كيف تبني عادات جديدة مع شريك المساءلة؟

رغم أهمية فهم كيفية بناء العادة أولاً، إلَّا أنَّه يتعين عليك أيضاً أن تبدأ التعاون مع شريك مساءلة؛ لكن من هو شريك المساءلة؟ لماذا يجب أن تتواصل معه؟ وكيف يمكن لشريك المساءلة أن يدعمك في بناء عادات جديدة؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذا المقال.



من هو شريك المساءلة؟

يمكن تشبيه شريك المساءلة بشراكة يوافق فيها الطرفان على توجيه بعضهما بعضاً، وتقديم تغذية راجعة حول ما تحقَّق من أهداف خلال إطار زمني مُتفَق عليه.

يتشابه التواصل بين شركاء المساءلة مع "مجموعات العقل المدبِّر"، وهي جلسات توجيه تتكوَّن من منتور ومجموعة من الأشخاص الذين يتحدَّثون مع المنتور ويسألونه عن أي شيء يتعلَّق بالموضوعات المطروحة؛ ولكنَّ الفارق الرئيس هو أنَّ التواصل بين شركاء المساءلة يكون تواصلاً ثنائياً بدلاً من التركيز على مجموعة من الأفراد.

لماذا يجب أن تتواصل مع شريك مساءلة؟

قد تكون المساءلة داخلية أو خارجية، وتكون الداخلية منها مرادفة للمسؤولية الشخصية ومحاسبة النفس على ما تحقَّق من القرارات المُتَّخذة؛ لكنَّنا سنركز على المساءلة الخارجية في هذا المقال.

قد يساعدك التعاون مع شريك المساءلة في تكوين عادات جديدة، إذ يتعين علينا كبشر بذل جهود حثيثة من أجل تحقيق أهدافنا؛ ولكن قد يصبح تحقيق هدفك عبئاً عندما تحاول تحقيقه بمفردك، وبمعزل عن مجموعة أو شخص يشجعك.

لكن قبل التعمُّق في كيفية بناء عادات جديدة مع شريك المساءلة، إليك بعض فوائد العمل على هذا النهج:

  • توفِّر لك شراكة المساءلة فرصة لتوجيه شخصٍ ما بشأن اكتساب العادات، وحصولك على القيمة نفسها في المقابل.
  • تسمح لك بالتواصل مع شخص يشاركك كفاحك وآمالك وأحلامك وأهدافك.
  • تتمكَّنان من الاجتماع في وقت مناسب للطرفين دون الحاجة إلى حجز موعد مسبق، كما هو الحال مع الكوتشنج الاحترافي.
  • بما أنَّ الاستفادة متبادلة بين الطرفين، فلن تضطر إلى دفع أي رسوم تدريب.
  • تبقيك شراكة المساءلة ملتزماً.

ماذا عن مجموعات العقل المدبِّر (mastermind groups) إذاً؟ قد تكون جلسات العقل المدبر مفيدة، ولكنَّ الفارق أنَّ لكل عضو في المجموعة مدة محدودة لمشاركة التحديات والأفكار، بينما لا يوجد حد للوقت الذي تتحدَّث فيه مع شريك المساءلة.

يمكن لشريك المساءلة أن يدعمك في بناء عادات جديدة في الفئات الآتية:

  • الحمية أو التغذية.
  • تدريب اللياقة البدنية.
  • التواصل الفعال.
  • النمو العاطفي والتأمل.
  • تربية الأطفال.
  • العلاقات.
  • إعداد الميزانية والادخار.
  • تنظيم المنزل.
  • الاعتماد على الذات.
  • التعلُّم والتطور.
  • الكتابة.

بالإضافة إلى العديد من الموضوعات المختلفة.

إقرأ أيضاً: العادات: تعريفها، وطريقة تشكلها، وكيفية التعرف على العادات الخفية

كيف تبدأ مع شريك المساءلة؟

أول ما يتعيَّن عليك القيام به هو تحديد شخص يشاركك الشغف نفسه، وقادر على الالتزام ببناء عادات جديدة؛ لذا أنشئ قائمة بالأفراد المحتملين الذين تثق بهم، ووضح لهم نيتك؛ بحيث تتضمن قائمتك هذه الأفراد الذين تحمل لهم تقديراً عالياً.

كنصيحة، استبعد أصدقاءك المقربين لكيلا تفضي الشراكة إلى الثرثرة وإهدار الوقت؛ إذ يجب أن تكون كل لحظة مدروسة، حيث يكمن جوهر العلاقة في تقديم تغذية راجعة صادقة وعدم إضاعة الوقت؛ لذا إن كنت على استعداد للعمل مع شريك للمساءلة، فاسأل نفسك عن العوامل الآتية:

  • هل يمكن الاعتماد على الشريك المحتمل لمتابعة واحترام توصياتك؟
  • هل يمكنه إدارة المحادثات المعقدة؟ وهل يمكنك تقديم تغذية راجعة مباشرة دون التعامل مع أعذار أو مواقف دفاعية غير ضرورية؟
  • هل يمتلك هذا الشخص رؤية أكبر عن حياته؟ هل لديه تطلعات وطموحات تروق لك؟
  • هل هذا الفرد مستعد للعمل؟ هل ينتابه شعور بالالتزام وعلى استعداد لتجاوز الوضع الراهن؟

كما يتعيَّن عليك أيضاً الاستمرار في مراقبة ذاتك والصدق مع نفسك وشريكك؛ وإذا لم تكن ملتزماً وصادقاً وأهلاً للثقة في الماضي، فاعترف بذلك؛ إذ لا يجب عليك خداع نفسك.

حاول أن تتصالح مع واقعك الحالي وطموحاتك المستقبلية، حيث سيمكِّنك هذا من التركيز على كيفية نجاح شريكك؛ لأنَّك إذا لم تلتزم بالقوانين التي وضعتماها، لن تتمكَّن من دفعه إلى الأمام؛ ففاقد الشيء لا يُعطيه.

إليك ما يجب أن تفعله للعثور على شريك للمساءلة:

1. ابحث عن الشخص المناسب:

تحدد الأماكن التي تبحث فيها الأشخاص الذين تقابلهم، إذ يمكنك البحث عبر الإنترنت أو في دائرة المعارف الشخصية، ويمكنك أيضاً حضور اللقاءات المحلية أو جلسات تيد إكس (Tedx Sessions) -تجمُّعات محلية يشارك فيها الناس العروض والمحادثات التي تشبه عروض منصة تيد TED- أو التواصل مع الأصدقاء الجادين الذين يحتاجون أيضاً إلى شريك مساءلة.

أمثلة على المنصات والأدوات التي يمكنك الاستفادة منها:

  • المنتديات ومواقع الويب والمدونات المتعلقة بالعادات التي تريد بناءها.
  • مجموعات فيسبوك (Facebook).
  • تطبيقات المساءلة مثل "كوتش مي" (coach.me) و"ماي فيتنس بال" (MyFitnessPal).
  • الأحداث المحلية واللقاءات الجماعية.
  • الحلقات الدراسية وورشات العمل.

بمجرد أن تقرِّر العمل مع شريك مساءلة، ستجد أنَّ العثور على الشركاء المحتملين المناسبين أمر سهل.

2. تعامل مع شريك مساءلة عاش تجارب مختلفة:

اعمل مع شخص يتحلَّى بمستوى الإنجاز نفسه، ولكن بنقاط قوة ونقاط ضعف مختلفة عنك؛ فعلى سبيل المثال: يساهم تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة مساهمة كبيرة في النمو البدني؛ فإذا كنت قد اعتدت على تناول الطعام الصحي ولكنَّك بحاجة إلى الدافع لممارسة التمرينات الرياضية بانتظام، فيمكنك العثور على شريك مساءلة يمارس الرياضة ولكنَّه يفتقر إلى تناول الطعام الصحي؛ حيث سيكمِّل كلٌّ منكما الآخر، وتكون النتيجة رائعة.

سيشجِّعك بناء شراكة مساءلة مع شخص يتفوق عليك في أحد الجوانب على التقدُّم باستمرار، وخلق تحديات صحية وحافز كبير؛ كما يساعدك على تأسيس علاقة مساءلة مبنية على التعاون، ويُكسِب كليكما قيمة من كل لحظة مشتركة فيما بينكما، ممَّا يجعل تكوين عادات جديدة أكثر سهولة.

3. تعرَّف جيداً إلى المرشح المفضَّل لديك:

بمجرد أن تستقر على أيٍّ من الاحتمالات المُدرجَة في القائمة، اسأل الشخص عمَّا إذا كان مهتماً ببناء عادات جديدة من خلال شراكة المساءلة، واشرح ما تدور حوله هذه العملية، وكيف تعمل، وما هي أبرز مزاياها وفوائدها؛ وإذا لم يكن أيٌّ منكما على يقين بتمكُّنه من أن يصبح شريك مساءلة، فتواصلا لبعض الوقت لمعرفة بعضكما بعضاً بصورة أوضح.

4. حدِّد يوم وموعد وشكل الاجتماع:

يمكنك تنظيم الاجتماع بطرائق متنوعة، إذ قد يكون ذلك على الهاتف، أو عبر سكايب (Skype)، أو عبر مقابلة شخصية، أو عبر البريد الإلكتروني، أو على منصات التواصل الاجتماعي، أو من خلال الرسائل النصية.

