كيف تتوقف عن الأكل العاطفي؟

قصدتني في إحدى المرات معلمةٌ اسمها "آرلين" (Arlene) تبلغ من العمر 35 عاماً لإجراء تحليلٍ نفسي، واعترفت لي قائلةً: "إنَّ الدونات نقطة ضعفي". بدأ ولعها بالدونات بعد وقتٍ قصيرٍ من ولادة طفلها الأول؛ فقد كانت تحاول تناول لقمةٍ واحدة في كل مرة، ولكن تتبعها لقمةً أخرى، ثم أخرى؛ وقبل أن تدرك ما حصل، تكون قد أكلت ثلاث أو أربع من الدونات.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "نينا سافيل روكلين" (Nina Savelle-Rocklin)، وتحدِّثنا فيها عن الأكل العاطفي.

في كل مرةٍ يحصل ذلك، كانت "آرلين" تشعر بالخجل الشديد من نفسها وتتعهد بفرض مزيدٍ من السيطرة، ويتبع ذلك أيام عدة من اتباع نظامٍ غذائيٍّ صارم، ولكن في النهاية تفشل قوة إرادتها، وتعود إلى الشراهة في تناول الدونات.

قالت وعيناها تفيضان بالدموع: "أتناول الكثير من الدونات لدرجة أنَّ معدتي تؤلمني، وأقول لنفسي: أنت لا تتحلين بأيِّ قوة إرادة". ثم تنهَّدت بفزع وقالت: "أعلم أنَّها تضر بصحتي، لكنَّني لا أستطيع التوقف عن تناولها؛ وذلك غير منطقيٍّ البتة؛ فكيف أتغلب على مشكلة الدونات الفظيعة هذه؟".

طمأنتُ "آرلين" بأنَّ المشكلة الحقيقية ليست في الدونات. من المقبول تماماً تناول الدونات أو الحلويات الأخرى من حينٍ إلى آخر بوصفها جزءاً من نظامٍ غذائي متوازن؛ لكنَّ "آرلين" لم تكن تأكل الدونات من أجل الاستمتاع فقط؛ بل شعرَت بأنَّها مضطرة إلى تناول الكثير في كل مرة إلى درجة تشعر فيها بالألم، وهذا ما جعلها تشعر بالخجل.

خلال جلسات العلاج، اتضح لي أنَّ "آرلين" قد لجأت إلى الدونات بسبب مشكلة أساسية: صعوبة تحديد ومعالجة حالاتٍ عاطفيةٍ معينة. ومن خلال تركيزها على الدونات وعلى وزنها، تمكَّنت من النجاح في تشتيت نفسها عما كان يؤرقها حقاً.

يُعرَف ذلك بالأكل العاطفي، وهو مشكلة شائعة. إنَّ الأكل العاطفي يمكن أن يكون صديقاً وعدواً؛ فهو يؤمِّن نوعاً من الراحة المؤقتة، ولكنَّه يضر أيضاً بجسدك وبتقديرك لذاتك.

يُخفي الأكل العاطفي أيضاً السبب الحقيقي وراء المشكلة؛ حيث يعلم كل بستانيٍّ أنَّه عند قطف عشبةٍ ضارة، فسوف تنمو من جديد؛ وللقضاء على تلك الأعشاب للأبد، عليك أن تقتلعها من جذورها. وبالمثل، لدينا مشاعر وأفكار خفية خارج نطاق وعينا إلَّا أنَّها ما تزال توجِّه كثيراً من أفعالنا.

قد لا تحمل سلوكات هزيمة الذات - كالأكل العاطفي - أي معنىً ظاهرياً، ولكن سيكون هناك تفسير آخر؛ فكما أقول لمرضاي في كثير من الأحيان: "الأمر ليس منطقيَّاً، إنَّما هو نفسي".

بصفتي معالجة، فإنَّني أتَّبع نهج التحليل النفسي لحل مشكلة الأكل العاطفي، أو أي مشكلةٍ أخرى، أتعمق في تلك الأجزاء الخفية من أذهان مرضاي، وقد يتطلب ذلك بعض الجهد.

