دليلك الشامل لإتقان تفويض المهام بفاعلية

ينبغي أن يُتقن جميع المديرين فن التفويض؛ إذ يُعدُّ فهم كيف ومتى يمكن توزيع المسؤولية على الآخرين أمراً ضرورياً للحفاظ على مستوى عالٍ من الإنتاجية على الصعيدين الشخصي والتنظيمي، كما يُعدُّ ذلك مهارةً هامةً للقيادة الفعالة.



يتمحور تعلُّم كيفية التفويض حول تكوين فريق متماسك وفعَّال وقادر على الوفاء بالمواعيد النهائية، كما يقلل تحديد الوقت وكيفية تفويض المهام من عبء العمل، وبالتالي يُحسن وضعك في العمل، ويعزز رضاك ​​الوظيفي؛ ولكن لسوء الحظ، لا يعرف العديد من القادة كيفية التفويض على النحو الصحيح، أو يترددون في القيام بذلك.

ستكتشف في هذا الدليل ما ينطوي عليه التفويض تماماً، وكيف يفيد تفويضُ المهام فريقَك، وكيف تُسنِد المهام بفاعلية.

أهمية التفويض:

يُتقن القائد المحنَّك كيفية تفويض المهام؛ فعندما تُفوِّض جزءاً من عملك، توفر وقتك وتُنجز مهامَ أكثر بصورة يومية، كما يعزِّز التفويض الفعال الإنتاجية ومهارة إدارة الوقت الجيد داخل الفريق؛ وذلك من خلال الاعتماد على جملة االمهارات التي يتمتع بها الأعضاء، والسماح لهم بتحسين معارف وكفاءات جديدة خلال مسيرتهم أيضاً؛ والذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تكوين فريق أكثر مرونةً، وقادر على تقاسم الأدوار عندما تستدعي الحاجة ذلك.

حينما تكون على استعداد للتفويض، فإنَّك تعزز جواً من الثقة والاطمئنان في العمل؛ إذ ترسل تصرفاتك بوصفك قائداً إشارةً واضحةً إلى الموظفين تخبرهم أنَّك تثق بقدرتهم على تحقيق النتائج المرجوة؛ ونتيجة لذلك، سيرونك قائداً محبوباً وفعالاً يُقدِّر مهاراتهم واحتياجاتهم.

لا يتمحور التفويض حول إصدار الأوامر على أمل أن يتبعها أعضاء فريقك؛ بل تتمثل مهمة المدير في الحصول على الأفضل ممن هم تحت إشرافه، وزيادة الإنتاجية والربح؛ إذ يساعد التفويض على تحديد نقاط القوة والضعف الفريدة لأعضاء الفريق والاستفادة منها، كما يعزز مشاركة الموظفين لأنَّه يثبت أنَّ المديرين مهتمون بالاستفادة من مواهبهم.

إقرأ أيضاً: أهمية تفويض القيادة، وكيفية تفويض المهام على نحوٍ صحيح

لماذا يخشى الناس تفويض المهام؟

يعزز التفويض الإنتاجية؛ ولكن ليس كل المديرين مستعدين أو قادرين على التفويض، وثمة بعض الأسباب الشائعة وراء ذلك:

  • لا يُحبِّذ الناس فكرة أن يُنسَب الفضل في إنجاز مشروع ما إلى شخص آخر.
  • قد يكونون على استعداد للتفويض من حيث المبدأ لكنَّهم يخشون ألا يتمكن فريقهم من تحمل المزيد من المسؤولية.
  • إنَّهم يشتبهون في أنَّ موظفيهم مرهقون بالفعل ويشعرون بالتردد في زيادة العبء عليهم.
  • يعتقدون أنَّه من الأسهل والأسرع القيام بالمهمة بأنفسهم.
  • لا يحبون فكرة التخلي عن المهام التي يستمتعون بها؛ فهم يخشون أنَّه إذا فوَّضوا المسؤولية، فسوف يستنتج مديرهم أنَّهم لا يستطيعون التعامل مع عبء العمل.

الفرق بين التفويض والتوزيع:

يعتقد معظم الناس أنَّ التفويض والتوزيع هما كلمتان مترادفتان، ولكن ثمة فرق هام بينهما ينبغي تمييزه؛ فحينما توزِّع أو تخصص مهمة ما، فجُلَّ ما تفعله هو إرشاد الموظفين إلى إنجاز عمل معين؛ إذ تخبرهم بما عليهم فعله، ومن ثم يكون عليهم أن ينجزوا ذلك. الأمر بهذه البساطة.

