ريادة الأعمال هروبٌ من الواقع أم إعمالٌ للعقل؟

اترك وظيفتك الروتينيّة المقيتة وليكن لكَ شركتك الناشئة الخاصة بكَ! تكمنُ قوتك الحقيقيّة في أن تكون مُؤسِّساً لشركة، وليس مجرّد موظفٍ عاديّ يعمل تحت إمرة مديرٍ. ألم تَمَلّ من وظيفتك التقليدية ومن ساعات العمل المُقيّدة؟ أليس من الأجدر بكَ مطاردة شغفكَ وتأسيس شركتك النّاشئة، وعندها ستعانق الحريّة وتصبح بطلاً يُتغنَّى بإنجازاته؟ دع خوفك جانباً، وأشعِل حبَّ المخاطرة والمغامرة لديك. كُن مغامراً ومخاطراً ومتمرّداً على القواعد المرسومة. تتصدّر هذه الجمل وغيرها الكثير، قوائم فيديوهات التّحفيز العالمية، دافعةً الملايين من الناس إلى اتخاذ قرارات جذريّة في حياتهم بطريقةٍ اندفاعيّةٍ وغير مدروسة، مما يؤدي إلى خوض تجارب فاشلة وخيبات أملٍ قاسية.



كَثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن ريادة الأعمال، فأطلقَ بعض الباحثين على تلك الظاهرة اسم "إباحية ريادة الأعمال". أمّا من أين أتى هذا الاسم؟ وما هي الأسباب الكامنة وراء الإقبال الكبير على ريادة الأعمال؟ وهل من الممكن لأيّ شخصٍ أن يكون رائداً للأعمال؟ وهل ريادة الأعمال حالة صحيّةٌ أم لا؟ فهو ما سنجد الإجابة عليه في سطور هذا المقال.

إباحيّة ريادة الأعمال:

في عالمٍ يفتخر بقصص المؤسسين ممّن هم في مقتبل العمر؛ شبابٌ تخلّصوا من العبودية بتركهم وظائفهم الروتينية وإقبالهم على تأسيس شركتهم الخاصة مُوَدِّعين حالة الأَسرِ التي عاشوا فيها، ومُرحِّبين بالحريّة والإبداع والحيوية. وعلى الرغم من الصعوبات القاسية جداً التي يواجهونها، إلّا أنّهم في النهاية يَصِلُونَ إلى النجاح الباهر!!

لقد كان لوسائل الإعلام والإنترنت الدور الأكبر في انتشار قصص هؤلاء، وتعزيز ظاهرة ريادة الأعمال التي تحوّلت إلى صناعةٍ تشبه صناعة الأفلام الإباحيّة، فالمفهوم الأساسيّ الذي تدور حوله صناعة الإباحية (Pornography) ليس تقديم الجنس فقط؛ وإنّما تقديم "فانتازيا الجنس"، إذ تقوم صناعة الإباحيّة على تزييف الواقع عبر تقديم صور فانتازية تداعب الخيال وتُعلي مستويات الإثارة للمُتلقّي، وذلك اعتماداً على اندفاعٍ داخليٍّ يتوق للبحث عن مادةٍ جنسيّة، فتكون النتيجة إشباعاً مؤقتاً لتلك الإثارة واختلاطها بمستويات عالية من الخيال والفانتازيا والتزييف على الشاشة، فيُصاب المُشاهد بالإدمان على متابعتها، وتَهدِر آلات صناعتها بلا توقف بإيرادات هائلة بمليارات الدولارات.

تعزف ريادة الأعمال على نفس الوتر الذي تعزف عليه صناعة الإباحية، وهو تقديم صورةٍ مزيّفةٍ فانتازيّةٍ عن واقع عالم ريادة الأعمال، والتركيز على نماذج معينة تُسوّق إلى معاني التألق والإبداع والثراء والراحة، وتتجاهل جوانب مظلمة أو تمرّ عليها سريعاً؛ الأمر الذي قد يؤدّي إلى فشل ملايين المسحورين الذين يدخلون إلى هذا العالم.

إقرأ أيضاً: صفات رائد الأعمال الناجح، وأهم النصائح لرواد الأعمال المُبتدئين

الهروب إلى ريادة الأعمال:

يريد قليلٌ من الشباب العمل من أجل شيءٍ موجودٍ فعلاً، وعوضاً عن ذلك يميلون إلى العمل على إنشاء شركات جديدة مُلتزمين بقواعدهم الخاصة وليس قواعد مديريهم. ينبع جزءٌ من هذه الرّغبات من ذواتهم ومن شغف الشباب، في حين يأتي جزءٌ كبيرٌ منها نتاجاً لما شاهدوه وعاصروه من مشاهد: آباءٌ يُطرَدون من عملهم ويشعرون بأنّهم غير معترفٍ بهم ويتمّ الحكم عليهم وفقاً للمعايير الخاطئة، ونساءٌ يترِكنَ وظائف رفيعة المستوى بمجرّد إنجاب الأطفال؛ فيَضِعنَ بين رغبتهنّ بأن يكُنّ أمهات مثاليات، أو أن يكنّ عاملاتٍ مجدّات. ورجالٌ لا يستطيعون الموازنة بين حياتهم العملية والأسرية.

تتعلّق إباحية ريادة الأعمال بالهروب من شركةٍ حاليّة، أكثر من محاولة تأسيس شركةٍ جديدة؛ حيث تظهر بيانات نشرت في عام 2014، والتي تتعلّق بعدم رضا الأمريكيين عن عملهم -في بيئات الشركات على وجه الخصوص- ما يلي:

  • يترك 2 مليون أمريكي وظائفهم طواعيةً في كلّ شهر.
  • يريد (74%) من الناس العثور على وظيفةٍ جديدة.
  • يبحث (32%) من الموظفين عن وظيفة جديدة.
  • أنّ (47.3%) من الأمريكيين العاملين حالياً راضين عن مواقعهم ضمن العمل.
  • أنّه لمن المرجح أن يكون لدى روّاد الأعمال رؤيةً أكثر تفاؤلاً بشأن مستقبلهم بالمقارنة مع الموظفين الآخرين.

يزدهر "الهروب إلى ريادة الأعمال" في بيئة كهذه، حيث أنّ الدوافع النّفسية أكثر أهميّة من الدوافع المالية لدى البادئين في تأسيس شركة ناشئة؛ فتوقهم إلى إدارة ذاتهم بذاتهم يجعلهم يهرعون إلى فكرة ريادة الأعمال.

وقد يكون "الرغبة في تحقيق الهويّة" السبب الآخر للهروب؛ حيث يكون لدى بعض الأشخاص أفكاراً تطويرية تخدم مكان عملهم، لكن لا يتمّ إعطاؤهم الفرصة والحرية لممارستها داخل هيكل شركتهم، فيتولّد لديهم الدافع للتخلّي عن وظائفهم وبناء شركتهم الخاصة.

وعلى الرّغم من الدوافع النّبيلة الكامنة وراء الهروب إلى ريادة الأعمال، ليس من الضروري أن تكون الشركات الناشئة وحدها بيئة العمل الفعالة التي تُحقق رضا الموظفين؛ فمعايير بيئة العمل المُرضِية تتحدّد بما يلي:

وكلّما طال تعزيز الخيال الجامح لريادة الأعمال، أصبحت المؤسسات المنشأة أضعف. لذلك قد يكون تطبيق المعايير المتعلّقة بإنشاء أماكن عمل فعّالة حلاً مساعداً في هذه الحالة؛ كأن يتمّ:

  • معاملة الموظفين بصفتهم شركاء في العمل.
  • التركيز على المساءلة.
  • السماح للرجال والنساء بعيش حياة متوازنة.
  • الاهتمام بالإنتاجية أكثر من الاهتمام بالوقت.
إقرأ أيضاً: كيف تدير شركتك مثلما يفعل قدوتك في مجال ريادة الأعمال!

ريادة الأعمال لا تعني المغامرة الطائشة:

كثيراً ما نسمع عن قصص مُلهِمة لروّاد أعمال ناجحين تركوا دراستهم وسلكوا طريقهم الخاص، أو بدّدوا أموالهم وأموال مستثمريهم وخاطروا مخاطرةً عاليةً مقابل بناء شركاتهم الناشئة. وعُزِّزَ هذا الأمر من قبل وسائل الإعلام؛ فانتشرت الاقتباسات التّحفيزية اللطيفة والخطب المُلهِمة من قبل المليارديرات والتقارير الاقتصادية التي تقول: "نحن بحاجةٍ إلى المزيد من روّاد الأعمال لتعزيز الاقتصاد".

إنّه لمن السّهل عليهم القيام بذلك لأنّهم يحصلون على أموالٍ في المقابل، لكن يظلّ من واجبنا أن نقرّر ما يجب القيام به من عدمه، وذلك بغض النّظر عن عدد الاقتباسات التحفيزية أو ما نشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي؛ فريادة الأعمال تتطلّب أكثر بكثير من مجرّد فكرة، إذ يتطلّب الأمر الكثير من الجدّ لتكون رائد أعمالٍ ناجح، فلا تستطيع القول "لقد فشلتُ في دروسي، لكن هذا لا يهمّ سأترك المدرسة وأصبح رائد أعمالٍ"؛ فكونك رائد أعمالٍ ليس علاجاً للفشل.

وإذا لم تتمكّن من النّجاح في أيّ شيءٍ في حياتك، فأنتَ إذاً تواجه مشكلةً خطيرة، وكونك رائد أعمالٍ لن يحلّ المشكلة، بل سيزيدها سوءاً: إذ لم يخترع "إيلون ماسك" "تسلا" لتسديد قروضه الطلابيّة، ولم ينشئ شركة "space x" ليتباهى بها على الملأ ثم يقضي باقي حياته يعيش في جزيرةٍ استوائية؛ بل كان يملك هدفاً ورؤية، وكان يعرف ما يريد القيام به تماماً.

ومن ناحيةٍ أخرى، فالشّائع عن "بيل غيتس" مؤسس شركة مايكروسوفت، أنّه قد ترك الجامعة لتأسيس شركته، لكن في حقيقة الأمر لم يكن قراره بتركها اعتباطياً، ولم يتّخذه إلّا بعد إنهائه تطوير برمجياته، وبالاستناد على أساسٍ متينٍ يتمثّل بتلقّيه عروضاً واضحةً من مستثمرين بخصوص بدء تمويل شركته.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشريك المؤسس لشركة آبل العملاقة "ستيف ووزنياك"، فعلى الرّغم من اختراع جهاز حاسوب "آبل 1" الذي عُدَّ بدايةً ممتازةً ومُشجّعةً لشركة آبل، إلّا أنّه استمرَّ في العمل في وظيفته النظاميّة لمدة عامٍ كاملٍ في شركة "هيوليت باكارد" (HP)، ثم قرّر بعد مُضيّ هذا العام التفرّغ إلى العمل مع صديقه "ستيف جوبز"، وذلك بعد تَهافُت العروض التمويليّة ورؤية النّجاح الحتمي للشركة.

إذاً تُعدّ الفكرة المأخوذة عن رواد الأعمال بأنّهم مغامرون انتحاريون فكرةً مغلوطةً تماماً؛ ففي دراسةٍ صادمةٍ قامت بها جامعة ستانفورد العريقة بالتعاون مع جامعة برينستون، وتمّ إجراؤها على 60 ألف شخص في العام 2012 لقياس مستوى "الإقدام على المخاطرة" (Risk Tolerance)، جرى تقسيم عيّنة الدراسة إلى مجموعتين، حيث ضمّت الأولى رواد أعمال، في حين ضمّت الثانية أشخاصاً عاديين من مختلف الفئات الوظيفية. تَمَثَّلَ هدف الدراسة في قياس مدى مخاطرة الرياديين في مقابل الأشخاص العاديين.

هنا، تمّ وضع ثلاثة خيارات أمام المجموعتين -الرياديّين والعاديين- من ناحية "الاستثمار المغامر" (Venture investments)، أي الاستثمار في فرص أو مشروعات أو شركات مع نسبة احتمال نجاحها:

  • الخيار الأول: أن تكسب 5 ملايين دولار، مقابل احتمالية نجاح قدرها (20%) فقط (أي احتمال الخسارة هو 80%).
  • الخيار الثاني: أن تكسب مليونَي دولار، مقابل احتمالية نجاح قدرها (50%) (أي إن احتمال النجاح يساوي احتمال الفشل).
  • الخيار الثالث: أن تكسب 1.2 مليون دولار، مقابل احتمال نجاح يصل إلى (80%) (أي احتمال الخسارة هو 20% فقط).

لعلَّك قد تظن أنَّ نتيجة هذه الدراسة ستظهر أنّ فئة الرياديين ستختار الخيار الأول (الكسب المرتفع ولو كان احتمال الخسارة عالٍ)، بينما فئة العاديين ستذهب إلى الخيار الثالث الآمن (الربح القليل مع احتمالية نجاح عالية جداً)؛ بيد أنَّ نتيجة الدراسة كانت مخالفة تماماً للتوقعات؛ إذ اختار الرياديون الخيار الثالث الآمن، في حين اختار الأشخاص العاديون الخيار الأكثر مخاطرةً (الخيار الأول).

وهذا أكبر دليلٍ على معلوماتنا المُشوّهة حيال رواد الأعمال، فالحقيقة أنّهم أشخاصٌ يميلون إلى اتخاذ الحلول الآمنة بعيداً عن المخاطرة الطائشة، وفي ظلّ ثورة التكنولوجيا والمعلومات والتّسويق الكبير لروّاد الأعمال على أنّهم أبطال خارقون ومُقتحمون لدوائر الأمان؛ تولّد لدى الناس العاديين رغبةً دفينةً لكسر القيود وتخطّي الروتين والمنطق والذهاب إلى أقصى الجنون؛ وهذا ما يُفسّر اختيارهم للخيار الأول.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تقف وراء فشل الشركات الناشئة

ريادة الأعمال والتّشويش:

لدينا الكثير من المعتقدات المغلوطة عن ريادة الأعمال، والتي يستلزم تصحيحها، مثل:

1. النهاية غير الواقعية:

المشكلة الأولى والأكثر وضوحاً مع رواد الأعمال، هي النهاية غير الواقعية؛ حيث يقضي معظم رواد الأعمال الكثير من الوقت في وصف (وإضفاء الطابع الرومانسي) على صراعٍ بِدْءِ العمل على تأسيس الشركة النّاشئة، ولكن في نهاية الأمر تنجح الأشياء دائماً. إلا أنّ هذه الحالة نادرة الحدوث على أرض الواقع؛ فمعظم الشركات الناشئة تفشل. فإذا كانت هذه المقالات واقعية، فمعظمها سينتهي بعودة المؤلف إلى منزل والديه.

2. لا تؤدّي إلى تحقيق للثروات:

من المؤكد أنّ هناك بعض القصص الحقيقيّة لتحقيق الثروات، ولكن يأتي معظم رواد الأعمال من عائلات من الطبقة المتوسطة أو العليا، وهذا يمنحهم ميزة المخاطر المنخفضة. من المؤكد أنَّ حياة الشركات الناشئة هي كفاح، لكن بالنسبة إلى معظم روّاد الأعمال فإنّ مخاطر الفشل ليست في الواقع ذات أهميّة كبيرة. فإذا فشل بدء التشغيل الخاص بهم، فيمكنهم العودة إلى عملهم في الشركة.

تعدّ قصص الخرق الحقيقي للثروات نادرة، وسيكون بدء التشغيل لمشروعك أسهل إذا كان لديك بعض الامتياز. على سبيل المثال: ما مدى حرص الناس إلى الانضمام إلى مارك زوكربيرج في الأيام الأولى من فيسبوك إذا لم يكن طالباً بجامعة هارفارد؟

3. لا تحتاج إلى أن تكون فيسبوك:

عند الحديث عن زوكربيرج، هناك روايةٌ شائعةٌ أخرى في مشهد رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، روايةٌ تؤكّد على ضرورة بناء شركةٍ تبدأ صغيرةً وتنمو لتصبح شيئاً ذا قيمةٍ هائلةٍ مثل فيسبوك.

هذه الفكرة هي جزءٌ كبيرٌ من إباحية ريادة الأعمال؛ حيث توجد اللحظة التي يتخيّلها الجميع، اللحظة التي يتمّ فيها سداد قيمة جميع الليالي المُتعبة الطويلة كأن تبيع شركتك المكونة من 30 شخصاً إلى جوجل مقابل 700 مليار دولار أمريكي.

ليست جميع الشركات بحاجة إلى أن تكون -أو يمكن أن تكون- كفيسبوك؛ فهنالك الملايين من الشركات الناجحة للغاية الموجودة في العالم والتي لا تجني المليارات، ولكنّها تساعد أصحابها وموظفيها على كسب أجرٍ مريحٍ وفي القيام بشيءٍ يستمتعون به.

4. المال لن يجعلك سعيداً إن لم يكن لديك هدف:

عليك أن تسأل نفسك السؤال التالي الذي تتجاهله غالبية رواد الأعمال: هل تريد حقاً الكثير من المال، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟

هنالك الكثير من الأسباب العظيمة لتمنّي الحصول على الكثير من المال. ربما تريد استخدامه مثل "بيل غيتس"، وأن تُحدِث فرقاً جوهرياً من خلال العمل الخيري، وعندها سيكون سببك رائعاً لكسب المال.

إيّاكَ أن تبدأ في تأسيس شركتك النّاشئة مُعتقداً أنّ كونك رائد أعمالٍ سيجعلك سعيداً، لن يفعل ذلك أبداً؛ فعادةً ما تكون عملية بناء شركة ناشئة نوعاً ما بائسة -رغم أنّها قد تكون مُبهجة- لذا من الأفضل أن يكون لديك هدفٌ أو سببٌ آخر لذلك.

الخلاصة:

"النّجاح هو القيمة"، لذا بمقدورك أنتَ تحديد مكمن قيمتك، فقد تكون في كونك رائد أعمالٍ، أو في كونك موظّفاً ضمن فريق عملٍ متماسكٍ وبيئة عملٍ تُراعي معايير جودة العمل، فلا تلهث وراء موجات التّشويش الإعلامي دون إعمال عقلك، واسترشد بخبرتك وبإحساسك وعقلانيتك لكي تُحدّد ما تريد تماماً.

عندما تُفعَّل ريادة الأعمال بشكلها الصحيح بعيداً عن التّزييف والمبالغة، وتُوجَّه إلى خدمة أهدافٍ معيّنة؛ ستكون في أسمى صورها وأكثرها فاعليّة.




مقالات مرتبطة