كيف تتعلم بفاعلية باستخدام أسلوب التعلم الحسي الحركي؟

دائماً ما تكون ابنتي نشيطة، فهي ليست كأولئك الأطفال الذين يجلسون بهدوء لساعات يتأملون في لعبة أو كتاب ما، وإنَّما تستمر بالقفز من على الأريكة وتقوم ببعض حركات المصارعة أو تجري ذهاباً وإياباً، دافعة بنفسها من جدار إلى آخر؛ لهذا السبب، بدلاً من محاولة إجبارها على الجلوس دون حراك وتعلم الحروف، أحاول أن أستخدم معها أنشطة خاصة بالأشخاص الذين يفضلون أساليب التعلم الحسي الحركي لجعل التعلم أكثر ملاءمة لمرحلة نموها الحالية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "كلاي درينكو" (Clay Drinko)، والذي يُحدثنا فيه عن تجربته الشخصية مع أسلوب التعلم الحسي الحركي.

أساليب التعلم الأربعة:

ربما سمعت عن أساليب التعلم، وربما ادَّعى أحدهم أنَّه متعلم بصري، أو ربما وصفك مُدرِّسك بأنَّك متعلم سمعي.

بدأ مفهوم أساليب التعلم بالظهور في التسعينيات من القرن الماضي عندما أنشأ النيوزيلندي "نيل فليمنج" (Neil Fleming) استبياناً لتقييم تفضيلات الناس في تَعلُّم المعلومات الجديدة، ويُعرف هذا الاستبيان باسم "نموذج فارك" (VARK)، وهو لا يزال يُستخدَم لتحديد أساليب تعلم الأشخاص حتى اليوم.

يوجد أربعة أساليب تعلم رئيسة وفقاً لاستبيان فليمينج:

  • أسلوب التعلم البصري: يحب المتعلمون البصريون رؤية المعلومات الجديدة، فهم يُفضِّلون المخططات والرسوم البيانية والأفلام على قراءة المعلومات أو سماعها، ويفضلون الصور على الأصوات أو الحركات أو الكلمات المكتوبة.
  • أسلوب التعلم السمعي: يُفضِّل المتعلمون السمعيون سماع المعلومات الجديدة؛ حيث يميلون إلى الكتب الصوتية والموسيقى.
  • أسلوب التعلم عبر القراءة - الكتابة: يفضل هذا النوع من المتعلمين القراءة والكتابة؛ حيث يركزون جيداً عند قراءة معلومات جديدة ويعالجونها بسهولة عن طريق تدوين الملاحظات.
  • أسلوب التعلم الحسي الحركي: ينجذب هذا النوع من المتعلمين إلى الحركة، فهم يميلون إلى تغيير أماكنهم لاستكشاف المعلومات الجديدة من الناحية المكانية والجسدية.

شاهد بالفيديو: 7 مواصفات للمتعلم السمعي

المشكلة المتعلقة بأساليب التعلم الأربعة:

بعد ما يقارب ثلاثين عاماً من الدراسة المعمقة حول فاعلية أساليب التعلم هذه؛ تبين الآن أنَّ أساليب التعلم ليست سوى تفضيلات شخصية، فاستخدام أسلوب التعلم المفضل لديك لا يؤدي في الواقع إلى تحسين نتائج التعلم؛ مما يعني أنَّك إذا كنت تفضل المدخلات البصرية، فقد تكون المخططات والرسوم البيانية مريحة بالنسبة إليك، لكنَّ استخدامها لا يساعدك في تعلم المزيد.

وأفضل طريقة للتفكير في أساليب التعلم هي عدُّها كتفضيلات للتعلم، ولكن إذا كنت ترغب في تعزيز تعلُّمك، فيجب أن تركز أكثر على مطابقة أسلوب التعلم مع المهمة المطروحة أمامك.

على سبيل المثال، أنا أواجه صعوبة مع المعلومات السمعية، فعندما يقوم شخص ما بتهجئة شيء ما بصوت عالٍ أجد صعوبة في معالجة ما يقوله، ومع ذلك فقد نجحت مع المدخلات السمعية عندما تمكنت من حفظ سطور مسرحية أو تعلم كلمات أغنية ما.

وبدلاً من القول بأنَّني أُفَضِّلُ أسلوب تعلم القراءة - الكتابة أو بأنَّني متعلمٌ بصري، أعلم أنَّ أسلوبي في التعلم يجب أن يعتمد على ما أحاول تعلُّمه.