على سبيل المثال، أصبحت "آرلين" بارعةً جداً في اللجوء إلى الدونات كي تشعر بالراحة، لدرجة أنَّها في أغلب الأوقات لم تكن على درايةٍ بما يسبب لها الضيق؛ وذلك لأنَّه كان خفياً أصلاً عن عقلها الواعي.

إنَّ إحدى الطرائق المفيدة لتحقيق تغييرٍ دائم هي تحديد تلك المشكلات الجذرية والبحث عنها، وتعلُّم طريقة جديدة تستجيب بها لنفسك. من المفيد القيام بذلك مع معالج، ولكنَّني أقدِّم لك بعض الإرشادات أدناه لتبدأ على الأقل.

ما الذي ينبغي عليك فعله؟

توقف عن الالتزام بأي نظام غذائي تتبعه:

يحاول عديدٌ من مرضاي حل مشكلة الأكل العاطفي من خلال اتباع نظامٍ غذائيٍّ لفقدان الوزن؛ وذلك عبر تقييد كمية السعرات الحرارية أو تجنُّب بعض الأطعمة. لكنَّ هذه الاستراتيجية غير فعالة في التعامل مع مشكلات الأكل.

تفشل معظم الحميات؛ وذلك لأنَّها حلاً مؤقتاً، وفي أغلب الأوقات تؤدي على الأمد الطويل إلى زيادة الوزن. ومن منظورٍ نفسيٍّ، تنطوي الحميات الغذائية على الحرمان. وإنَّ تجربة عدم القدرة على الحصول على ما تريد يمكن أن تجعلك ترغب فيه أكثر؛ وهذا بدوره يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام أو الشراهة.

إذا كنت تفكر في عدم تناول البيتزا أو المعكرونة أو المثلجات، فستصبح تلك الأطعمة محور تفكيرك؛ وهذا يضع تركيزك على الأمر الخطأ، فتفكر في الشيء الذي تأكله بدلاً من أن تفكر في سبب تناولك له.

في النهاية، تفشل هذه الأنظمة الغذائية كونها تتعلق بالطعام فقط، ولا تعالج ما جعلك تفرط في تناول الطعام في المقام الأول؛ فإذا كنت تتجه نحو الطعام، فأنت تبتعد عن شيء آخر. وبدلاً من اتباع نظام غذائي، عليك أن تفكر فيما يمثله الأكل بالنسبة إليك.

إقرأ أيضاً: نصائح لتحقيق نظام غذائي صحي ومتكامل

أوجد حلَّاً لمشكلة الأكل العاطفي:

تتمثل الخطوة الأولى الهامة في إيجاد الرابط بين عواطفك والطعام. في كل مرة تلاحظ فيها مرورك بفترةٍ من الأكل العاطفي، دوِّن ما كنت تشعر به قبل تلك الفترة، ولاحظ ما إذا كان يمكنك تحديد أي أنماطٍ معينة.

على سبيل المثال، يفرط كثير من الناس في تناول الطعام تجنباً للعواطف. هل تتذكر كيف كانت "آرلين" تأكل الكثير حتى يبدأ ألم معدتها؟ كان ذلك دليلنا الأول لحل لغز سبب عدم قدرتها على التوقف عن تناول الدونات.

لقد علِمتُ أنَّ "آرلين" نشأت في عائلةٍ ربَّت الجميع على أن يكونوا ممتنين وسعداء طوال الوقت، وإذا تعرَّضَت للأذى أو الانزعاج، يطلبون منها التوقف عن النحيب. لقد كانت رسالة والديها واضحة: لم يكن من المقبول التعبير عن أيِّ ألمٍ عاطفي.

من خلال تناول "آرلين" للدونات حتى شعورها بألمٍ جسدي، أظنُّ أنَّها كانت تتجنب دون وعي ألمها العاطفي؛ وذلك عن طريق تحويله إلى ألمٍ جسدي. وعندما تمكَّنت من معالجة هذا الألم المخبَّأ في أثناء العلاج بدلاً من أن تختبئ منه، استطاعت أن تتوقف عن الإفراط في تناول الدونات.

في أغلب الأوقات يروِّج المجتمعات لفكرة أنَّ التعبير عن المشاعر عبارة عن ضعف؛ إذ تُعلَّم الفتيات والنساء أنَّه ليس بالأمر الجيد الشعور بالغضب أو التعبير عنه، وهذا مستحيل بالطبع؛ لذا وبدلاً من ذلك ستغضبن من أنفسهن نتيجة تناول كثيرٍ من الطعام أو اكتساب الوزن. لقد كُنَّ غاضبات حقاً، إلَّا أنَّ غضبهن هذا يعود إلى شيءٍ أو شخصٍ آخر، ولكن قيل لهن إنَّه ليس من المفترض أن يعبِّرن عن ذلك. وبالمثل، يزرعون في عقول الصبية منذ سنٍّ مبكرة فكرة أنَّهم لا يجب أن يبكوا، ثم يكبرون ليصبحوا رجالاً يجدون صعوبةً في التعبير عن ضعفهم.

جزئياً بسبب كل هذه التوقعات المجتمعية، فإنَّ عديداً من الأشخاص الذين أراهم يكبرون، يشعرون بأنَّهم لا يستطيعون الاعتراف بمشاعرهم أو التعامل معها. بالنسبة إليهم، يمكن أن يكون الأكل العاطفي وسيلةً للانفصال عن العالم والهروب المؤقت من كل ما يزعجهم.

في أغلب الأوقات يصف مرضاي تجربة الهروب من وعيهم في أثناء تناول الطعام بأنَّهم يكونون في حالةٍ من الخَدَر دون تفكيرٍ أو عاطفة. تُعَدُّ هذه الحالة الفارغة حمايةً مؤقتةً من الألم؛ حيث تمثِّل العواطف مجرد ردود أفعال على المواقف المختلفة، وليست عيوباً شخصية. وعندما تجد طريقة جديدة للتعامل مع مشاعرك، فلن تحتاج إلى الاعتماد على الطعام؛ لذا ابتكر طرائق صحيةً للتعبير عن مشاعرك، مثل التحدث مع أحد أفراد أسرتك أو كتابة المذكرات عما تفكر فيه وتشعر به.

يمكنك أيضاً تجربة ممارسة الحديث الداعم مع نفسك، كأن تقول لها: "أنا أبذل قصارى جهدي، وأنا في خضم عملية تغيير، وسأكون لطيفاً مع نفسي بدءاً من الآن".

إذا وجدت نفسك تهرب من وعيك في أثناء تناول الطعام، فعُد إلى واقعك في الزمن الحاضر من خلال تمرين الترسيخ (Grounding exercise). تتمثَّل إحدى طرائق القيام بذلك في النظر إلى بيئتك وملاحظتك لشيءٍ واحدٍ يمكنك لمسه ورؤيته وسماعه وشمه. إذا أمكن، تحدَّث بصوت عالٍ؛ حيث يساعدك استعمال حواسك في تسمية بيئتك على التركيز على اللحظة الحالية.

ضع في حسبانك ما إذا كان هناك أي مشاعر محددة تحاول تجنبها:

إذا كنت تأكل تلقائياً عندما تشعر بالضيق، فمن الضروري أن تكون فضولياً لا انتقادياً، وأن تكتشف سبب توجُّهك إلى المطبخ. هناك أسباب عدة للأكل العاطفي؛ أُلقي الضوء على العديد من أكثرها شيوعاً حالياً. على سبيل المثال، شعورك بالوحدة الشديدة أو عدم الرضى أو الفراغ الداخلي، والذي قد تملؤه رمزياً بالطعام.

ضع في حسبانك الأسئلة الآتية: ما الذي تحتاج إليه في حياتك أكثر؟ وما هي الأمور التي تُشعرك بالحرمان؟

يمكن أن تساعد إجاباتك على تحديد الشيء المفقود. سواء كانت علاقةً خضتها ولم تلبِّ رغباتك، أم أنَّك تفتقر إلى الرضى عن أجزاءٍ أخرى من حياتك، يمكنك البدء واتخاذ خطواتٍ لإحداث التغيير. سيساعدك ذلك على التوقف عن حصولك على الإشباع مجازياً من خلال الطعام.

يلجأ آخرون إلى الطعام للتعامل مع عجزهم أو مع شعورهم بعدم القدرة على فعل شيء، التي هي إحدى أكثر التجارب المؤلمة للوجود البشري. يقترح الطبيب والمحلل النفسي "لانس دودز" (Lance Dodes) أنَّ السلوك الإدماني - كالأكل القهري - يُعَدُّ وسيلةً للتخلص من الشعور بالعجز.

ينتقل الشعور بالعجز حيال موقفٍ خارجٍ عن إرادتك إلى العجز تجاه الطعام. فشعورك بالعجز تجاه الطعام أسهل من شعورك بالعجز تجاه ضرورات الحياة. للتعامل مع العجز في العمل مثلاً أو في جدالٍ ما، اعترف لنفسك بأنَّك عاجز في الوقت الراهن.

تقبَّل حدود قدرتك على التأثير في عالمك، مع التركيز على تعرُّف الأمور التي يمكنك أن تكون فيها مسيطراً، وتذكَّر المرات العديدة في حياتك التي استطعت أن تتغلب فيها على الشدائد، حتى تتمكن بالنتيجة من تصحيح منظورك وتحقق بعض الطمأنينة.

إذا كنت قادراً على تحمُّل العجز في مجالاتٍ أخرى من حياتك تحمُّلاً أفضل، فستكون أقل ميلاً إلى محاولة استبدال الطعام به.

من الشائع أيضاً الإفراط في تناول الطعام عند الشعور بالملل؛ فالملل هو حالة تشعر فيها بأنَّه ليس لديك ما تفعله، بالإضافة إلى الشعور بالهياج والضجر خلال اليوم.

أطلقُ على الملل تسمية "العاطفة الطاغية" (Umbrella emotion)؛ وذلك لأنَّه يطغى على الحالات العاطفية الأخرى، لا سيما الشعور بالوحدة، بالإضافة إلى الفراغ والقلق أيضاً.

يكمن حل مشكلة الملل في محاولة تغيير شيءٍ ما. إذا كان الملل يخفي خلفه شعوراً صعباً مثل الوحدة، فابدأ بمعالجة تلك الحاجة فيك. وإذا كنت وحيداً، فتواصل مع شخص ما أو فكر في طرائق تُمكِّنك من مقابلة أشخاصٍ جدد.

بالطبع، في بعض الأحيان لا يمكننا التخلص من الملل؛ فإذا لم يكن هناك ما تفعله أو لم يكن هناك مَن تقابله، فإنَّ التجاوب مع نفسك تجاوباً مريحاً - الذي أصفه أدناه - يُعَدُّ أمراً هاماً جداً.

إقرأ أيضاً: الشعور الدائم بالجوع: أسبابه، وأهم طرق علاجه

ضع في حسبانك ما إذا كنت تأكل من أجل تحقيق الراحة:

ترتبط تجربتنا الأولية في الرضاعة عندما كنا صغاراً بمشاعر الحب والتواصل. فكر فيما يحدث عندما يرضع الطفل: يشعر بالأمان ويحظى بالحب في أحضان والدته. حتى في مرحلة البلوغ، يرتبط تناول الطعام بهذا الشعور السابق بالحب والأمان. عندما نحتاج إلى الشعور بالراحة، فإنَّ اللجوء إلى الطعام يُعَدُّ أمراً منطقياً؛ لأنَّ هذا ما كنا نفعله في وقت سابقٍ من حياة كل منَّا.

لهذا السبب - وهذا قد يبدو غريباً بعض الشيء - أعتقد أنَّ الطعام في أعماقنا يمثل البشر في الواقع؛ فنحن لا نفكر في الأمر بهذه الطريقة بوعينا، لكنَّنا نستعمل الكلمات نفسها لكل من الطعام والحب، فنصف العلاقات بأنَّها مشبِعةٌ أو مَرضية. نتحدث ونقول إنَّنا متعطشون للحب والاهتمام. إنَّ الطعام والعلاقات متشابكة في أذهاننا.

يمكن لبعض الناس أن يكونوا غير موثوقين وغير متاحين، في حين أنَّ الطعام - بالنسبة إلى الكثيرين منا - يكون بخلاف ذلك: فهو مصدر متاح ويمكن الوثوق به لتحقيق الراحة. ولهذا السبب قد يكون من الأسهل والأكثر أماناً اللجوء إلى الطعام بدلاً من الناس عندما نكون منزعجين. الأكل من أجل الراحة ينطوي على تعبيرٍ عن الرغبة في الحصول على العناية والاهتمام من قِبل شخصٍ آخر.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للحفاظ على الصحة الجسدية – تعرّف عليها

تعلَّم طرائق جديدةً لتهدئة نفسك:

مع أنَّ هناك تفاصيل معينة تختلف من شخص إلى آخر، إلا أنَّ غاية كل شخصٍ يأكل عاطفياً تكمن في محاولته تهدئة نفسه، ويتمثل مفتاح التغيير في إيجاد طرائق جديدةٍ لتهدئة نفسك بالكلمات بدلاً من الطعام.

يمكنك القيام بذلك من خلال تغيير الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك؛ أولاً، تعرَّف إلى ناقدك الداخلي. لقد تحدَّثَ تقريباً كل شخص عالجته مع نفسه بصوت المخاطِب العدائي ذاك. إذا كنت تستعمل الضمير "أنت" عند التحدث إلى نفسك، ففكر فيمن يتحدث في الواقع؛ قد يكون صوت شخص قد انتقدك في الماضي، وقد يكون مجرد صوتك الداخلي؛ وهذه هي الدفاعية الذي طوَّرتَها في محاولةٍ للحفاظ على انضباط سلوكك. وفي كلتا الحالتين لا يساعدك النقد الذاتي أبداً؛ بل سيشعرك بسوءٍ أكبر.

عندما طلبتُ من "آرلين" أن تقول لنفسها: "يا لكِ من مقززة"، لم تستطع فعل ذلك لأنَّها شعرت بأنَّ ذلك يحد من قدرها جداً. لقد استطاعت أن تدرك أنَّها كانت تخاطب نفسها بالطريقة الرافضة نفسها التي كانت تتحدث بها والدتها معها، ومن ثمَّ تبنَّت موقف والدتها النقدي تجاهها. وهي الآن تخاطب نفسها باستخفافٍ كما كانت والدتها تفعل معها.

عندما تبدأ بانتقاد نفسك، تخيَّل قول تلك الكلمات لشخص آخر؛ فإذا لم تتمكن من قول شيء كذاك لصديقٍ أو طفلٍ أو أحد عزيزٍ عليك، فلا توجِّهه إلى نفسك. تخيَّل أنَّ لديك صديقاً يشعر بالانزعاج بسبب تناوله كثيراً من البيتزا، هل ستقول له: "هذا مقرف. كيف يمكنك أن تأكل كل ذلك؟".

بالتأكيد لا. سيكون أفضل ردٍّ كالآتي: "يؤسفني استياؤك. لا بدَّ أنَّ ذلك قاسٍ جداً عليك، كيف يمكنني مساعدتك؟" ابدأ بمعاملة نفسك كما لو كنت صديقاً لذاتك.

لقد صغتُ الاختصار "فاري" (VARY)، الذي جمعت أحرفه في اللغة الإنجليزية أوائل الكلمات الآتية، للقيام بذلك بالضبط:

  • القبول (Validate): اعرف ما تشعر به وتقبَّله دون أحكام أو أعذار.
  • الاعتراف (Acknowledge): أكِّد لنفسك أهمية ما تشعر به.
  • الطمأنة (Reassure): تقبَّل الأمور بسهولة، وذكِّر نفسك أنَّك لن تشعر دائماً كما تشعر الآن.
  • أن تكون على سجيتك (Yourself): اسأل نفسك ما الذي تحتاج إليه حتى تشعر بحالٍ أفضل.

عندما تتحدث إلى نفسك، انتبه إلى نبرة صوتك؛ إذ يمكن أن تحمل الكلمات نفسها مشاعر مختلفة جداً عندما تنطقها نطقاً مختلفاً.

عندما حاولت "آرلين" التحدث بإيجابية مع نفسها، ذكرت أنَّها لم تنجح في ذلك، فطلبتُ منها أن تكرِّر ما قالته. فقالت بنبرةٍ شديدة البرودة تحمل بعض السخط: "هذا الأمر مزعج. وسيكون كل شيءٍ على ما يرام".

بدت كأنَّها تقرأ بعض الإحصاءات، ولا عجب أنَّها لم تشعر بتحسن. كررتُ لها بالضبط ما قالته، فقط مع نبرةٍ مختلفة؛ حيث قلت لها بدفءٍ ولطف: "هذا أمر مزعج. وسيكون كل شيءٍ على ما يرام". كان لهذه الكلمات نفسها تأثير مختلف كلياً فيها؛ هذا لأنَّ النبرة الهادئة يمكن أن تشعرك بالراحة.

شاهد بالفيديو: 4 أسباب تزيد وزنك رغم الحمية

ابحث عن بدائل للطعام:

يستجيب عديد من الأشخاص لاحتياجاتهم الجسدية بتناول الطعام، على سبيل المثال، يأكلون عندما يشعرون بالنعاس من أجل تجديد نشاطهم، أو عندما يشعرون بالتوتر بوصفه وسيلة للتهدئة. إذا كان هذا الوصف ينطبق عليك، ففكر فيما تحتاجه حقاً بدلاً من أن تذهب تلقائياً لتناول الطعام.

مثلاً، إن كنتَ متعباً، فأنت تحتاج إلى الراحة. خذ قيلولةً لمدة 10 دقائق للسماح لعقلك وجسمك بإعادة الشحن.

إذا كنت متوتراً، فتناول كوباً من الشاي الأخضر أو مارس تمرينات مهدئة مثل استرخاء العضلات التدريجي. وللقيام بذلك، شدَّ ساقيك ثم معدتك ومن ثم ذراعيك، واقبض على يديك وحافظ على عضلاتك مشدودةً للغاية. حافظ على هذا الشد لأطول فترةٍ ممكنة، على الأقل 15 ثانية، ثم أرخِ عضلاتك.

من المحتمل أن تشعر براحة أكبر. تكمن فكرة هذا التمرين في أنَّه عندما يكون جسمك مسترخياً، سيتبعه عقلك بدوره.

قد ترغب أيضاً في تدليل نفسك بطرائق جديدة. تستعمل ثقافتنا الطعام بوصفه مكافأة: نخرج لتناول العشاء لنحتفل بحفلات التخرج والذكريات السنوية وغيرها من الأمور التي تهمنا؛ وحتى أعياد الميلاد نحتفل بها مع كعكة. ومن ثم لا عجب أنَّ الكثير منا يستعمل الطعام للاحتفال أو لخلق شعورٍ بالسعادة.

بالطبع ليس هناك أي مشكلةٍ بتناول كعكةٍ أو تحليةٍ على سبيل الاحتفال. ولكن إذا وجدتَ نفسك تلجأ دائماً إلى الطعام لتَسعد بالإنجازات الصغيرة، أو أنَّك تعتمد بشدةٍ عليه بوصفه مكافأة، فقد يكون من المفيد لك التفكير في خياراتٍ أخرى؛ سواء كان ذلك مشاهدة برنامج تلفزيوني ممتع، أم المشي، أم قراءة كتاب ممتعٍ بالنسبة إليك على الشاطئ.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة