كيف تتغلب على الغيرة وتحظى بحياة أكثر سعادة؟

لكي تتغلب على الغيرة، يجب عليك أولاً أن تتعلم كيفية التغلب على نفسك؛ فقد تمتلك رؤية وأفكاراً حول من يجب أن تكون في المستقبل، وتستند في ذلك على معايير عالية جداً أو غير واقعية، بحيث ترى الآخرين يحاكون هذه المعايير، فتشعر بالغيرة منهم، ليس بسبب ما يمتلكونه، إنَّما بسبب الاستخفاف بنفسك وعدم وضع معايير تناسب واقعك.



الآن، وبوجود وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الحصول على الإعجابات وزيادة عدد مرات المشاهدة هو المقياس الجديد للشعبية؛ فهل يتصفح الناس ملفك الشخصي؟ وهل تتابع المؤثرين على انستغرام (Instagram)؟ وهل تسوق لنفسك على نحو صحيح؟ وهل لديك علامة تجارية شخصية؟ وهل لديك متابعون؟ وهل تمتلك آخر صيحات الموضة؟ وهل أنت مثل أصدقائك؟ وهل أنت سعيد؟

واحد فقط من هذه الأسئلة هام فعلاً؛ فسواء كنت سعيداً أم لا، فإنَّه لمن الصعب أن تحظى بمشاعر إيجابية تجاه نفسك وتجاه الحياة عندما تشعر بالغيرة؛ ذلك لأنَّك تقارن نفسك باستمرار مع الآخرين، وتُحوِّل كل شيء إلى منافسة.

يجعلك هذا الأمر تفكر في الشخص الذي ترغب في أن تكون عليه بدلاً من الشعور بالرضا عن نفسك؛ إذ من الجيد أن ترغب دائماً في تحسين نفسك، ولكن توجد حدود لذلك، حيث عليك أن تقف مع نفسك في مرحلة ما وتؤمن بأنَّك جيد بما فيه الكفاية، وإلَّا سيكون مصيرك الفشل.

لن يكون النجاح حليفك أبداً طالما أنَّك تقارن نفسك بالآخرين وتخوض سباقاً لا يعنيك وتتخلى فيه عن هويتك الحقيقية؛ ولكنَّ الخبر السار هو أنَّه يمكنك التغلب على الغيرة من أجل حياة أكثر سعادة، وتحقيق أهدافك، وتقبُّل نفسك خلال مسيرة حياتك، والتوقف عن مراقبة من يتصفح حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي، والترويح عن نفسك قليلاً، وتعلم رفض ما لا يعنيك.

يمكنك أيضاً أن تقدِّر الآخرين دون أن ترغب في أن تكون مثلهم، ويمكنك اختيار السعادة التي تتمحور حول التعاطف مع الذات والشعور بالإنجاز والهدف وكل الأمور التي تبعدك عن الغيرة، ويمكنك أن تبدأ ذلك الآن؛ ففيما يأتي 5 نصائح حول كيفية التغلب على الغيرة لتصبح أكثر سعادة في حياتك:

1. لا تقارن نفسك بالآخرين:

المظاهر ليست كل شيء، فأنت لست مضطراً إلى متابعة كل ما هو جديد ولامع، وليس عليك تلبية ما يتوقعه الآخرون منك؛ فإذا كنت لا تريد أن تفعل شيئاً ما، فقل "لا"؛ وإذا كنت لا تريد أن تكون كما يريد الآخرون، فقل "لا"؛ وإذا كنت لا ترغب في أن تقتدي بشخص آخر، فقل "لا"؛ فأنت تمتلك القدرة على التحكم بقراراتك ومصيرك.

إن كنت ترى أنَّ أحدهم يمتلك كل شيء، فقد يكون ظنك في غير محله، فربَّما تكون مجرد صورة أو واجهة مزيفة؛ لكن إن تمعنت في حقيقة الأمر، فستجد أنَّ كل شخص لديه ما يعيبه، ولديه أمور هو نفسه غير راضٍ عنها.

لن تعرف أبداً ما إذا كان أحدهم يعدُّك قدوة له وينظر إليك من زاوية تملؤها الغيرة، فقد تكون مثالاً يحتذي به الآخرون بينما تبحث لنفسك عن قدوة؛ لذا بدلاً من البحث عن الإلهام، كن مصدر الإلهام بنفسك، إذ يغير هذا الأمر قواعد اللعبة.

