علم نفس الطفل وفوائده في تربية طفلك

يعتمد تماسك المجتمع وقوَّته على كيفية قيام الأسرة بتربية الطفل والطرائق التي تتبعها في ذلك، ولعل الكثير من الأمهات تواجه الكثير من المصاعب والمشكلات خلال تربية أبنائها لا سيما في المراحل الأولى من عمره، ومن أول الأشياء التي يجب عليك الاطلاع عليها بصفتك أباً أو أماً هو "علم نفس الطفل" لمعرفة طرائق التعامل مع الطفل في حالاته المختلفة.



أولاً: ما هو علم نفس الطفل؟

علم نفس الطفل هو أحد فروع علم النفس العام، ويقوم بدراسة موضوعاته المختلفة على مرحلة الطفولة، فهو يتناول بالدراسة الجوانب العقلية والانفعالية والجسمية والمعرفية وكذلك الاجتماعية للطفل؛ وذلك بهدف تحليل سلوك الطفل وأسبابه، ومحاولة فهم التغيرات التي تطرأ عليه وضبطها وتوجيهها بالشكل الصحيح.

فعلم نفس الطفل هو دراسة النمو لدى الكائن البشري منذ مرحلة الولادة حتى بلوغه سن المراهقة في شتى موضوعات النمو؛ إذ يلتزم الباحثون بالطريقة العلمية في الفهم والتحليل والتفسير، وتقوم هذه الطريقة على الملاحظة المنظمة للسلوك وليس الملاحظة السطحية العابرة؛ فينتج عنها مجموعة من المعلومات والمعطيات الحقيقية والموضوعية التي يتم تسجيلها وتفسيرها والحكم عليها للوصول إلى نتائج عامة؛ إذ تساعد هذه النتائج على فهم سلوك الأطفال والأساليب التي يقومون باختيارها لمواجهة العوائق التي تعترضهم والتفاعل مع الآخرين في المحيط الاجتماعي.

ثانياً: الموضوعات التي يتناولها علم نفس الطفل بالدراسة

1. النمو الجسدي:

مثل موضوعات الطول، والوزن، والأسنان، وأعضاء الجسم المختلفة.

2. النمو المعرفي:

هو التغيرات التي تحدث للطفل في العمليات العقلية مثل الانتباه، والإدراك، والتفكير، والتعلم، والتذكر وسواها.

3. النمو الاجتماعي:

تشمل الدراسات علاقات الطفل مع أبويه، ومن ثم انتقاله إلى مجتمع أكبر في المدرسة وجماعة الزملاء الجدد وعلاقاته مع المجتمع الكبير وكيفية تحقيقه للاندماج معه، وأفضل الطرائق المتبعة في التنشئة الاجتماعية.

4. النمو الانفعالي:

يعبِّر عن حالة الطفل النفسية وطريقة تصرفه في كل موقف يمر به، فعادة يعبِّر الطفل عن انفعالاته بطرائق شتى منها البكاء، والضحك، والحزن، والعزلة، والعدوان، والغضب، والخوف، والغيرة، وغيرها.

إقرأ أيضاً: كيف تؤمن الرعاية النفسية للناشئين؟

ثالثاً: أهداف علم نفس الطفل

1. ملاحظة ووصف التغيرات السلوكية:

وهذا هو الهدف الأول والأساسي في علم نفس الطفل؛ إذ يلاحظ الباحث متى تبدأ العمليات النفسية، وكيف يتصرف الطفل خلالها، وما هي الخطوات التي تدفع به نحو انتهاج سلوك أفضل وأيها تدفعه للتدهور، ومثال ذلك سلوك تعلُّق الطفل بأمه؛ إذ يبين علم نفس الطفل متى يبدأ هذا السلوك، ومراحل تطوره، وكيف تكون علاقة الطفل مع الآخرين وتفاعله معهم، وتأثير سلوك التعلق في ذلك.

2. تفسير التغيرات السلوكية:

أي تقديم التعليل وراء كل سلوك والبحث في سبب حدوثه.

3. التدخل في التغيرات السلوكية:

بعد وصف الظاهرة وتفسيرها وتحديد العوامل المؤثرة فيها هو التدخل سعياً إلى ضبطها والتحكم بها.

شاهد بالفيديو: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية

رابعاً: أهمية دراسة علم نفس الطفل

  • تحديد معايير عامة للنمو خلال كل مرحلة عمرية من مراحل نمو الطفل، ووصف الأطفال ومقارنتهم بتلك المعايير؛ فمثلاً، يبدأ الطفل نطق كلماته الأولى بين عمر 6-12 شهراً، ويبدأ بفهم معنى الكلمات بين سن 12-17 شهراً، ويبدأ في عمر 2–3 سنوات بتكوين بعضت الجمل البسيطة ووصف مواقف بسيطة، ويستخدم بعض الضمائر، وكذلك يمكنه الإجابة عن بعض الأسئلة البسيطة، فمعرفة الوالدين لذلك تتيح لهم المقارنة بين النمو اللغوي للطفل وبين تلك المعايير العامة.

وكمثال آخر بالنسبة إلى وزن الطفل الوليد، فالمتوسط العام لوزن الطفل عند الولادة هو 3.5 كيلوغراماً، ومعرفة ذلك تسمح بالتعرف إلى سلامة الطفل وصحته؛ إذاً فإنَّ أهم فوائد علم نفس الطفل هو تمكُّن الوالدين بمقارنة نمو طفلهم وسلوكاته بالمعايير العامة، وملاحظة المشكلات في وقت مبكر، ومن ثمَّ إمكانية حلها وتجاوزها.

  • فهم طبيعة الأطفال وعلاقتهم مع الأهل ومع المحيط الاجتماعي، ومدى تأثرهم وتأثيرهم فيه.
  • مراقبة سلوك الأطفال وتقييمه وتوجيهه لتحقيق التغييرات الإيجابية في سلوكهم.
  • يساعد العاملين في المدرسة من أعضاء الهيئة التعليمية والإدارية على معرفة خصائص الأطفال الجسمية والنفسية، وكيفية التعامل معها وإتاحة الفرصة لتنميتهم من حيث مواهبهم وقدراتهم وتعزيز ميولهم بالشكل الصحيح.
  • يساعد علم نفس الطفل على تحديد محتوى المناهج التعليمية الملائمة لكل عمر زمني من أعمار الطفولة، وكذلك تحديد طرائق التدريس والمهارات المطلوب إتقانها من خلال تلك المناهج وتقليل صعوبات التعلم التي يمكن أن تواجه مسيرتهم.
  • تساعد أبحاث ودراسات علم نفس الطفل المرشدين الاجتماعيين والنفسيين وكذلك العاملين في الصحة المدرسية والصحة العامة في التعامل مع الأطفال وتحديد مشكلاتهم بشكل جيد وإيجاد الحلول لها سواء الجسمية أم النفسية.
  • يساعد الأطباء على اختلافهم على فهم أسباب الأمراض الجسدية ودوافع وأسباب الاضطرابات النفسية والشخصية وأنسب الطرائق لعلاجها.
إقرأ أيضاً: الصدمات النفسية للأطفال: أنواعها، وأعراضها، وكيفية التعامل معها

خامساً: كيف يساعد علم نفس الطفل الوالدين في تربية الطفل؟

  1. يوضح مراحل نمو الطفل المختلفة والخصائص الجسمية والعقلية والانفعالية الخاصة بكل مرحلة.
  2. إدارة عواطف وانفعالات الطفل، إذ يبدأ الطفل بإظهار انفعالاته منذ مراحل عمره الأولى؛ إذ يحاول إيجاد رابط مع الشخص الذي يمنحه الحب؛ أي الذي يحتضنه فيبتسم له أو يبكي عند ابتعاد ذلك الشخص عنه، وفي مراحل عمره اللاحقة في الخامسة أو السادسة مثلاً يصبح الطفل واعياً لانفعالاته؛ إذ يستطيع أن يربط بين الموقف والانفعال المناسب له، فقد تحدث مشكلة تسبب اضطراباً في انفعال الطفل أو يكون رد فعله غير مناسب للموقف أو مبالغاً فيه، ويفقد السيطرة على سلوكه. لكن هنا ومن خلال اطلاع الوالدين على علم نفس الطفل وكيف يتم التصرف في حالات الانفعال المختلفة، يمكنهم السيطرة على سلوك الطفل وضبطه وتعديله، فقد يطلب الطفل من والديه إحضار لعبة له ولكنَّ الوالد يرفض فنرى الطفل يبدأ بالصراخ مترافقاً مع الدموع، وقد ينطرح في الأرض أو يبدأ بتحطيم الأشياء أمامه أو رفضه الطعام وغيرها من السلوكات ظناً منه أنَّ ذلك سوف يفي بالغرض لتلبية رغباته، وهنا الوالدان المطلعان على علم نفس الطفل يدركان أنَّ السلوك قابل للتغيير والتعلم، ويعملان من خلال اتباع استراتيجيات محددة على إفهام الطفل أنَّ تلك الأفعال لن تغير من النتيجة وعليه اتباع سلوك محدد فيما إذا أراد الحصول على طلبه.
  3. يساعد الوالدين على معرفة كيفية قضاء وقت مثمر مع الطفل والتعريف بأفضل أساليب التنشئة الاجتماعية لإكسابه المعارف والخبرات وقيم المجتمع الذي يعيش فيه؛ وذلك تحقيقاً لاندماجه بالشكل الصحيح وجعله فرداً مساهماً في بنائه وتطوره.
  4. فهم شخصية الطفل من خلال إعطاء التعليمات لكيفية مراقبته في مختلف نشاطاته مثل:
  • لعبه، هل يحب اللعب وحيداً أم يفضل اللعب من الجماعة؟ وما هو الدور الذي يفضل لعبه في الألعاب الجماعية؟
  • في أثناء نومه، كم عدد الساعات التي ينامها الطفل؟ كم عدد مرات استيقاظه في أثناء ساعات نومه؟ وهل يعاني من أي نوع من اضطرابات النوم؟
  • طعامه، طريقة طعامه وأي الأشياء يطلب تناولها بكثرة وتأثيرها في صحته، وكيف يتصرف عند الطلب منه تناول أشياء لا يحبها.
  • لغة جسده ونبرة صوته وتعبيرات وجهه.
  • أداؤه لواجباته المدرسية والوقت الذي يقضيه لتنفيذ ما يُطلب منه.
  • كيفية الحديث معه والتقرب إليه وإشعاره بالأمان.
  • تحديد السلوكات التي يجب التركيز عليها وكيفية التعاطي معها، ومتى يجدر بالوالدين اللجوء إلى استشارة اختصاصي نفسي أو اجتماعي أو حتى الطبيب المشرف على صحة الطفل.
  1. المساعدة على توضيح أفضل الأساليب التي يجب اتباعها لتعزيز ثقة الطفل بنفسه بهدف مساعدته على الاستمرار بحياته وتكوين العلاقات الاجتماعية والعملية بنجاح.
  2. إيجاد الطرائق المناسبة التي تساعد الوالدين على جعل الطفل يعبِّر عن نفسه بطريقة صحيحة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ لكل طفل طريقته الخاصة في ذلك، فبعضهم يستطيع أن يعبِّر عن نفسه بشكل مباشر، وبعضهم الآخر يستخدم الرسم أو الكتابة أو طريقة معينة في اللعب، ويجب على الوالدين امتلاك القدرة على تحليل تلك الإشارات.
  3. يساهم في معرفة الاضطرابات النفسية في مراحل الطفولة المبكرة مثل:
  • اضطراب المزاج (اضطراب ثنائي القطب)، وهو عبارة عن تقلب حاد في المزاج ينتقل خلاله الطفل من حالة من النشاط المفرط إلى معاكسة تماماً من الخمول، أو حالة من السعادة المفرطة إلى حالة من الاكتئاب الحاد.
  • اضطرابات النوم، ومن أنواعه المشي في أثناء النوم، والحديث في أثناء النوم، والذعر الليلي؛ إذ يصرخ الطفل بشكل قوي في أثناء نومه، واختلال النوم وعدم القدرة على النوم بشكل متواصل مدة كافية من الزمن.
  • اضطرابات فرط الحركة ونقص الانتباه.
  • اضطرابات الأكل، مثل الشره المَرَضي، وفقدان الشهية؛ إذ يتبعون عادات صحية غير سليمة ومضرة بالصحة.
  • انفصام الشخصية.
  • اضطرابات صعوبات التعلم التي تجعل التعليم مهمة صعبة للطفل.

شاهد بالفيديو: 13 طريقة تساعد الأبوين على علاج الاكتئاب عند الأطفال

الخلاصة:

إنَّ دراسة علم نفس الطفل والاطلاع عليه أصبح حاجة ملحة لكل شخص راغب في تكوين أسرة؛ إذ يعمل على طرح العديد من التساؤلات والإجابة عنها، فهو يعمل على تنمية الأطفال وتغييرهم من الداخل بدعم ومساعدة البيئة الخارجية، من خلال الجمع بين عوامل مختلفة اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، ونفسية، وانفعالية وغيرها.

المصادر:

  • 1، 2، 3
  • محمد عبد الله أبو جعفر، علم نفس النمو، قسم التربية وعلم النفس، الكلية الجامعية بمحافظة الليث.
  • عائشة زياني، علم نفس النمو ومراحل الحياة، جامعة ابن طفيل، القنيطرة، المغرب.
  • نجلاء فتحي أحمد عبد الحليم، خصائص النمو في مرحلة الطفولة المبكرة، كلية الدرااستىالعليا للتربية ، جامعة القاهرة، مصر.



مقالات مرتبطة