وعلى المقلب الآخر، ينطوي التفويض على نقل بعض من "عملك الخاص" إلى شخص آخر، وليس إعطاءه مجموعة من التعليمات فحسب؛ والجزء الهام هو أن يُوكَلوا بدور يتطلب منهم اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية لإنجاز المهمة.

كيف تفوِّض المهام بفاعلية؟

إذاً ما هي أفضل طريقة لتفويض المهام لتتمكن من محاربة الخوف من التفويض، وتكوِّن فريقاً فعالاً، وتعمل بصورة أسرع؟ نقدِّم إليك دليلاً تفصيلياً لتحقيق ذلك:

1. حدِّد الوقت المناسب للتفويض:

من خلال معرفة مقدار التحكم الذي تحتاجه للسيطرة على الوضع، يمكنك تحديد أفضل استراتيجية لتمكين الموظفين؛ إذ ثمة 7 مستويات من التفويض الذي يمنح الموظفين درجات متفاوتة من المسؤولية.

يحدث التفويض على مستويات عدة؛ إذ يتجلى أدنى مستوى من التفويض عندما تخبر الآخرين بما يجب عليهم فعله؛ وهذا يوفر فرصة ضئيلة للموظفين لتجربة أساليب جديدة، ويحدث أكثر أشكال التفويض تمكيناً عندما تكون قادراً على التخلي عن معظم سيطرتك على المشروع للموظف.

تساعدك معرفة كيفية تفويض العمل على فهم كيفية ربط الأشخاص بالمهام التي تحقق أفضل استفادة من مواهبهم، وعندما يحدث ذلك بشكل صحيح، فإنَّه يضمن حصولك على أفضل نتيجة نهائية، عندما تقرر كيفية تفويض العمل، اطرح الأسئلة الآتية: هل يجب أن تكون مسؤولاً عن هذه المهمة بنفسك؟ أم يمكن لشخص آخر تنفيذها؟ هل هذا يتطلب انتباهك لتكون ناجحاً؟ هل سيساعدك هذا في العمل على تطوير مهارات الموظف؟ هل لديك الوقت لتعليم شخص ما كيفية القيام بهذه الوظيفة؟ وهل تتوقع أن تتكرر مهام من هذا النوع في المستقبل؟

2. حدد الشخص الأفضل لأداء المهمة:

يجب عليك تمرير الشُّعلة إلى عضو الفريق المناسب حتى ينجح التفويض؛ إذ يتمحور هدفك حول خلق موقف تتمتع فيه أنت وشركتك والموظف، بتجربة إيجابية؛ لذا يجب أن تضع في الحُسبان مهارات أعضاء الفريق، واستعداداتهم للتعلم، وأساليب عملهم واهتماماتهم، لأنَّ الشخص الذي فوَّضته سيتمكن من تنفيذ العمل بفاعلية أكبر إذا كان يمتلك القدرة والمهارة والرغبة اللازمة.

وعندما يكون ذلك ممكناً، امنح الموظف فرصة لتعزيز نقاط قوته؛ قد يحتاج العمال عديمو الخبرة إلى مزيد من التوجيه أكثر من أولئك المخضرمين؛ وإذا لم يكن لديك الوقت الكافي لإعداد الموظف الجديد لتحقيق النجاح في مهمة ما، فليس من العدل تفويضها إليه.

يجب عليك أيضاً التفكير في مقدار انشغال موظفيك، فآخر شيء تريد القيام به هو إرباك الشخص بإعطائه الكثير من المسؤوليات.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات لتفويض المهام وفق نصائح مديري غوغل

3. أوضح أنَّك تدعم الموظفين لضمان انغماسهم في العمل:

بعد العثور على الشخص المثالي للوظيفة، لا يزال يجب عليك دعمه لتولي المسؤولية الجديدة؛ لذا دعه يعرف سبب اختياره للوظيفة؛ فعندما تُظهر للآخرين أنَّك تدعم نموهم، فسوف تبني ثقافة الثقة في فريقك؛ فالموظفون الذين يرون في المهام المفوَّضة فرصاً للتحسن المهني سيبذلون قصارى جهدهم لتحقيق النتائج المرجوة، وعندما تعمل مع موظفين جدد، عبِّر عن رغبتك في تقديم الدعم والتغذية الراجعة المستمرة، ولا تنسَ أخذ أفكار الموظفين المتمرسين وخبراتهم بالحسبان.

4. كُن واضحاً ومحدداً بشأن العمل:

من الهام أن تشرح للموظفين سبب أهمية المشروع، وما تتوقعه منهم، ومتى يحين موعده؛ فإذا كانوا يعرفون ما تتوقعه، فسيكونون أكثر استعداد لتحقيقه، فمن خلال تحديد توقعات واضحة، ستساعدهم في التخطيط لكيفية تنفيذ المهمة.

أعدَّ مراحل المشروع بطريقة تمكنك من تتبع التقدم دون إدارة تفصيلية، وإذا واجه موظفك مشكلة في تحقيق هدف مرحلي، يكون لديه الوقت لتصحيح المسار قبل استحقاق الموعد النهائي.

يَشيع استخدام هذا النوع من المُساءلة في الجامعات، فإذا كان الطلاب يعرفون فقط تاريخ الاستحقاق والمتطلبات الأساسية لاستكمال الأوراق البحثية الرئيسة، فقد يؤجلون العمل حتى الساعة الأخيرة؛ لذا تتطلب العديد من البرامج من الطلاب مقابلة المستشارين أسبوعياً للحصول على التوجيه، وعلى هيكلة التقدم، ومحاولة سدِّ مكامن الخلل في أساليبهم قبل المواعيد النهائية، وتحاول هذه الإجراءات إعداد الطلاب للنجاح مع منحهم مساحة لإنتاج عمل رائع.

إقرأ أيضاً: كيف تكتب بيان مهمة يمكن موظفيك من العمل بصورة أفضل؟

5. ادعم موظفيك:

لمعرفة أفضل النتائج الممكنة للتفويض، يحتاج الموظفون إلى موارد ودعم منك؛ لذا يجب عليك منحهم التدريب والمواد اللازمة لتطوير المهارات التي لا يمتلكونها، قد يستغرق توفير الموارد وقتاً أطول مما تتوقع، لكنَّك ستوفر الوقت من خلال إنجاز العمل بشكل صحيح، وبالنسبة للمهام المتكررة، يؤتي هذا التدريب ثماره بشكل متكرر مع كل مهمة جديدة.

يحتاج الموظفون أحياناً إلى مساعدة لمعرفة ما يقومون به بشكل جيد وكيف يمكنهم تحسينه؛ لذا يُعدُّ تقديم التغذية الراجعة وتلقيها جزءاً أساسياً من عملية تفويض المهام، وتُعدُّ هذه أيضاً طريقة جيدة لمراقبة المهام المفوَّضة، فبينما يمكنك تتبع تقدم المهام، -فأنت لا تدير الموظفين بشكل تفصيلي خلال المشروع- اسأل موظفيك بشكل دوري عمَّا إذا كانوا بحاجة إلى دعم أو توضيح، وأوضح لهم أنَّك تثق بهم للقيام بالعمل، وترغب في إنشاء مساحة لهم لطرح الأسئلة وتقديم التغذية الراجعة التي ستساعدك على تحسين طريقة تفويض العمل.

6. أظهر تقديرك لهم:

في أثناء جلسات التحقق الدورية، تعرَّف إلى أي مكاسب لاحظتها في المشروع حتى الآن، واعترف بأنَّ موظفيك يحرزون تقدماً نحو الهدف، كما يجب أن تعلم مقدار أهمية الاحتفال بالمكاسب الصغيرة للحفاظ على تحفيز الموظفين؛ إذ سيكون الموظَّفون أكثر فاعلية وتفانياً إذا علموا أنَّك قد لحظت جهودهم؛ حيث يساعد التعرف إلى العمل الجيد الذي يقوم به الموظفون على فهم جودة العمل الذي تتوقعه والسعي إلى تحقيقه؛ ممَّا يجعلهم راغبين في العمل معك مرة أخرى في المشاريع المستقبلية.

الخلاصة:

الآن وبعد أن عرفت ما يعنيه التفويض بالضبط، وتعرفت إلى تقنيات تفويض العمل بكفاءة، أصبحت قادراً على تبسيط مهامك، وزيادة الإنتاجية في فريقك.

يتمحور التفويض حول منح الاستقلالية والسلطة إلى شخص آخر، وبالتالي تخفيف عبء العمل الخاص بك وبناء فريق جيد للاستعانة به.

قد تبدو مهارات التفويض معقدة أو مخيفة؛ لكنَّها تصبح أسهل مع مرور الوقت، ابدأ بخطوات صغيرة بتفويض بعض القرارات لأعضاء فريقك خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة