طرق التغلب على الإحراج في حال كنت غير كفء اجتماعياً (الجزء الثاني)

لقد مررنا جميعاً بلحظات شعرنا فيها بالإحراج الاجتماعي لدرجة أنَّنا كنَّا نفضِّل الاختفاء، بدلاً من إجبارنا على إجراء مناقشات مع الآخرين، وربما ألقيت نكتةً سيئةً عن طريق الخطأ، أو قلت شيئاً غير مناسب دون تفكير، أو نسيت اسم شخص ما، ثم سادت حالة صمت محرج.



لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من المقال عمَّا يعنيه أن تكون غير كفء اجتماعياً، ثم ذكرنا 8 علامات تدل على أنَّك غير كفء اجتماعياً، وكيف تتوقف عن ذلك، وبعدها ذكرنا 3 طرائق للتغلب على الإحراج، وهي الإصغاء الجيد والتوقف عن تعريف نفسك بأنَّك مُحرَج اجتماعياً وممارسة المهارات الاجتماعية في المواقف منخفضة الضغط.

سنتابع الحديث في هذا الجزء الثاني من المقال عن بعض الطرائق الأخرى، فتابعوا معنا:

1. استبدال الأفكار السلبية بعبارات تشجيع إيجابية:

تُظهِر الأبحاث أنَّ عبارات التشجيع الذاتية، تساعدك على الشعور بمزيد من الكفاءة عند التعامل مع التهديدات المتوقعة، مثل الاختلاط بالآخرين؛ بعبارة أخرى، الأفكار التي تكررها في رأسك لها القدرة على تشكيل هويتك وثقتك في التعامل مع المواقف التي تخيفك.

لذا استبدل الأفكار السلبية عن الاختلاط بالآخرين بالمعتقدات الإيجابية عن قدراتك الاجتماعية، وسواء كنت تقول ذلك بصوت عالٍ أم داخلك، فأكِّد هويتك الجديدة بوصفك شخصاً ذكياً اجتماعياً.

بدلاً من التفكير فيما يأتي: قل لنفسك ما يأتي:
"أنا أكره مقابلة أشخاص جدد" "من السهل التعرف إلى أشخاص جدد"
"أنا محرج للغاية" "أنا ودود ومرتاح"
"أنا لا أجيد التحدث إلى الناس" "أنا متحدث رائع"
"لقد كان ما قلته شيئاً غبياً" "يقول الجميع أموراً سخيفةً في بعض الأحيان، وربما لن يتذكروا ما قلته"
"إنَّهم يحكمون على افتقاري إلى المهارات الاجتماعية" "يركز معظم الناس على أنفسهم أكثر من ملاحظتي"
"يعتقد الناس أنَّني غريب وغير واثق من نفسي" "أنا مميز وواثق من نفسي"
"أشعر بالقلق حيال الاختلاط بالآخرين" "أنا متحمس لمقابلة أشخاص جدد، وإن كان ذلك يجعلني أشعر بالتوتر"

نصيحة: أن تكون خجولاً لا يمثل مشكلةً في حياتك الاجتماعية، فأحياناً يكون الخجل المحرج نتيجة لعادات اجتماعية متكررة.

إقرأ أيضاً: التفكير السلبي: أسبابه وطرق التخلص منه

2. التعاطف:

التعاطف هو فهم عواطف الآخرين وأفكارهم والتعرف إليها؛ إذ يميل الأشخاص الأذكياء اجتماعياً إلى أن يكونوا متعاطفين للغاية، ويتواصلون بسهولة مع الآخرين، لكن عندما تكون غير كفء اجتماعياً، فقد لا تفهم مشاعر الناس، ربما تضحك في وقت غير مناسب، أو لا تُبدي أيَّ اهتمام بحالة المعاناة التي يعيشونها ويشاركونها معك.

تتضمن بعض أهم عادات الأشخاص المتعاطفين للغاية ما يأتي:

  • الفضول تجاه الآخرين.
  • البحث عن أوجه التشابه بينك وبينهم والإشارة إليها.
  • لغة الجسد الواضحة (الانحناء قليلاً إلى الأمام، والذراعان غير متشابكين، والتواصل البصري).
  • الانتباه إلى ما يقوله الناس ومشاركة تعليقات ذات صلة.
  • تقيم تعليقات لطيفة ومشجعة.
  • تجنب عبارات الحكم مثل: "هذا يبدو ..."، أو "لا أستطيع تصديقك ...".
  • استخدام "نحن" (بدلاً من "أنا") كلما أمكن ذلك لتشعر بمزيد من التواصل.

شاهد بالفيديو: كيف تستثمر لغة الجسد لتكسب كاريزما قوية تسحر من حولك

3. تحقيق التوازن مع التواصل البصري:

التواصل البصري يعني التوازن الدقيق، والتواصل الكبير يعني أنَّ الشخص متعجرف ومخيف، وعدم التواصل بصورة كافية يعني التجنب والرفض.

عندما تتحدث إلى شخص ما، عادةً ما يكون (3-5) ثوانٍ من التواصل البصري في المرة الواحدة أمراً مقبولاً اجتماعياً، ومن الطبيعي أن تنظر بعيداً للحظة، ثم تعود بنظرك إليه، ولا تنسَ أن ترمش.

لكن مثل كل شيء في الحياة، فإنَّ التوازن أمر بالغ الأهمية، يمكن أن يُنظَر إلى تجنب التواصل البصري أو النظر إلى الأسفل في أثناء المحادثة على أنَّ الشخص خجول أو غير ماهر اجتماعياً، اعتماداً على الثقافة.

أنت لا تريد أن يعتقد الناس أنَّك غير مهتم بما سيقولونه؛ لذلك حاول أن تنظر إلى الأشخاص نحو 50% من الوقت في أثناء التحدث و70% في أثناء الإصغاء.

4. عدم الاقتراب كثيراً من الأشخاص في أثناء التحدث:

إنَّ الاقتراب الشديد من الناس يمكن أن يجعلهم يشعرون بعدم الارتياح، ففي أمريكا، من الشائع جداً الابتعاد عن الشخص، بما لا يقل عن (30-45 سم) إلا إذا كنت تعرفهم معرفةً قريبة، وفي البلدان الأخرى، انتبه إلى مكان وقوف الآخرين في المحادثة وقلِّدهم.

قاعدة عامة: إذا اتخذت خطوة وتراجع الآخر، فأنت قريب جداً، وإذا استمر في اتخاذ خطوات نحوك، فأنت بعيد جداً؛ لذا دوِّن العادات الاجتماعية بين الأشخاص الذين توجد معهم.

5. التحدث بلباقة:

يمكن للأشخاص الذين يتحدثون بطريقة غير لبقة مواجهة لحظات محرجة للغاية، وفي الحالات القصوى، يمكن أن يؤدي ذلك أيضاً إلى إبعاد الأصدقاء.

الأشخاص الذين ليس لديهم أسلوب لبق في كثير من الأحيان:

  • يتفوهون بأفكار عشوائية أو غير ذات صلة بالموضوع الذي يُتحدث عنه.
  • يتحدثون بصوت عالٍ أو صريح عن الأمور الخاصة.
  • يطرحون موضوعات محظورة مثل الأمور السياسية أو العنصرية أو الدينية.
  • يعبِّرون عن آرائهم بوقاحة.
  • يلقون نكات مسيئةً.
  • يشتمون ويستخدمون ألفاظاً نابيةً في أوقات غير مناسبة.

يفكر الأشخاص البارعون اجتماعياً بوعي قبل التحدث ويتجنبون موضوعات محددةً.

تجنب هذه الموضوعات لتظهر أكثر مهارةً اجتماعياً:

  • الأمور الخاصة مثل العلاقات أو الأمور المالية الشخصية أو الصحة النفسية أو القضايا العائلية.
  • المحرمات والقضايا المثيرة للجدل مثل الدين أو السياسة أو الإشاعات.
  • الآراء القوية أو المتعجرفة.
  • تعليقات سلبية عن أشخاص آخرين.
  • مشاركة الأمور العاطفية العميقة بصورة مفرطة (خاصة في المراحل الأولى من الصداقة أو العلاقة).
  • موضوعات عشوائية لا صلة لها بالمحادثة (يوضح هذا أنَّك غير مصغِ).

اجعل أسلوب حديثك لبقاً بحيث يمنعك من قول أمور غير مناسبة أو محرجة، لكن تذكر ألا تلوم نفسك إذا قلت شيئاً ما دون أن تنتبه؛ إذ يقول الجميع تعليقات عشوائية أو غير ضرورية في وقت ما.

لا تقل فقط كل ما يدور في ذهنك في لحظة معينة، وقبل التحدث، خذ نفساً عميقاً وانتظر (2-3) ثوانٍ لتفكر فيما ستقوله؛ سيساعدك هذا على التواصل الاجتماعي بمزيد من الاتزان والاحترام.

شاهد بالفيديو: كيف تتحدث مع الغرباء دون الشعور بالإحراج؟

6. عدم المثالية والضحك على الأخطاء التي ترتكبها:

عند محاولة التغلب على الإحراج، قد تشعر بالضغط لتكون مثالياً في تفاعلاتك الاجتماعية، لكن يوجد شيء لطيف بشأن رؤية الجوانب غير الكاملة لدى الناس.

تُظهِر الأبحاث أنَّ تقبُّل عيوبك يجعلك محبوباً أكثر، ويسمى هذا بظاهرة الخطأ المُحرج (Pratfall Effect)، وهي أن تشرح كيف يمكن للأخطاء الصغيرة أن تضفي الطابع الإنساني، وتجعلك تبدو أكثر ارتباطاً.

عندما تضحك على أخطائك، يظهر أنَّك لا تأخذ نفسك على محمل الجد، ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى التخلص من الإحراج في أثناء المحادثة، وإذا كنت تتلعثم في كلماتك أو تضحك على نكتة لا تفهمها، فلا تخف من الضحك على الرَّغم من جهل مغزاها، ويمكنك أن تقول: "ليس لديَّ أيَّة فكرة عمَّا تتحدث عنه؛ لكنَّني أضحك لأنَّك شخص ودود".

إقرأ أيضاً: 10 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء

7. إظهار الاهتمام بالآخرين:

إنَّ إظهار الاهتمام بالآخرين هو أسهل طريقة لإخفاء نقص المهارات الاجتماعية؛ إذ يحب الناس التحدث عن أنفسهم ويظهرون إعجابهم عندما يهتم بهم الآخرون.

في أثناء عملك على بناء مجموعة أساليب التواصل الاجتماعي الخاصة بك، تخلَّص من الضغط الذي تفرضه على نفسك لتقول تعليقات ذكية أو تتصرف بطريقة مثيرة للاهتمام، بدلاً من ذلك، ألقِ الضوء على الآخرين من خلال التعبير عن الاهتمام بما يجب أن يقولوه.

"يمكنك تكوين صداقات أكثر خلال شهرين من خلال الاهتمام بأشخاص آخرين، أكثر ممَّا تستطيعه خلال عامين من خلال محاولة جذب اهتمام الناس بك" - المؤلف ديل كارنيجي (Dale Carnegie).

نصيحة: اضحك على النكات التي يلقيها الناس، واطرح بعض الأسئلة التي تتعلق بحياتهم، وأظهر انبهارك بقصصهم، يرغب معظم الناس في أن يشعروا بالسعادة والمرح والتقدير من قبل الآخرين.

في الختام:

إذا زادت فكرة المناقشات القصيرة أو فعاليات التواصل أو التحدث إلى الغرباء من معدل ضربات قلبك، فأنت لست وحدك، فأكثر من 60% من الأشخاص يعانون القلق الاجتماعي أو الخجل، وحتى المشاهير البارزين.

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن 7 طرائق للتغلب على الإحراج، أما في الجزء الثالث والأخير منه، سنتحدَّث عن بقية الطرائق وبعض الأمثلة عن الشخص غير الكفء اجتماعياً وبعض الأسئلة المتعلقة بهذه الفكرة، فتابعوا معنا.




مقالات مرتبطة