طرق اقتصادية لإدارة مصروف المنزل

تُكتَسَب مهارات الحياة بالتعلُّم والتدرب المستمر، فلا يوجد أحد قد وُلِد بمهارة الكتابة أو التحدث بلغة أجنبية بطلاقة، ولا أحد ولد بمهارة إدارة الأموال أيضاً.



يُنظَرُ إلى جميع البالغين على أنَّهم قادرون على إدارة أموالهم بفعالية وكفاءة، لكن في الحقيقة هناك قلة قليلة من الناس يتقنون ذلك؛ لأنَّ الكثيرين تنتابهم مشاعر سلبية مختلطة عندما لا يعلمون كيف يفعلون شيئاً ما بصورة جيدة، وقد تشمل هذه المشاعر: الإحباط، والشعور بالذنب، والحسد، والغضب، والعار، وخيبة الأمل.

وكما نتعلَّم مهارة قيادة السيارة أو العزف على آلة موسيقية، يجب أيضاً تعلُّم مهارة إدارة الأموال، ولم يفت الأوان أبداً للبدء بذلك بعد، والجميل في هذا الأمر أنَّ القيام به عادةً ما يؤدي إلى الحصول على فوائد فورية وملموسة. قد لا تتمثَّل الفوائد بأن يكسب الشخص المزيد من الأموال؛ بل في أن يكون قادراً على استخدام الأموال التي لديه حالياً بحكمة.

إدارة مصاريف المنزل تعدُّ من التحديات التي تواجه كل أسرة وخاصةً في الوقت الحاضر في ظل ارتفاع الأسعار؛ حيث إنَّ دخل المنزل لا يكاد يكفي لسدِّ مصاريف الاحتياجات الأساسية، ولإدارته بطريقة أكثر كفاءة هناك إجراءات عديدة ونصائح يجب اتباعها.

لست بحاجة لأن تكون جيداً في الحسابات لتتمتع بوفرة الأموال؛ وإنَّما عليك أن تكون ذكياً بعادات الإنفاق لإدارة ميزانية أسرتك؛ حيث يسعى العديد من الآباء إلى تنظيم وضبط نفقات المنزل لتجنب مواجهة أي أزمة اقتصادية في نهاية كل شهر، مما يدفعهم إلى البحث عن حلول وطرائق لإدارة وتوفير جميع الاحتياجات اللازمة للمنزل ولأفراد الأسرة؛ وفي هذه المقالة سنقدم لك كيفية إدارة نفقات المنزل.

كما نعلم فإنَّ كلمة ميزانية أو موازنة قد تحظى بسمعة سيئة لدى عامة الناس؛ حيث يعدُّونها وسيلة لتجريدهم من متعة إنفاق الأموال، فيتهيأ لبعضهم أن لا مزيد من التسوق والأكل في المطاعم والنزهات في عطلة نهاية الأسبوع، لكن على العكس تماماً، فليس هذا هو الغرض من الميزانية، فهي ببساطة تُظهِر مقدار الأموال التي نحصل عليها وكيفية إنفاقها.

وبغض النظر عن الوضع الاقتصادي أو الجيل الذي تنتمي إليه، يمكن لكل شخص الاستفادة من إنشاء الميزانية وإدارتها، فهي تمنحك إحساساً بالسيطرة على أموالك؛ لذا عليك التفكير فيها كأساس مالي، ولكل شخص أساس مالي يختلف اختلافاً تاماً عن أي شخص آخر، كما يختلف الموقف المالي للأشخاص أيضاً، ولتوضيح ذلك توضيحاً مفصلاً أكثر نعرض لك ما يلي:

تعريف الميزانية المنزلية:

هي المخطط الذي يوضِّح بالتفصيل قرارات الإنفاق التي تنوي اتخاذها، ويقدر حجم الأموال التي ستأتي خلال الأشهر القادمة، ويخصص أموالاً كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية، مثل: الطعام، والسكن، والمواصلات.

إقرأ أيضاً: كيف تنفق المال بحكمة (1)

أهمية الميزانية المنزلية:

الميزانية أساس الإدارة السليمة للأموال، ومع ذلك وبالنسبة إلى العديد من الناس، تُثير كلمة "الميزانية" مشاعر الخوف أو الإحباط كما ذكرنا سابقاً، لكن عليك أن تعلم أنَّ ميزانيتك هي خطتك لأموالك؛ وهذا يعتمد على اختياراتك للأولويات التي تحددها؛ حيث إنَّ بناء خطة الإنفاق، أو الميزانية، هو عملية ذات خطوات محددة، وبمجرد الانتهاء منها، ستكون ميزانيتك هي الأساس المتين الذي يمكنك من خلاله إدارة دخلك الحالي ومصاريفك والتخطيط للمستقبل.

وجدنا أنَّه قد تنبع أهمية إعداد الميزانية المنزلية من النقاط التالية:

  1. طريقة بسيطة وفعالة لإدارة المصاريف والديون أو تجنُّبها.
  2. تساعد على تحقيق الأهداف قريبة وبعيدة الأمد.
  3. تمكِّن الملتزم بها من مواجهة فترات العسر المالي الطارئة في المستقبل.
  4. تشجِّع على الاستثمار في الأموال الخاصة.
  5. الشعور بالمسؤولية وراحة البال بسبب القدرة على:
    • سد مصاريف الاحتياجات المنزلية.
    • المحافظة على الديون عند مستوى يمكن إدارته.
    • توفير المال للإضافات الكمالية التي تجعل الحياة ممتعة.
    • تجنُّب القلق المستمر بشأن المال.

والآن، قبل أن تقرأ المزيد، ألقِ نظرة سريعة على مستوى مهارتك الحالية في إدارة الأموال، وأجب عن الأسئلة التالية بصدق بناءً على ما تفعله اليوم:

  • اسأل نفسك عن مقدار الجهد الذي تبذله في إدارة أموالك الخاصة.
  • هل تتعقب ما أنفقته كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر؟
  • كم مرة تندم على إنفاق الكثير من المال على شيء لن يفيدك كثيراً؟

لا تحتاج إلى مشاركة إجاباتك مع أي شخص، فهي فقط لمساعدتك في تحديد كيف قد ترغب في تحسين مهاراتك في إدارة الأموال.

مفتاح إنشاء ميزانية جيدة وأهم النصائح:

المفتاح:

يعد تدوين كل شيء سواء على الورق أم في جدول إلكتروني مفتاحاً أساسياً لإنشاء ميزانية جيدة، وعلى الرغم من أنَّه قد يبدو مملاً في البداية إلا أنَّك ستعتاد الأمر عندما تلمس فوائده، فإنَّ إنشاء ورقة عمل (Excel sheet) لميزانية المنزل لن يساعدك على إدارة أموالك فحسب؛ بل سيساعدك أيضاً على تحسين وضعك المالي من خلال السماح لك بتتبُّع نفقاتك وضبطها.

لا يمكنك إدارة ميزانية المنزل دون إشراك جميع المقيمين فيه؛ لذا اطلب اقتراحاتهم ونصائحهم حول كيفية تقليل النفقات، فكلما زاد عدد الأفكار لديك، كانت ميزانية أسرتك أفضل، وإذا كان لديك أطفال تأكد من إشراكهم في العملية أيضاً؛ حيث إنَّ ذلك لن يؤدي إلى تطوير حس إدارة الأموال لدى الأطفال فحسب؛ بل سيساعدهم على تعلُّم مقدار تكلفة أشياء معينة.

النصائح:

  1. لا تخلط بين الكماليات والضروريات.
  2. لاحظ الأشياء صغيرة القيمة.
  3. اكبح جماح النفس عند قبض علاوة أو الحصول على دخل إضافي.
  4. استخدام الميزانية لتقييد عادات الإنفاق السيئة، والاحتفاظ بالإيصالات لمراقبة تقدُّمك.
  5. اعمل على إدارة الديون الخاصة.
  6. اتَّبع قاعدة (50:30:20)، من خلال:
    • إنفاق (50٪) من دخلك على الاحتياجات الأساسية الثابتة؛ مثل: إيجار المنزل، والمواصلات، والطعام، والملابس، وفواتير المرافق، ورعاية الأطفال، والهاتف المحمول، واللوازم المنزلية، وما إلى ذلك.
    • إنفاق (30٪) على الكماليات؛ مثل: النزهات، والمطاعم، والملابس غير الأساسية، والاشتراكات.
    • ادخار الـ (20٪) المتبقية في مدخرات التقاعد، واستثمارات متحفظة؛ مثل: الصناديق المشتركة، أو المتاجرة في البورصة، أو حجز وديعة ثابتة، أو وديعة متكررة، حيث يمكنك تحديد القسط الشهري حسب حاجتك.

طرائق إنشاء الميزانية:

يوجد طرائق عديدة أساسية لإنشاء ميزانية منزلية وتتبُّعها ومراقبتها، وهي:

  • المفكرة والقلم: هي أقدم طريقة وأقل تكلفة؛ حيث يمكنك كتابة جميع مصادر الدخل وجميع أوجه الإنفاق، فإذا توازنت فأنت على ما يرام.
  • جدول البيانات (Microsoft Excel): تقدِّم العديد من مواقع الويب، عيِّنات مجانية من أوراق العمل بدلاً من إنشائها؛ حيث تتيح لك تنظيم الكثير من المعلومات بسهولة، وتقوم بالحسابات نيابة عنك.
  • برامج وتطبيقات مجانية على الإنترنت.
  • برامج مالية متخصصة: بحاجة إلى خبرة في استخدام الحاسوب.
إقرأ أيضاً: 6 أخطاء يقع بها المتزوجون حديثاً فاحذرها!

خطوات إنشاء الميزانية المنزلية:

تتلخص خطوات إعداد الميزانية بالنقاط التالية:

  1. تصنيف أنواع المصاريف وتحليلها؛ وذلك لأنَّها الجزء التالي من المعادلة، والتي تنقسم إلى ثلاث فئات:
    • المصاريف الثابتة: لها مبلغ شهري ثابت؛ مثل: الرهن العقاري أو الإيجار، وفواتير الكهرباء والمياه والاتصالات.
    • المصاريف المتغيرة: تختلف من شهر إلى آخر حسب الحاجة؛ وتشمل البقالة والوقود، والمواصلات.
    • المصاريف التقديرية: هي المصاريف الاختيارية؛ وتشمل الترفيه والتسلية، وعضوية الصالة الرياضية أيضاً، وغالباً ما تجعل المصاريف التقديرية الحياة أكثر متعة، ولكن يجب أن تكون أول المصاريف التي تُنفَق إذا كنت لا تستطيع تحمُّل الأساسيات.
  2. تحديد جميع موارد الدخل وحساب إجمالي الدخل الشهري، عن طريق إعداد قائمة بمصادر دخلك الشهري (بمجرد حصولك على أرقامك، اجمعها؛ المجموع هو دخلك الشهري)، بما في ذلك:
    • راتبك (بعد الضرائب).
    • المكافآت.
    • المعونات اجتماعية (حكومية أو غيرها).
    • مصادر دخل أخرى.
  3. تجميع وتسجيل كل عمليات الدخل والمصاريف الخاصة بالمنزل لفترة زمنية محددة؛ ويفضَّل تجميعها شهرياً، عن طريق:
    • إضافة المزيد من المعلومات عن كل عملية.
    • إضافة صور للمنتجات التي اشتريتها.
    • إضافة الموقع.
    • إضافة مذكرات صوتية.
    • ربط العمليات بالأنشطة الكبيرة، مثل: الرحلات.
  4. التواصل بين أفراد الأسرة بوضوحٍ وشفافية وتحديد الأهداف قريبة وبعيدة الأمد.
  5. تحديد نسبة من إجمالي الدخل للادخار:
    يجب أن تكون المدخرات جزءاً من الخطة؛ حيث يوصي المخططون الماليون بأن تغطي مدخراتك ستة أشهر من الدخل، وهو ما يكفي لتعويض فقدان الوظيفة أو أي حالة طارئة أخرى، وقد تجد أنَّه من المفيد فتح حساب توفير منفصل وتمويله تدريجياً حتى تصل إلى الهدف.
  6. تصميم الميزانية واختيار الطريقة الملائمة لإنشائها.
  7. وضع الخطة موضع التنفيذ والالتزام بها على الأقل 12 شهراً من تاريخ البدء.
  8. تقييم النتائج وضبط وتحسين الميزانية وفقها:
    • يجب أن تراقب دخلك ومصاريفك لمدة شهر أو شهرين، وعندها ستكون أكثر وعياً بالمجالات التي تحتاج إلى تعديل، وقد تجد بعض الانحراف في المصاريف التقديرية عن قيمها الفعلية في الشهر الأول، أو ربما لم تأخذ في الحسبان بعض المصاريف مثل إصلاح السيارات أو الفواتير البيطرية، لذلك عليك إجراء تعديلات، ولكن احرص دائماً على إجراء موازنة بين التدفقات الداخلة والتدفقات الخارجة.
    • بمجرد حل جميع مكامن الخلل في ميزانيتك، عليك الالتزام باتباعها؛ حيث إنَّه لا توجد ميزانية للأبد، ومع ذلك، فإنَّ المراجعات الدورية هي مفتاح النجاح.
    • إذا حصلت على ترقية، على سبيل المثال، يمكنك زيادة الإنفاق التقديري بالإضافة إلى أهداف المدخرات الخاصة بك؛ ومن ناحية أخرى، فإنَّ التسريح أو تقليل ساعات العمل قد يؤدي إلى تقليص المصاريف حتى تستعيد دخلك.

نقاط هامة لتحسين الميزانية:

  • قارن الميزانية التي خططتَ لها بالنفقات الحقيقية والدخل الحقيقي.
  • احصل على نصائح لتوفير المال.
  • عقد لقاءات عائلية ومناقشات حول كيفية تحسين الوضع المالي.

شاهد بالفديو: 7 أفكار تساعدك على توفير مصاريف الأسرة

عزيزنا القارئ عليك أن تعلم أنَّ الرسالة هي: "لا يمكنك الحصول على ما تريد دوماً"، وقد تواجه مشكلة يواجهها الكثير منا طوال الوقت، ولكن إذا حاولت، فستحصل على ما تحتاجه. كما عليك أن تتقن كيفية الفصل بين الرغبات (الكماليات) والاحتياجات؛ لأنَّ ذلك هو الفرق بين إنشاء ميزانية ناجحة أو الإفلاس.

يمكن للجميع الاستفادة من اتباع نهج واضح واستباقي للتحكم في مواردهم المالية؛ حيث سيساعدك الالتزام بميزانيتك على إرشادك إلى وضع مالي أفضل.

كما يمكن للميزانية أن تحسِّن حياتك؛ وذلك لأنَّها:

  1. تكشف مكامن الهدر: تلقي الميزانية الضوء على المجالات التي يهملها الكثير من الناس في حياتهم اليومية.
  2. تحدد وتوجِّه الأولويات: تسمح الميزانية للأشخاص بإلقاء نظرة شاملة على عادات الإنفاق لديهم وتحديد أولويات جديدة لزيادة إمكاناتهم المالية إلى أقصى حد.
  3. تخلق عادات جديدة: فعندما يحصل الأشخاص على صورة أوضح عن كيفية استخدامهم لأموالهم، فإنَّ ذلك يسمح لهم بتحويل النفقات إلى فئات مختلفة، مما يجعلهم أكثر وعياً بالإنفاق غير الضروري.
  4. تقلل من الإجهاد: الوضع المالي هو واحد من أهم المواقف المسببة للتوتر، لذلك عندما تمتلك شعوراً بالسيطرة على الأموال الواردة والخارجة، يمكن أن يتحوَّل التوتر إلى شعور بالتمكين.
  5. بُعد النظر: يسمح وجود ميزانية للأشخاص بالنظر إلى الأموال كأداة، مما يؤدي إلى تغيير طريقة التفكير للتركيز على الأهداف طويلة الأجل والاحتياجات المستقبلية.

يعد إنشاء الميزانية هو الخطوة الأولى، لكنَّ الحفاظ على الميزانية هو المكان الذي تبدأ فيه برؤية نمو حقيقي في نفسك وزيادة حجم أموالك، ويمكن أن يكون الالتزام بالميزانية مَهمة صعبة للأشخاص الذين لم يعتادوا على الإنفاق المحدود أو الانضباط الذاتي في مواردهم المالية، لذلك من الهام الحفاظ على موقف إيجابي تجاه العملية.

يمكن أن يساعدك البقاء متحمساً في تخفيف بعض ضغوط إعداد الميزانية؛ لذا ضع في حسبانك تخصيص بعض المال كل شهر حتى تتمكن من الحصول على عطلة مريحة في نهاية العام.

أخيراً، ضع أهدافاً واقعية، وابدأ ببطء، وابنِ خطة تناسبك وتناسب نمط حياتك.




مقالات مرتبطة