ما هو أسلوب التعلم الحسي الحركي؟

إنَّ أسلوب التعلم الحسي الحركي هو أسلوب ملموس وفعَّال، فبدلاً من الاستماع إلى محاضرة أو قراءة كتاب، يتضمن هذا الأسلوب الحركة والتنقل؛ حتى لو كنت تعد نفسك متعلماً بصرياً أو سمعياً أو تعتمد على أسلوب القراءة - الكتابة، يمكن أن تساعدك أساليب التعلم الحسي الحركي على تنشيط وحفظ المعلومات الجديدة.

1. التنشيط:

تُعدُّ أساليب التعلم الحسي الحركي طريقة رائعة لليقظة وتنشيط الدورة الدموية؛ مما يساعدك على الدراسة لفترة أطول؛ فإذا وجدت نفسك تتثاءب أو تشعر بالنعاس، ربما يساعدك النهوض والحركة، أو إظهار المزيد من الإبداع في تحسين استراتيجيات التعلم الخاصة بك.

2. حفظ المعلومات:

تُعدَّ تقنيات التعلم الحسي الحركي طريقة رائعة لحفظ المعلومات الجديدة لا إرادياً، فالذاكرة الإجرائية -وهي نوع فرعي من الذاكرة الضمنية، وجزء من الذاكرة طويلة الأمد، وهي مسؤولة عن معرفة طريقة القيام بالأشياء- هي أن تُدرك كيف تقوم بشيء ما دون الحاجة إلى التفكير بوعي فيه.

وتعد قيادة الدراجة خير مثال على ذلك، فإذا كان عليك التفكير في كل خطوة معقدة في أثناء قيادة الدراجة؛ فسوف تصطدم في كل مرة تحاول فيها ذلك، في حين تسمح الذاكرة الإجرائية لجسمك بالقيام بذلك دون وعي.

يمكنك استخدام ذاكرتك الإجرائية لزيادة كمية المعلومات التي تتعلمها، فعندما تحصل على معلومات جديدة؛ تقوم بتسجيلها كذاكرة إجرائية، ويمكنك حفظها بطريقة غير واعية أكثر مما يمكنك القيام بذلك بوعي.

إقرأ أيضاً: أهم المعلومات عن الذاكرة البشرية وقدراتها وطرق تقويتها

كيف تستفيد من أساليب التعلم الحسي الحركي إلى أقصى حد؟

لنفترض أنَّك اقتنعت بتجربة أساليب التعلم الحسي الحركي؛ فبالإضافة إلى النهوض والحركة، إليك قائمة دقيقة بالطرائق التي يمكنك من خلالها تحقيق الاستفادة القصوى من أساليب التعلم الحسي الحركي:

1. النهوض:

إنَّ أول وأبسط طريقة لاستخدام أسلوب التعلم هذا هي النهوض والوقوف؛ لذا ابتعد عن مكانك، وتمشَّ في أثناء التفكير في شيء ما. ونظراً لأنَّ أسلوب التعلم الحسي الحركي له علاقة بالحركة؛ فإنَّ الخطوة الأولى هي النهوض والبدء بالتحرك.

2. التحرك في المكان:

الطريقة التالية لأسلوب التعلم الحسي الحركي هي التحرك؛ حيث يمكنك التجول في أثناء الحفظ أو معالجة المعلومات الجديدة أو محاولة حل المشكلات.

أنا أحب أن أخطو بسرعة عندما أُجري مكالمة هاتفية أو آخذ كلبي في نزهة عندما أواجه بعض المشكلات؛ حيث يساعد هذا الأمر في تنشيط الدورة الدموية ويساعدني على البقاء في حالة تأهب وإبداع.

3. جعلُ الأمر ملموساً:

يوجد طريقة أخرى لجعل التعلم حسياً حركياً وهي بجعله ملموساً، مثل دمج الأشياء التي يمكنك تحريكها، أو استخدام بطاقات الفهرسة وتعليقها على جدران الغرفة لإعداد خطة أو مقال، أو صنع نموذجٍ للنظام الشمسي بدلاً من القراءة عنه فحسب، أو تصميم مجموعة بطاقات تعليمية لحفظ الأشياء الجديدة بدلاً من تعلُّمها على الكمبيوتر أو عن طريق الكتاب، فكلما كان بإمكانك قص ولصق وتشكيل وثني وطي واستخدام بعض الأوراق، كان ذلك أفضل.

