خطوات لاختيار مهنة تناسبك

من أهم الدروس المهنية التي تعلمتها هو أنَّه يجب عليك السعي وراء مهنة وليس وظيفة، وللوهلة الأولى قد تفكر: "ما هو الفرق بين المهنة والوظيفة؟"، وكما حصل معي لم أفهم الفرق وانتهى بي المطاف في وظيفة في مجال تكنولوجيا المعلومات ولم أكن سعيداً بها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن 5 خطوات لتُنشئ مهنة.

في وقتٍ من الأوقات كنت أفكر في حياتي المهنية والشخصية من خلال الكتابة في دفتر يومياتي، وفكرت: "كيف انتهى بي المطاف في هذه الوظيفة؟" لم يكن لدي إجابة جيدة؛ فكلُّ ما كنت أعرفه هو أنَّني شعرت بأنَّني مُقيَّدٌ في وظيفتي وأفتقر إلى أيِّ منظورٍ مستقبليٍّ، فإذا مررتَ بهذا الوضع من قبل أو تمرُّ به الآن فأنت تعلم أنَّه موقف محبط.

هل تتَّخذ قرارات واعية؟

إذا سألتني "كيف انتهى بك الأمر في وظيفتك الحالية؟" قبل أربع سنوات كنت سأقول لك: "لقد حدث ما حدث"، وإنَّها إجابة شائعة عن هذا السؤال، وبالنظر إلى الماضي أدركت أنَّني لم أتَّخِذ قرارات واعية بشأن حياتي المهنية حتى تلك اللحظة.

نظنُّ جميعنا أنَّنا مستقلون ونتخذ قراراتنا بأنفسنا، لكن هذه الفكرة خاطئة؛ فالحقيقة هي أنَّنا نسعى إلى أشياء مثل المال والوضع الاجتماعي والمسميات الوظيفية والترقيات والمكاتب الفخمة والاحترام من أقراننا، وغيرها من العوامل الخارجية.

يجب ألَّا ندع الآخرين يختارون لنا وظائفنا، ويجب أن نتحمل مسؤولية الأمور من خلال اتخاذ قرارات واعية، وكما قال "رالف والدو إيمرسون" (Ralph Waldo Emerson) أحد أكثر المفكرين وعياً: "الشخص المُقدَّر لك أن تكونه هو الشخص الذي تُقَرِّرُ أنت أن تكونه".

ما هي المهنة التي تريدها؟

معظمنا لا يعرف ماذا يريد، كما أنَّني لم أكن أعرف بالضبط ما الذي أريده لسنوات عديدة، وهذا ما قلته لنفسي، لكن في أعماقي كنت أعرف جيداً ما أريد أن أفعله؛ وهو ما أفعله الآن؛ الكتابة والتدريس والتحدث.

حتَّى قبل أربع سنوات كنت ببساطة خائفاً جداً من السعي وراء هذه المهنة؛ بسبب شيء واحد وهو أنَّ إنشاء مهنةٍ أمر صعب، وأظنُّ أنَّ كل واحد منا يَوَدُّ العمل في مهنة يحبها، لكن لا يهم إن استطاع العمل بها لبقية حياته أم لا، ما يهم هو أن نتخذ قراراً واعياً باختيار المهنة التي نحبها، وألَّا نختار وظيفة لأنَّنا نحتاج إلى المال أو نزولاً عند رغبة الأهل، وتماماً كما قال إيمرسون: "عليك أن تقرر مصيرك بنفسك".

بعد نجاحي في إنشاء مسيرتي المهنية حددت 5 خطوات تساعدك على اختيار مهنة تناسبك:

1. فهم نفسك:

لم أقابل شخصاً ناجحاً لم يقم ببناء مهنة بناءً على نقاط قوته؛ فلا يمكن لأيِّ شخص أن يؤدي أداءً جيداً في أمر لا يجيده، بالتأكيد يمكنك تحسين نقاط ضعفك؛ لكنَّها ليست استراتيجية فعالة.

يقول الكاتب "بيتر دراكر" (Peter Drucker) في كتابه "إدارة الذات" (Managing Oneself): "يتطلب التحول من شخص معدوم الكفاءة إلى شخص متوسط الكفاءة بذل جهد وطاقة أكثر ممَّا يتطلبه التحول من شخص جيد الأداء إلى شخص بارع الأداء"؛ لذا اعرِف مستوى أدائك، وحدد نقاط قوتك، ثمَّ انتقل إلى الخطوة التالية.

شاهد بالفديو: 10 نصائح لتترقّى وتتميّز في عملك

2. تحديد مجال العمل الذي يناسب نقاط قوتك:

هذا صعب، وأظن أنَّنا يجب أن نختار مهنة لدينا شغف تجاهها، لكن من ناحية أخرى لا ينبغي علينا اختيار مهنة لا نجيدها؛ إذاً ماذا يجب أن تفعل إذا كنت تحب مهنة ما؛ لكنَّك لا تجيدها؟ أرى ألَّا تمارسها على أنَّها مهنة؛ وإنَّما هواية.

يحبُّ معظم الناس تأليف الموسيقى؛ لكنَّ مهارتهم لا تؤهلهم لكسب لقمة العيش منها، فهل هذا يعني أنَّه يجب عليهم الكَفُّ عن تأليف الموسيقى؟ قطعاً لا؛ خلاصة القول: "مارس المهنة التي تجيدها وتناسب نقاط قوتك"، أنا أعلم أنَّ هذه نظرة ضيقة الأفق إلى حدٍّ ما، وقد يصفها بعض الناس بالتشاؤمية؛ لكنَّني أراها واقعية.

لدينا جميعاً عائلات نُعيلُها، ولا يمكننا إعالتها ورعايتها ما لم نكسب لقمة العيش، لكن هذا لا يعني اختيار مهنة نكرهها؛ إذ يوجد دائماً مجال عمل نحبه ويناسب نقاط قوتنا، وكذلك في النهاية ستحب العمل الذي تجيده حتى لو لم تكن شغوفاً به في البداية.

إقرأ أيضاً: 67 مثال عن نقاط القوة والضعف الشخصية

3. تحسين مهاراتك العامة:

لا يكفي أن تجيد عملك وحسب لإحداث تأثير حقيقي في مكان عملك؛ فأنت بحاجة إلى ما أُسَمِّيه "المهارات العامة"؛ وهي مهارات مثل الكتابة والقيادة والفاعلية الشخصية والإقناع، وسواء كنت مبرمجاً أم نجاراً عليك تقديم قيمة للآخرين، ولمواصلة القيام بذلك أنت بحاجة إلى تلك المهارات العامة، وكلَّما بدأت في تحسين مهاراتك العامة مبكراً كنت أكثر استعداداً عندما تحصل على فرصة.

4. البدء بالعمل من الصفر:

أنا لا أفهم أبداً سبب نفاد صبر الناس بسرعة، فالنجاح لا يبدأ من القمة؛ ببساطة لأنَّ الحياة لا تسير بهذه الطريقة، فقط انظر إلى جميع الأطفال الذين لديهم آباء أغنياء يقدمون لهم كل شيء، هؤلاء الأطفال غالباً لا يفهمون قيمة العمل الجاد ومدى صعوبة كسب العيش.

ليس هناك شرف في الحصول على إنجاز مجاني، قد يقول بعض الناس: "ألا تريد تحقيق النجاح بسرعة ؟" نعم بالطبع، فأنا أشجع الفاعلية الشخصية وتحقيق نتائج أفضل في وقت أقل؛ لكنَّني لا أُشجِّع الحلول السريعة والتوقعات غير الواقعية.

خلال السنوات الثلاث الأولى بعد أن بدأت عملي الأول في عام 2010 لم أكسب أي أموال تقريباً، وقد عدت إلى العيش مع والدي في العامين الأوليَّين؛ لذلك لم يكن لدي أي نفقات، وكل الأموال التي حصلت عليها كنت أستثمرها في العمل، وعملت 7 أيام في الأسبوع.

قد لا ترى أي فوائد خلال السنوات القليلة الأولى، وهو مفهوم يصعب فهمه؛ لأنَّك أيضاً لا تريد أن تضيع وقتك، ولهذا السبب أُحَذِّر الناس دائماً إذا كنتَ لا ترى أيَّ نتائج فأنت تفعل شيئاً خاطئاً؛ لذلك عليك أن تكون ذكياً، فإذا كنت لا ترى أي نتائج فكن قاسياً على نفسك، لكن كن على استعداد لبدء العمل من الصفر ونسيان غرورك، فلا يوجد أحد يجيد القيام بكل شيء.

في مرحلة ما نحن جميعاً نتعلم، وهذه هي الاستراتيجية المستدامة الوحيدة إذا كنت ترغب في تحقيق نجاح وظيفي مستدام.

إقرأ أيضاً: كيف تحقّق النجاح المهني وتصل إلى أهم الإنجازات

5. الاستمرار في تطوير نفسك:

شيء واحد ألاحظه دائماً عندما أتحدث إلى الأشخاص الناجحين هو مدى حماستهم بشأن المستقبل، فهل سبق لك أن شعرت بهذه الحماسة سابقاً؟ لا يوجد شيء أكثر إثارة من الحماسة الذي تحصل عليها عندما تحصل على أفكار جديدة أو عندما تحلم بالمستقبل، وفي الوقت نفسه عندما لا يكون لديك نظرة مستقبلية على الإطلاق فإنَّك تشعر بالضيق والاكتئاب.

كلنا مررنا في هذا الموقف، ولا يوجد شيء أكثر إحباطاً من العمل في وظيفة غير مناسبة؛ ولهذا السبب يجب أن نستمر في التعلم دائماً، ولا ينبغي علينا أبداً للحظة واحدة أن نرضى بوضعنا في وظيفتنا الحالية، فكل يوم يجب أن نتعلم ونطور أنفسنا.

في الختام:

بالطبع إنَّ العمل في وظيفة تقليدية من التاسعة حتى الخامسة وقضاء بقية المساء على الأريكة أو مشاهدة البرامج التلفزيونية أو الأفلام أو ممارسة ألعاب الفيديو أسهل بكثير، لكن إذا كنت تريد وظيفة مُرضية فلا مناص من العمل الدؤوب.

المصدر




مقالات مرتبطة