عقلية النمو وأهمية التمتُّع بها

قد تعرف عقلية النمو وتتمتَّع بها، لكنَّني شخصياً لم أكن أعرف عنها حتى لوقت قريب، فعندما قرَّرتُ البحث عن الموضوع لمعرفة المزيد عنه، أذهلني ما تعلَّمته.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "تايلر تيرفورين" (Tyler tervooren) مؤسِّس شركة "ريسكولوجي" (Riskology)، يُحدِّثنا فيه عن عقلية النمو وأهمية التمتُّع بها.

لتبدأ رحلتك الخاصة نحو اكتساب عقلية النمو، والتي - وَفقاً للعلماء - يمكنك أن تُطلق من خلالها إمكاناتك الكاملة، سأطرح عليك سؤالاً: عندما أذكر لك لاعب كرة السلة "مايكل جوردان" (Michael Jordan)، ما الذي يتبادر إلى ذهنك أولاً؟ هل هو السرعة؟ أم الرشاقة؟ أم القوة؟ أم الموهبة الفذَّة؟

قد تتوقع أيَّاً من هذه الإجابات، لكن ماذا عن العمل الشاق؟ هل كان ذلك ضمن قائمتك؟ وإذا خطر في بالك، هل كان على رأس القائمة أم في نهايتها؟

عندما يشاهد المشجِّع العادي مقاطع لـ "جوردان" ويرى مسيرته المهنية، فإنَّه يتخيَّل الموهبة التي كان عليه أن يتمتَّع بها لتحقيق ما حقَّقه، لكن إذا أصغيت إلى ما يقوله "جوردان" عن مسيرته، فسوف تسمعه يقول ما يأتي مرات عدة: العمل الجاد الكثيف هو ما جعل الإرث العظيم الذي أنا عليه اليوم؛ إذ تبدو موهبتي من الظاهر قد أتت بلا مجهود، لكن في الحقيقة، الأمر على النقيض من ذلك.

لماذا قد يحتاج شخص يتمتع بموهبةٍ فذَّة إلى العمل الجاد للوصول إلى ما يبتغيه؟ وَفقاً له إنَّ العمل الجاد هو ما عزَّز موهبته.

في مقابلةٍ مع المعلِّق الرياضي "أحمد رشاد" (Ahmad Rashad)، يتحدث "جوردان" بإسهابٍ عن أخلاقيات العمل وكيف يفكِّر فيما يتعلق بنجاحه، وفي لحظةٍ مؤثرةٍ من المقابلة، يسأل "رشاد" "جوردان": "هل كان الخوف من الفشل حافزاً لك؟"، ليرد "جوردان" عليه دون أي تردد: "لم أخف أبداً بشأن مهاراتي، لأنَّني أعمل عليها، فأخلاقيات العمل تقضي على الخوف".

فقد أظهر "جوردان" طوال حياته المهنية ما يسميه علماء النفس "عقلية النمو"، وهي الإيمان بأنَّ الجهد - وليس الموهبة - هو ما يولِّد النتائج.

إذ تؤدي هذه العقلية دوراً هاماً في حياة "جوردان"، وليس فقط خلال السنوات التي قضاها في "الرابطة الوطنية لكرة السلة" (NBA)؛ فعندما انتقل إلى لعب كرة البيسبول، كان يصل إلى التدريب مبكراً ويضرب الكرات حتى تنزف يديه، واليوم يدير أعماله التجارية، في سلسلة من مطاعم شرائح اللحم، ووكالة لبيع السيارات، إلى جانب إدارة فريقٍ في "الرابطة الوطنية لكرة السلة" (NBA).

فإذا كنت تعتقد أنَّه يمكنك أن تنسب هذا التنوع الكبير في النجاح إلى المواهب الفطرية، فعليك التفكير من جديد، فوفقاً "لجوردان"، ولمجموعة متزايدة من الأبحاث، عقلية النمو هي ما يمكِّن هذا النوع من النجاح.

عقلية النمو: ما هي ومن أين أتت؟

إنَّ الفكرة التي تقول إنَّ عقليتك تؤثر في حياتك ليست بجديدة، فقد أشاد معظم المفكرين والكتاب والخطباء العظماء لآلاف السنين بفضائل إتقان استخدام عقلك لتحسين نفسك، فأنت تحصل على نتيجةٍ مختلفة في كل مرة تفكِّر فيها بطريقةٍ مختلفة.

