في موجة الاستقالات الكبرى: أيُّهما أهم تقدير الموظفين أم إثارة تفاعلهم

أُطلق على الاستقالات التي شهدتها الشركات مؤخراً اسم "موجة الاستقالات الكبرى"، ويرجع سبب تسمية هذه الظاهرة إلى نتائج استطلاع عالمي أجرته شركة "مايكروسوفت" (Microsoft) توصَّل إلى أنَّ 41% من الموظفين يخططون لتبديل وظائفهم بعد جائحة كورونا، و46% يخططون لنقلات نوعية في مهنهم.



غنيٌّ عن القول، أنَّ هذه الأرقام أثارت قلق العديد من موظفي الموارد البشرية، وخصوصاً عندما تعلَّق الأمر بالموظفين عن بُعد أو بنظام العمل الهجين، وهو ما يتيح لهم العمل لدى أي شركة في أي مكان.

الأمر الذي يطرح السؤال الآتي: كيف تكسب الشركات ولاء الموظفين؟

في الآونة الأخيرة، تعاونت شركة طباعة الشعارات "بروموليف" (Promoleaf) مع المؤسسة البحثية "كينسسوايد" (Censuswide) لجمع إجابات أكثر من 1000 عامل عن بُعد في الولايات المتحدة؛ وذلك لمعرفة توقعاتهم عن محفزات الشركات لكسب ولاء العامل. وإليك النتائج:

عواقب إحساس الموظف بعدم التقدير:

يبدأ كل شيء بالتقدير. لهذا فلكل فعل في مكان العمل رد فعل لدى الموظفين خاصةً إذا شعروا بعدم التقدير. في الاستطلاع الذي قامت به الشركتان لموظفي "الولايات المتحدة" فقد أقرَّ 36% من الموظفين بعدم التقدير، ومن ثم انخفاض القدرات والصحة النفسية.

تجاوز الأمر مجرد الشعور بالرفاهية والراحة النفسية، وهذا دفع 33% من العمال غير المقدَّرين للبحث عن عمل في أماكن أخرى. كما أضاف 29% من العمال غير المقدَّرين بملاحظة انخفاض إنتاجيتهم. تذكَّر أنَّ هذه النتائج شملت فقط أولئك الذين أدركوا أنَّ ثمَّة مشكلةً في إنتاجيتهم.

وأيَّدت "الجمعية الأميركية للطب النفسي" (American Psychiatric Association) ذلك بدراساتها التي بيَّنت إدراك بعض العمال الذين يعانون من الاكتئاب لانخفاض إنتاجيتهم بنسبة 35%، وقد لا يدرك بعضهم ذلك.

وفي الوقت نفسه، فقد قيَّم 68% من المشاركين في استطلاع الشركتين حصولهم على الرفاهية في مكان العمل بتقدير جيد إلى جيد جداً. كما وصلت النسبة إلى 85% من قِبل الموظفين المنسجمين جداً في أماكن عملهم الحالية.

تشير جميع الأرقام إلى أنَّك إن استطعت الحفاظ على تفاعل الموظفين مع العمل، فأنت بمأمن من مغادرتهم العمل إلى أماكن أخرى، أليس كذلك؟

قد تفاجئك الإجابة.

إقرأ أيضاً: تقدير الموظف: أفضل الطرق لإظهار التقدير للموظفين

إثارة التفاعل أم التقدير في العمل:

أظهر الاستطلاع أنَّ الموظفين يميِّزون بوضوح بين التفاعل والتقدير؛ فعلى سبيل المثال، شعر 79% من الأشخاص الذين استُطلعَت آراؤهم أنَّهم تفاعلوا بشكلٍ من الأشكال مع رب العمل. وحينما سُئلوا إذا ما كان يجب على أرباب العمل بذل مزيد من الجهد لإظهار التقدير للموظفين الذين يعملون عن بُعد، أجاب 56% منهم: "بالتأكيد"، وقال 26% منهم: "نعم، على الأرجح".

وعلاوةً على ذلك، عندما سُئلوا عن شعورهم بعدم التقدير خلال جائحة كورونا، فقد نفى 41% شعورهم بذلك. بينما وافق 59% على شعورهم بعدم التقدير لمرة واحدة على الأقل؛ فما الذي جعلهم يشعرون بهذا؟

تباينت النسب حسب الإجابات، عندما سُمح لهم باختيار أكثر من إجابة واحدة، بدت النتائج على هذا النحو:

  • نقص الدعم: 46%.
  • العمل الزائد: 45%.
  • عدم الاعتراف بجهودهم: 44%.
  • قلة التواصل: 30%.
  • ممارسة الإدارة التفصيلية: 30%.

شاهد بالفيديو: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين.

انعدام الحواجز بين المنزل والعمل:

كما تظهر مشكلتان إضافيتان يغفلها أرباب الأعمال عند تقييم عمل الموظفين، وقد لخصها أحد الردود: "تنعدم الحواجز بين العمل والمنزل عند العمل عن بُعد".

لقد أوضحت شركة "مايكروسوفت" (Microsoft) في استطلاعها العالمي أنَّ واحداً من كل خمسة موظفين يقول: "إنَّ رب العمل لا يهتم بتوازن العمل مع الحياة الشخصية"؛ كما شعر العدد نفسه من الأشخاص الذين استُطلعَت آراؤهم أنَّ التواصل مع الإدارة نادرٌ جدَّاً، أو أنَّ الإدارة تُمارس معهم أسلوب الإدارة التفصيلية.

لن يصمد الموظفون كثيراً أمام عدم الاحترام. فعندما سُئل الأشخاص الذين استُطلعَت آراؤهم عن المدة التي يمكن أن يستمر بها الموظف في العمل مع عدم التقدير لعمله قبل أن يبحث عن عمل في مكان آخر، أجاب 44%: "لمدة ستة أشهر أو أقل"، وأجمع الأغلبية على إجابة: "8 أشهر أو أكثر بقليل".

بعبارةٍ أخرى، يؤدي التقدير دوراً أكبر من التفاعل حينما يتعلق الأمر بالاحتفاظ بالموظفين. قد يتفاعل الناس مع العمل، لكن تأكَّد أنَّهم سيتوجهون للبحث عن فرصة عمل أخرى إن لم يحصلوا على التقدير مقابل عملهم.

إقرأ أيضاً: 17 أمراً تحتاج إلى معرفتها إذا أردت أن تعمل عن بعد

أشكال التقدير في العمل:

تنقسم الإجابة إلى جزأين. أولاً، يحتاج الموظفون إلى الشعور أنَّ لديهم ما يحتاجون إليه للقيام بعملهم. ثانياً، تُحدِث الامتيازات الصغيرة فرقاً في إحساسهم بالتقدير.

يكشف استطلاع شركة "مايكروسوفت" أيضاً أنَّ 42% ليس لديهم جميع أدوات العمل من المنزل، و10% يفتقرون إلى خدمة الإنترنت الكافية للقيام بعملهم، ويؤكد 46% عدم مشاركة أرباب العمل في نفقات العمل عن بُعد. كل ذلك لا يقل أهمية عن توفير الشاشات المزدوجة وكرسي أكثر راحة التي ستعزز الإنتاجية. كما كشف استطلاعنا عن الأشياء التالية التي تتصدر قوائم رغبات الأشخاص الذين استُطلعَت آراؤهم:

  • دفع قيمة خدمة الإنترنت.
  • الحاسوب المحمول.
  • دفع قيمة خدمة الهاتف المحمول.
  • كرسي مريح.
  • طابعة.

أفاد أحد العاملين عن بُعد، الذي فضَّل عدم الكشف عن هويته: "انتظرتُ ثلاثة أسابيع حتى وصول جهاز الحاسوب المحمول التابع للشركة، وثلاثة أيام أخرى لتنصيبه. لقد دفعوا لي طوال الوقت، لكن مع ذلك كان الأمر محبطاً جداً".

وإلى جانب الأدوات اللازمة للقيام بعملهم، يرغب الموظفون أيضاً في الشعور بالتقدير بطرائق أخرى. لا يتعلق الأمر بتوفير احتياجات العمل كأي عامل في المكتب، ولكن التفكير فيما هو أبعد من ذلك.

ومن الأمثلة عن ذلك وجبات الغداء في الشركات، والتي تكون في بعض الأحيان عنصراً أساسياً للعمال في المكتب، ولكنَّها نفقات زائدة يجري تجاهلها في كثيرٍ من الأحيان عندما يتعلق الأمر بالعمل عن بُعد. في الواقع، تصدَّرت قسائم الغداء قائمة الأشياء التي يشعر العمال بضرورة توفيرها لإظهار التقدير.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

إضافةً إلى الأشياء الآتية:

  • قسائم هدايا للغداء: 50%.
  • الهدايا الصغيرة، مثل الملابس والأدوات المنزلية: 41%.
  • التعلم والتطوير عبر الإنترنت: 26%.
  • أوقات مرح جماعية عن بُعد: 21%.
  • اجتماعات للتعارف الشخصي. من اللافت للانتباه أنَّ الأمر لم يقتصر على اجتماعات تقييم الأداء: 20%.

يريد العمال عن بُعد أن يشعروا باهتمام أرباب عملهم مثل نظرائهم في المكتب.

طرائق عملية لإظهار التقدير:

نود الوصول إلى أهداف سهلة بعد كل ما ورد من إحصاءات وإجابات مختلفة. بدايةً، سيرغب بعض الموظفين في المغادرة مهما فعلت لهم، وما يبقيهم ويدفعهم لتأجيل الاستقالة هو عدم إيجاد الفرصة المناسبة. كما ستفيد عمليات الدوران الوظيفي تلك شركتك على أي حال.

ومع ذلك، فنسبة كبيرة من الموظفين ترغب في الاستمرار إلا أنَّهم يعانون الاحتراق الوظيفي ويشعرون بأنَّ جهودهم لا تحظى بالتقدير، يمكنك اتباع هذه النصائح لمساعدتهم على الشعور بالتقدير:

  • امنح الموظفين استراحة إذا احتاجوا إليها؛ إذ تساعد الإجازة على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وإيجاد متنفَّس لتفريغ الإرهاق.
  • اسألهم ما الذي يحتاجون إليه؛ إن لم ترغب في رؤيتهم يائسين يبحثون عن مكان آخر يوفر لهم الموارد الأساسية.
  • اسألهم ماذا يريدون. استطلِع لمعرفة احتياجات موظفيك، واكتشاف شعورهم العام حيال العمل.
  • قدِّم لهم الطعام. أحد أهم طلبات الموظفين عبر الاستطلاع هو الة الرغبة في وجبات الطعام التي يقدِّمها رب العمل. إذا كنت توفر الطعام للناس في موقع العمل، فافعل الشيء ذاته مع العمال عن بُعد.
  • قدِّم المساعدة في مجال الصحة النفسية.

في الختام:

ضع نفسك في مكان موظفيك الذين يعملون عن بُعد، حتى لو لم تكن كذلك: ماذا ستحتاج؟ وما الذي سيشعرك بالتقدير؟ وضَعْ خطة عمل، وتابع تنفيذها.

علينا ألا نهوِّل من أمر استقالة الموظفين، فقد تكون فرصة لمعرفة الأخطاء وتلافيها في المرات القادمة على الأمد الطويل، ستتحسن شركتك على الأمد البعيد وستكون مهمتك في إدارة العمل وإرضاء الموظفين أقل إرهاقاً.

المصدر




مقالات مرتبطة