طرق التخلص من عادة السب والشتم عند الأطفال

ألطفُ الكائنات على وجه الأرض هم الأطفال، لكن قد يسيء إلى صورتهم الجميلة في نظرنا بعض العادات السيئة التي يفعلونها أحياناً، فيعاني الأهل في سبيل تخلِّيهم عنها كثيراً، كعادة مص الإبهام مثلاً، ونراها عند الأطفال الرضَّع؛ إذ تُعدُّ أمراً طبيعياً إلا إذا استمروا بها، أو عادة قضم الأظافر التي يبدأ بها الطفل نتيجة القلق والتوتر، ويستمر الأمر ليصبح عادة قد ترافقه لمرحلة الشباب، أو عادة كثرة الكذب الكفيلة بجعلنا ننفر من الطفل.



من العادات السيئة جداً والمنتشرة بكثرة عادة نكش الأنف التي إلى جانب كونها غير مقبولة اجتماعياً، فهي عادة ضارة بالصحة؛ لأنَّها تساعد على إدخال الجراثيم والبكتريا إلى الجسم؛ لذلك لا يمكن التغاضي عنها، كما لا يمكن التغاضي عن عادة السب والشتم عند الأطفال التي كثرت في زمننا هذا لعدة أسباب سنوضحها في مقالنا، كما سنوضح كيفية التخلص منها، ليبقى الطفل محافظاً على براءته التي اعتدنا على وصفه بها.

أسباب عادة السب والشتم عند الأطفال:

الأسباب وراء هذه العادة السيئة كثيرة، لكن يمكن تلخيصها بما يأتي:

1. إحساس الطفل بنغمة جميلة للشتم:

عندما يبدأ الطفل بالتكلم يعلِّمه المحيطون فيه لفظ الكلمات، ويعلِّمونه مُسمَّيات الأشياء، فيستمتع من يسمعه بطريقة لفظه للكلمات؛ لأنَّه غالباً يلفظ كلمات مشابهة للكلمة الأصلية، فيعلِّمه المحيطون فيه بعض الشتائم والكلمات البذيئة ليضحكوا على طريقة لفظه لها، فيشعر الطفل بأنَّها ذات نغمة جميلة ومضحكة للآخرين، فيردِّدها للفت الانتباه وجذب الآخرين، بصفتها نوعاً من الدعابة، لكنَّ الأهل لن يدركوا خطورة ذلك؛ لاعتقادهم بأنَّه لا يفهم معنى الكلمات، فالأمر عادي، لكنَّه لن ينساها مع مرور الزمن، وسيصبح الأمر مُحرجاً للأهل كثيراً.

2. سماع الشتائم من الأهل:

الأهل هم قدوة الطفل الأولى؛ إذ يقلِّد كلامهم ولهجتهم وحركاتهم؛ فإن كانت الشتائم تَرِد ضمن حديث الأهل، فلا تستغرب ترديد الطفل لها.

3. التعبير عن الغضب:

إن ارتبط غضب المحيطين بالطفل بالسب والشتائم، سيعدُّها الطفل بأنَّها تعبير عن الغضب، فيسب كل من يزعجه أو يمنعه من القيام بأمر يريده، سواء من أهله أم غيرهم.

4. رفاق السوء:

يُحسن الأهل أحياناً تربيتهم لطفلهم، فيمتنعون عن لفظ الكلمات البذيئة أمامه، كما يمنعون المحيطين بالطفل من السبِّ والشتم أمامه، ومن ثمَّ يكبر الطفل ويذهب إلى المدرسة، وهناك يقابل نماذج كثيرة، فإن كان أحد أصدقائه يسبُّ ويشتم، سواء للتعبير عن الغضب أم عند المزاح، فسيتعلَّم منه الطفل هذه العادة السيئة بسهولة؛ لأنَّه سينجذب لتلك الألفاظ الجديدة، وسيرغب بتجربة التحدث بها، ليرى رد فعل الآخرين، وإن واجهه الأهل بالتوبيخ والغضب ربما سينجذب لها أكثر؛ لأنَّ بعضهم يرى أنَّ كل ممنوع مرغوب.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء شائعة في تربية الأطفال

طرائق التخلص من عادة السب والشتم عند الأطفال:

تؤدي الأسرة الدور الأساسي في التخلص من عادة السب والشتم، فإن لم يدركوا مدى خطورة الأمر ويعالجوه مبكراً، سيستمر الطفل بسلوكه غير المهذب، وسيتطور الأمر مع مرور الزمن، حينها لا يمكن تخيُّل مدى سوء النتيجة؛ لذلك يجب التخلص من عادة السب والشتم عند طفلك باتباع النقاط الآتية:

1. القدوة الحسنة:

عندما تقرِّر أن تتزوج وتنجب الأطفال، حاول التخلص من كافة العادات السيئة التي اعتدت عليها سابقاً؛ لأنك ستكون القدوة الأولى لطفلك، فإن كنت تشتم الآخرين عند الغضب منهم، حاول التعامل مع غضبك بطرائق أخرى، وأحسِن اختيار كلماتك في أثناء التحدث حتى عند المزاح؛ لأنَّ ذاكرة الطفل تُخزِّن كل ما تسمعه وتراه؛ لذلك سترى تصرفاتك أمامك مستقبلاً.

2. تجنُّب الضحك عند سماع الشتائم:

يرغب الطفل في أن يظهر بمظهر اللطيف والكوميدي أمام الآخرين ليجذبهم إليه؛ لذلك إن شعر بأنَّ ما يلفظه مضحك، سيعاود ويكرِّر عادة السب والشتم ليرى رد الفعل الإيجابي من الآخرين، فاحذر من الاهتمام والضحك والاستمتاع بما يفعله، ونبِّه جميع المحيطين بكم على فعل ذلك؛ بل من الأفضل إظهار الانزعاج منه ليتجنَّب معاودة ذلك مستقبلاً.

3. تجنُّب الصراخ عند سماع طفلك يشتم:

لا يعدُّ التوبيخ والغضب حلاً للتخلص من هذه العادة؛ لأنَّ الصراخ يتسبَّب بإشعال النار بين الطفل وأهله، ويحفِّزه على التحدي، ونحن نعلم جيداً أنَّ حلم كل أم وأب أن يكون طفلهما مهذباً ولا يتفوَّه بكلمات مسيئة أبداً، لكن عليك أن تكن واقعياً، فطفلك محاط بكثير من الناس في المدرسة أو في الشارع، وكل ما عليك فعله هو مساعدته وليس توبيخه.

إقرأ أيضاً: 6 مشاكل نفسيّة يتعرض لها الأطفال بسبب صراخ آبائهم

4. توعية الطفل لأضرار عادة الشتم والسب:

هو الحل الأفضل لمواجهة هذه العادة؛ لذلك عند سماع طفلك يشتم، اجلس معه، واستمع إلى دوافعه، لفهم الأسباب وراء الشتم، وتحدَّث معه عن أضرار ذلك وأثره في شخصيته في المستقبل ونظرة المجتمع السلبية إلى الشخص الذي يشتم الآخرين، ويجب أن تكون طريقة التوضيح مناسبة لعمره، فمثلاً يمكنك إخباره بأنَّ الآخرين يحزنون عند سماعهم ذلك، ويبتعدون عنه، فيصبح وحيداً.

5. معرفة مصدر تعلُّمه للسب والشتم:

يجب سؤال الطفل عن مصدر سماعه لتلك الكلمات البذيئة من أجل معالجة الأمر بمنعه بصورة غير مباشرة من الاستمرار في التعامل مع هذا الشخص الذي يشتم، أو التحدث مع الشخص ذاته ليمتنع عن عادة السب أمام الطفل، ومثلاً إن كان السبب في تعلمه الألفاظ البذيئة هو مواقع التواصل الاجتماعي، فمن الأفضل عدم إعطاء الطفل الهاتف لإشغاله في أثناء قيام أهله بأعمالهم؛ بل الجلوس معه ومراقبته لمعرفة الأشياء التي يشاهدها.

6. التعرف إلى أصدقائه:

من الأشياء الهامَّة لتبقى مطمئناً على طفلك، سواء إن لاحظت اتِّباعه لعادات سيئة، أم لم تلاحظ ذلك، التعرف إلى أصدقائه، وعدم السماح له بالخروج واللعب في الشارع أو الحديقة المجاورة لمنزلك دون التعرف إلى الأطفال الذين يلعب معهم؛ إذ يمكنك الذهاب معه إلى الحديقة والتحجُّج بأنَّك تريد الاستمتاع بمشاهدتهم يلعبون، فتراقبهم للتأكد من عدم تلفظهم بألفاظ سيئة.

7. تعليم الطفل كلمات بديلة للكلمات البذيئة:

إذا كان الطفل يستخدم الشتائم للتعبير عن غضبه، فيمكنك تعليمه كلمات تعبِّر عن الغضب، وتعليمه كيف يخبر الشخص الآخر بأنَّه منزعج من تصرفه معه، أو من طريقة تحدُّثه دون شتمه، وفي حال كان الطفل يلجأ إلى السب من أجل الدعابة وجذب الآخرين، فعلِّمه كلمات لطيفة ومُحبَّبة للجميع وألعاب مسلية، فيتمكَّن من اللعب مع الآخرين ليتقرَّبوا منه.

8. مكافأة الطفل على سلوكه الإيجابي:

ينسى معظم الأهل تصرفات أطفالهم الجيدة، ويركِّزون فقط على التصرفات السلبية التي يفعلها الطفل؛ لذلك ابحث دائماً عن فرصة للثناء على سلوكه الجيد، وعند ملاحظتك لابتعاد طفلك عن عادة السب والشتم واتباع ما قلته له من نصائح، فلا تتردَّد في مكافأته بإحضار هدية له أو اصطحابه في نزهة؛ ليشعر بأنَّه يحظى بحبِّك واحترامك، فيستمر بسلوكه الحسن، ويتجنَّب كل ما يزعجك.

إقرأ أيضاً: النجاح في التربية: 8 أخطاء عليكم تجنّبها خلال الحديث إلى أطفالكم

9. الإشباع العاطفي للطفل:

يكون الدافع أحياناً وراء عادة السب والشتم هو لفت انتباه الأهل نتيجة إهمالهم؛ لذلك يجب الاعتناء بالأطفال، ومحاولة تلبية كافة احتياجاتهم، ومعرفة تفاصيل حياتهم كافَّة، فالطفل يحب أن يشعر باهتمام الجميع له وإعجابهم بسلوكه الحسن، وإن لم يظهر أهله الاهتمام الكافي يتغيَّر سلوكه كلياً؛ لأنَّه لا يجد أهمية للسلوك الحسن ولإرضاء الأهل.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

10. اتباع أسلوب العقاب:

يمكن اتباع أسلوب العقاب عند اتباع كافة النقاط آنفة الذكر وعدم إيجاد فائدة منها، لكنَّ العقاب البعيد عن التوبيخ والصراخ والضرب الذي يترك أذى في نفس الطفل يصعب تجاوزه لاحقاً؛ إذ يمكنك عقاب الطفل بحرمانه من الأشياء التي يحبها، فمثلاً في البداية يمكن حرمانه من لعبة يحبها، أو من مشاهدة التلفاز، وإن لم تجد نتيجة مُرضية، يمكن حرمانه من اللعب مع أصدقائه، أو الامتناع عن التحدث إليه لفترة قصيرة من الزمن، وهكذا حتى يبدأ الطفل بالتغير، وتلاحظ نتيجةً لتعبك معه.

الهام هو الصبر، فأحياناً يحرم الأهل طفلهم من شيء يحبه، وعندما يظهر الحزن ويتودَّد لهم، يتراجعون عن قرارهم فوراً، حينها لن يتغيَّر الطفل؛ بل سيتبع نفس الأسلوب دائماً؛ لأنَّه أسهل من تغييره للسلوك والعادات السلبية.

في الختام:

رؤية الطفل يشتم من الأشياء المزعجة والمحرجة لكل أم وأب، لكنَّ الشتم والسب من العادات السيئة التي يمكن لأي طفل تعلُّمها، ربما من والديه، أو من أصدقائه، أو من مواقع التواصل الاجتماعي، وربما يقوم الطفل بالسب والشتم دون إدراكه لمعنى ذلك؛ بل لكونه يرى الآخرين يضحكون عند سماعهم تلك الألفاظ منه.

واجب الأهل في هذه الحالة العمل على تخليص الطفل من هذه العادة السيئة؛ بأن يكونوا قدوة حسنة له، فيختاروا تعابيرهم بدقة، وينتبهوا لسلوكهم أمام الطفل، وعند سماع طفلهم، فيجب تجنُّب الضحك أمامه، وتجنُّب الصراخ والتوبيخ أيضاً، كي لا يتحداهم ويصر على عادته، والأفضل حينها جلوس الأهل مع طفلهم والتحدث إليه عن أضرار عادة السب والشتم وعن نظرة الآخرين السلبية إليه.

من الضروري معرفة المصدر الذي يتعلَّم منه الكلمات البذيئة لإبعاده عنه نهائياً، ويمكنهم تعليمه الكلمات التي تعبِّر عن الغضب ليستبدل فيها كلماته البذيئة، وعند اتباعه للسلوك الحسن والابتعاد عن عادة السب والشتم يجب مكافأته ليستمر بذلك.




مقالات مرتبطة