إنَّ عبارة "أفكارك تحدد واقعك" كانت شائعةً على مرِّ العصور، لكن هل هي صحيحة بالفعل؟ فقصة "مايكل جوردان" هي مجرد حكاية واحدة في قائمة لا نهاية لها من الحكايات الكثيرة التي قد تقول إنَّ المقولة السابقة صحيحة، ولسوء الحظ، لا يمكن الاعتماد على الحكايات فقط، فما نحتاجه هو العلم الذي يشرح لماذا ينجح ما ترويه الحكايات، وكيف يمكن أن يسير ذلك لمصلحتنا.

لقد أجرت عالمة النفس "كارول دويك" (Carol Dweck)، أبحاثاً طوال عقود عن الطريقة التي نتعلَّم بها، وتوصَّلت إلى مجموعة هامة من الأدلة التجريبية التي تثبت أهمية عقلك، وهذا قادها إلى تأليف كتابها الرائع "العقلية: علم النفس الجديد للنجاح" (Mindset: The New Psychology of Success)، وجوهر الكتاب هو أنَّه يمكنك قياس عقليتك على مقياس يبدأ بالعقلية الثابتة، وينتهي بعقلية النمو.

إنَّ ما كشفت عنه "دويك" هو أنَّ الأشخاص الذين يتمتَّعون بعقلية النمو يعتقدون أنَّ ذكاءهم وقدراتهم مرنة ويمكنهم تغييرها - أي النمو - بناءً على مقدار الجهد الذي يبذلونه؛ إذ ينظرون إلى دماغهم كما ينظرون إلى العضلات، فإذا استخدموها أكثر ومرَّنوها ستزداد قوةً.

أمَّا أولئك الذين لديهم عقلية ثابتة، يعدُّون الصفات ثابتة، كما هو الأمر بالنسبة إلى لون عيونهم، فإذا كنت ذكياً فهذا لأنَّك وُلدت بهذه الطريقة، وإذا كنت موهوباً فإنَّ الموهبة قد أتت من جيناتك، ولا يمكنك فعل الكثير حيال ذلك في كلتا الحالتين؛ وهذا تفسير يسير للاختلاف بين العقلية الثابتة وعقلية النمو، لكن لماذا يهم ذلك؟

شاهد بالفيديو: كيف تكتسب عقلية النمو بوصفك رائد أعمال؟

ما الذي تقدِّمه عقلية النمو لك؟

من السهل فهم الفرق بين العقلية الثابتة وعقلية النمو؛ فإن كنت تعتقد أنَّ شخصيتك ثابتة، ولا تستطيع فعل شيء حيال ذلك، فتلك هي العقلية الثابتة، أمَّا إن كنت تعتقد أنَّك تتحكَّم بشخصيتك، ويمكنك التغيير إذا حاولت ذلك، فتلك هي عقلية النمو.

لكن هل إحداهما أفضل من الأخرى؟ وَفقاً لـ "دويك"، فإنَّ عقلية النمو أفضل بلا شك وبكل المقاييس تقريباً، فما اكتشفته خلال سلسلة من التجارب والدراسات هو أنَّ الأشخاص ذوي عقلية النمو لا يتعلَّمون أشياء جديدة أكثر فحسب، بل يتعلَّمون تلك الأشياء الجديدة أسرع وأفضل، ولقد كانت النتائج طويلة الأمد لهذه التجارب واضحةً تماماً أيضاً.

على سبيل المثال، الطلاب الذين لديهم عقلية النمو قد حصلوا على درجات أفضل، وارتقوا إلى مستويات أعلى من الإنجاز في وقت لاحق من حياتهم، وقد حققوا مزيداً من أهدافهم، وظلُّوا يسيرون في مساراتٍ أنجح؛ وذلك لأنَّ عقلية النمو تُغيِّر كل شيء عن كيفية التعامل مع التحديات والفرص؛ ففي كتاب "العقلية" تقول "دويك": "بصرف النظر عن قدرتك، فإنَّ الجهد هو ما يشعل هذه القدرة ويحولها إلى إنجاز".

ووَفقاً لأبحاثها، فإنَّ عقلية النمو هي ما تُحفِّزك لتبذل الجهد، وهي ما تجعلك تتعمَّق في التغلُّب على صعوبات تعلُّم شيء جديد، فعندما تعتقد أنَّك قادر على النمو والتغلُّب على العقبات، وأنَّها يمكن أن تجعلك أكثر ذكاءً، أو أقوى، أو أفضل، فإنَّك تشعر بقدر أكبر من الدافع لقضاء ساعات من العمل الشاق الذي سيوصلك بالفعل إلى ما تبتغي.

أنت تبذل جهداً من أجل شيءٍ تعلم أنَّه يمكنك تحقيقه؛ لذا فأنت راضٍ عن جهودك تلك وتعبك، لكن عندما تكون عالقاً في عقليةٍ ثابتة، فأنت عاجز؛ فإذا كنت لا تستطيع النمو، ولا التعلم، ولا التغيير، فلماذا تزعج نفسك بالمحاولة؟ فأنت لا تعتقد أنَّك تستطيع فعلها، والفشل سيؤكِّد لك ذلك فحسب.

يُظهر بحث "دويك" أنَّ الطلاب الذين فحصتهم كانوا أقل احتمالاً بكثير لمحاولة تعلم شيء جديد عندما تظهر عليهم علامات العقلية الثابتة، وعندما حاولوا ذلك، لم يحاولوا بجد أو لوقت طويل.

إليك ما قالته "دويك" في كتاب "العقلية":

"في حالة العقلية الثابتة، يدور كل شيء حول النتيجة، فإذا فشلت - أو لم تكن الأفضل - فقد ضاع كل شيء، في حين تسمح عقلية النمو للناس بتقدير ما يفعلونه بصرف النظر عن النتيجة، فهم يعالجون المشكلات، ويسجِّلون في دوراتٍ جديدة، ويعملون على قضايا هامة"؛ فعندما نفكِّر في الأمر، نبدأ جميعاً حياتنا بعقلية النمو؛ لذا يجب أن يجعل ذلك من السهل والطبيعي أن تكون شخصاً موجهاً نحو النمو، ومع ذلك فإنَّنا جميعاً - على الأقل في بعض الأحيان - نعاني من عقليةٍ ثابتة.

تقول "دويك":

"ما الذي قد يمنع أي شخص من التعلم؟ إذ يولد كل شخص بدافع قوي للتعلم؛ إذ يوسِّع الأطفال مهاراتهم يومياً، وليست فقط المهارات العادية، بل المهام الأكثر صعوبةً في حياة الإنسان، مثل تعلُّم المشي والكلام، فلم يقرِّروا أبداً أنَّها أمور صعبة جداً أو لا تستحق الجهد، فلا يقلق الأطفال من ارتكاب الأخطاء أو التعرض لمواقف محرجة؛ بل يمشون ويسقطون وينهضون ويمضون قدماً وبقوة.

ما الذي يمكن أن يضع حداً لهذا التعلم الغزير؟ الجواب هو العقلية الثابتة، فبمجرد أن يصبح الأطفال قادرين على تقييم أنفسهم، يخاف بعضهم من التحديات، ويخافون من عدم كونهم أذكياء، ولقد درستُ آلاف الأشخاص من مرحلة ما قبل المدرسة وما بعدها، واتَّضحَ لي أنَّ عدد الأشخاص الذين يرفضون فرصة التعلم كبيرة وصادمة"؛ لذا إذا كنت ترغب في تحسين حياتك والتحكُّم بما تحققه، فمن الواضح أنَّ عقلية النمو ستكون أكثر فائدةً من العقلية الثابتة.

إقرأ أيضاً: كيف نشجع عقلية النمو؟

هل تتمتع بعقلية النمو؟

ربما تعرف بالفعل ما إذا كانت لديك عقلية ثابتة، أم تتمتع بعقلية النمو، لكن إذا لم تكن متأكِّداً، فإليك استطلاع سريع مكوَّن من 3 أسئلة سيعطيك فكرة تقريبية عمَّا إذا كانت لديك عقلية ثابتة أو عقلية نمو:

1. أي من العبارتين الآتيتين تطابق ما تشعر به حيال ذكائك وقدراتك؟

  • أنا ما أنا عليه، وهذا لن يتغير.
  • يمكنني أن أكون الشخص الذي أريده إذا عملت على تحقيق ذلك.

2. إذا نجحتَ في اختبار صعب، فأي من هذين المديحين سيكون أكثر إرضاءً لك؟

  • أنت ذكي جداً.
  • لقد عملت بجدٍ.

3. عندما لا تفهم شيئاً ما، ما الذي من المرجَّح أن تفعله؟

  • تطرح أسئلةً أقل عن ذلك.
  • تطرح مزيداً من الأسئلة عن ذلك.

دعونا نلقي نظرة على هذه الأسئلة بمزيدٍ من التفصيل.

السؤال الأول: هل تعتقد أنَّ شخصيتك ثابتة ولن تتغير؟ أم تعتقد أنَّك تتطور كلما تعلَّمت المزيد؟

إذا كنت تعتقد أنَّك لا تستطيع التحكم بذكائك وقدراتك، فأنت تميل نحو عقلية ثابتة، لكن إذا كنت تعتقد أنَّه يمكنك تغييرها، فأنت تميل نحو عقلية النمو.

السؤال الثاني: إذا نجحت في اختبارٍ صعب، فأي من هذين المديحين من عائلتك أو أصدقائك سيكون أكثر إرضاء لك؟

(أ) أنت ذكي جداً.

(ب) لقد عملت بجد.

إذا اخترت (أ)، فأنت تميل نحو عقلية ثابتة، أمَّا إذا اخترت (ب)، فأنت تتجه نحو عقلية النمو.

إذ يقدِّر الأشخاص ذوو العقلية الثابتة مواهبهم الفطرية أكثر من تقدير جهودهم؛ لذلك سيكون من الأكثر إرضاءً أن يثني الآخرون على ذكائهم، ولكنَّ الأشخاص الذين يتمتَّعون بعقلية النمو يفخرون بعملهم الجاد أكثر من مواهبهم الفطرية، لذا فإنَّ المديح الذي يشير إلى جهودهم سيكون أكثر تشجيعاً لهم.

السؤال الثالث: عندما لا تفهم شيئاً ما، هل تطرح مزيداً من الأسئلة عنه أم تتجنَّب طرح الأسئلة؟

إذا سألت أسئلة أكثر، فهذا يشير إلى أنَّ لديك عقلية النمو؛ إذ تُظهر اهتماماً بموضوعٍ لا تفهمه تماماً، وينبع هذا الاهتمام من الرغبة في التعلم، وهي سِمة من سِمات أولئك الذين يهدفون إلى النمو.

أمَّا إذا سألت أسئلةً أقل، فهذا يشير إلى أنَّ لديك عقلية ثابتة أكثر، فقد تكون أقل اهتماماً بالموضوعات غير المألوفة، أو قد تشعر ببعض الخوف من الإظهار للآخرين أنَّك لا تعرف الكثير عن موضوعٍ ما، وهذه سِمة من سمات أولئك الذين يرون أنفسهم ثابتين.

خُذ متوسط الإجابات الثلاثة المذكورة آنفاً، وستحصل على مؤشر تقريبي على ما إذا كان لديك عقلية ثابتة أو عقلية النمو.

إقرأ أيضاً: 5 أسئلة تحدد الموظفين الذين يمتلكون عقلية النمو

هل عقلية النمو بهذه السهولة؟

إنَّها كذلك، لكن عليك أن تكون أكثر دقة عند حكمك على طريقة تفكيرك اليومية، فوفقاً لـ "دويك"، من الهام أن نفهم أنَّ الناس لا بدَّ أن يمتلكوا إمَّا عقلية نمو أو عقلية ثابتة.

فشخص ما مثل لاعب كرة السلة "مايكل جوردان"، يؤمن بأنَّه قادر على التعلم والتفوق في أي شيء؛ إذ إنَّه يملك عقلية فائقة النمو، وبعضهم الآخر لا يمكنه تخيُّل حياته تسير في أي اتجاه آخر غير ذلك الذي تسير فيه الآن، ولا يغيرون ذلك بتجربة شيء مختلف؛ إذ إنَّ لديهم عقليةً فائقة الثبات، في حين يقف البقية منَّا في مكانٍ ما في الوسط؛ فنميل عادةً إلى عقلية أو أخرى.

في حين لديك عقلية تشمل الحالتين، قد تجد أنَّها تختلف تماماً تجاه موضوعات مختلفة أو في ظل ظروف مختلفة، فقد تفكِّر في نفسك كأفضل طاهٍ على وجه الأرض، وترى نفسك في نفس الوقت على أنَّك لاعب غولف ميؤوس منه، وهذا أمر عادي، فإذا وجدت نفسك في مثل هذه الحالة، فالحل يسير:

إذا كنت تقترب عموماً من العقلية الثابتة، فأنت تحتاج إلى العمل للانتقال إلى عقلية النمو، وحتى لو كان ذلك تدريجيَّاً، وإذا كنت تقترب عموماً من عقلية النمو، فيجب أن تعمل على الاقتراب أكثر لتحقيقها حتى تتمكَّن من الاستفادة من طريقة التفكير هذه في جميع مجالات حياتك، وإذا كنت تعاني من عقلية ثابتة في مجالٍ معين، فهذا هو الموضع الذي يجب عليك بذل أقصى جهد لتحسينه.

شاهد بالفيديو: 8 خطوات لاكتساب عقلية النمو في الأعمال

كيف تطوِّر عقلية النمو لديك؟

بتَّ تعرف الآن ما هي عقلية النمو، وما في وسعها أن تقدِّم من أجلك، وما إذا كنت تتمتَّع بها أم لا، لكن قد يكون من المحبط فهم كل ذلك، بينما ما تزال لا تعرف ما يجب فعله لتطويرها في نفسك.

فعندما تواجه عقلية ثابتة، قد تشعر أنَّك لا تملك أي طريقة لكيفية تغييرها، ولا يوجد شيء في إمكانك فعله، وهذا هو المأزق الذي توقعك فيه العقلية الثابتة في النهاية؛ إذ يمكنك البحث في عقلك وإنشاء قائمة حتى لو كانت قصيرة بالمجالات التي تمتلك فيها عقلية النمو في حياتك.

يكمن الهدف في البحث عن الأوقات التي تعلَّمت فيها شيئاً وجعلك أفضل، فربما واجهت دائماً صعوبة في الرياضيات وتقول لنفسك إنَّ المشكلة تكمن فيما أنت عليه، وأنَّك سيئ في التعامل مع الأرقام، لكن بعد ذلك تتذكَّر أنَّك قد اكتسبت مهارة جديدة في العمل - ربما كانت تعلُّم كيفية إدارة مشروع، أو التنبُّؤ بالميزانية، أو أي شيء - بسرعة كبيرة ولم تستخدم هذه المهارة من قبل، لكنَّك بذلت بعض الجهد وتعلَّمت، وأصبح الأمر يسيراً بالنسبة إليك.

أنا شخصياً أملك عقلية النمو في معظم مجالات حياتي؛ إذ أحب بذل المجهود في التعلم، وأستخدمه لاكتساب مهارات جديدة باستمرار، لكن ما زالت العلاقات أحد الأمور التي أعاني منها، فأنا انطوائي جداً ولم يكن التواصل أبداً سهلاً بالنسبة إليَّ، وعندما أواجه الفشل، أقسو بشدةٍ على نفسي أحياناً؛ وأقول: "أنت لست شخصاً يمكنه إنشاء علاقة".

هذا الكلام في الغالب ليس صحيحاً، ولدي دليل على ذلك، فهناك عدة مجالات في حياتي اضطررت إلى بذل الجهد لأتعلمها لأشعر اليوم بأنَّها تُبذَل بلا مجهود؛ وتعلُّم تطوير العلاقات لا يختلف عن ذلك؛ فعندما أذكِّر نفسي أنَّني تعلَّمتُ أشياء صعبة أُخرى من قبل، وأتمكَّن من رؤية تقدمي في العلاقات مع مرور الوقت، يساعدني ذلك على تعزيز عقلية النمو التي أحتاجها لمواصلة التطور لتحقيق مزيد من التقدم.

لذا، ابدأ بالتفكير في هدف ترغب في تحقيقه، اجعله صغيراً بحيث يمكنك إكماله في الأيام القليلة المقبلة، واجعله شيئاً تشعر بأنَّه ينبغي لك أن تكون قادراً على القيام به، لكن لا يمكنك ذلك الآن، أو أنَّك لم تحاول بعد، فمن المؤكَّد أنَّ عقليتك قد أعاقتك عن بذل الجهد تجاه هذا الهدف، فربما أخبرت نفسك بأنَّك لا تتمتَّع بالمهارة أصلاً حتى تقوم به، أو لن تتمكَّن من إيجاد الوقت لتحقيقه.

لكن توقَّف لحظةً لتتحدَّث مع نفسك عن هذا الهدف انطلاقاً من عقلية النمو، وبأنَّك إذا خصَّصت الوقت للتعلم وبذلت الجهد، فستكون قادراً على تحقيقه، والطريقة التي أريدك أن تفعل بها ذلك تكمن في تذكير نفسك بأمثلة - كلما كانت حديثة كان ذلك أفضل - عن تحقيقك لشيءٍ صعبٍ بالعمل الجاد، كما يمكنك وضع قائمة، فهي حافز قوي جداً.

في الختام:

اختر شيئاً واحداً صغيراً لتفعله اليوم من شأنه أن يقرِّبك خطوةً من تحقيق هذا الهدف الشخصي، والتزم بتخصيص 20 دقيقة على الأقل من الجهد لتحقيق ذلك، وعندما تنتهي امدح نفسك لإنجاز هذا العمل بالذات.

المصدر




مقالات مرتبطة