شرح استراتيجيات التعلم النشط

يُعرَف التعلُّم النشط بأنَّه عملية تعليمية تعتمد على إشراك الطالب في النشاطات. وفي هذا المقال، سنقدم لكم شرحاً عن استراتيجيات التعلُّم النشط الجديدة بالصور، مع إيجابيات وسلبيات كلٍّ منها.



تعريف التعلم النشط:

يمكن تعريفه استناداً إلى مبادئ الفلسفة على أنَّه فلسفة تربوية تهدف إلى تفعيل دور الطالب في عملية التعلُّم، وتطويرها تطويراً إيجابياً، وتوجيهها باتجاه التعلُّم الذاتي في الوصول إلى المعلومات؛ وذلك بالاعتماد على الاختبارات والتجارب في الحصول على النتائج والحقائق العلمية واكتساب المهارات اللازمة لذلك.

إذاً، فالتعلُّم النشط هو أسلوبٌ تعليميٌّ بعيدٌ كل البعد عن طريقة التلقين التقليدية، التي يكون فيها المعلم هو المصدر الوحيد للمعلومة، كما أنَّه أسلوب يعتمد على تنمية المهارات والقدرات الفردية الطلابية؛ وذلك من خلال تعليمهم طرح التساؤلات وحل المشكلات، وتنمية روح العمل الجماعي ضمن الفريق.

أمَّا إذا ما أردنا تعريف التعلُّم النشط بالطريقة الإجرائية، فيمكن وصفه بأنَّه أسلوب تعلُّمي وتعليمي، يؤدي فيه الطالب دوراً مزدوجاً كمتلقٍّ للمعلومة وباحثٍ عنها، في حين يكون دور المعلم إدارة جلسات الحوار والنقاش التي تتمحور حول موضوع معيَّن، وتهيئة الظروف للوصول إلى النتيجة المرجوة.

في التعليم النشط، يضاف صقل شخصية الطالب إلى مهام العملية التعليمية، ويؤخذ في الحسبان تنمية نزعة التعلُّم الذاتي لديه، وتعزيز ثقته بنفسه، وتطوير مهاراته في حل المشكلات عن طريق طرح القضايا التعليمية بطريقة تفاعلية، تغتني بمشاركات الطلاب الفعَّالة ونقاشهم البنَّاء وإصغائهم الإيجابي.

ما هي فوائد التعلّم النشط؟

إنَّ للتعليم النشط فوائد عديدة وأهمية كبيرة، وسنذكر منها:

  • صقل مهارات العمل الجماعي: يعزز التعلُّم النشط التواصل بين الطلبة، ويخلق بينهم علاقات وثيقة تصب في مصلحة إنجاز هدف معيَّن؛ لذا فإنَّه يؤهبهم ويعزز لديهم مهارة العمل الجماعي والعمل ضمن فريق.
  • حرية التعبير عن الآراء والأفكار: يستبدل التعلُّم النشط دور الطالب من المدوِّن للأفكار والملاحظات إلى دور المُقدِّم للأفكار والاقتراحات التي تدور في ذهنه؛ إذ يدفع هذا الأسلوب في التعليم الطالب للدخول في نقاشات عديدة والخوض في تفاصيل كثيرة من أجل إثبات صحة آرائه أو دحض الاتهامات عنها.
  • تحفيز الطلبة للاطلاع على المنهاج: لقد استبدل التعلُّم النشط دور الطالب الذي يدخل الحجرة الصفية بانتظار ما سيمليه عليه معلمه في التعليم التقليدي، بدور أكثر نشاطاً وفاعلية، يضطر فيه إلى تحضير الأدوات والنشاطات التي سيستعملها في درسه التالي؛ وهذا يخلق لديه فضولاً أكثر نحو التعلُّم، ويرفع من مستوى تفكيره.
  • تطوير مهارة التفكير الناقد لدى الطلبة: يحفز التعلُّم النشط الطلاب على التفكير بطريقة إيجابية، وإيجاد الأسباب المنطقية التي أدت إلى الوصول إلى النتيجة التي بين أيديهم، فيُقدِّمون المقترحات والحلول، ويحللون الأمور للوصول إلى الطريقة الصحيحة.
  • تطوير مهارة التفكير الإبداعي لدى الطلبة: يعمل التعلُّم النشط، من خلال البيئة الحرة التي يقدمها، على فسح المجال أمام الطلبة لتقديم حلولهم وأفكارهم الإبداعية، بعيداً عن التنميط والتأطير الذي يتصف به التعليم التقليدي.
  • تنشيط الذاكرة: يُقدِّم التعلُّم النشط المعلومات عن طريق النشاطات التفاعلية؛ وهذا الأسلوب يسهل عملية حفظ المعلومات وتخزينها في الذاكرة؛ بسبب اقترانها بنشاطات وممارسات قام بها الطالب، بالإضافة إلى أنَّ هذا الأسلوب يسرع حفظ المعلومات وفهمها أكثر ممَّا لو حصل الطالب عليها بصيغة مقروءة أو مسموعة.
  • تفعيل دور التكنولوجيا: من شأن التعلُّم النشط أن يسخر أدوات التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية، هذا الأمر الذي ينعكس إيجاباً على جودتها.
  • تعزيز مهارة حل المشكلات: إنَّ التعلُّم النشط، وعن طريق أساليبه في طرح المعلومات وتقديمها، يطور لدى الطلبة مهارة حل المشكلات؛ إذ إنَّهم من أجل حل مسألة ما يضطرون إلى تجزئتها ومعالجة كل جزء من المشكلة على حدة حتى الوصول إلى حل كلي للمسألة.

جدول التعلُّم النشط:

ينتمي جدول التعلُّم النشط إلى الاستراتيجيات فوق المعرفية، ويعتمد على الأسلوب الذي يطرح فيه المعلم الأسئلة، وهو عبارة عن جدول يقوم المعلم بتوزيعه على طلابه في بداية كل درس أو وحدة دراسية لتنظيم عملية التعلُّم.

ينقسم هذا الجدول إلى ثلاثة أقسام:

  1. القسم الأول "ماذا أعرف؟": يعتمد هذا القسم على المعلومات السابقة التي يمتلكها الطالب سواء كانت صحيحة أم مغلوطة.
  2. القسم الثاني "ماذا أريد أن أعرف؟": يكتب الطالب أو مجموعة الطلبة في هذا القسم الأسئلة التي يرجون من الوحدة أو الدرس الإجابة عنها.
  3. القسم الثالث "ماذا تعلمت؟": يُخصَّص هذا القسم لكتابة استنتاجات الطالب والإجابات التي حصل عليها التي تتعلق بأسئلته التي طرحها في القسم السابق مستعيناً برؤيته الأولية.

فيما يأتي نموذج لجدول التعلُّم النشط:

ماذا أعرف؟ ماذا أريد أن أعرف؟ ماذا تعلمت؟
     

ما هي الاستراتيجيات الجديدة للتعلُّم النشط؟

من أهم الاستراتيجيات الجديدة في التعلُّم النشط نذكر:

التعلُّم بالاستقصاء: وهو طريقة من طرائق التعلُّم الذاتي التي تساهم في تطوير المقدرات الفكرية للأفراد، وخلق الأفكار والاستنتاجات الجديدة؛ إذ تكمن أهمية التعلُّم بالاستقصاء في أنَّه أسلوب من أساليب التدريس الأكثر فاعلية، الذي يضطر فيه المتعلم إلى اتباع أسلوب العالِم للوصول إلى النتائج التي يبحث عنها؛ وهذا ينمي لديه مهارة التفكير العلمي.

التعلُّم التعاوني: وهو أسلوب تربوي تعليمي يعتمد على تنمية روح التعاون بين الطلبة؛ وذلك عن طريق تقسيمهم إلى مجموعات يتراوح عدد أفرادها بين 4-6 أفراد، تتضافر جهودهم لتحقيق الأهداف المشتركة.

تعلُّم الأقران: يستعين هذا الأسلوب التعليمي بكل طالب ليكون معلماً لزميله؛ وهذا يساعد على كسر الحواجز بين الطلاب وتحقيق الاندماج بينهم.

التعلُّم الذاتي: وهو أسلوب تعليمي يعتمد على قيام الطالب من تلقاء نفسه بنشاط تعليمي بغرض تطوير ثقته بنفسه، وتنمية شخصيته، وتطوير قدراته، وتحسين مهاراته.

مسرح المناهج: وهو مجموعة من النشاطات التربوية التي تهدف إلى ربط كل موقف حياتي للطلبة بالواقع العملي.

استراتيجيات التعلُّم النشط عن بعد:

يتضمن التعلُّم النشط عن بعد مجموعة من الاستراتيجيات هي:

استراتيجية المشاركة: يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية عن طريق برنامج "زووم" وغيره من البرامج التي تقدم ميزة اللقاءات الافتراضية؛ فإنَّ استعمال هذه الاستراتيجية يطور مهارات التواصل وتبادل الآراء بين الطلاب.

المناظرة بين الطلاب: وتكون عن طريق طرح سؤال مثير للجدل يقسم الطلاب إلى قسمين بين مؤيد ومعارض، ثم عن طريق إنشاء الاستطلاع تتم إدارة النقاش بين الطلاب.

استعمال الفيديو في العملية التعليمية: إنَّ للمحتويات المرئية قوة تأثير في الذاكرة، ناهيك بإمكانية استعمال الفيديو كمشروع لتقييم الطلاب.

استراتيجية التدريس كطريقة للتعلُّم: تسمح هذه الاستراتيجية بالخروج عن الدور المألوف للطالب كمتلقٍّ فحسب، ليقوم بدور المعلم الذي يشرح لزملائه حول موضوع معيَّن، كما يمكن أن يتشارك مجموعة من الطلاب في مهمة شرح الدرس وتقديم المعلومة إلى زملائهم.

المعامل الافتراضية: تتيح للطلاب تطبيق التجارب العلمية في المخابر الافتراضية، بدلاً من أن يقوم المعلم بتلقين التجارب لهم.

الرحلات العلمية الإلكترونية: تكمن فائدة هذه الرحلات بشكل خاص في الدراسات التاريخية؛ لأنَّ هذه الاستراتيجية تسمح للطلاب بالذهاب في رحلة افتراضية مشوقة وعملية إلى هذه المواقع، بدلاً من القراءة عنها بطريقة مكتوبة.

نشاطات اتخاذ القرار: يمكن تطبيقها عن طريق طرح مشكلة أمام الطلاب، ومن ثم الطلب منهم بشكل إفرادي أو جماعي إيجاد حلول لها.

المحاكاة وتمثيل الأدوار: تتيح هذه الاستراتيجية للطالب تقمُّص دور شخصية معيَّنة، بحيث يتفاعل الطلاب معه على هذا الأساس؛ إذ إنَّ من شأن هذه الطريقة تنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلبة.

التعلُّم التعاوني: تنمي هذه الاستراتيجية لدى الطلاب مهارات العمل الجماعي ومهارات التفكير العليا وتحمل المسؤولية واحترام الآخرين.

أهداف استراتيجيات التعلُّم النشط:

  1. الهدف من استراتيجية التوقف المؤقت لاسترجاع المعلومات السابقة هو رفع مستوى التعلُّم، وزيادة فهم واستيعاب الطلبة للمادة الدرسية، وتحسين ذواكر الطلاب طويلة المدى.
  2. الهدف من استراتيجية تقديم المسائل الهامة هو اختبار قدرات الطلاب على فهم هذه المسائل والمشكلات، وإدراك أخطائهم السابقة، والتفكير في حلول جديدة.
  3. الهدف من استراتيجية التفكير ضمن مجموعات ثنائية هو زيادة قدرة الطلاب على شرح الأفكار التي تكونت لديهم.
  4. الهدف من استراتيجية الإجابة خلال دقيقة هو تحفيز الطلبة للتعبير عن أفكارهم.
  5. الهدف من استراتيجية تسلسل الأفكار هو تطوير مهارات التفكير المنطقي.
  6. الهدف من استراتيجية خريطة المفاهيم هو إيجاد أكثر من إجابة صحيحة عن السؤال الواحد.
  7. الهدف من استراتيجية تصنيف الفئات المختلفة هو تنمية مهارات التفكير التحليلي.
  8. الهدف من استراتيجية أسئلة الاختبار للطلبة هو تحفيز فضول الطلاب للاستقصاء والإجابة عن تساؤلات البحث.
  9. الهدف من استراتيجية تحديد الأهداف الرئيسة هو مساعدة الطلاب على ترسيخ المعلومات بشكل أفضل.
  10. الهدف من نشاطات اتخاذ القرار هو تطوير مهارات التفكير الإبداعي وابتكار الحلول.
  11. الهدف من استراتيجية التعلُّم المعتمد على دراسة حالة معيَّنة هو تطوير مهارات اتخاذ القرار والتفكير الإبداعي.
  12. الهدف من استراتيجية الملصقات هو تطوير ثقة الطلاب بأنفسهم وقدرتهم على التعبير عن أفكارهم وآرائهم.
إقرأ أيضاً: مُقارنة بين المُعلّم التقليدي ومُسهِّل التعلُّم

إيجابيات وسلبيات التعلُّم النشط:

إيجابيات التعلُّم النشط سلبيات التعلُّم النشط
تطوير مهارة التعاون والعمل الجماعي بين الطلاب، وتعزيز مهارة العمل بروح الفريق. الحاجة إلى جهود كبيرة من أجل إعداد الخطة الدرسية.
الخروج من دائرة الراحة بالنسبة إلى بعض الطلاب، والمتمثلة في صمتهم وتلقِّيهم المعلومات فحسب، وانطلاقهم نحو التعبير عن أنفسهم وأفكارهم وآرائهم. عدم القدرة على مناقشة كمية كبيرة من المعلومات خلال الحصة الدرسية.
تشجيع جميع الطلاب على التفاعل والمشاركة في الحصة الدرسية، وزيادة حماستهم وفضولهم للحصول على المعلومات عن طريق تحضيرهم المسبق لنشاطات الدرس. زيادة احتمالات تشتت الطلبة وتحويل انتباههم عن موضوع الدرس عند عدم وجود الرقابة الكافية.
طوير مهارات التفكير عند الطلاب وخاصة مهارات التفكير التحليلي والنقدي والإبداعي. استبدال المُساءلة الفردية بالمُساءلة الجماعية.
تفعيل دور التكنولوجيا في عملية التعليم؛ وهذا يجعل التعلُّم النشط أسلوباً مواكباً للتقدم والحضارة بسبب استعماله للوسائل المتطورة الحديثة. حاجة كل موضوع إلى وقت أطول من أجل مناقشته وتقديمه.
زيادة فاعلية الذاكرة عند الطلاب، وتحسين مهارات الحفظ والتركيز والمذاكرة. خلق فرص عديدة لحصول فهم خاطئ للمعلومات.

كُتُب استراتيجيات التعلُّم النشط:

من أفضل الكتب التي تحدثت عن موضوع التعلُّم النشط نذكر هذه الكتب:

  • كتاب "استراتيجيات التعلُّم النشط" للكاتب "محمد عبد السلام".
  • كتاب "الكتاب الذي تتمنى لو قرأه أبوك" للكاتبة "فيليبا بيري".
  • كتاب "صغِّر عقلك" للكاتب "معتز مشعل".
  • كتاب "كيف تتحدث فيصغي الصغار إليك وتصغي إليهم عندما يتحدثون" للكاتبتين "أديل فابر" و"ألين مازليش".
إقرأ أيضاً: التَّعليم النَّظري والتَّطبيق السلوكي

كتاب استراتيجيات التعلُّم النشط بصيغة (pdf):

يُعَدُّ هذا الكتاب واحداً من أهم الكتب التي تتحدث بإسهاب عن تقنيات التعلُّم النشط، وهو من إعداد الكاتب "محمد عبد السلام"، الذي يتحدث فيه عن تعريف التعليم النشط والفرق بينه وبين التعلُّم بطريقة التلقين.

كما يورد الكتاب بعضاً من استراتيجيات التدريس الحديثة في مجال التعلُّم النشط، التي تهدف إلى تفعيل الأدوار القيادية للطلاب ضمن عملية التعليم، وتعزيز مشاركاتهم في الفصل الدراسي، وتنمية العديد من مهارات التفكير لديهم، التي تصب بمجملها في صالح الطلاب وتحسين ذواكرهم وتمكينهم من استيعاب المعلومات بطريقة تفاعلية.

تحميل كتاب استراتيجيات التعلم النشط PDF
استراتيجيات التعلم النشط - أنشطة وتطبيقات عملية

معوقات التعلُّم النشط:

هناك الكثير من معوقات التعلُّم النشط التي تُعثِّر عملية تقدمه، ونذكر منها:

  • عدم ملاءمة الغرف الصفية لهذا الأسلوب من التعلُّم، ناهيك بقلة الأجهزة والأدوات اللازمة لتطبيقه.
  • عدد الطلاب الكبير ضمن الفصل الدراسي الواحد؛ وهذا يصعب عملية تطبيق هذا الأسلوب.
  • تحميل المعلم أعباء إدارية إضافية ومهام جديدة.
  • ضيق الوقت الدراسي ضمن الحصة، وضيق وقت المعلمين بسبب كثرة الحصص.
  • قلق بعض المعلمين من اتباع أساليب تعليمية جديدة، وعدم جاهزيتهم لهذه الخطوة.
  • الوقت الطويل الذي يحتاج إليه التخطيط للدرس والإعداد له.
  • إحجام بعض الطلاب عن المشاركات التفاعلية في التعلُّم النشط.
  • خروج الطلاب عن السيطرة، والخروج عن موضوع الدرس بسبب تدفق الأفكار الجانبية.
  • خوف بعض الطلاب من طرح أفكارهم وتقديم مقترحاتهم أمام زملائهم؛ لأنَّ ذلك قد يعرضهم لسخرية بعضهم وتهكمه.

شاهد بالفديو: ما هي أهمية التعليم المدمج؟

 في الختام:

يمكننا القول إنَّ التعلُّم النشط هو الطريقة التدريسية الأفضل، التي يجب أن تحل محل طرائق التعليم التي تعتمد على التلقين؛ إذ أثبتت هذه الطريقة فاعليتها في تحسين مهارات الطلاب، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، فضلاً عن إيجابياتها الكثيرة في إيصال المحتوى العلمي إلى الطلبة بأفضل الطرائق وأكثرها ثباتاً في الذهن.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة