كيف أجعل ابني يدافع عن نفسه؟

ما من أم أو أب على هذا الكوكب يفضلان رؤية المشهد الذي يعود فيه طفلهما من اللعب أو المدرسة باكياً لأنَّ طفلاً آخر قد ضربه أو أخذ أغراضه، ولا أظن أنَّ أي أم أو أب يفضلان أيضاً تلقِّي اتصال من والدي طفل قام ابنهما بضربه.



بصرف النظر عن نوعية التربية المقدَّمة للطفل، فإنَّ الخلافات بين الأطفال أمر طبيعي، ولكنَّ تطور الأمر إلى إحداث طفل أذيةً لطفل آخر أو أخذ شيء من أغراضه هو ما ليس مقبولاً أبداً.

مهما بلغت درجة حماية الأم والأب لطفلهما إلا أنَّهما عاجزان فعلاً عن مرافقته في كل دقيقة من حياته، وهنا يأتي دور الطفل ليتعلم الدفاع عن نفسه ويحمي بذلك حدود جسده وملكيته، فإذا كنتم تتساءلون في نفسكم "كيف أجعل ابني يدافع عن نفسه؟" إليكم الإجابة في هذا المقال.

كيف أعلِّم ابني الدفاع عن نفسه؟

تشرح الاختصاصية التربوية "غزل بغدادي" مراحل تعليم الطفل الدفاع عن النفس عبر اتباع خطوات عملية واضحة، وتقول:

1. المرحلة الأولى:

إنَّ المرحلة الأولى من إجابتنا عن سؤال "كيف أعلِّم ابني الدفاع عن نفسه؟" تكون في فعل ما يأتي:

في أول مرة يعود الطفل فيها باكياً إلى أمه وشاكياً من أنَّ صديقه الذي يلعب معه في الحديقة قد أخذ غرضاً من أغراضه أو ضربه، فإنَّ واجب الأم في هذه المرحلة هو تهدئة طفلها وإيقافه عن البكاء، ومن ثم الذهاب برفقته إلى صديقه الذي أذاه قائلة للصديق بحزم: "يا فلان، ممنوع أن تضرب صديقك، أو هذا الغرض للطفل (وتذكر اسمه) أعده إليه من فضلك".

نكرر هذا التصرف على مرأى الطفل ومسمعه كلما تكرر الموقف لمدة من الزمن حتى يتعلم الطفل الكلمات الواجب قولها في مثل هذه المواقف، وإنَّ الصراخ على الطفل المعتدي أو شتمه تصرفان غير صحيحين، وإذا ما قمنا بضرب الطفل المعتدي أو شتمه أو الصراخ عليه فإنَّنا نكون قد علَّمنا طفلنا التصرف بهذه الطريقة التي لا تعلِّم الطفل الدفاع عن نفسه.

2. المرحلة الثانية:

في المرحلة الثانية من إجابتنا عن سؤال "كيف أعلِّم ابني الدفاع عن نفسه؟" نفعل ما يأتي:

نذهب برفقة الطفل إلى الطفل المعتدي، ونقول له: "ماما، قل لصديقك أن يعيد أغراضك إليك، أو قل له ممنوعاً أن تضربني أو تلمس جسدي".

في المرات الأولى قد يتلعثم الطفل في الكلام، أو قد لا يقول سوى كلمة واحدة مما يجب أن يقوله، ولكنَّ تكرار مرافقة الأم للطفل في المواقف المشابهة وترك مهمة التعبير له بعد أن شاهد الأم كيف تنفذها في مرات سابقة؛ سيجعل الطفل يقولها بكل ثقة بعد مرات عدة، وسيتعلم الطفل الدفاع عن نفسه بحضور أمه، وهنا نستطيع الانتقال إلى الخطوة الثالثة في إجابتنا عن سؤال "كيف أعلِّم ابني الدفاع عن نفسه؟".

شاهد: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه

3. المرحلة الثالثة:

في المرحلة الثالثة من إجابتنا عن سؤال "كيف أعلِّم ابني الدفاع عن نفسه؟" نفعل ما يأتي:

يأتي الطفل إلى أمه باكياً لأنَّ صديقه قد أخذ أغراضه أو ضربه، فتقول له الأم: "اذهب وقل له ممنوعاً أن تأخذ أغراضي أو ممنوعاً أن تلمس جسدي وتضربني"، وتترك للطفل وحده مهمة مواجهة الطفل المعتدي واسترداد حقه منه بكل ثقة.

ملحوظة هامة:

في سياق الإجابة عن سؤال "كيف أعلم ابني الدفاع عن نفسه؟" من الضروري تعليم الطفل إمساك يد الطفل الذي يحاول ضربه والنظر في عينيه بثقة قائلاً: "لا أسمح لك بأن تضربني"، وفي حال حاول الطفل الآخر إعادة ضربه يجب التوجه لجهة أعلى كالأم أو المعلمة أو الشرطة عندما يكون يافعاً.

ملحوظة هامة أخرى:

إنَّ ردَّ الضرب بالضرب وتكرار عبارة "اضرب من يضربك" أو "إذا ضربك أحد فسأضربك أنا أيضاً" لن يحل المشكلة أبداً ولن يكون حلاً ناجعاً لقضية "كيف أعلِّم ابني الدفاع عن نفسه؟"؛ بل يجب تعليم الطفل الدفاع عن نفسه تماماً كما يتم تعليمه أي تصرف آخر، فكل شيء يحتاج إلى الصبر والتدريب والتشجيع.

ابني لا يستطيع أن يدافع عن نفسه:

تتكرر عبارة: "ابني لا يستطيع أن يدافع عن نفسه" من الأمهات والآباء على حد سواء، وإنَّ السؤال البديهي الذي يخطر في بالنا عندما نسمع هذه العبارة هو أن نسأل المربي: "هل علمته ذلك؟ وهل علمت ابنك كيف يدافع عن نفسه؟ وهل تظن أنَّ طفلك سيتعلم الدفاع عن نفسه دون معلم؟".

بالتأكيد لا، إنَّ تعليم الطفل الدفاع عن النفس هو مهمة من مهام الأم والأب تماماً كتعليمه كيف يتناول طعامه وكيف يدخل إلى الحمام وكيف يرتدي ثيابه، وفي حالات كثيرة عندما تواجه الطفل مشكلة ما فإنَّ الأم تترك طفلها جانباً وتذهب بدلاً عنه لتسوية النزاع مع الطفل الآخر بعيداً عن الطفل، وهنا بالتأكيد ستقول الأم: "ابني لا يستطيع أن يدافع عن نفسه"؛ وذلك لأنَّه لم يجد نفسه مضطراً إلى ذلك؛ لأنَّه يوجد من يدافع عنه دائماً ويقوم بدلاً منه بهذه المهمة.

نحن هنا لا نكيل التهم للأمهات اللاتي يفعلن ذلك؛ وإنَّما تصرفهن طبيعي نابع من غريزة الأمومة، وربما كل أم قد وقعت في هذا المطب، ولكنَّنا يجب أن نعي تصرفاتنا وننتبه كيف نربي أطفالنا، فالتصرف بهذه الطريقة يربي أطفالاً ضعفاء لا يدافعون عن أنفسهم، ولا يضطرون إلى مواجهة تحديات الحياة؛ وذلك لأنَّه ثمة دائماً أم أو أب يفعلان ذلك.

لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟

عزيزتي الأم التي تتساءل: "لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟" إليك هذه الإجابات التي تشرح أسباب عدم دفاع الطفل عن نفسه:

1. لأنَّكِ تدافعين عنه طيلة الوقت:

قد تتساءل أم: "لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟" وفي كل مرة يقوم طفل آخر بضربه أو بأخذ أغراضه تترك طفلها جانباً وتذهب لتعيد إليه حقه من الطفل الآخر أو توبخه على ضرب ابنها، فنحن نقدر عاطفتك وأمومتك صديقتنا الأم، لكن يجب على طفلك أن يفعل هذه الأشياء بنفسه، ومن واجبك بصفتك أماً أن تساعديه على تعلم مهارة الدفاع عن النفس.

2. لأنَّه يتعرض للضرب:

في إجابة أخرى لسؤال الأمهات: "لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟" نقول إنَّ الطفل الذي اعتاد على تلقي الضرب من أهله وإخوته في المنزل سيبرمج عقله على أنَّ فعل الضرب فعل عادي، فهو معتاد عليه؛ لذا لا يقوم بالمقاومة أو الدفاع عن النفس.

3. لأنَّ ثقته بنفسه منخفضة:

إذا ما أردت أن تجدي إجابة لسؤالك: "لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟" فتفقَّدي ثقة طفلك بنفسه؛ وذلك لأنَّ الطفل ضعيف الثقة بالنفس لن يملك الشجاعة ليضع الطفل المعتدي عند حدِّه ويمنعه عن الضرب، ولن يمتلك الجرأة ليطلب منه إعادة الأغراض إليه.

شاهد أيضاً: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

4. لأنَّه لم يتعلم أساسيات الدفاع عن النفس:

الأطفال مسالمون بالفطرة؛ لذا فإنَّهم يصابون بالذهول والخيبة إذا ما قام طفل آخر بأخذ أغراضهم أو ضربهم، فإذا ما تساءلت الأم: "لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟"، فقد يكون الجواب أنَّ الطفل لم يتجهز لوجود هذا النمط من الأطفال ولم يعتد على الدفاع عن نفسه، ولا يدري كيف يجب ذلك.

هنا يأتي دور المربي في تعليم الطفل أساسيات الدفاع عن النفس، ومن الأفضل تعليمه أحد الفنون القتالية التي تعزز ثقته بنفسه وتُشعره بأنَّه قوي وقادر على وضع حدٍّ لأي معتدٍ.

إقرأ أيضاً: تنمية المهارات الحياتية للطفل

كيف أجعل ابني شجاعاً يدافع عن نفسه؟

إنَّ الجواب على سؤال كل أم: "كيف أجعل طفلي شجاعاً يدافع عن نفسه؟" يكون عبر اتباع النصائح الآتية:

  1. علمي طفلك حدود ملكيته وجسده، وكيف يمنع كل من يحاول أخذ أغراضه بغير إذنه وموافقته أو لمس جسده بغير موافقته وضربه.
  2. عززي ثقة طفلك بنفسه وعلميه كيف يتواصل بعينيه بثقة؛ وذلك لأنَّ الأطفال ضعاف الثقة بالنفس والمنزوين أكثر عرضةً للاعتداء من قِبل الأطفال الآخرين.
  3. علمي طفلك كيف يبني علاقات اجتماعية مع رفاقه ليكونوا سنداً له في مواجهة أي اعتداء.
  4. تدرَّجي مع طفلك بخطوات تعليم الطفل الدفاع عن النفس التي ذكرناها في الأعلى، ومثِّلي معه على مشهد محاولة طفل آخر ضربه أو أخذ أعراضه ليتقن دور الشجاع المدافع عن نفسه جيداً.
  5. أثنِ على فعل طفلك الشجاع في حال نجح مرة في وضع حدٍّ لطفل آخر حاول تجاوز حدود ملكيته أو جسده، فهذا يعزز ثقته بنفسه.
  6. علمي طفلك ألعاب القوى أو أحد الفنون القتالية مثل الكاراتيه؛ وذلك لأنَّ هذه الرياضات الدفاعية تعزز من ثقته بنفسه وقدرته على مواجهة أي معتدٍ.
  7. لا تهرعي على الفور إلى الدفاع عن طفلك، واتركي له فرصة ليتصرف بنفسه.
  8. أخبري طفلك أنَّه في الحالات التي يصر فيها الطفل الآخر على ضربه أو أخذ ملكيته يجب أن يطلب مساعدة شخص بالغ كالمعلمة أو الأم.
إقرأ أيضاً: أفضل 3 استراتيجيات لضبط سلوك طفلك

في الختام:

إنَّ الأسئلة من قبيل: "كيف أعلم ابني الدفاع عن نفسه؟"، و"لماذا ابني لا يدافع عن نفسه؟"، و"كيف أجعل ابني شجاعاً يدافع عن نفسه؟"؛ هي أسئلة تراود أذهان كل أم أو أب يعود إليهما طفلهما باكياً بعد أن قام طفل آخر بضربه أو أخذ لعبته، وهي إشارات تدل على وجوب تعليم الطفل مهارة الدفاع عن النفس، التي تُعَدُّ مهارة يكتسبها الطفل بالتدريب والتدرج كأيَّة مهارة أخرى مثل الأكل والمشي؛ لذا فإنَّ أي أم تقول: "ابني لا يستطيع أن يدافع عن نفسه"، يجب أن تتوقف لثانية واحدة وتسأل نفسها إن كانت قد قامت بتعليمه ذلك.




مقالات مرتبطة