أنتَ ربما تخشى الرفض عندما تحاول أن تصبح مثل الآخرين، ولكن ماذا لو كنت مرتاحاً مع نفسك لدرجة أن يشعر الآخرون أنَّهم مرتاحون معك لما أنت عليه؟ وماذا لو شعر الجميع بالأمان في وجودك؟

قد يكون من الصعب التخلي عن مقارنة نفسك بالآخرين في البداية؛ لذا عليك تجنب المحفزات التي تجعلك تقارن نفسك بالآخرين من خلال عدم مراقبتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو الحصول على استراحة لتحسين نفسك وتجنب بعض الأشخاص الذين يحبطونك، أو التصرف بعفوية بدلاً من مجرد اتباع من هم حولك؛ حيث يمكنك بذلك اختيار حياتك بنفسك وإيجاد السعادة التي تستحقها.

إقرأ أيضاً: 10 حقائق تؤكد أضرار مقارنة نفسك مع الآخرين

2. ابحث عن الرضا:

إن كنت غير راضٍ عن حياتك، فأنت أكثر عرضة إلى تقليد الآخرين؛ لكن تذكر، ليس عليك إثبات أي شيء لأي شخص، وإن كنت تشعر بالرضا عن حياتك، فكن فخوراً بها.

طالما أنَّك تستطيع أن تجد بعض الرضا، يمكنك التركيز على ما هو جيد وصحيح وإيجاد المعنى في كل شيء، ويمكنك التغلب على الغيرة تجاه الآخرين والاحتفاظ بطموحاتك لنفسك؛ فعندما تجد الرضا، تجد حباً جديداً تجاه الحياة، وهذه هي السعادة.

قد لا يأتي الشعور بالرضا بسهولة، إذ تدفعك الطبيعة البشرية إلى طلب مزيد من الأشياء والوقت والإنجازات والمال وكل شيء؛ لكن بدلاً من ذلك، اشعر بالامتنان الذي يكبح الحسد، وكن ممتناً لوجودك ووجود كل الأمور الجيدة في حياتك، وسترى قيمة ذلك.

إذا كنت تشعر بعدم الرضا، فقد تضطر إلى تعديل نظام التقييم خاصتك؛ إذ لا يتعلق الأمر بسمعتك بل بحقيقتك.

هل تعطي الأولوية لحياتك؟ وهل أنت صادق مع نفسك فيما تحتاجه؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فابدأ بما يجعلك سعيداً دون أن يكون لديك سبب لذلك، واشعر بالحب تجاه الحياة التي تعيشها؛ وستشعر بالرضا عن نفسك بالتأكيد.

3. ركِّز على نفسك وليس على الآخرين:

ماذا لو كان كل ما تفعله صحيحاً بالفعل؟ وماذا لو كنت في أفضل حال كما أنت؟ وماذا لو لم يكن لديك ما تخشاه؟

إنَّ عدم اليقين واليأس هما ما يدفع الناس إلى تقليد بعضهم بعضاً؛ حيث يمنع عدم الثقة الناس من العودة إلى طبيعتهم والتغلب على الغيرة.

ليس خطؤك أنَّك قد تشعر بعدم الأمان أحياناً، فإن كنت تستمع إلى صوت الناقد الداخلي الذي لا يكف عن بث الأفكار السلبية في رأسك، فقد تجد أنَّ ما تحتاجه هو حب الذات لا موافقة المجتمع، ولكن من السهل أن تخطئ بين الأمرين؛ فعندما تشعر أنَّك لا تمتلك شيئاً ذا قيمة، تنظر إلى الآخرين وتظن أنَّهم يمتلكون المزيد؛ لكن حان الوقت لتركز على نفسك، وتُدرك أنَّك الوحيد الذي تستطيع تمثيل ذاتك.

يمكن أن تقودك الغيرة إلى التركيز على أي شخص ما عداك، ويمكن أن يضر هذا بعلاقاتك، ويسبب الضغوطات، ويؤدي إلى مزيد من التوتر؛ ولكن تذكر دوماً أنَّ لديك بعض السيطرة، فاعلم متى تشعر بالغيرة من شخص ما، وأصلح علاقتك معه؛ ذلك لأنَّ الجميع يشعر بالغيرة من حين إلى آخر، وعليك فقط أن تعرف متى تشعر بذلك.

بدلاً من أن تستمد الصفات والقيم والأولويات والعواطف وغيرها من شخص آخر، استمدها من داخلك، حيث تعتمد سعادتك عليها؛  لذا، توقف عن اتباع الآخرين الذين ربما يسيرون في الاتجاه الخاطئ، فقد آن الأوان لاتخاذ خطوة نحو الأمام بنفسك وبصفتك الحقيقية.

إقرأ أيضاً: كيف تركز على نفسك وتحقق أهدافك في الحياة؟

4. كن أنت المشجِّع لنفسك:

لن تنظر إلى الوراء ذات يوم وتقول: "أنا سعيد جداً لأنَّني ركزت كل طاقتي على الآخرين، بل ستقول: "أنا سعيد جداً لأنَّني كنت على طبيعتي وعشت حياتي بكل أبعادها".

عندما تكون المشجع لنفسك، فأنت أيضاً المدافع عنها؛ حيث تدافع عمَّا تحتاج إليه، وتعتني بنفسك كما ينبغي، ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك من أجلك.

قد تنتظر من الآخرين في بعض الأحيان تأييدك قبل أن تُقدِّر نفسك؛ لذا بدلاً من ذلك، حاول أن تقف شامخاً مفتخراً بما لديك، وستحقق أكثر ممَّا تتخيل؛ فعندما تُحفز نفسك بوسائل صحية، تعتمد بدرجة أقل على المنافسة لتزويدك بالطاقة والحافز، ممَّا يسمح لك بالتغلب على الغيرة.

تُعدُّ التأكيدات الإيجابية طريقة رائعة لتحفيز نفسك، فمثلاً: قل:

  • أنا جيد بما فيه الكفاية.
  • أنا كامل.
  • أنا جدير.
  • أنا محبوب.

ثمَّ واصل التقدم، واستمر في تأكيد أهميتك وجدارتك؛ وستمتنع بهذا عن حسد الآخرين.

5. التطلّعات الواقعية:

يريد جميع الناس أن يكونوا في القمة، ويريدون أيضاً الطريقة السهلة للوصول إليها؛ ولكن توجد طريقة أفضل من أن تكون مجرد نسخة عن الآخرين، حيث لا يجب أن يكون لديك الحلول دائماً لتكون حقيقياً، ولكن يجب أن يكون لديك أهداف واقعية تسعى جاهداً إلى تحقيقها.

لا توجد طريقة سهلة لتحقيق أي شيء؛ وإذا كان هناك طريقة ما، فمن المرجح أنَّها تكلف الكثير؛ وعندما تختار الطريق الأفضل لك، فقد يكون طريقاً موحشاً.

لا ينجح الجميع بفعل ما يريدون فعله في الحياة؛ إذ ينتزعك الحسد والغيرة أحياناً من الواقع، فتبدأ الانحراف عن مسارك واتباع مسارات الآخرين، وقد تضيع هناك قبل أن تُدرك ذلك، ويكون أوان العودة قد فات حينها؛ ولكن لا يزال هناك أمل، حيث يمكنك أن تتابع مسيرتك وتكون الشخص الذي من المفترض أن تكونه، والتخلي عن الغيرة والحسرة، والسعي إلى أن تكون شخصاً آخر.

لا أحد مثالي، ولكن توجد سعادة غامرة في أن تكون نفسك، ويمكنك العثور عليها عندما تهمل كل شيء وتركز على نفسك فقط، ويحدث هذا عندما تعرف أنَّك جيد بما فيه الكفاية.

الخلاصة:

"لا تفكر الزهرة أبداً في التنافس مع الزهرة المجاورة لها، لذا تزهر فقط"؛ يعني هذا أنَّ الوقت قد حان لتتخلص من الغيرة؛ فأحِبَّ نفسك، واكتشف ماهيتك الحقيقية عن طريق التخلي عن تلبية توقعات الآخرين، وعش حياتك كما أنت دون تصنع، واعتز بنفسك دوماً، وتعلَّم كيف تتغلب على الغيرة؛ وما إن تفعل ذلك، ستحظى بالسعادة الحقيقية النابعة من ذاتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة