كيف أختار وظيفة تناسبني وأطور نفسي في العمل؟

تعجُّ أسواق العمل اليوم بأنواعٍ مختلفةٍ من الوظائف، ولكن هل جميع هذه الوظائف مناسبةٌ لي؟ وهل سأكون ناجحاً ومبدعاً فيها جميعاً، أم أنَّ هناك أنواعاً من الوظائف ستناسب شخصيتي ومهاراتي ومواهبي أكثر من غيرها؟ كيف سأختار هذه الوظيفة وأطوِّر نفسي فيها، وأحقق النجاح المهني الذي أسعى إليه؟



كيف أجد الوظيفة المناسبة؟

إنَّ اختيار الوظيفة المناسبة ليس بالأمر السهل؛ بل على العكس تماماً، يُمكن عدُّ هذا القرار من أصعب القرارات وأهمها في حياتك؛ حيث يتطلب منك بعض الإجراءات والخطوات التي عليك تنفيذها، ووضعها في الحسبان، إذا كنت تبحث عن وظيفة ثابتة ودائمة تجد بها نفسك؛ لذا سنقدم لك فيما يلي مجموعة من النصائح التي ستساعدك في اختيار مهنتك:

  • ضع قائمة بجميع الوظائف التي تحبها، والتي تشعر بأنَّها مناسبة لك، ومن ثم ابحث أكثر في طبيعة كل مهنة من هذه المهن، وحاول فهمها واستكشافها لتقيس مدى مناسبتها لمهاراتك، وإليك فيما يلي مجموعة من الأمثلة:
  • ركِّز على حياتك المهنية في عمر مبكر، وسيساعدك هذا بالتأكيد على تطوير نفسك، وتنمية مهاراتك تنميةً أفضل، فإن كنت موهوباً في مجال التصميم أو الرسم، يمكنك بدء تطوير هذه المهارة في أثناء فترة دراستك الثانوية، أو سنوات الدراسة الجامعية الأولى، لتستخدمها لاحقاً في سوق العمل، مع وضع خطة مهنية مستقبلية لتركِّز على الشيء الذي تحبه منذ البداية، ولا تُضيِّع فترة طويلة من حياتك في مجرد البحث؛ وهذا لا يعني بالتأكيد الثبات على المهنة التي تختارها، ولكن كما قلنا، هذا التخطيط يحميك من التشتت ويوفر لك كثيراً من الوقت.
  • اعرف نفسك جيداً قبل كل شيء؛ إذ إنَّك لن تتمكن من البحث عن وظيفة تلائمك، من دون أن تكون على دراية كاملة بمهاراتك ومواهبك؛ لذلك اعرف من أنت، ثم انطلق.
    1. إن كنت تحب اللغة مثلاً، يمكنك في هذه الحالة العمل على تطوير المهارة التي لديك واستغلالها في أعمال مناسبة، ككتابة المقالات أو كتابة القصص أو العمل في الصحافة أو التدقيق اللغوي أو الترجمة.
    2. إن كنت شخصاً اجتماعياً، يمكنك استغلال قدرتك على التواصل مع الآخرين وبناء العلاقات الاجتماعية مع الناس، في وظائف وأعمال مناسبة لهذه المهارة، كالعمل في قسم المبيعات أو الاستقبال، أو في قسم الموارد البشرية وغيرها.
    3. إن كنت تحب التكنولوجيا وتتمتع بمهارة عالية في استخدامها، ابدأ بمواكبة التطور والتعرف إلى كل ما هو جديد في عالم التطبيقات، وابحث عن آخر المستجدات التقنية، فالعمل كمطوِّر برامج وتطبيقات سيكون مناسباً جداً لك.
  • اطرح على نفسك مجموعة من الأسئلة، ودوِّن ملاحظاتك بشأن كل وظيفة، لتبحث بينها عن الوظيفة التي تجعلك سعيداً في أثناء ممارستها، ويمكنك أيضاً إجراء تقييمات مهنية عبر الإنترنت، لتتعرف إلى سماتك وصفاتك المهنية. وتستطيع أيضاً طلب المساعدة من بعض الأشخاص المختصين لإجراء هذه التقييمات وتجاوز مرحلتها، وبعدها قارن هذه السمات والقدرات والمهارات بقائمة الأعمال التي وضعتها سابقاً، لتعرف مدى توافق هذه الوظائف معها، وبناءً على ذلك، اعمل على تضييق القائمة التي لديك، وهكذا حتى تصل إلى قائمة مختصرة جداً من الوظائف المناسبة لك، لتبدأ بعدها تقديم الطلبات والبحث وفقاً لهذه الخيارات المختصرة التي أصبحت جاهزة بين يديك.
  • اتَّبِع دورات تدريبية، وتعلَّم كل ما هو جديد، وواكب كل ما يطرأ من تطورات وتبدلات في سوق العمل، فهذا سيجعلك مستعداً دائماً في حال وجدتَ فرصتك على نحو مفاجئ.
  • أضف كل مهارة أو خبرة جديدة إلى سيرتك الذاتية، فإن كنت مثلاً تقوم بعمل مؤقت في أثناء بحثك عن وظيفة أحلامك، وثِّق كل نجاح تحققه.
  • لا تيأس إن لم تحصل على الوظيفة المناسبة بسرعة، واستمر في البحث، ولا تقبل أي عرض أو أي فرصة من أجل المال فحسب، وتذكَّر أنَّ الاستقرار الوظيفي مهم جداً لاستقرار حياتك استقراراً عاماً؛ لذلك كن صبوراً ولا تتنازل عن المعايير التي تريدها. وفي حال بدأت العمل في وظيفة ما ولم تكن مناسبة لك، لا تتردد في تركها والبحث عن وظيفة أخرى، فأنت قادر بكل بساطة على تغيير مهنتك، ثم إنَّ عليك في الوقت نفسه أن تكون ذكياً، إن كانت مهارتك أو الأشياء التي ترغب في ممارستها، لا تساعدك على الحصول على عمل يضمن كسب رزقك ويؤمِّن حياة كريمة لك؛ لذا عليك حينها البدء بتطوير مهارات أخرى لتحصل على عمل يعود بالنفع المادي عليك، وفي هذه الحالة، وحتى لا تفقد الشغف، يمكن ممارسة ما تحب كهواية أو كعمل رديف لك.
  • لا تخف من تجريب عدد من الوظائف والمهن في طريق بحثك عمَّا يناسبك، كما يمكنك أيضاً طلب المساعدة من الناس المحيطين بك، والبحث عن أشخاص لديهم اهتماماتك نفسها، أو يعملون في المجالات التي تحبها، لطلب الاستشارة منهم. ولكن تذكَّر أنَّ القرار قرارك في نهاية المطاف، وأنت الشخص الوحيد القادر على معرفة ما يناسبك، ولا تحصر استشارتك في شخص واحد فقط؛ بل استشر أكبر عدد ممكن لتقارن آراءهم وأفكارهم وإجاباتهم، فمن الممكن أن يساعدك هذا على تسليط الضوء على شيء ما لم يكن في بالك.
  • ضع في حسبانك أنَّك ستصعد السلَّم درجة درجة، وكل درجة تصعدها ستكون مهمة جداً لتثبت في القمة؛ لذلك لا تحاول البدء من الأعلى، فالرحلة هي الجزء الأهم في طريق تحقيق الهدف.
  • لا تكن جامداً بل كن شجاعاً، ولا تخف من المخاطرة أبداً، وضع دائماً خطة بديلة؛ إذ إنَّك بهذه الطريقة ستكون جاهزاً لأي فشل محتمل أو أي عرقلة ستعترض طريقك، وفي حقيقة الأمر هذا أمر متوقع جداً.
  • في النهاية، واستناداً إلى كل المعلومات التي جمعتها والتجارب التي خضتها، اختر وركِّز على العمل الذي يحقق أكبر درجة من الرضا الوظيفي لك.
إقرأ أيضاً: الأمان الوظيفي: أهميته، وإيجابياته، والعوامل التي تؤثر عليه

كيف أطوِّر نفسي في العمل؟

بعد أن تجد الوظيفة التي تحب، والتي سعيت بكل جهد للحصول عليها، عليك أن تطرح على نفسك السؤال الآتي: "هل هذا أقصى ما أستطيع فعله؟"؛ بالطبع لا، فهناك كثيرٌ من الأمور التي يجب أن تفعلها، وأهمها البدء بتطوير نفسك لتتطور في عملك أكثر وتترقى، ولتحقيق ذلك يمكنك اتباع النصائح الآتية:

  • تجاوز الواقع الحالي وفكِّر في المستقبل: التفكير فيما سيحدث لاحقاً، مهم جداً للتطوير والتغيير، ويساعد فعلاً على وضع الأهداف والسعي إلى تحقيقه؛ لذا فكِّر في أحسن ما يمكن أن تصل إليه، فهذا سيرفع من سقف طموحاتك، ويقوِّي من عزيمتك، ويدفعك إلى المضي قدماً في تحقيق أهدافك، وفكِّر أيضاً في أسوأ ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، وضع تصوراً سلبياً لمجريات الأمور في بالك، فبهذه الطريقة أنت تُحفِّز عقلك على إيجاد الحلول ووضع الخطط البديلة، وهذا كله يلعب دوراً هاماً ومحرضاً على التطور.
  • حافظ على الأشياء الجيدة لديك، وحدد ما تريد تغييره في نفسك وفي ظروف عملك بالضبط: هذه النقطة مهمة جداً لتعرف من أين تبدأ، ولتُحدِّد أولوياتك؛ هل أريد مغادرة القسم الذي أعمل فيه والحصول على منصب أفضل، أم أريد تحسين نوعية عملي وتطويره فحسب؟ اسأل زملاءك عن رأيهم بك، وما يظنون أنَّك بارع فيه، وما يعتقدون أنَّك بحاجة إلى تطويره، ثم قارن إجاباتهم مع نظرتك الخاصة تجاه نفسك، وابدأ بناءً على ذلك بالتغيير.
  • اختر هدفك بعناية: ضع قائمة بالأهداف القصيرة والطويلة الأمد، واحرص على وضع معايير لأهدافك لتكون قابلة للتحقيق، كأن تكون محددة وواقعية، قابلة للقياس والتنفيذ، لها جدول زمني محدد، وإلا ستكون رغبتك في التطور مجرَّد كلام لا طائل منه.
  • ابحث عن طرائق ومصادر للمعلومات التي تساعدك على التطور: لم يعد الحصول على المعلومات أمراً صعباً اليوم، فأنت قادر، بكبسة زر واحدة، أن تصل إلى مئات المقالات والكتب والمراجع التي تتكلم عن طرائق تطوير الذات.

وكذلك أنت قادر على إيجاد معلومات عن مجال عملك وتخصصك، والتطورات والتحسينات التي طرأت عليه في كل أنحاء العالم؛ لذلك ابدأ القراءة والبحث، وخصص جزءاً من وقتك لمتابعة سير العظماء والناجحين، لتشحن نفسك عاطفياً، وتجعل الرغبة في النجاح جزءاً لا يتجزأ من تكوينك وطبيعتك، وضع في بالك دائماً، أنَّك إن لم تكن مُلمَّاً بكل جوانب مهنتك، وقادراً على إنجاز كل ما يتعلق بها بأفضل صورة ممكنة، فلن تتمكن من تطوير نفسك فيها؛ وذلك لأنَّ الإتقان هو الخطوة الأولى في طريق التطور.

شاهد بالفديو: 10 مهارات ناعمة تساعدك على تحسين حياتك المهنية

  • لا تنتظر أن يغيِّرك أحد: كن مرشد نفسك، واجعل الرغبة في التحسُّن والتطور نابعة من داخلك، قيِّم أداءك الوظيفي دائماً، وحاول البحث عن صفات ومهارات جديدة لديك لتستغلها في تطوير عملك، وتعلَّم ولا تَضَع حدَّاً للمعرفة أبداً، فكل يوم هناك شيء جديد يخص عملك، وعليك معرفته؛ لذا اشحذ همتك دائماً ولا تكن كسولاً، ثم ثق بقدرتك على تطوير أدائك وتحسين مهاراتك.
  • كن صاحب إرادة حقيقة وهمة عالية: الشرط الأساسي لتتطور في عملك أو وظيفتك، أن تمتلك إرادة قوية، فالإنسان لن يتحرك قيد أُنملة إن لم يمتلك رغبة داخلية حقيقة تدفعه إلى الأمام، وحاول ألَّا تُحبَط من أي عثرة تجدها أمامك؛ بل على العكس، اجعل إزالتها حافزاً لك، وطريقةً لاختبار رغبتك الحقيقية في التغيير والمضي قدماً.
  • لا تعتمد على التملُّق والكذب والخداع لتترقى في عملك: بل على العكس تماماً، كن صاحب أخلاق عالية وحميدة، وكن على علاقة جيدة بالجميع، وتذكَّر دائماً، أنَّ الشخص الخلوق سيكون المفضَّل دائماً، فكن ملتزماً، وأنجز واجباتك بمنتهى الدقة والحرص، ولا تستهتر بالعمل ونظامه ومواعيده، وبهذه الطريقة ستضمن وجودك في قائمة الترقيات في شركتك.
  • لا تسمح لليأس بالتسلل إلى قلبك، وتقدَّم دائماً.
  • في النهاية، ابحث عن الأمور التي من شأنها أن تزيد ثقتك بنفسك، كالاهتمام بشكلك وتوسيع ثقافتك، ليكون حضورك لافتاً وطاغياً ومناسباً لرغبتك في الوصول إلى الأفضل.

في الختام:

الحياة في نهاية الأمر ليست نزهة، وليس من السهل تحقيق ما نريده أو نكون عليه في المكان الذي نرغب فيه دائماً؛ وهذا لا يعني أبداً الاستسلام أو الجلوس والعجز؛ بل على العكس تماماً، هذا يعني بدء خوض هذه الحياة، والتي تتطلب مِنَّا الجديَّة والعمل بكل همة؛ إذ إنَّ البيت الذي نتمناه، والمجال الذي نريد دراسته، والوظيفة التي نحلم بها، أشياء لن تسعى إلينا من تلقائها؛ بل نحن من يجب علينا العمل للحصول عليها.

وأخيراً، من أهم الأشياء التي يجب أن تضعها في بالك، أن تكون صادقاً مع نفسك، ولا تبالغ بشأن قدراتك، وتعرف جيداً ما يناسبك وتبرع به، حتى لا تحصر نفسك في أعمال ومسؤوليات أكبر من قدرتك على الاحتمال، فتصاب بالإحباط، وتفقد رغبتك وشغفك في أي عمل.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة