عواقب إدمان العمل وبعض الحلول له

هل تعيش لكي تعمل أم تعمل لكي تعيش؟ سؤال بسيط، ولكنَّه وجيه؛ فالعمل لتعيش يساعدك على تأمين قوت يومك وتحقيق الرضى، أمَّا العيش لتعمل يجعلك تضحي في مجالاتٍ أُخرى من حياتك: الزواج، أو الوقت العائلي، أو الخروج مع الأصدقاء، أو الهوايات، أو التجديد، أو التمرينات الرياضية، أو جوانب أخرى من جوانب الحياة الصحية.



بالنسبة إلى معظمنا، فإنَّ كلمة إدمان العمل أصبحت وسام شرف، في حين يضع هذا المنهج الخاطئ العمل على رأس أولوياتنا، ولكنَّنا بعد ذلك نتساءل لماذا فشلنا في علاقاتنا؟ ولماذا نشعر أنَّنا غرباء عن أطفالنا؟ والجواب: لأنَّنا لا نكون أبداً في المنزل، ونجد أنفسنا مرهقين بحيث لا نَقدر على الاستمتاع بالنشاطات التي كانت تمنحنا السعادة.

بما أنَّ مجتمعنا يُقدِّر قيمة العمل تقديراً كبيراً، ويُقيِّم الأفراد لأخلاقهم المهنية العالية، فإنَّ الاعتراف بإدمان العمل بصفته مشكلة خطيرة أصبح يُشكِّل تحدِّياً صعباً.

التبعات الصحية:

أظهرت الدراسات أنَّ الأشخاص المدمنين على العمل هم أكثر توتراً، واكتئاباً، وقلقاً، وحَنَقاً، ولديهم خوف عارم من الفشل، ويتَّصفون بالمثالية عموماً، وبشعور طاغٍ من الدونية، ويتوقَّعون من أنفسهم أن يُقدِّموا أكثر ممَّا يقدرون عليه في الواقع، ويميلون أيضاً إلى الهوس بالحديث عن عملهم، ويعملون حتى وهم مرضى، ويرفضون أخذ إجازة، ويفتقرون إلى أدنى قدر من الحدِّ الفاصل بين الحياة الشخصية والعمل.

يرتبط إدمان العمل طرداً مع الاعتلال في الصحة "الاضطراب النفسي، والمشكلات الجسدية" وعكساً مع الرضى الحياتي "الرضى العائلي، والمهني" والأداء المهني، وتؤدي الحاجة القهرية للعمل إلى النوم غير الكافي والخمول في أوقات العمل.

بعض الحلول:

1. التفويض والتمكين:

إنَّ محاولة فعل كل شيء بنفسك، ورؤية الآخرين على أنَّهم غير جديرين بالمهمَّة، سيجعلك مدمن عمل، فلن يخاف الناس المتمكِّنون من التفكير بشكل إبداعي وخلَّاق تقديم أفكار جديدة حين يعلمون أنَّ الإدارة تدعمهم وترغب في مساهمتهم.

يجاهد الموظفون الذين يشعرون أنَّ مؤسَّستهم تُقدِّر أفكارهم ليصنعوا طرائق جديدة لينهضوا بها، فكلَّما ازداد تمكين الموظفين، حصدت الشركة نتائج أفضل، وكما يقول الجنرال "جورج إس باتون" (George S. Patton): "لا تُملِ على الناس كيف يعملون؛ بل ماذا يعملون، واتركهم يفاجئونك بنتائجهم".

شاهد: 7 علامات للاحتراق المهني

2. الرعاية الذاتية:

هل تهمل استراحة الغداء أم تأكل في مكتبك؟ إن كنت تأكل غداءك في مكتبك، فهذا يعني أنَّك لا تأخذ الوقت الذي تحتاجه لتجديد طاقة جسمك، وسيفاجئك أن تعلم أنَّ إنتاجيتك ستزداد إن تناولت غداءً صحياً خارج جدران مكتبك، وأتبعتها بـ 10 دقائق من المشي المنشِّط.

لم توجد الإجازات المرَضية والعطلات سُدى؛ فإن كنت مريضاً، فلا يُفترَض بك الذهاب للعمل، وإن خرقت هذه القاعدة، فستصبح أكثر إرهاقاً، وتخاطر بأنانيةٍ بنقل العدوى لزملائك في العمل، ولا أحد سيُقدِّر شجاعتك الخرقاء إن فعلت ذلك، فالعطلات مستحقة أيضاً؛ لذا استفد منها.

الموظفون الذين يأخذون أيام إجازاتهم لديهم معدلات أقل من المشكلات القلبية، وإنَّ أخذ العطلات قدر الحاجة ليس جيداً لك وحسب؛ بل لعملك أيضاً؛ لذا لا تشعر بالذنب أو التقصير إن خرجت في عطلة.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح هامة للتخفيف والحد من ضغوطات العمل

3. الابتعاد عن الأجهزة الرقمية:

نحتاج إلى إغلاق البريد الإلكتروني، والهواتف النقَّالة، والرسائل النصية، والحواسيب، وغير ذلك.

4. إدارة مصادر التشتيت:

لا تخشَ من إغلاق الباب، أو من تحويل مكالماتك إلى البريد الصوتي عندما تكون مشغولاً، فلا يمكنك التركيز عندما يمرُّ أشخاص بمكتبك باستمرار، أو يحاولون الاتصال بك، وربما تستاء بعض الإدارات من الأبواب المغلقة؛ لذا تحدَّث إلى رئيسك في العمل لإيجاد حلٍّ وسطٍ؛ إذ إنَّ الأبواب المغلقة طوال اليوم توحي بأفكار خاطئة، ولكنَّ الأوقات العصيبة تتطلَّب تدابير للحماية الذاتية.

إقرأ أيضاً: كيف تعرف أنَّك مدمن على العمل؟

5. رفض المزيد من العمل بلطف:

يمكن أن تجد صعوبة في قول "لا" للزملاء ورؤساء العمل، لكن إن أردت الصمود، فيجب أن تعتمد على تلك الكلمة، فلا تتحمَّل مسؤولية أكثر ممَّا تُطيق حمله.

إنَّ الالتزام بإنشاء توازن بين الحياة الشخصية والمهنية يجعل القادة أكثر إنتاجاً وأكثر استعداداً للتعامل مع المهمَّات اليومية، وفي ذات الوقت، لتخصيص وقت للاستمتاع بالحياة.

المصدر




مقالات مرتبطة