لا تُشكِّل الوسيلة التي تستخدمها أهمية كبيرة ما دمت تتواصل وتقدِّم المساءلة المتبادلة؛ ولكن احرص على الالتزام بالوقت والتاريخ المناسبين لكلا الطرفين.

كما أنَّه من الهام أيضاً الالتزام بجدول زمني ثابت، وينبغي على كلا الطرفين مقارنة أنشطتهما الأسبوعية وإيجاد الوقت المناسب لتحقيق الاتساق؛ فعندما تلتقيان في وقت محدد، يتمكَّن عقلك من استرجاع الأفكار والمشكلات التي تتطلب الاهتمام، والتي يمكنك معالجتها في الاجتماع التالي.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 تطبيقات لتتبع العادات عن طريق الهواتف الذكية

5. أنشئ بياناً أسبوعياً للمساءلة:

الخطوة الأخيرة هي إنشاء "بيانات المساءلة"، وهي أنشطة قابلة للتنفيذ سيكملها كلاكما قبل الاجتماع مرة أخرى، وتُعَدُّ أنشطة صغيرة ولكنَّها تشكِّل جزءاً من هدف أكبر.

لتبسيط هذه العملية، تحتاج إلى إجراء ما يُسمَّى صيغة باكت (PACT)، ويعني هذا الاختصار:

  • ممكن (Possible).
  • قابل للإنجاز (Action-based).
  • واضح (Clear).
  • مُحدَّد بإطار زمني (Time-bound).

دعونا ننظر إلى العناصر الأربعة بصورة أوضح.

5. 1. ممكن (Possible):

رغم أنَّه من الجيد تحديد أهداف كبيرة، إلَّا أنَّها ينبغي أن تكون واقعية وقابلة للإنجاز في غضون الإطار الزمني المُحدَّد؛ فعلى سبيل المثال: إذا كنت ترغب في كتابة دليل حول تكوين العادات، فستكون عبارة "سأكتب 3000 كلمة الأسبوع المقبل" منطقية وممكنة إذا كنت قادراً على كتابة 1000 كلمة يومياً.

5. 2. قابل للإنجاز (Action-based):

للأسف، يضع العديد من الأشخاص أهدافاً تتجاوز قدراتهم، وتفتقر إلى التخطيط والوضوح؛ فعلى سبيل المثال: "سأكتب مزيداً من الكتب في الشهر المقبل"، حيث يعدُّ هذا هدفاً غير قابل للتنفيذ؛ ذلك لأنَّه يفتقر إلى الخطوات والإجراءات الواضحة.

ولكن إذا حدَّدت هدفاً مثل: "سأكتب 20 موضوعاً من كتاب تكوين العادات الذي سأنشره"، فيعدُّ هذا هدفاً أكثر وضوحاً، وقابلاً للتنفيذ والمساءلة؛ كما يحدِّد ما ينبغي عليك القيام به لتحقيق الهدف الأكبر.

5. 3. واضح (Clear):

يجب أن يكون بيان المساءلة خاصتك واضحاً وموجزاً، ويستبعد الأسباب التي تمنعك من تحقيق الهدف؛ فعلى سبيل المثال: إنَّه لمن الأفضل أن تقول: "سأكتب 3000 كلمة الأسبوع المقبل"، بدلاً من: "سأكتب 3000 كلمة إذا لم أنشغل الأسبوع المقبل".

يجب عليك مراعاة العوائق المحتملة عند إنشاء بيان مساءلة؛ لذا إذا كنت ستنشغل الأسبوع المقبل، فستكون عبارة: "سأستعين بكاتب لكتابة 3000 كلمة نيابة عني الأسبوع المقبل" بديلاً مثالياً.

5. 4. محدد بإطار زمني (Time-bound):

يجب أن تحدد موعداً نهائياً واضحاً لكل التزام، وسيكون الاجتماع القادم هو الموعد النهائي؛ ولكن إذا شعرت وشريكك في المساءلة أنَّ هناك فترة استراحة طويلة قبل الاجتماع التالي، فيمكنكما التواصل عبر الإنترنت ومشاركة النتائج ووضع الأهداف الجديدة.

شاهد بالفيديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

في الختام:

احرص على اتباع الخطوات الخمسة الموضحة أعلاه كي تتمكن من الاستفادة من شراكة المساءلة، وركِّز على المشكلة التي تواجهها، وقدِّم تغذية صادقة للشريك الآخر، واستفد أيضاً من صيغة باكت (PACT) لإنشاء بيان مساءلة.

ستتمكَّن من تكوين عادات جديدة إذا تمكنت من تقسيم هدفك الرئيس إلى خطوات صغيرة؛ والأهم من ذلك، تذكَّر أنَّ التعاون أفضل من العمل الفردي، وأنَّ بإمكانك تحقيق أبرز الأهداف من خلال شراكة المساءلة بدلاً من العمل بمفردك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة