قناعات خاطئة تمنعك من العيش بسعادة وتحقيق النجاح

عندما بدأت قراءة كتب المساعدة الذاتية، بدأت أيضاً بإطلاق الأحكام على الآخرين، وبدلاً من التركيز على تطوير نفسي، أصبحت فجأة أهتم بأخطاء الآخرين، فأصبحت أُطلق أحكاماً سلبية على أدائهم في العمل، من حيث عدم قدرتهم على التركيز وانخفاض إنتاجيتهم، وانتقدت عدم امتلاكهم لروتين صباحي، كما انتقدت أيضاً علاقاتهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "سينيم غونل" (Sinem Gunel)، وتُحدِّثنا فيه عن 9 قناعات خاطئة يجب التخلُّص منها لتحقيق النجاح.

ولأنَّني كنت أُلاحظ كثيراً من الأخطاء في سلوكات الآخرين، فقد اعتقدت أنَّني أكثر ذكاءً منهم، وغنيٌّ عن القول إنَّني في الوقت الذي كنت أتصيَّد فيه أخطاء الآخرين لم أكن أنتبه لأخطائي رغم كثرتها، وبدلاً من الالتفات لذاتي، كنت أكذب على نفسي، وأركِّز على أخطاء الآخرين، لأنَّ ذلك كان أسهل، ولكنَّني سرعان ما أدركت أنَّ الحكم على الآخرين لا يجعلني أكثر سعادةً أو إنتاجيةً ولا حتى نجاحاً.

لذلك، بدأت تدريجياً بالالتفات إلى نفسي، وسرعان ما أدركت أنَّني كنت أخدع نفسي لأشعر بالراحة؛ بمعنى أنَّه بدلاً من أخذ موقف تجاه سلوكاتي الخاطئة كنت أكذب على نفسي لأنَّني لم أرغب في الاعتراف بأخطائي.

إليك 9 معتقدات خاطئة يجب أن تتوقف عن تصديقها لتتمكَّن من تطوير نفسك:

1.  أفعالي ليس لها تأثير:

يعتقد الكثير من الأشخاص أنَّهم بلا أي قيمة؛ ولذلك لا يحاولون حتى إحداث تأثير أو ترك بصمة، والحقيقة القاسية هي أنَّك لا تستطيع تغيير العالم، ولكن يمكنك على الأرجح تغيير حياة الناس من حولك يوماً بعد يوم.

فعلى الأمد الطويل تترك كلماتك وسلوكك أثراً مباشراً في الأشخاص من حولك، فمجاملة صغيرة لشخصٍ ما يمكن أن تجعله يشعر بالبهجة طوال اليوم، ودعوة شخص ما لاحتساء القهوة قد تخفِّف من القلق الذي يشعر به، حتى لو لبضع دقائق، كما يمكن لمكالمة هاتفية قصيرة أن تبهج شخصاً ما، وقد تأكَّدت من ذلك عندما كنت أتصل بجدتي؛ لذا اعلم أنَّك قادر على التأثير في عدد كبير من الأشخاص الذين تلتقيهم، فحاول أن تكون مصدراً لسعادتهم من خلال منحهم طاقة إيجابية، لأنَّ ما تقدِّمه للعالم سيعود إليك عاجلاً أم آجلاً.

2. لقد فات الأوان:

لقد تعلمنا جميعاً أنَّه يجب تحقيق إنجازات معيَّنة خلال مراحل حياتنا المختلفة، على سبيل المثال، الحصول على شهادتك الجامعية في العشرينات من عمرك، والزواج قبل أن تبلغ الثلاثين، وشراء منزل في أقرب وقت ممكن، وإنجاب الأطفال قبل بلوغك سن الأربعين، ومن ثمَّ التقاعد في الستين من العمر، لكنَّ الحقيقة هي أنَّه لا توجد طريقة واحدة فقط صحيحة لعيش الحياة، بل ليس هناك طريقة صائبة وطريقة خاطئة.

إذ إنَّ الزواج من الشخص الذي تحبه في الأربعين من العمر لا يقلُّ جمالاً عن الزواج منه عندما تكون في العشرين، وإنَّ البدء بالعمل الذي كنت تحلم به في الخمسينات من عمرك لا يقلُّ روعةً عن القيام به في الثلاثينات، وعدم شراء منزل وإنفاق النقود في رحلة حول العالم أمر رائع أيضاً.

سنكون جميعاً أكثر سعادةً عندما نتوقَّف عن تقييد أنفسنا بقناعات المجتمع السطحية، وبدلاً من ذلك التركيز في أنفسنا وفيما يحقِّق لنا السعادة.

إقرأ أيضاً: كيف تبدأ حياتك من جديد بعد أن يبدو لك أنَّ الأوان قد فات؟

3. "إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب":

نرى الكثير من الناس يستخدمون هذه الكذبة لتبرير سلوكهم غير اللائق، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ اللطف هو الصفة التي تستحق الاحترام، وبالتأكيد قد تحصل على ما تريد إذا كنت قاسياً وغير ودود وعدواني بعض الشيء، لكنَّك لن تشعر بالرضى عن نفسك بهذه الطريقة.