4. وضع الأشياء في أماكن متفرقة:

إحدى الطرائق التي حاولت بها التكيف مع أسلوب التعلم الحسي الحركي الحالي لابنتي هي وضع الحروف في جميع أنحاء الغرفة، ثم أطلب منها الوقوف في منتصف الغرفة والركض لإحضار حرف معين، لقد كان هذا النهج ناجحاً لعدة أسباب:

  • أولاً: من خلال جعل التعلم بمثابة لعبة وتشجيع المشاركة؛ حيث كنت أجعله ممتعاً وتنافسياً، مما دفع ابنتي للمشاركة في ذلك لفترة أطول.
  • ثانياً: تمكنت من الحفاظ على طاقة ابنتي من خلال جعل التعلم بالحروف أمراً فعالاً؛ مما أدى إلى استمرار ضخ الدم والأوكسجين إلى دماغها؛ وبالتالي تحفيزها على التعلم.
  • ثالثاً: من خلال وضع الأحرف في جميع أنحاء الغرفة، كانت ابنتي تربط الحروف بالمكان، مما يساعد في جعل طريقة التعلم تلك أكثر تجسيداً وأقل تجريداً؛ فمثلاً يوجد الحرف (أ) في المطبخ، والحرف (ب) في غرفة الطعام، وبدلاً من أن تكون مجرد أحرف مكتوبة على الورق، تساعدها هذه الطريقة على تمييز الحروف، فقط تأكد من تغيير مكانها كل فترة، بحيث لا تربط مفهوماً واحداً بمكان واحد.

يعد هذا المفهوم طريقة رائعة لتعلم لغة جديدة؛ ضع ملاحظاتك على ملصقات مع استخدام مفردات اللغة المستهدفة في جميع أنحاء المنزل، فإذا كنت تحاول تعلم اللغة الإنكليزية؛ ضع كلمة "mirror" على مرآتك وكلمة "window" على نافذتك.

يساعدك هذا على التعلم طوال اليوم، كما يساعدك أيضاً على ربط الكلمة الجديدة بالمفهوم نفسه، فعندما تنظر إلى المرآة، فأنت تتعلم الكلمة الجديدة للمرآة، هذا هو السياق الذي تحتاجه، فمن السهل كثيراً التعلم من خلال السياق بدلاً من قراءة الكلمات الجديدة مراراً وتكراراً.

قد تكون هذه التقنية فعالة في تعلم أسماء الكواكب أو المناطق الجغرافية؛ لذا كن مبدعاً وضَع الأشياء في أماكن تجعل التعلم تجربة مكانية تجسيدية.

5. الجمع بين الحركات والأفكار:

يوجد طريقة أخرى لجعل التعلم حسياً حركياً، وهي الجمع بين الحركات والأفكار؛ فإذا كنت تحاول تذكر بعض الأحداث التاريخية، اربطها مع حركات محددة لكي تجعلها أكثر قابلية للتذكر.

من خلال الجمع بين حركة معينة ومفهوم أو حقيقة أو فكرة، فإنَّك تزيد من احتمالية أن تبدأ ذاكرتك الإجرائية بالعمل وتقوم بتخزين تلك المعرفة الجديدة في الذاكرة طويلة الأمد.

إقرأ أيضاً: كيف يحدث استرجاع الذاكرة طويلة الأمد؟

6. المشي في أثناء العمل:

يمكنك أيضاً المشي في أثناء العمل. لقد رأيت أشخاصاً يعملون في أثناء التمرن على جهاز المشي أو يمشون مع صديق وهم يخططون لمشروع جديد.

يُعد المشي وسيلة رائعة للتخلص من العوائق، فإذا كنت تشعر بالتعب أو الملل أو الإحباط، انهض وسِر بينما تستمر في التعلم والمعالجة والإبداع.

7. التمرُّن في أثناء التعلم:

أنا معجب جداً بفكرة التمرين في أثناء التعلم، ففي مرحلة الدراسات العليا، كنت أقضي بعض الوقت في صالة الألعاب الرياضية كل يوم، لم تكن هذه طريقة لتجنب واجباتي، وإنَّما كانت في الواقع طريقة ليصبح التعلم أكثر سهولة.

حيث تساعدني ممارسة بعض التمرينات بما فيه الكفاية لتقليل التوتر والقلق، فلطالما وجدت التعلم أقل صعوبة عندما كنت أدمجه مع التمرين؛ لذا اذهب إلى صالة الألعاب الرياضية وارفع الأثقال في أثناء حفظ المعلومات واختبر نفسك وادرسها بذكاء.

إقرأ أيضاً: 10 طرق بسيطة لممارسة التمارين الرياضية أثناء العمل

أفكار أخيرة:

قد لا تعد نفسك متعلماً حسياً حركياً، لكن هذا لا يعني أنَّ تقنيات التعلم الحسي الحركي لا يمكن أن تساعدك على التعلم بصورة أفضل.

يُعدُّ التحرك والقيام ببعض الممارسات طرائق رائعةً لإشراك المزيد من أجزاء الدماغ في عملية التعلم؛ لذا غيِّر مكانك وتحرك لتجعل التعلم الحسي الحركي مفيداً لك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة