كيف تجعل حياتك رائعة؟

يوجد مجموعة من الأشخاص الذين يعيشون حياةً جيدةً بالفعل؛ حيث تُظهِرُ الدراسات أنَّهم أكثر سعادةً من غيرهم، ويمتلكون الكثير من الأصدقاء، وهم أكثر نجاحاً وإنجازاً، ويتمتعون بالود، إلى جانب أنَّهم آباء أقوياء وفعَّالين؛ فهُم يعيشون حياةً هادفةً وذات مغزى.



والأمر المثير للاهتمام فعلاً، هو أنَّ ظروف كل شخص منهم تختلف اختلافاً كبيراً عن الآخر؛ فبعض الناس أغنياء وبعضهم الآخر فقير، وهم ليسوا موحَّدين بالعِرق أو الدين أو المعتقدات السياسة وليسوا منظَّمين كمجموعات، والأهم من ذلك أنَّهم طيبون، ويقودون المجتمعات ويساعدون في تشكيل عالمنا، كما أنَّهم مُلهِمون ومحترمون.

إذاً، ما هو سِرُّهم؟ وما الذي يتوجب علينا القيام به للارتقاء بحياتنا وتحقيق ما حقَّقوه في حياتهم؟

يُعرَّف هؤلاء الأشخاص في علم النفس بأنَّهم "بُناة الأجيال" (Generativity) (وهو مصطلح يعني الاهتمام بتأسيس وتوجيه الجيل القادم)، فهم يهتمون بالأجيال القادمة ويعملون على جعل العالم مكاناً أفضل، وأحد الأسباب التي تجعلهم سعداء جداً، أنَّه عندما نركز على جعل الحياة أفضل للآخرين، تتحسَّن حياتنا أيضاً.

لقد قام الباحث "دان ماك آدامز" (Dan McAdams) بدراسات لمعرفة سرهم، واتَّضحَ أنَّه أمرٌ بسيطٌ جداً؛ فلقد كان القصص التي رووها لأنفسهم عن حياتهم.

تختلف أحداث حياة هؤلاء الأشخاص كثيراً بالطبع، لكنَّ الأمر الوحيد الذي كان متشابهاً بينهم هو كيف رووا قصة حياتهم، فإذا أجريتَ مقابلاتٍ مع هؤلاء الأشخاص دون أن يلتقوا ببعضهم أبداً، فستكتشف أنَّهم سيسردون قصص حياتهم المختلفة جداً بالطريقة ذاتها، ويبدو أنَّه يوجد سحرٌ في طريقة تنظيم حياتهم.

هذا ليس أمراً جنونياً كما تعتقد، ولكن تُعَدُّ تلك القصص هامةً؛ فهي تشكل أساس هوياتنا وكيف نفهم العالم من حولنا، كما تتيح لنا هذه القصص الإجابة عن بعض الأسئلة الهامة مثل: من أنا؟ وما هي الأمور الهامة في حياتي؟ وما هو سبب وجودي هنا؟ وما هو الصواب وما هو الخطأ؟ وماذا يجب أن أفعل؟

تحدث الكثير من الأمور الجيدة والسيئة للجميع، لكنَّ قصصنا تسلِّط الضوء على بعض اللحظات وتتجاهل بعضها الآخر تماماً، فغالباً ما نعتقد أنَّ القصص التي تحدث معنا لا تفيدنا في شيء إلا بعد حدوثها، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ قصتك سترشدك إلى طريقة بناء شخصيتك مستقبلاً أيضاً.

نمتلك جميعاً قصصاً، وفي كثير من الأحيان لا ندرك ذلك حتى، وقد تكون هذه هي المشكلة، فلقد كان وضع عام 2020 أشبه باقتراب الموت منَّا كثيراً، والآن مع عودة الحياة الطبيعية بعد أزمة جائحة كورونا، سنستفيد جميعاً من وجود قصص جيدة عن أنفسنا للمساعدة في إيجاد مستقبل أفضل.

هل يبدو الأمر صعباً؟ كلا ليس كذلك؛ فنحن لا نحتاج إلى إعادة تهيئة أفكارنا وقصصنا، ولا يمكِننا تغيير حقائق ما حدث لنا، لكنَّنا لسنا بحاجة إلى القيام بذلك؛ وإنَّما يتعلق الأمر كله بإعادة هيكلة ما حدث بالفعل وإجراء التغييرات اللازمة.

لذلك سنساعدك في إعادة كتابة قصة حياتك باستخدام ما تعلَّمه "ماك آدامز" من أفضل الأشخاص، وهو أستاذ في علم النفس في "جامعة نورث وسترن" (Northwestern University)، وبالاعتماد على كتابه "إصلاح الذات" (The Redemptive Self).

إذاً، ما هي القصة السحرية؟ وما الذي يجعل من قصتك مميَّزة؟ وكيف تستفيد منها؟

قصة الإصلاح:

تتكون القصص من مجموعة من الأحداث التسلسلية؛ فقد عثر "ماك آدامز" على نوعين رئيسين منها في قصص الأشخاص التي ظهرَت بصورة متكررة، وكان لها تأثير كبير في الحياة التي عاشوها.

النوع الأول هو "سلسلة التلوث" (contamination sequence)، والذي يعني أنَّ الحياة تكون رائعةً، ثمَّ يحدث أمرٌ سيئٌ ويؤثر في كل ما حدث قبله، فنحن جميعاً نمتلك "سلسلة التلوث" في حياتنا، ولكن بالنسبة إلى بعض الأشخاص، فهذا الأمر يشكل فشلاً لا يتعافون منه أبداً؛ فقد سمحوا لهذا الفشل بتحديد مسار بقية حكايتهم، وهذه السلسلة تلوِّث قصتنا (حيث تؤدي إلى مجموعات جديدة من الحوادث أو التغييرات).

يبدو أنَّ هؤلاء الأشخاص عالقون في حلقة مفرغة، فبدلاً من التعلم من الماضي والمضي قدماً، يسترجعون هذه الأحداث، محاولين تصحيحها في المرة القادمة، لكنََّهم لا يفعلون ذلك أبداً. بالتأكيد قابلتَ هذا النوع من الأشخاص في حياتك، حتى الذين يُطرَدون من عملهم للأسباب نفسها، وتقودك سلسلة التلوث هذه - التي يمتلكها الأشخاص من حولك والتي تشكل خطراً بيولوجياً ونفسياً - إلى رفضهم والقول: "إنَّهم لا يتعلمون أبداً"؛ حيث يَعدُّون أنَّ حياتهم هي الأعراض والقصة هي المرض، فهم يديرون برامج ضارةً معرفيةً في أذهانهم، وفي النهاية تصبح حياتهم سيئةً جيداً والتي هي قصتهم.

غالباً ما يقول هؤلاء الأشخاص إنَّهم يتعرضون لمعاملة سيئة، وهذا الأمر صحيح، ولكن ما وجده "ماك آدامز"، هو أنَّ الأشخاص الآخرين الذين يواجهون الظروف السيئة نفسها (أو الأسوأ من ذلك) ينظمون قصص حياتهم بصورة مختلفة، ويعيشون بطريقة أفضل بسبب ذلك، وبدلاً من الوقوع في فخ سلسلة التلوث، فإنَّهم يتعاملون مع الصعوبات نفسها وفق سلسلة تسمى "تسلسل الإصلاح"؛ ولكن ماذا يعني ذلك؟

يجد هذا النوع من الناس قيمةً في الألم، ويتعلمون الدروس من الأمور السلبية التي تحدث معهم، وبدلاً من الشعور بأنَّ ما يحصل معهم هو كارثة مدمِّرة، فإنَّهم يرون الفشل عبارةً عن درس ثمين، كما أنَّهم لا يكتفون بالصمود عندما تواجههم بعض الأحداث المشابهة؛ وإنَّما يشعرون أنَّهم أفضل وأقوى لكونهم واجهوا مشكلةً ما؛ حيث يسمح لهم هذا الأمر بالتأقلم والمضي قدماً بدلاً من الوقوع في حلقة التلوث المفرغة، وبدلاً من أن يكونوا محاصَرين بصدمات نفسية، يعايشون نمو ما بعد الصدمة، كما أنَّ لإيجاد فوائد في سلبيات الحياة تأثيرات ملموسة غير عادية.

إليك ما يقوله "ماك آدامز" في كتاب "إصلاح الذات" (The Redemptive Self):

"بعد ثماني سنوات، كان الأشخاص الذين فسروا كيف استفادوا من النوبات القلبية التي حدثَت معهم، يتمتعون بصحة قلب جيدة بصورة ملحوظة، وكانوا أقل عُرضةً للإصابة بنوبات قلبية لاحقة".

لهذا السبب، يجب أن تخبر نفسك فقط بقصص سعيدة أكثر بهجةً، وعلى الرغم من أنَّ "ماك آدامز" وجد أنَّ القصص السعيدة لا تقدِّم الكثير من القيمة، وكانت القصص الإصلاحية - حيث تعاني منها ثمَّ تنمو - هي التي تخلق حياةً أفضل.

ومن خلال منح معنىً إصلاحي لسلسلة التلوث، يمكِننا تحويل قصة التلوث إلى قصة إصلاحية، فهذه هي الطريقة التي يغيِّر بها الأشخاص الذين يخضعون للعلاج حياتهم؛ فهم لا ينكرون ما حدث معهم؛ وإنَّما يرون اللحظات السيئة مؤلمةً ولكنَّها ضروريةٌ.

إذاً، كيف يمكِننا فعل ذلك؟ وجد "ماك آدامز" أنَّ قصص أولئك الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة عالية على "بناء الأجيال" يمتلكون بنيةً متشابهةً جداً، لذا سنقسمها في هذا المقال ونطابقها مع أحداث حياتك.

إقرأ أيضاً: أهم أسباب التفكير الزائد وطرق علاجه

إذاً، كيف تكتب قصتك؟ كل حكاية لها بداية:

1. أنت غارق في النِّعَم:

لقد شعر الأشخاص الذين سجلوا أعلى الدرجات في "بناء الأجيال" بالتميز بصورة مستمرة، وبأنَّ لديهم موهبة، فربما يكون ذلك بمثابة صفة إيجابية مثل العمل الجاد، أو كانوا محظوظين بما فيه الكفاية لأنَّهم يمتلكون عائلةً مُحبَّةً، أو أي أمر له تأثير إيجابي طويل الأمد فيهم، وهو شيء لا يمتلكه الجميع.

عندما تشغل نفسك بفكرة أنَّك الشخص المناسب، فذلك لن يجعلك تكتسب الكثير من الأصدقاء؛ وإنَّما سيكون الشعور بالثقة أنَّ لديك شيئاً لتقدِّمه للعالم هو المفتاح. فليس الأمر أنَّ هؤلاء الناس كانوا مغرورين؛ وإنَّما يمتلكون وعياً، فإذا كنتَ تشعر بأنَّك غير قادر على إحداث فرق، فمن المحتمل أنَّك لن تفعل ذلك.

قد يفكر بعض الناس: "ماذا لو لم يكن لديَّ موهبة لأُقدِّمها أو أستفيد منها؟" الأمر هنا ليس فائدةً موضوعيةً، ففي الواقع، وجد "آدامز" أنَّ المواهب التي ذكرها الأشخاص "بناة الأجيال" نادراً ما كانت ذات فائدة اقتصادية أو مادية، فهم غير موضوعيين، وهو أمرٌ يجب أن يكون ذا قيمة.

لذا، توقَّف للحظة واسأل نفسك: ما هي المواهب التي تمتلكها؟ وما الذي يجعلك مميَّزاً؟ ربما تكون صديقاً جيداً لأحدهم، أو مثابراً في عملك، وقد يكون من المفيد التفكير في طفولتك وكيف كانت سيئةً، وابحث عن المواهب التي لم تجعل من ذلك الأمر عائقاً لبقية حياتك.

الآن دوِّن ما يلي: "لقد كبرتُ، وكنتُ محظوظاً لأنَّني أمتلك موهبةــــــــــ"، واذكر المواهب التي منحك إياها الله.

إذا توقَّفنا عند هذا الحد، فقد تكون قصتك إحدى القصص الغبية التي تتحدث عن الغرور والتكبر.

نحن لم ننتهِ بَعْد؛ فأنت مميَّز وتمتلك موهبةً، ولأنَّك تحتاجها، سوف ننتقل إلى الخطوة الثانية.

2. الاعتراف بمعاناة الآخرين:

يشعر الأشخاص "بناة الأجيال" بأنَّ لديهم موهبة، لكنَّهم متعاطفون مع الآخرين أيضاً؛ فهُم يشعرون بأنَّهم أشخاص مميَّزون، لكنَّهم يلاحظون أيضاً معاناة الآخرين في الحياة.

ولا يُعَدُّ القليل من الغرور بشأن الحصول على موهبة مشكلةً، وإذا كنتَ تشعر بأنَّك ملزَمٌ باستخدامها لمساعدة الآخرين، فيجب أن تؤمن بأنَّك تمتلك ما يلزم لإحداث فرق.

لذلك، اسأل نفسك: مع مَن شعرتَ بالتعاطف؟ ومَن هم الأشخاص الذين أثَّرَت فيك معاناتهم؟ وكيف تمكَّنتَ من استخدام موهبتك في مساعدتهم؟ يمكِن أن يكون أمراً بسيطاً؛ مثلاً، لقد كنتَ ذكياً جداً وأصدقاؤك لم يكونوا كذلك، وساعدتَهم في واجباتهم المدرسية. وفي هذه الحالة، أنت من النوع الذي يستخدم موهبته لمساعدة الآخرين، فأنت لا تكذب؛ وإنَّما تختار التأكيد على أجزاء من قصتك التي لم تكن قد أعطيتَها القدر نفسه من الأهمية في الماضي.

الآن دوِّن ما يلي: "لقد كبرتُ، وكنتُ محظوظاً لأنَّني حصلتُ على موهبةــــــــــ، ولم يكن الجميع يمتلكون تلك الموهبة مثلي، وأتذكَّر أنَّني صادفتُ صديقاً يحتاج المساعدة فكان يجب عليَّ أن أفعل شيئاً حيال ذلك".

هذا هو الجزء الذي من المفترض أن يكون فيه الأشخاص "بناة الأجيال" منفتحين جداً ومرنين ومتقبلين بلا حدود.

3. العمق الأخلاقي:

لا يطرح الأشخاص "بناة الأجيال" الكثير من الأسئلة، ولا يرفضون تغيير آرائهم أو طرائق عملهم، ولكن إذا كانوا يناقشون أمراً هاماً ومتأكدين من أفكارهم فلن تتمكن من التغلب عليهم، فهم يمتلكون قيماً واضحةً. ببساطة، يجب أن تتخذ قراراً قبل أن تتمكن من إحداث فرق.

إذاً ما هو موقفك؟ ما الذي يسيء إلى مواقفك الأخلاقية؟ إنَّه سؤال هام لكن لا تجب عليه بطريقة فلسفية، فكِّر مرةً أخرى، ما هو الأمر الذي لطالما كان واضحاً بالنسبة إليك من الناحية الأخلاقية؟ هل تقف في وجه المتنمرين؟ وهل تشعر أنَّه من الخطأ جرح مشاعر شخص ما؟ ومتى تعبِّر عن رأيك بحزم لأنَّ أمراً ما صحيح أو خاطئ دائماً؟

الآن دوِّن: "لقد كبرتُ، وكنتُ محظوظاً لأنَّني حصلتُ على موهبةــــــــــ، ولم يكن الجميع يمتلكون تلك الموهبة مثلي، وأتذكَّر أنَّني صادفتُ صديقاً يحتاج المساعدة فكان يجب عليَّ أن أفعل شيئاً حيال ذلك، ولطالما اعتقدتُ أنَّ هذا الأمر كان الأمر الصحيح الذي يجب فعله".

ومع ذلك، تحدث الأمور السيئة؛ حيث يوجد دائماً صعوبات في الحياة، ولكن كيف يمكِنك التعامل معها؟

تلميح: يرتبط هذا الأمر بالسلسلة التي تحدَّثنا عنها سابقاً.

4. الاستفادة من الأمور السيئة التي تحدث معنا:

يُعَدُّ هذا الأمر هاماً جداً؛ حيث يجب عدم ترك اللحظات السيئة تؤثر فينا مثل سلسلة التلوث تلك، ولكن بدلاً من ذلك، يجب الاستفادة من الأمور السلبية، والتعلُّم منها، والتحسن والنمو.

لذا، اسأل نفسك: ما هو الفشل الكبير الذي حدث معك في حياتك؟ ربما هو أمر لا يزال يزعجك حتى الآن، وربما يكون هو سلسلة التلوث الخاص بك، ولكن ما هو الدرس الثمين والإيجابي الذي يمكِنك استخلاصه من هذا الفشل الآن؟ وكيف غيَّرك وجعلك أفضل؟ يمكِن أن تعلِّمك المخاوف الصحية الأمور الهامة في الحياة، أو ربما فشلك في أمرٍ ما.

الآن دوِّن: "لقد كبرتُ، وكنتُ محظوظاً لأنَّني حصلتُ على موهبةــــــــــ، ولم يكن الجميع يمتلكون تلك الموهبة مثلي، وأتذكَّر أنَّني صادفتُ صديقاً يحتاج المساعدة فكان يجب عليَّ أن أفعل شيئاً حيال ذلك، ولطالما اعتقدتُ أنَّ هذا الأمر كان الأمر الصحيح الذي يجب فعله، فلم يكن الأمر سهلاً دائماً، وقد واجهتُ الكثير من المشكلات، لكنَّني أصبحتُ قوياً بسببها؛ فقد علَّمَتني أن ـــــــــ".

إذاً، لقد واجهتُ بعض التحديات الخارجية وتعلَّمتُ منها، ولكن فيما يلي الجزء من القصة حيث تواجه بعض التحديات الداخلية الأكثر تعقيداً.

5. تحقيق التوازن بين القوة والحب:

إنَّ الدافعَين الأساسيَّين لدى البشر هما المصلحة والتشارك؛ أي محاولة المضي قدماً في حياتك والتعايش مع الأشخاص والظروف المحيطة بك كافةً، فإذا بالغتَ في التركيز على المصلحة، فسوف يتحول الأمر إلى غرور وأنانية، وعندما تركز بصورة مفرطة على التشارك، يمكِن أن يؤدي ذلك إلى تدنِّي تقدير الذات والاكتئاب.

هل تعتقد أنَّ الأشخاص "بناة الأجيال" المعطائين اللطفاء يجب أن يكونوا كلهم متشاركين وعلى تواصل دائم؟ كلا ليس الأمر كذلك، فما يجعلك تتمتع بالقدرة على "بناء الأجيال" هو تحقيق التوازن بين الأمرين. يكتب "ماك آدامز": "غالباً ما يمزج هؤلاء الأشخاص بين الأنانية والاهتمام القوي والدائم بالجيل القادم".

كما ذكرنا سابقاً، لا يمكِنك مساعدة الآخرين إذا لم تكن واثقاً من قدرتك على إحداث فرق، فأنت لستَ بحاجة إلى أن تمتلك قدرات هائلة، ولكنَّك تحتاج إلى الإيمان بقدرتك على القيام بأمر ما. فهل تفعل أموراً لمساعدة نفسك أو الآخرين؟ في بعض الأحيان، يكون الأمر غير واضح؛ ولهذا السبب وجد "ماك آدامز" أنَّه حتى الأشخاص "بناة الأجيال" يمكِن أن يواجهوا صعوبةً في هذا الأمر.

لذا، اسأل نفسك: هل كنتَ شديد التركيز على المضي قدماً أم التعايش مع محيطك؟ وهل تحتاج إلى مزيد من المصلحة أم المزيد من التشارك؟ وما هي الخطوة التالية لتحقيق التوازن الصحيح؟

شاهد بالفديو: كيف تدفع نفسك للمضي قدماً وتحقيق النجاح؟

الآن دوِّن: "لقد كبرتُ، وكنتُ محظوظاً لأنَّني حصلتُ على موهبة ــــــــــ، ولم يكن الجميع يمتلكون تلك الموهبة مثلي، وأتذكَّر أنَّني صادفتُ صديقاً يحتاج المساعدة فكان يجب عليَّ أن أفعل شيئاً حيال ذلك، ولطالما اعتقدتُ أنَّ هذا الأمر كان الأمر الصحيح الذي يجب فعله، فلم يكن الأمر سهلاً دائماً، وقد واجهتُ الكثير من المشكلات، لكنَّني أصبحتُ قوياً بسببها؛ فقد علَّمَتني أن ـــــــــ، ولقد تصارعتُ مع مسألة طريقة تحقيق التوازن بين الرغبة في المضي قدماً والتعايش مع الظروف المحيطة وأدركتُ أنَّني ـــــــ".

لقد تحدَّثنا عن الماضي حتى الآن، وما حدث معك وجعلك على وضعك الحالي، ولكن يجب أن ترشدك القصة للمضي قدماً. إذاً، ماذا تقول قصتك عن مستقبلك؟

6. النمو المستقبلي:

عندما تكون صغيراً تقول: "لم أُنجِز الأمر المطلوب مني"، ومع تقدُّمك في العمر تضيف إلى ذلك: "وربما لن أفعل ذلك أبداً"، فقد تتغير أحلامك بسرعة مع مرور الوقت.

لكنَّ القصة لم تنتهِ بَعْد؛ فلا أحد يفضِّل الركود، فهو يدلُّ على الملل، والذي غالباً ما يكون ناتجاً عن الخوف، وإذا لم تمتلك هدفاً تعمل من أجله، ولا حتى أحلام، فقد ينتهي بك الأمر في حلقة مفرغة من التلوث.

لذا اسأل نفسك: ما هي أهدافك المستقبلية؟ لا تقل المال أو التغلب على مشكلة ما. وما الذي ترغب في تحقيقه؟ وكيف تريد أن تنمو كشخص؟ وما الفرق الذي تريد أن تُحدِثه في حياة الآخرين؟

الآن دوِّن: "لقد كبرتُ، وكنتُ محظوظاً لأنَّني حصلتُ على موهبة ــــــــــ، ولم يكن الجميع يمتلكون تلك الموهبة مثلي، وأتذكَّر أنَّني صادفتُ صديقاً يحتاج المساعدة فكان يجب عليَّ أن أفعل شيئاً حيال ذلك، ولطالما اعتقدتُ أنَّ هذا الأمر كان الأمر الصحيح الذي يجب فعله، فلم يكن الأمر سهلاً دائماً، وقد واجهتُ الكثير من المشكلات، لكنَّني أصبحتُ قوياً بسببها؛ فقد علَّمَتني أن ـــــــــ، ولقد تصارعتُ مع مسألة طريقة تحقيق التوازن بين الرغبة في المضي قدماً والتعايش مع الظروف المحيطة وأدركتُ أنَّني ـــــــ. ومن أجل المضي قدماً، أعلم أنَّه يوجد المزيد من التحديات ولكنَّني أريد الاستمرار في النمو والازدهار من خلال تحديد هدف معيَّن لحياتي".

ابدأ العمل على ذلك الآن، فأنت تمتلك قصتك الخاصة، وهذا ما يجعل الأشخاص العظماء عظماء. فدعنا نتحدث عن كل ما سبق في الخلاصة، ونضع اللمسة الأخيرة على قصتك ونكتشف ما الذي يجعل هذه القصة فعَّالةً جداً.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتنمية عقلية النمو لتطوير الذات

الخلاصة:

لن نتحدث هنا عن أيَّة نقاط جديدة؛ وإنَّما سنستمع مباشرةً إلى ما قاله "ماك آدامز" حول ما تعنيه القصة السحرية.

من كتاب "إصلاح الذات":

"لقد تعلمتُ في طفولتي أنَّني أمتلك موهبةً خاصةً، وفي الوقت نفسه، كنتُ أرى المعاناة والظلم في العالم المحيط بي. ونتيجةً لذلك، أصبحتُ أعتقد أنَّ مصيري الشخصي هو أن يكون لي بعض التأثير الإيجابي في الآخرين، ففي مرحلة المراهقة، بدأَت تتشكل مبادئ في ذهني تحافظ على التزامي في تحسين العالم، ولن أتخلى عن هذه المبادئ الهامة، وطول حياتي كشخص بالغ، كنتُ أعاني من عدم قدرتي على تحقيق التوافق بين احتياجاتي الملحة للقوة والاستقلالية، مع احتياجاتي الملحة بالقدر نفسه للحب والمشاركة. بالتأكيد تحدث معي أمورٌ سيئةٌ، ولكن غالباً ما تتبعها أمورٌ جيدةٌ، وعادةً ما تعوَّض معاناتي بينما أستمر في التقدم والتعلم والتحسين، وبالنظر إلى المستقبل، أتوقع أنَّ الأمور التي أنشأتُها ستستمر في النمو والازدهار، حتى في عالم يعاني من الخطر".

هل تبدو القصة الإصلاحية أشبه بأمر لمحتَه مسبقاً؟ إنَّها أساس الأفلام الكلاسيكية والسِّيَر الذاتية الرائعة والخطابات الهامة. حتى إنَّ "ماك آدامز" أجرى دراسةً، ووجد أنَّ 52% من القصص في مجلة "بيبول" (People Magazine) لديها هذه التركيبة. إذاً، هذه قصة يتردد صداها معنا جميعاً وتدفعنا إلى الأمام، ليس كأفراد فحسب؛ ولكن كجنس بشري.

الآن أنت تمتلك نسختك الخاصة، عدِّلها كيفما تشاء؛ حيث يمكِنك الاستمرار في إعادة كتابتها، ويجب أن تستمر في ذلك استناداً إلى الأحداث التي تحصل في حياتك، لكنَّ الطريقة التي تبني فيها حياتك هي التي تحدِّد تأثيرها في هويتك، وكيف سيكون مستقبلك.

فهذه القصة هي التي تصنع لك حياةً رائعةً، ومن المعتقد أنَّه يمكِنك الآن معرفة السبب، ويجب أن تشعر بالاعتزاز والتواضع بقصتك، فهي موجَّهة نحو الهدف، وتقدِّم لمحةً حول طريقة تحقيق تلك الأهداف، وإنَّها هادفةٌ وذات مغزى، ولا تنكر مشكلات الماضي ولكنَّها تجعلك أفضل، فهي تخلق طريقاً إلى حياة أفضل لك، والأهم من ذلك للآخرين.

من السهل كثيراً الاستمرار في مواجهة تحديات جديدة أكثر صعوبةً عندما تعلم أنَّك ستتمكن من تعويض لحظات الحزن، بدلاً من الوصول إلى طريق مسدود والوقوع في مأزق. فأنت تريد أن تتعلم وتنمو بدلاً من الشعور الدائم بأنَّك شخصٌ مبتدئٌ في الحياة.

والآن بعد أن حصلتَ على قصتك، هل انتهيتَ منها؟ قد تكون قصتك مكتملةً، ولكن يوجد الكثير من الأمور التي ستحدث معك في حياتك. لذلك، هذه ليست النهاية؛ وإنَّما بدايةٌ جديدة.

المصدر




مقالات مرتبطة