حتى بالنسبة إلى تحقيق أهدافك، لا بد أنَّ كونك ودوداً ولطيفاً ومحترماً سيساعدك على تكوين علاقات قوية نافعة ومستدامة، بل هي استراتيجية ناجحة على الأمد الطويل تساعدك على تحقيق النجاح والسعادة في حياتك، فبصرف النظر عمَّا تسعى إلى تحقيقه، فإنَّه لا بد أن تحتاج إلى مساعدة الآخرين أو دعمهم في مسعاك، لذلك بالتأكيد أنت في وضع أفضل عندما تكون شخصاً لطيفاً وودوداً ومحترماً مع الآخرين.

4. أنا أعرف كل شيء:

هناك نوعان من الأشخاص، الأشخاص الذين يعتقدون أنَّهم يعرفون كل شيء، وأولئك الذين يعرفون أنَّهم لا يعرفون كل شيء، وإذا كنت من النوع الثاني فمن المؤكَّد أنَّك تدرك أنَّ التعلُّم عملية لا تنتهي، وأنَّ التعلُّم الرسمي هو مجرد البداية ولا تنتهي رحلة التعلُّم بانتهاء مرحلة التعليم الرسمي.

إذ يساعدك تعلُّم مهارات جديدة ودراسة موضوعات متنوعة على اكتساب منظور أوسع واستلهام أفكار جديدة، فعالمنا سريع التغيُّر وديناميكي جداً، وإذا لم تبذل جهداً لمواكبة المستجدات وصقل تفكيرك، فسوف يتفوَّق عليك الأشخاص الذين يتعلمون باستمرار.

قد يساعدك الفضول والرغبة في التعلُّم على الاستفادة من الفرص الذهبية وفهم التجارب التي تعيشها؛ لذلك بدلاً من إظهار ذكائك والتفاخر به، حاول أن تتعلَّم عن الموضوعات التي تجهلها، اقرأ المجلات، وشاهد الأفلام الوثائقية التي لا تتعلَق بحياتك المهنية أو الهوايات التي تمارسها، فكل ذلك سيساعدك على فهم العالم بطريقة أفضل.

تحدَّث إلى أشخاص من خلفيات ثقافية واجتماعية مختلفة، واستمع لمختلف وجهات النظر، فذلك يمكِّنك من وضع المسلَّمات موضع الشك والتأكُّد من صحتها؛ إذ إنَّنا كلنا نرتكب الأخطاء، ومن غير الممكن اكتساب معرفة مطلقة، لكن على الأقل يجب أن تحاول.

5. لديَّ فرصة واحدة إمَّا للنجاح أو للفشل:

لطالما اعتقدت أنَّ لديَّ فرصة واحدة في أي مجال لتحقيق النجاح، فرصة واحدة في الحياة المهنية، فرصة واحدة للنجاح في العلاقة، فكرة واحدة لمشروع تجاري إمَّا أن تنجح أو أن تفشل، وهكذا كنت أرى الأمور، فرصة واحدة فقط في كل شيء.

لكن ما تعلَّمتُه في السنوات القليلة الماضية هو أنَّه يمكنك البدء من جديد مراراً وتكراراً، وإذا لم تكن مهنتك أو وظيفتك من مصادر سعادتك فيمكنك تغييرهما، وإذا كنت في علاقة مزعجة فيجب عليك إنهاءها ومتابعة حياتك، وإذا لم تكن تشعر بالراحة في المنزل أو الشقة التي تسكنها فيمكنك الانتقال منها، فبالتأكيد تتطلَّب كل هذه الإجراءات شيئاً من الشجاعة وأحياناً إمكانات مادية، لكنَّها في جميع الأحوال مُمكنة.

عند الفشل قد تشعر أنَّ عالمك بأسره ينهار، ولكن كما يقول رجل الأعمال "جيمس ألتوشر" (James Altucher): "الحياة عبارة عن سلسلة من الإخفاقات تتخلَّلها نجاحات صغيرة"؛ لذلك لا فائدة من القلق بشأن الفشل، بل حاول تقبُّله بوصفه محطة لا بدَّ منها في رحلة الحياة.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لتقبّل الفشل والنهوض لتحقيق النجاح

6. النجاح ضربة حظ:

إحدى الكذبات التي يُخبرونا بها، وللأسف يصدِّقها معظمنا، هي أنَّ الإنجازات التي يحققها الناجحون أمر سهل ويسير بالنسبة إليهم، لكونهم موهوبين أو محظوظين، ومن ثمَّ من الصعب تحقيقه بالنسبة إليك، ولكنَّك عندما تتبنَّى هذه القناعة، فأنت لا تبرر لنفسك الاستسلام فحسب، بل تتغاضى أيضاً عن حقيقة أنَّ هؤلاء الأشخاص كافحوا واجتهدوا كثيراً حتى حققوا ما وصلوا إليه.

قد ننبهر عادةً بالآخرين ونرفع من شأنهم لأنَّهم أكثر مهارة أو موهبة منَّا أو لأنَّهم محظوظون، وبذلك ننسى أن نقوم بواجبنا، والحقيقة هي أنَّ معظم الناس متشابهون من حيث قدرتهم على النجاح، لكن ما يميِّز بعضهم هو أنَّهم يعرفون شغفهم ويمارسونه، فالمشكلة هي أنَّك لا ترى سوى نتائج عملهم الشاق، ولا ترى بداياتهم الصعبة والمحاولات الكثيرة بعد كل إخفاق.

على سبيل المثال، رُفض أول كتاب من سلسلة "هاري بوتر" (Harry Potter) للروائية الأمريكية "جي كي رولينج" (JK Rowling) من قبل 12 ناشراً رئيساً قبل أن يُنشر، وطُرد رجل الأعمال "والت ديزني" (Walt Disney) من وظيفته في صحيفة "كانساس سيتي ستار" (Kansas City Star)، وذلك لأنَّهم رأوا أنَّه "يفتقر إلى الإبداع" و"ليس لديه أفكار جديدة".

جميع الناجحين كانوا هواة، لكنَّهم اتخذوا خطوةً شجاعة، وبذلوا كثيراً من الجهد، وكرَّروا المحاولات حتى أتقنوا مهنتهم، والحقيقة هي أنَّك عندما تتحلَّى بالشجاعة، وتحاول مراراً وتكراراً، فإنََّ فرص نجاحك تتضاعف.

7. المال لا يهم:

نقضي جميعاً جزءاً كبيراً من مرحلة الشباب التي نكون فيها بأوج طاقتنا في العمل والوظائف ومحاولة كسب المال، ومع ذلك نكذب على أنفسنا ونقول: "المال لا يهم"، أو "لا يمكنك شراء السعادة"، أو "المال هو أصل كل الشرور"، لكنَّ هذا لا يغيِّر من حقيقة أنَّ المال يسهِّل حياة الكثيرين من الأشخاص، وستغدو حياة الكثيرين أسهل إذا كسبوا مزيداً من المال، وذلك لأنَّ المال يمكِّننا من فعل الكثير.

إذ نعمل جميعنا لأنَّنا نريد ونحتاج إلى المال، ولا نعارض أي زيادة في الدخل، بل نرحِّب بها ونطلبها، لأنَّنا نعلم أنَّنا كلما امتلكنا مزيداً من المال، ازدادت فرصنا، ولا نعني هنا الإجازات التي تكلِّف الكثير، أو اقتناء أفخر الأشياء، أو شراء أفخم المنازل، بل ما نعنيه هو انعكاس المال الوفير على حياتك اليومية.

فعندما تمتلك ما يكفي من المال لن تضطر إلى العمل في وظيفة لا تحبها، وستكون قادراً على أخذ يوم للاستراحة عندما تشعر أنَّك لست في أحسن حالاتك، ويتعلَّق الأمر أيضاًَ بما يمكن أن تقدِّمه من رفاهية لعائلتك والأشخاص الذين تحبهم، لذلك ليس المال سيئاً أو مصدراً للشر، بل هو مجرد شكل من أشكال القدرة التي تتيح لك رفاهية الاختيار؛ فإذا استخدمته بحكمة يمكن أن تؤدي هذه القدرة إلى حياة أفضل وأكثر سعادة.

8. يمكنني تذكُّر كل شيء لذلك لا أحتاج إلى الكتابة:

عقلك مسؤول عن إنشاء أفكار جديدة وليس حفظها، وكلما حاولت حفظ المزيد من الأشياء باستخدام ذاكرتك فقط، أرهقت عقلك وأهدرت طاقتك؛ لذلك اكتب ما تحتاج إلى تذكِّره، بدلاً من الاعتماد على التذكُّر، لأنَّك بذلك تحقِّق فائدتين، الأولى هي أنَّك تتأكَّد من أنَّك لن تنسى ما كتبته، والثانية توفير الطاقة الثمينة وقوة الإرادة.

9. سأؤجِّل هذا العمل إلى الغد لأنَّه سيصبح أسهل:

هذه أيضاً كذبة، لأنَّك ما لم تفعل ما يجب عليك فعله اليوم فإنَّك لن تفعله غداً، لذلك ابدأ حالاً، وكرِّر ما فعلته في الغد.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح من الخبراء للتخلص من التسويف والمماطلة

في الختام:

احرص على التخلُّص من هذه القناعات الخاطئة، وستبدأ برؤية الحياة بمنظور مختلف؛ إذ ستصبح أكثر مسؤوليةً، وأكثر تركيزاً في أهدافك، وبلا شك أكثر سعادةً.

المصدر




مقالات مرتبطة