كيف تجعل عاداتك المستقبلية سهلة التنفيذ

هذا المقال مُقتبَس من كتابي العادات الذرية (Atomic Habits)، والذي صُنِّف ضمن أكثر الكتب مبيعاً وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية (New York Times).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيمس كلير (James Clear) والذي يحدثنا فيه عن كيفية جعل العادات المستقبلية سهلة التنفيذ من خلال اتباع أساليب مختلفة.

لقد صادفت في أثناء بحثي في هذا الكتاب قصة أدهشتني بسبب بساطتها وقوتها في آن واحد، وهي قصة أوزوالد نوكولس (Oswald Nuckols) -مطور تكنولوجيا المعلومات الذي يعيش في مدينة ناتشيز (Natchez) في ولاية ميسيسيبي (Mississippi)- واستراتيجيته البسيطة في جعل العادات المستقبلية سهلة، حيث يدعو نوكولس هذا النهج "إعادة ترتيب الغرفة".

على سبيل المثال: عندما ينتهي من مشاهدة التلفاز، يعيد جهاز التحكم عن بُعد إلى مكانه، ويرتب الوسائد على الأريكة، ويطوي البطانية؛ وعندما يغادر سيارته، يتخلص من الأوساخ؛ وعندما يستحم، ينظف دورة المياه بينما يسخن الحمام لأنَّه يعتقد أنَّ: "الوقت المثالي لتنظيف دورة المياه يكون قبل الاستحمام مباشرة".

قد يبدو الأمر برمَّته مجرد "تنظيف"، ولكن توجد فكرة أساسية تجعل هذا النهج مختلفاً؛ فالغرض من إعادة ترتيب كل غرفة ليس مجرد التنظيف بعد آخر نشاطٍ مُورِس فيها، بل التحضير للأنشطة التالية.

يقول نوكولس: "عندما أدخل أي غرفة، يكون كل شيء في مكانه الصحيح؛ ولأنَّني أفعل هذا كل يوم في كل غرفة، تظلُّ الأشياء دائماً في حالة جيدة، وهذا ما يجعل الناس يعتقدون أنَّني أعمل بجد، ولكنَّني في الواقع كسول؛ إلَّا أنَّني من النوع الذي يمارس الكسل بصورة استباقية، ممَّا يمنحني الكثير من الوقت في المقابل".

لقد كتبت سابقاً عن قوة البيئة في تشكيل سلوكك، وما إعادة ترتيب الغرفة إلَّا إحدى طرائق استعادة طاقتك؛ لذا دعنا نتحدث عن كيفية استخدام قوة البيئة:

إقرأ أيضاً: العادات: تعريفها، وطريقة تشكلها، وكيفية التعرف على العادات الخفية

قوة تهيئة البيئة:

عندما ترتب المكان لتحقيق الغرض المتوخى منه، فأنت تهيئه لتسهيل الإجراء التالي؛ وهذه واحدة من أكثر الطرائق العملية والبسيطة لتحسين عاداتك.

على سبيل المثال: تحتفظ زوجتي بصندوق من بطاقات التهنئة المرتبة مسبقاً حسب المناسبة مثل: عيد الميلاد، والتعاطف، والزفاف، والتخرج، وغيرها؛ وعند الضرورة، تأخذ البطاقة المناسبة وترسلها. إنَّها مدهشة حقاً في تذكر إرسال البطاقات لأنَّها قلَّلت من التردد عند القيام بذلك.

لقد كنت أتصرف خلاف ذلك لسنوات، فكلما قررت إرسال بطاقة تهنئة بمولود جديد أو غيرها من المناسبات، كنت لا أتذكر شراء بطاقة من المتجر إلَّا بعد مرور عدة أسابيع، وحينها يكون وقت المناسبة قد مضى؛ ولم يكن التغلب على هذه العادة سهلاً.

ولكن توجد العديد من الطرائق لتهيئة بيئتك بحيث تكون جاهزة للاستخدام الفوري؛ فإذا كنت ترغب في طهو وجبة فطور صحية، ضع المقلاة على الموقد، وضع قارورة الزيت على المنضدة، ثم ضع أي أطباق وأواني ستحتاجها في الليلة التي تسبق الموعد المحدد؛ وبذلك عندما تستيقظ، سيكون تحضير وجبة الإفطار أمراً سهلاً؛ وفيما يأتي مزيد من الأمثلة:

  • هل تريد رسم المزيد؟ ضع أقلام الرصاص والأقلام والدفاتر وأدوات الرسم على مكتبك، بحيث تكون قريبة منك وفي متناول اليد.
  • هل تريد ممارسة الرياضة؟ جهِّز ملابسك الرياضية وحذاءك وحقيبتك الرياضية وزجاجة المياه مسبقاً.     
  • هل تريد تحسين نظامك الغذائي؟ قطِّع الكثير من الفواكه والخضروات في يوم العطلة وضعها في صناديق حتى تتمكن من الوصول إليها بسهولة خلال باقي أيام الأسبوع.

الطريق الأكثر مقاومة (الأصعب):

يمكنك أيضاً عكس ذلك المبدأ وتهيئة البيئة لجعل السلوكات السيئة صعبة؛ فعلى سبيل المثال: إن كنت تشاهد التلفاز كثيراً، فافصله بعد كل استخدام، ولا تُعِد توصيله إلَّا إذا كان يوجد عرض محدد تريد مشاهدته فعلاً، ممَّا يمنعك من تشغيل نتفليكس (Netflix) ومشاهدة العروض عشوائياً؛ وسيخلق هذا الإجراء بذلك تردداً كافياً يمنعك من مشاهدة التلفاز بلا مبرر.

إن لم يفِ ذلك بالغرض، يمكنك أن تتخذ خطواتٍ إضافية بفصل التلفاز وإخراج البطاريات من جهاز التحكم بعد كل استخدام، وستحتاج بذلك عشر ثوانٍ إضافية لإعادة تشغيله؛ فإن لم يثنيك هذا أيضاً، انقل التلفاز من غرفة المعيشة إلى الخزانة بعد كل استخدام، وحينئذ ستخرجه فقط عندما تريد حقاً مشاهدة شيء ما؛ فكلما زاد الاحتكاك، أصبحت العادة أضعف.

أنا أترك هاتفي في غرفة مختلفة حتى وقت الغداء؛ فعندما يكون بجواري مباشرة، سأستخدمه طوال فترة الصباح دون سبب على الإطلاق؛ لكن عندما يكون في غرفة أخرى، لن أفكر فيه؛ ذلك لأنَّ الاحتكاك مرتفع، بحيث لن أذهب وأحضره دون سبب؛ وبالنتيجة، أعمل ثلاث أو أربع ساعات كل صباح دون انقطاع.

فإن لم يحقق وضع هاتفك في غرفة أخرى الهدف المنشود، فاطلب من صديق أو أحد أفراد العائلة إخفاءه عنك لبضع ساعات، أو اطلب من زميلك في العمل الاحتفاظ به في مكتبه طوال فترة الصباح وإعادته إليك وقت الغداء.

ومن اللافت للنظر ضآلة الاحتكاك المطلوب لتجنب السلوك السيئ، فعندما أحذف تطبيقات الوسائط الاجتماعية من هاتفي، قد يستغرق الأمر أسابيع قبل إعادة تحميلها مرة أخرى وتسجيل الدخول إليها.

بالطبع، قد لا تكبح هذه الحيل جماح الإدمان الشديد على العادة، ولكن بالنسبة إلى الكثيرين منا، يمثل القليل من الاحتكاك الفرق بين التمسك بعادة جيدة أو الانزلاق نحو أخرى سيئة، ولك أن تتخيل الأثر التراكمي لإجراء العشرات من هذه التغييرات والعيش في بيئة مصممة لجعل السلوكات الجيدة أسهل والسلوكات السيئة أصعب.

إقرأ أيضاً: 11 أمر هامّ يجب تذكّره عند تغيير العادات

الخطوة التالية:

سواء كنا ننتهج تغيير السلوك كأفراد أم كآباء أم كمدربين أم كقادة، يجب أن نسأل أنفسنا السؤال نفسه: "كيف يمكننا تصميم عالم يسهل فيه فعل الصواب؟"؛ لذا، أعد ترتيب غرفتك بحيث تكون الإجراءات الأكثر أهمية هي الإجراءات التي يسهل القيام بها نفسها؛ فعندما تتقن عادات التحضير، تصبح عادات التنفيذ سهلة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة