قدرة الجسم المذهلة على شفاء نفسه

يُعدُّ الطب الحديث معجزةً بكلِّ المقاييس، فلا يستطيع أحدٌ منَّا تجاهل القفزةِ الهائلة التي حققها في القضاء على الأمراض والأوبئة، إذ قد أنقذ عدداً لا يُحصى من الأرواح، وخفف المعاناة عن آلاف المرضى؛ ولا ينكر أحدٌ أيضاً أهمية الثورة التكنولوجية التي دخلت ميدان الطب، وسهَّلت الكثير من أساليب الفحص والتحليل والاختبار.



ولكنَّ هذه المعجزة الطبية ترافقت بآثارٍ جانبيةٍ سيئةٍ وخطيرةٍ في كثيرٍ من الأحيان، منها: انتشار الإدمان على العقاقير الطبية، ومقاومة الجراثيم والبكتيريا للمضاداتِ الحيوية، بالإضافة إلى إنفاق مزيدٍ من الأموال على أدوية وعقاقير الرعاية الصحية.

يقول الباحث الطبي والفيلسوف الدكتور "جيريمي هويك" (Dr. Jeremy Howick): "إنَّ الطب الحديث قد حقق إنجازاتٍ واضحةً في تغيير حياتنا نحو الأفضل، لكنَّنا فقدنا أيضاً المعايير الأساسية لكيفية تحديد الجرعة المناسبة منه؛ ولقد طوَّرنا علاجاتٍ فعَّالةً للأمراض التي قتلت الآلاف بلا رحمةٍ في الماضي، لكنَّنا نعاني الآن من مشكلةٍ جديدة: إنَّها كثرة استخدام الأدوية؛ فنحن بحاجةٍ ماسةٍ إلى الدواء، لكنَّنا أصبحنا نستهلك الكثير منه، لدرجةٍ أدَّت إلى فقداننا السيطرة، ولم يعد استهلاكنا لها صحيَّاً على الإطلاق".

يقدِّم كتاب هاويك الجديد، "طبيبك الداخلي: مدخل إلى العلم الثابت في الشفاء الذاتي" (Doctor You: Introducing the Hard Science of Self-Healing)، حلاً مقنعاً لاعتمادنا غير الصحي على استخدام الأدوية، ويبيِّن لنا أهمية الاستفادة من قدرة أجسامنا في عملية التعافي.

إنَّ التعامل مع الجسد على أنَّه عضوٌ قابلٌ للشفاء الذاتي ليس بجديد، إذ أنَّ الشفاء الغامض لكثيرٍ من الأمراض كان يحدث دوماً منذ أن وُجِد الطب، لكنَّ أحداً لم يتوقَّف عند تلك الظاهرة التي كانوا عادةً ما يُرجِعونها لأسبابٍ عدةٍ ومختلفةٍ وغير علمية؛ فقد لاحظ قدامى الأطباء في جميع أنحاء العالم أنَّ الوقت والرعاية الكافيين يحفزان قوى الشفاء الذاتي للجسد. وبالطبع، هذا استنتاجٌ بسيطٌ وغير مكلف، فكلُّ ما عليك القيام به هو جمع بعض الملاحظات من الطبيعة، وبعض الأفكار الموروثة، وأدوات علاجٍ بدائية.

ولكنَّ احتمال الوصول لهذه القناعة في يومنا هذا يعدُّ ضعيفاً، وذلك لسببٍ واحدٍ وأساسي: إحساسنا بالأهلية والاستحقاق؛ فوجود الترسانة الطبية التي ترافقت مع الحصول على العلاجات العجائبية التي ظهرت في القرن العشرين، ولَّدت قناعةً راسخةً وثابتةً بأنَّه يجب أن يكون هناك قرص دواءٍ لكلِّ مرض، أو أن يكون هناك علاجٌ قيد التطوير، أو في طور البحث عن تمويلٍ له؛ وقد نتج عن هذا التوقع أعدادٌ هائلةٌ من العلاجات الدوائية، لكنَّها في الوقت نفسه شوَّهت لدينا مفهوم نمط الحياة الصحي.

إقرأ أيضاً: حبة دواء قد تلحق بك أضراراً ليست بالحسبان

في يومنا هذا، هناك حوالي 20٪ من الأمريكيين يتناولون خمسة عقاقير طبيةٍ على الأقل يومياً، وغالباً دون سابق معرفةٍ أو فهمٍ بكيفية تفاعل هذه الأدوية مع بعضها بعضاً؛ ولهذا تمثِّل الأخطاء الطبية السبب الثالث للوفيات في الولايات المتحدة بعد الأمراض القلبية الوعائية والسرطان، كما وتقتل وصفات العقاقير الطبية الخاطئة وحدها أكثر من 100000 أمريكيٍّ سنوياً.

وفي الوقت ذاته، ينظر باحثو العقاقير إلى قدرة الجسم على الشفاء الذاتي على أنَّها مصدر إرباكٍ على المستوى الإحصائي أكثر من كونها نعمة؛ ولكي يتأكَّدوا من فعالية الأدوية وقدرتها الشفائية، يجب أن تُثبِت التجارب تفوقها على العلاج الوهمي (Placebo)، وهو مادةٌ تبدو كدواءٍ لكنَّها لا تحتوي على مواد فعالةٍ لها تأثيرٌ في صحة متعاطيها، ويطلق عليه أيضاً اسم: "الدواء الوهمي".

يُستخدم العلاج الوهمي في الدراسات العلمية الطبية، حيث يُقسَّم المشاركون إلى مجموعتين، الأولى تتعاطى العقار الحقيقي، والثانية تتعاطى العقار الوهمي؛ ولا يعلم المشاركون بذلك، حيث يهدف إعطاء الأدوية الوهمية إلى معرفة ما إذا كانت نتائج العقار الذي ما زال قيد الاختبار حقيقيةً أم أنَّها لا تختلف عن الدواء الوهمي الذي لا يحتوي أيَّ مواد فعَّالة.

إنَّ التأثير الوهمي لا يقتصر على استعمال أقراص الأدوية فحسب، وإنَّما يشمل أيضاً إجراء عملياتٍ جراحيةٍ مزيفة، وقد قامت دراسةٌ حديثةٌ في جامعة أكسفورد (Oxford University) بتفحُّص أكثر من 50 تجربةٍ للعلاج الوهمي على أنواعٍ مختلفةٍ من تقنياتٍ جراحية، ووجدت أنَّ الجراحة الوهمية كانت فعَّالةً تماماً مثل الجراحة الحقيقية، وذلك في أكثر من نصف التجارب.

قد نميل إلى الاعتقاد بأنَّ تأثيرالعلاج الوهمي هو نوعٌ من التضليل والخداع الذي يمكن أن يسبب تحيزاً في نتائج الاختبارات، ولهذا السبب جرى اللجوء إلى استخدام التجارب المزدوجة التعمية، وهي التجارب التي يكون فيها الفاحص والخاضع للفحص كلاهما مُعمَّى (معصوب العينين)، وليس باستطاعتهم تحديد من يأخذ الدواء الوهمي ومن يحصل على الدواء الأصلي.

إنَّ تأثير الدواء الوهمي ليس سحرياً، بل هو نتيجةٌ لتفاعل العوامل النفسية والبيولوجية التي تعمل داخل الجسم. ففي دراسةٍ أُجرِيَت عام 2016 في كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School)، اكتشف الباحثون أنَّه حتَّى عندما جرى إخبار المرضى أنَّهم يتناولون حبوباً وهمية، فإنَّ مجرَّد وصفها من قبل طبيبٍ حقيقيٍّ أدَّى إلى تحسنٍ كبيرٍ في آلام الظهر التي عانوا منها.

وتشير دراسةٌ جديدةٌ إلى أنَّ الدواء الوهمي المعطَى مع معرفة المتلقي الكاملة بأنَّه دواءٌ وهمي، قد يكون له تأثير سريريٌ كبيرٌ قابلٌ للقياس، وقد جرى استخدامه في علاج عدة أمراض، منها الإصابة بالقولون العصبي، والاكتئاب، والتهاب الأنف التحسسي، واضطرابات فرط الحركة؛ وكان له تأثيراتٌ إيجابيةٌ ملحوظةٌ في تحقيق حالات شفاء.

إنَّ تأثير الدواء الوهمي ليس مجرد خدعةٍ للعقل، بل إنَّه يعمل على الاستفادة ممَّا يسميه الدكتور جيريمي هويك "الصيدلة الداخلية" الخاصة بنا، والتي تتضمَّن المواد الكيميائية ذات التأثير الشبيه بالعقاقير التي تُنتَج بشكلٍ طبيعيٍ داخل أجسامنا.

إنَّ إدراكنا ومعرفتنا أهمية الصيدلة الداخلية الموجودة لدينا قد يجعلها أكثر فعالية، حيث بيَّنت إحدى الدراسات التي عاينت المرضى قبل الجراحة مدى تأثير هذه القناعة على استخدام مسكنات الألم، فقد أخبر الباحثون نصف المرضى عن مادة الإندورفين -مادةٌ كيميائيةٌ مسكنةٌ للألم موجودةٌ بشكلٍ طبيعي في أجسامنا- بينما لم تتلقَّ المجموعة الأخرى من المرضى هذه المعلومات؛ وبعد الانتهاء من إجراء العمليات، قام كلُّ فردٍ في المجموعة التي لم يجرِ إخبارها بطلب وصفاتٍ لمسكنات الألم، في حين أنَّ 10٪ فقط من المجموعة التي حصلت على المعلومة قد طلبت مسكنات ألم.

لذا، إذا كان بالإمكان تحفيز الصيدلية الداخلية ببساطةٍ عن طريق الإيحاء، فلماذا لا يبذل مزيدٌ من الجهد لتعزيز آلية الشفاء الذاتي هذه؟ يعتقد الدكتور هويك أنَّها قضيةٌ ربحيةٌ في المقام الأول، حيث تعتمد الصناعة الطبية على أهمية تسويق الأدوية، أكثر من اعتمادها على احتمالية تحقيق الشفاء والتحسُّن للمرضى.

يقول الدكتور هاويك: "إذا كنت تعمل في جلاكسو سميث كلاين، فأنت تستطيع التمتع بتواجد كافيتريا تقدم طعاماً صحياً، وهو أكثر فائدةً ممَّا قد تحصل عليه من رعايةٍ صحيةٍ في أيِّ مشفى. إنَّهم أيضاً يدرِّبون العاملين لديهم على التأمُّل وممارسة اليوغا، ولديهم برامج لمساعدة عمَّالهم على تجنُّب استخدام العقاقير الدوائية؛ في حين أنَّ عملهم القائم على صناعة الأدوية يوحي لنا بتناول مزيدٍ منها."

إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

لكن ولحسن الحظ، نحن لسنا بحاجةٍ إلى المعجزات الطبية إذا ركَّزنا على قوة الشفاء الذاتي، وعلى قدرة أجسامنا في التعافي والتجدد؛ إذ يُعدُّ النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة بانتظامٍ من الاستراتيجيات الهامَّة والأساسية في تحسين صحتنا، بالإضافة إلى وجود العديد من الأشياء الأخرى التي يمكننا القيام بها، والتي تؤثِّر تأثيراً مباشراً في سلامتنا النفسية والبدنية؛ منها: إبقاء أصدقائنا بقربنا، وممارسة الامتنان، والنظرة الإيجابية المتفائلة في الحياة؛ والتي من الممكن أن يكون القليل منَّا على معرفةٍ بمدى أهميَّتها، فقد سلَّط العلم الحديث بشكلٍ كبيرٍ الضوء على هذه السلوكات، وعلى فوائدها العلاجية السحرية.

يقول الدكتور هاويك: "لقد أجريت المراقبة والقياس حول الأمور المتعارف عليها بين الناس بناءً على التقاليد، وبالطريقة نفسها التي نقيس بها تأثيرات العقاقير الطبية. إنَّ سلوكات وأخلاق الطبيب في أثناء التعامل مع المرضى يمكن أن يكون لها تأثيرٌ قابلٌ للقياس على صحتنا؛ حيث أنَّ الطبيب الذي يُشعِر المريض بالتعاطف يمكن أن يمنحه ويقدِّم إليه الفوائد نفسها التي تؤديها الأدوية المتاحة دون وصفاتٍ طبية، والمسؤولة عن تخفيف الألم والاكتئاب والقلق".

عندما يشار إليها باسم "رعاية المرضى"، فإنَّ التعاطف يجب أن يكون السلوك الذي يميز أسلوب التعامل، وهو من أكثر الأمور القريبة من قلب الدكتور هويك وتثير اهتمامه، وهو حالياً يشغل منصب مدير برنامج التعاطف في جامعة أكسفورد، والذي يبحث في كيفية ومدى تأثير التعاطف في الشفاء، وقد نشر فريقه مؤخراً مراجعةً منهجيةً للتجارب العشوائية توضِّح مدى قوتها في التعافي.

ولقد وجدت إحدى الدراسات أنَّ الأطباء الذين تلقوا تدريباتٍ عن التعاطف انخفضت آلام مرضاهم بمعدل نقطةٍ واحدةٍ على مقياسٍ مكونٍ من 10 نقاط. قد لا يبدو التأثير كبيراً، ولكن يكفي أن ينخفض شعورك بالألم الشديد إلى أن يصبح متوسطاً أو خفيفاً، فبالنسبة إلى بعض المرضى، يمكن أن يُحدِث هذا التحول الصغير فارقاً كبيراً.

يقول الدكتور هويك: "في سياق أزمة المواد الأفيونية، يبدأ الأشخاص عادةً بتناول جرعاتٍ قليلةٍ منها، ومن ثمَّ يقودهم هذا الطريق إلى مزيدٍ من هذه الأدوية المخدرة القوية، وبالنسبة إلى الكثيرين ينتهي هذا بالإدمان والموت. في حين أنَّ التواصل والتعاطف، يمكن أن يكون ناجعاً ومفيداً في مثل تلك الحالات".

من أسباب فعالية التعاطف، مساعدته في تخفيف الشعور بالوحدة الذي يعاني منه الكثير منا، وقد توصَّلت بعض الأبحاث إلى أنَّ الشعور بالعزلة والوحدة ضارٌ بالصحة وله تأثيراتٌ سلبيةٌ سيئةٌ تعادل أثر التدخين، حيث أنَّ وجود شخصٍ آخر نستطيع مشاركة مخاوفنا واهتماماتنا معه يمنحنا الشعور بالدعم والتعاطف الذي نحتاجه بشدة، ويقلِّل من إجهادنا.

إقرأ أيضاً: كيف أنجح في التعامل مع غضب المريض - الجزء (1)

كيف نجد الجرعة المناسبة؟

إذاً كيف نستطيع أن نحدَّد متى نأخذ الدواء، ومتى نترك الطبيعة تأخذ مجراها؟

أولاً: يجب أن نضع في اعتبارنا حدَّة وأهمية المشكلة التي نعاني منها، فمثلاً: قد يكون العلاج الوهمي ناجعاً في حالاتٍ مثل الصداع الخفيف، أكثر من الأدوية الحقيقية. ولكن، بالطبع توجد مشاكل صحية كبيرة تتطلَّب مزيداً من التدخل. يقول الدكتور هويك: "إذا تعرَّضت إلى حادث سيارة، عليك أن تتوجَّه في الحال إلى المستشفى، ولكنَّ معظم الأمور التي تدفعنا إلى زيارة طبيب العائلة عادةً هي أعراضٌ بسيطة لا تحتاج إلى تدخّلٍ دوائي؛ لذلك عندما تحتاج إلى رعايةٍ طبية، اختر العلاج الأكثر تحفظاً، والأقلّ تكلفة، والأقلّ خطورةً في الدرجة الأولى".

قد تكون هناك أهميةٌ منقذةٌ للحياة لاستخدام بعض الأدوية والتدخلات الجراحية، ولكن يجب أن نعيَ أنَّ لها أيضاً آثاراً جانبيةً أسوأ من المرض الذين وُجِدت لعلاجه. عند مواجهة أيِّ مشكلةٍ صحيةٍ خطيرة، عليك أن تأخذ بالحسبان الدليل الواضح وراء العلاج المقترح، فعلى سبيل المثال: غالباً ما تكون العلاجات السرطانية القوية كاستخدام العلاج الكيماوي الخيار الأول عند المرضى الميؤوس منهم؛ لكنَّهم نادراً ما يدركون أنَّ هذه الإجراءات القاسية لم يجرِ الموافقة عليها بناءً على التجارب.

يقول الدكتور هويك: "لقد استندت معظم هذه التجارب على عمليات الاستئصال كنتائج لتقليص الورم، وهو يُعدُّ إجراءً هامَّاً من وجهة النظر الفيزيولوجية المرضية، لكنَّه قد يعود مرَّةً أخرى وبقوّةٍ أكبر". يمكن للطب الحديث أن ينقذنا من الظروف الصحيّة القاسية، ولكن من أجل الحفاظ على الصحة العامة، ابحث عن الأساليب والطرائق التي تدعم عمل نظام الشفاء الذاتي لجسمك.

اطلع مؤخراً الطبيب "إد باجيت" (Ed Paget) - وهو اختصاصي تقويم العظام ومدرب تأهيلٍ للحركة، من ألبرتا -كندا- على حالةِ مريضَةٍ تعاني من الصداع النصفي لأكثر من ستة أشهر. يقول الدكتور باجيت: "كان الأمر سيئاً للغاية، حيث أنَّها لم تستطع القيادة، وقد اضطرت إلى ترك المدرسة، وهي بحاجةٍ إلى أن تذهب إلى المستشفى فقط من أجل تخفيف حدة الألم. لقد تطلَّب الوصول إلى مسبِّبات هذا الألم بعض التخدير، حيث فحصنا جميع أجزاء جسدها التي يمكن أن تؤثِّر أو تساهم في الصداع النصفي، والشيء الوحيد الذي وجدناه كان سقوطها منذ فترةٍ قريبةٍ على منطقة عظم العجز، وذلك قبل أن تشعر بالصداع. لقد اختفى الصداع النصفي بإجراء بعض الحركات الخفيفة لإعادة عظم العجز إلى مكانه.

إنَّ الجسد في حالةٍ مستمرة من التعافي، وحتَّى لو كنت تعاني من مرضٍ عضالٍ كالسرطان، فإنَّ أيَّ جرحٍ يحدث سوف يتوقف نزيفه وينغلق في النهاية، إذ يستطيع الجسم أن يعالجه ويشفيه رغم وجود السرطان في مكان آخر منه. في معظم الأحيان، يجب أن نبحث وراء الأسباب التي تعيق تعافي جسدنا، ونزيلها؛ وبعدها نترك للطبيعة الدور الباقي".

وأخيراً: يجب أن تدرك أنَّ لجسدك قدرةً مذهلةً في العلاج الذاتي، وبأنَّ طبيبك الداخلي يعتني بك ويمدك بالقوة، فيخلصك من نزلات البرد المزعجة، ويشفي معظم الجروح والكسور. إنَّك جزءٌ من هذه الطبيعة التي تذخر بصور وآليات التجدد والشفاء والتعافي، ونحن كجزءٍ من الطبيعة تُبدي أجسامنا ميزاتٍ مشابهة، إذ تصنع أجسادنا في كلِّ 15 دقيقةً مليار ونصف خليةٍ جديدة، ونمتلك عظاماً قوية، ويسبح في أوعيتنا الدموية ملايين الخلايا التي تسعى باستمرارٍ إلى محاربة الميكروبات والجراثيم الضارة وتدمِّرها.

قد يقول بعض الأشخاص: "حسناً، إذا كان الجسم بهذه الكفاءة العالية، فكيف نمرض؟"، في حين يجب أن يكون السؤال بطريقةٍ أخرى، وهي: "كيف نستطيع الحفاظ على حياتنا مع هذا الكمِّ الهائل من الجراثيم والطفيليات التي تدخل إلى أجسادنا طوال الوقت؟".

يقول الدكتور هويك: "حقيقة أنَّ معظم الناس يتمتعون بصحةٍ جيدةٍ طوال حياتهم أمرٌ خارقٌ ويثير الدهشة، وهو أكبر دليلٍ على القدرة المذهلة لجسم الإنسان في التعافي والشفاء".

 

المصدر




مقالات مرتبطة