة إلى الأشخاص الذين تسعى إلى تحفيزهم.

على أي حال توجد طريقتان فعَّالتان جداً لفهم نمط الشخصية:

  • اختبار "مايرز_بريجز"، وهو عبارة عن اختبار سريع وسهل ويستغرق أقل من 12 دقيقة، يقسِّم الشخصيات إلى 16 نمطاً بالاعتماد على أجوبتهم عن هذا الاختبار.
  • بطاقات المشاركة، وهي عبارة عن مجموعة بطاقات تهدف إلى المساعدة على تسهيل التواصل الصريح بينك وبين الشخص الذي تحاول تحفيزه - عادةً ما يكون موظفاً - وتنقسم هذه البطاقات إلى فئات، مثل: "التعلُّم والتطوير"، و"الرضى الوظيفي"، وتساعد هذه البطاقات على إجراء المحادثة.

يُعَدُّ استخدام إحدى هاتين الطريقتين لفهم نمط شخصية الموظف المستهدف هو الخطوة الأولى لتحفيزه، وذلك من خلال توظيف هذا الفهم في إنشاء النهج الذي ستتَّبعه لتحفيز الموظف والذي سنوضِّحه لاحقاً.

2. امنحهم المهارات اللازمة للنجاح:

بعد أن فهمت نمط الشخصية التي تحاول تحفيزها، فإنَّ الخطوة التالية هي تزويده بالمهارات اللازمة للنجاح، وإذا لم تفعل ذلك فسرعان ما يصبح الأشخاص الذين حفَّزتهم مُحبطين، لأنَّهم يشعرون بأنَّهم لا يمتلكون القدرة على الوصول إلى مستوى ثابت من الأداء والنجاح.

بخلاف ذلك، يصبح الناس أكثر حماسةً عندما يتحسَّن أداؤهم ويؤدي إلى تحقيق مستويات عالية من النجاح، لذلك إذا لم تزوِّد الأشخاص بالمهارات اللازمة لتحقيق النجاح، يصبح الأمر شبيهاً بمحاولة تشييد بناء على أساس ضعيف.

فقد تقوم بتحفيز شخص ما بالطريقة الصحيحة، لكن إذا لم يكن لدى هذا الشخص مجموعة المهارات اللازمة لتحقيق أداء عالٍ فسوف يشعر بالإحباط سريعاً، وهذا بالتأكيد خطؤك وليس خطأه؛ لذا لتزويد الأشخاص الذين تحاول تحفيزهم بالمهارات اللازمة للنجاح، حدِّد بدقة متطلَّبات المهمة أو المشروع أو الهدف الذي يجب إنجازه.

على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تحفيز مندوب مبيعات وتعلم أنَّه سيحتاج إلى التعامل مع العملاء عبر الهاتف، فدرِّبه على أفضل الطرائق للتعامل مع العملاء المحتملين، والوصول بالمحادثة إلى مراحل متقدِّمة وإتمام الصفقة، بالإضافة إلى كيفية إقناع الزبون بسرعة.

أفضل طريقة للقيام بذلك هي باستخدام مصفوفة المهارات، والتي تحدِّد بوضوح متطلَّبات الوظيفة أو المهمة المطروحة وتصنيف الشخص تبعاً لهذه المهارات بين فئتين "يحتاج إلى تحسين" و"ممتاز".

بهذه الطريقة تحدِّد بوضوح المهارات اللازمة للنجاح، ويمكنك أيضاً تحديد المهارات التي تحتاج إليها لمساعدة الشخص الذي تحاول تحفيزه من أجل تحقيق النجاح، وأسهل طريقة لإنشاء مصفوفة المهارات هي باستخدام برنامج "إكسل" (Excel)، أو "غوغل شيتس" (Google Sheets).

تذكَّر أنَّ الناس يريدون عادةً تقديم أداء جيد، لكن إذا كانوا يبذلون جهداً ولا يحقِّقون نتائج مُرضية، فيمكن أن يصابوا بالإحباط سريعاً؛ فإذا كنت تحاول تحفيز الآخرين، فاحرص على أن يمتلكوا المهارات المطلوبة للنجاح، وإلا فيجب أن تقدِّمها لهم كي تتفادى أن يصبحوا محبطين بسبب عدم حصولهم على النتائج التي توقعوها.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح تسهل عليك تحقيق النجاح

3. حدِّد بوضوح الأهداف المطلوبة منهم:

بعد أن حدَّدتَ نمط الشخصية وزوَّدتها بالمهارات الأساسية لتقديم أداء جيد في الوظيفة أو المهمة أو المشروع، فإنَّ الخطوة التالية هي تحديد أهداف وتوقعات واضحة.

لأنَّه إذا لم يكن لديك فهم شامل للهدف النهائي والنتائج المطلوبة خلال العمل فمن المُحتمل جداً أن يفقد الأشخاص حماستهم، وذلك لأنَّهم سرعان ما سيشعرون بأنَّهم بلا وجهة محدَّدة أو متخبطون، فمن الصعب جداً الحفاظ على الدافع بنفس الزخم دون السعي وراء شيء محدَّد، ولذلك يسهُل تحفيز الآخرين عند امتلاكهم لهدف مشترك يسعون جميعاً إلى تحقيقه ويدفعهم للمضي قدماً.

على سبيل المثال، عند تحفيز الموظفين حاول تحديد هدف الشركة السنوي، مثل إنشاء خط إنتاج جديد، ومن ثمَّ حوِّل هذا الهدف السنوي إلى مجوعة من الأهداف الفردية والتي يجب أن يعمل عليها الموظفون الذين تحفِّزهم.

إذا كنت تعمل ضمن فريق تسويق، فربما تكون قد حدَّدت هدفاً ربع سنوياً، مثل ابتكار استراتيجية الانتقال إلى السوق وتطبيقها على المنتج الجديد بنهاية الربع الثاني من العام، فهذا يمنح الموظفين أو أعضاء الفريق شعوراً بوجود مسار محدَّد، بالإضافة إلى معيار واضح يلجؤون إليه لقياس تقدُّمهم، بعد ذلك قم بمراجعة شهرية مع الأشخاص الذين تحفِّزهم للتأكُّد من أنَّكم على المسار الصحيح.

تساعد هذه الإجراءات الأشخاص الذين تحفِّزهم على فهم الدافع الكامن وراء عملهم، بالإضافة إلى وضوح التوقعات، وهو أمر بالغ الأهمية للتحفيز كونه يجنِّب الأشخاص الشعور بفقدان الوجهة أو الغاية من عملهم.

4. امنحهم بعض الاستقلالية في أداء عملهم:

بعد أن فهمت نمط الشخص الذي تحاول تحفيزه، وساعدته على اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق النجاح، وحدَّدت أهدافاً وتوقعات واضحة، فإنَّ ما يجب فعله تالياً هو إعطاؤه المساحة والحرية ليتصرف وحده.

فطالما أنَّك طبَّقت النصائح الثلاث السابقة بطريقة صحيحة فقد أصبح الأشخاص المستهدفون على استعدادٍ لبدء العمل وإثبات قدراتهم، وهذا لا يعني أنَّه لا يجب عليك تقديم الدعم أو الإشراف، بل ما نعنيه هو أنَّه يجب أن تثق بالأشخاص الذين تحاول تحفيزهم، وهذا سيجعلهم مُتحمِّسين أكثر للقيام بالمبادرات.

إذا لم تفعل ذلك، فهذا يعني أنَّك تتَّبع معهم أسلوب الإدارة التفصيلية، ما سيؤدي إلى القضاء على أي دافع لديهم لاتخاذ المبادرات، كما أنَّ الإدارة التفصيلية تنعكس سلباً عليك، وستجعل عملك أكثر صعوبة، لذلك امنح موظفيك ما يكفي من الاستقلالية، وقدِّم لهم الدعم حتى يتمكَّنوا من مساعدتك.

أفضل طريقة لفعل ذلك هي من خلال تحديد جدول زمني لعقد اجتماعات دورية، على سبيل المثال، إذا حدَّدت أهدافاً ربع سنوية واضحة، فعليك عقد اجتماع يوم الأحد مع الموظفين الذين تحاول تحفيزهم، وتعطيهم الإرشادات عن العمل الذي يقومون به خلال هذا الأسبوع، والذي سيجعلهم أقرب إلى الهدف ربع السنوي الذي حدَّدته سابقاً، ومن ثمَّ ستعقد اجتماعاً ثانياً يوم الثلاثاء للتأكُّد من أنَّ الأمور تسير وفق المسار الذي حدَّدته، ومن ثمَّ اجتماع أخير في نهاية أسبوع العمل لمراجعة التقدُّم خلال كامل الأسبوع والتخطيط للأسبوع المقبل.

أفضل تطبيق يمكن الاستفادة منه لهذه الغاية هو "إطار عمل سكرم" (Scrum framework)، صحيح أنَّه يستخدمه مطوري البرمجيات استخداماً أساسياً، لكن يمكن استخدامه لإدارة أي مسار من مسارات العمل.

وإذا أنشأت جدول اجتماع مشابه لإطار عمل سكرم، فإنَّك تضمن عقد اجتماعات دورية مع أعضاء فريق العمل وتقديم الدعم المستمر لهم، بالإضافة إلى ذلك فإنَّك تمنح الأشخاص الذين تحاول تحفيزهم الاستقلالية في ضبط وإدارة عملهم الخاص.

شاهد بالفديو: 9 استراتيجيات فعّالة لتحفيز ذاتك عندما تفتقد إلى الحماس

5. قدِّم لهم التغذية الراجعة والكوتشينغ:

إذا منحتَ الموظفين الاستقلالية والحرية في أداء عملهم لا يعني أنَّه لا يمكنك أو لا ينبغي لك تقديم الكوتشينغ أو التغذية الراجعة لهم؛ فإذا كنت لا تقدِّم تغذية راجعة واضحة بشأن أداء الموظف، أو تمتنع عن تقديم الكوتشينغ اللازم لجعل أدائه يتحسَّن، فمن الممكن أن تثبط عزيمته بسرعة، لأنَّه لا يدرك ما إذا كان يقوم بالأمور بطريقة جيدة أم لا.

على وجه التحديد تُستخدَم التغذية الراجعة والكوتشينغ من خلال الطرق الآتية:

1. التغذية الراجعة:

هي المعلومات أو ردود الفعل التي تُقدَّم بناءً على أداء الموظف، على سبيل المثال، عندما تقول للموظف: "لقد أنجزت هذه المهمة بطريقة جيدة"، أو "لم تفعل المطلوب كما ينبغي"، فأنت تقدِّم له تغذية راجعة.

2. الكوتشينغ:

يمثِّل الجانب التعليمي في سياق الإجراءات التي تُتَّخذ لتحسين أداء الموظف بالاعتماد على عمله السابق، مثل قولك للموظف: "يبدو أنَّك تواجه صعوبة في هذه المهمة، حاول إنجازها بهذه الطريقة".

كلا الأسلوبين هامَّان لتحفيز الشخص، وكلاهما مطلوب لجعل الشخص المعني يفهم ما فعله، وكيف يمكنه تحسين أدائه بطريقة تجعله يتحمَّس بدل أن يُصاب بالإحباط.

لكي تتأكَّد من أنَّ ما تقوله للموظف يؤدي إلى زيادة حماسته، احرص على تقديم تغذية راجعة وكوتشينغ واضحَين جداً؛ إذ لا يكفي مجرد إخباره بأنَّه فعل أو لم يفعل المطلوب منه بطريقة جيدة، بل يجب أن تشرح له بالضبط ما حدث، وما هو الجزء الذي لم يسر على ما يرام، وكيف يمكنه تحسينه في المرة القادمة.

6. طبِّق نظاماً للحوافز والمكافآت:

بعد القيام بكل ما سبق يتبقَّى أن تقدِّم الحوافز والمكافآت للموظف لقاء جهوده؛ إذ يمكن لهذه الحوافز أن تكون داخلية أو خارجية، وفي كثير من الحالات يمكن الدمج بين النوعين، لهذا من الهامِّ أن تمدح الشخص الذي تحاول تحفيزه عندما يؤدي عملاً جيداً، لأنَّ مدحك له يدفعه إلى مواصلة العمل بنفس الوتيرة في المستقبل.

إذا لم تمدح الشخص على إنجازاته فمن المُحتمل أن يُصاب بالإحباط، حتى لو اتبعت النصائح السابقة، وذلك لأنَّ معظم الناس يستجيبون للتعزيز الإيجابي، أو يتوقعونه عندما يتحسَّن أداؤهم مع مرور الوقت، فقد يكون غالباً كل ما يحتاج إليه الشخص حتى يستمر في أدائه هو الثناء عليه، وعلى العكس من ذلك فإنَّ عدم الاكتراث بما يبذله الشخص من جهود يؤدي إلى تثبيط عزيمته.

إقرأ أيضاً: أهمية وخصائص نظام الحوافز

أسئلة شائعة:

كيف تحفِّز شخصاً ما على الدراسة؟

يتعلَّق معظم التحفيز بالمكافآت والحوافز، فإذا كنت تحفِّز شخصاً على الدراسة فتأكَّد أنَّ لديه نظام مكافآت بحيث يمنح نفسه بعض المتعة لقاء جهوده، وبعد ذلك يجب أن تساعده على تقسيم المقررات الضخمة إلى أجزاء أصغر، وتفعيل دور المساءلة التي يقوم بها شخص ما بوصفه جزءاً من روتين الدراسة.

كيف تحفِّز الناس على مساعدة الآخرين؟

يعتمد الأمر على المكافآت والحوافز، وفي هذه الحالة تتمثَّل المكافأة فيما يؤدي إليه العمل من زيادة في سلامة وعافية الآخرين، وما يشعر به الشخص من قيمة نتيجة ما حقَّقه من سعادة للآخرين.

تذكَّر أنَّنا نميل بطبيعتنا إلى مساعدة الآخرين، لأنَّ هذا يضمن بقاءنا ضمن مجموعات، وهذا يعني أنَّ ثمة شعوراً بالمكافأة نحصل عليه عندما نساعد بعضنا بعضاً بصفتنا بشراً، وهذا ما عليك الاستفادة منه.

ما هي العوامل التي تؤدي إلى تحفيز الناس؟

تشمل هذه العوامل أشياء عدة، مثل تحقيق الإنجاز والتقدُّم، وتلقي المديح، والارتقاء الوظيفي، والاستقلالية، والنمو الشخصي، بالإضافة إلى حب العمل. ومع أنَّك لست بحاجة إلى كل هذه العوامل من أجل تحفيز شخص ما، فإنَّه يجب الاعتماد على واحد أو اثنين من هذه العوامل بالحد الأدنى وإلا لن تنجح في تحفيزه.

ما هي بعض الطرائق المُمتعة لتحفيز الموظفين؟

يُعَدُّ تحويل أهداف العمل إلى لعبة يتنافس فيها الموظفون طريقة رائعة لتحفيزهم، ومن الطرائق الأخرى في تحفيز الموظفين، هي منحهم الاستقلالية في عملهم، والسماح لهم بتشكيل مجموعات عمل ذاتية التنظيم وقادرة على معالجة المشكلات المعقدة بنفسها.

الخلاصة:

يختلف تحفيز الآخرين قليلاً عن تحفيزك لنفسك، ففي البداية تأكَّد من فهمك لنمط الشخصية التي تريد تحفيزها وفهم ما الذي يحفِّزها، وبعد ذلك امنحهم المهارات اللازمة للنجاح، وحدِّد أهدافاً واضحة، وامنحهم الاستقلالية في عملهم مع الكوتشينغ والتغذية الراجعة المستمرة.

المصدر




مقالات مرتبطة