حقيقتان يجب أن يتقبلهما رواد الأعمال للتغلب على جائحة كورونا

في هذا المقال سأُحدِّثكم عن قصتي، وكيف انهار كل شيء بالنسبة إليَّ. كان ذلك في منتصف شهر آذار، عندما وصلني خبر أنَّ مدرسة أطفالي ستُغلق لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، فاشتريتُ أنا وزوجتي الطعام والألعاب وبعض الضروريات الأخرى، ثمَّ توجهنا إلى منزل والدة زوجتي، حيث تتوفر لديها بعض المساحة ليلعب الأطفال، وبين حالة التوتر التي كنتُ أشعر بها، وجائحة كورونا التي أثَّرَت في العالم تأثيراً كبيراً، كنتُ دائم التواصل مع ناشري، محاولاً إنقاذ الكتاب الذي كنتُ أعمل عليه لمدة عامين ونصف، والذي كان من المقرر إصداره في أواخر شهر نيسان.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "دايفيد ساكس" (David Sax)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في مواجهة جائحة كورونا.

آنذاك، كان كل شيء غير معروف، حيث أُلغِيَت بعض الأحداث ومنها تلك المتعلقة بالكُتَّاب، ولم يُحدَّد فيما إذا كانت ستُعاد جدولتها في وقت آخر، وهل سأتمكن طباعة الكتب؟ وهل سيكون المستودع قادراً على شحنها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن سيقوم بذلك؟

أرسلَت لي وكالتي - التي تُرتب اللقاءات وتُمثل أكثر من نصف دخلي السنوي - رسالةً تُخبرني فيها: "ابقَ صامداً، نحن نواجه فترةً عصيبة"، ثمَّ ألقيتُ نظرةً على حسابي المصرفي، وفي كل صباح كنتُ أستيقظ وأنا أشعر بضيق متزايد في صدري، وذات يوم اتصلتُ بطبيبي لمعرفة فيما إذا كان يجب أن أجري الاختبار المتعلق بفيروس كورونا (COVID-19)، وقال لي: "ما تصفه هو مجرد شعور بالتوتر"، وأكَّد لي بأنَّه ليس لدي أي أعراض أخرى، قائلاً: "أنت بحاجة إلى استنشاق بعض الهواء فحسب".

لم يسبق لي وأن شعرتُ بالعجز والضعف في حياتي؛ فرواد الأعمال غير مستعدين لمواجهة مثل هذا الوضع، حيث يعاني معظمهم من نقص في التمويل وقلة الدعم، ويرتبطون بأعمالهم ارتباطاً عاطفياً شديداً لا يُمكِّنهم من مواجهة هذا الأمر بمفردهم.

لكن بعد ذلك أدركتُ أمراً ما، وهو أنَّ هذه هي اللحظة التي يمكِننا أن نكون فيها أكثر استعداداً، وذلك لأنَّنا كنَّا دائماً موجَّهين ذاتياً ومجبَرين على الاستمرار من خلال مواجهة المواقف التي نتعرض لها، فنحن يمكِننا العمل من المنزل مع وجود الأطفال، ويمكِننا إيجاد فرصة حيث لا يمكِن للآخرين الحصول عليها.

إقرأ أيضاً: 10 مزايا للعمل في المنزل تعرّف عليها

والطريقة الوحيدة التي يمكِن لرواد الأعمال من خلالها التغلب على هذا الوضع، هي من خلال تقبُّل حقيقتين أساسيتين، وهما الحقيقتان الوحيدتان المؤكَّدتان في حياة رائد الأعمال، فإنَّهما ليستا مالاً أو شهرةً أو ابتكاراً أو اضطراب؛ وإنَّما هما المخاطرة والشعور بالحرية، فلا يمكِنك الحصول على أحدهما دوناً عن الآخر، لذلك يجب أن يمتلك رائد الأعمال كليهما.

في الوقت الحالي، كُشِفَت مخاطر ريادة الأعمال، فعندما اخترنا هذا المسار، كنَّا نعلم أنَّنا سنواجه أموراً صعبةً، مثل: الدخل غير المتوقع، والخسائر التي قد تواجهنا، وتأثير الأمر برمَّته في علاقاتنا وصحتنا، وكنَّا نعلم أنَّنا لن نحصل على أجر مُرضٍ ولا إعانات، ولا توجد شركة يمكِن أن تُزوِّدنا بالموارد أو الدعم أو خطة للمعاشات التقاعدية، وكنَّا نعلم أنَّنا سنضطر غالباً للعمل إلى وقت متأخر من الليل في المنزل واستقبال بعض المكالمات الضرورية إذا لزم الأمر.

لقد واجهنا هذه الحياة بمفردنا؛ لذلك الشخص الوحيد الذي سيخرجنا من هذا الوضع هو نحن.

وهنا تأتي الحقيقة الثانية، وهي الحرية التي يتمتع بها رائد الأعمال، فالحرية هي المكافأة التي نحصل عليها نتيجة المخاطرة، وهي السعي وراء الأفكار التي نريدها، وحرية العمل على الأمور الهادفة، والسعي وراء الفرص بمجرد ظهورها، واختيار وظيفة وتحديدها بالطريقة المناسبة لنا، والسيطرة على الحياة من خلال عملنا دون إذن أحد، فهذا هو الوعد الرائع الذي تمنحنا إياه ريادة الأعمال، وهو الذي يجذب في النهاية كل رائد أعمال، على الرغم من المخاطر الواضحة المرتبطة بها.

للتغلب على هذه الأزمة، يجب علينا الآن مضاعفة الشعور بهذه الحرية، وتجربة أمور جديدة، وخلق الفرص، والتغيير، والتحول، والتجريب، ومحاولة كسب المزيد من الأرباح، فنحن بحاجة إلى إيجاد طريقة للمضي قدماً، وهذا ما قمنا به خلال فترة الأزمة.

عندما بدأ هذا الوضع، غيَّر صديقي "فريد ستابينسكي" (Fred Sztabinski)، الذي يمتلك مقهىً للدراجات في "تورنتو" (Toronto) يُدعى "فيكس" (Fix)، عمله على الفور إلى نافذة لبيع الوجبات السريعة والقهوة، وعندما لم يشعر طاقمه بالأمان، بدأ في توصيل حبوب البن إلى المنازل بالدراجة، ووجد طريقةً لمواصلة تصليح الدراجات من خلال نقطة توقُّف خارجية والدفع عبر الإنترنت واستخدام معدات معقَّمة، كما بدأَت "جيمي هاريس" (Jaime Harris) - صديقة أخرى تصنع ملابس مريحة تحت اسم العلامة التجارية "ذيس إيز جي" (This is J) - بتصميم كمامات تنوي تقديمها مجاناً مع كل بيجاما تبيعها علامتها التجارية، ووضع "بيل ليفي" (Bill Levey) شركته الخاصة بتصنيع زجاجات المياه الصديقة للبيئة في وضع الانتظار، وأنشأ منظمة "غيف ماسكس" (Give Masks)، وهي منظمة غير ربحية تتبرع بمعدات الحماية الشخصية للعاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء أمريكا، وحوَّلَت زوجتي "لورين ملاخ" (Lauren Malach)، الكوتش المهنية، عملها إلى استضافة ندوات مجانية متعلقة بالمرونة ومفتوحة لأي شخص.

إقرأ أيضاً: ما النصيحة الأفضل فيما يتعلق بالمخاطرة على الصعيد المهني؟

لم يُخطِّط أي من رواد الأعمال هؤلاء للحصول على ثروة من هذه الأفكار، ففي كثير من الحالات يخسرون المال، لكنَّهم شعروا جميعاً بأنَّهم مضطرون للقيام بأمر ما، وقاموا به لأنَّ لديهم حرية التصرف، لقد أخذوا العجز والضعف الذي عانوا منه في بداية هذا الوضع، وحولوه إلى قوة، وتقبَّلوا فكرة المخاطرة، واستمروا في المضي قدماً.

يتمثل جوهر حرية رائد الأعمال في العمل، فهذا ما يجعلنا رواد أعمال، ولا علاقة له بالشركات الناشئة أو حتى بالأفكار؛ وإنَّما تعني ريادة الأعمال حرية التصرف عندما تحتاج إلى ذلك وتحمُّل مسؤولية المخاطر التي تترافق مع ذلك، فلا أعذار ولا حاجة إلى إذن؛ وإنَّما هي القدرة على الخروج وبيع شيء ما، وكسب الرزق، والاستمرار، والازدهار، وتحديد الوضع الذي وصل إليه عمله.

دعوني أعود بكم إلى الأسبوع الثاني من بداية هذا الوضع، عندما هدأَت الصدمة قليلاً، ففي صباح أحد الأيام استيقظتُ من النوم ورأسي ممتلئ بالأفكار؛ مقالات يمكِنني أن أكتبها عن رواد الأعمال وما يمرون به الآن، وخطط لتنظيم جولات افتراضية لترويج الكتب، وقائمة طويلة من الأشخاص للتواصل معهم واقتراح خطط تسويق، وإنشاء حملة للاحتفال برواد الأعمال، وإطلاق مدوَّنات صوتية، وتأليف كتاب آخر، وغيرها من الأفكار، فلقد بدأتُ في كتابة رسائل البريد الإلكتروني وإجراء بعض المكالمات، وبعد بضعة أيام عدتُ إلى العمل، وكنتُ منشغلاً جداً لدرجة أنَّني لم أتمكن من الشعور بالقلق بشأن العالم أو ما سأفعله، وأصبح صدري بحالة جيدة، ويمكِنني التنفس جيداً مرة أخرى.

لا يمكِنني ضمان نجاح أي من هذه الأنشطة، ولم أحصل حتى الآن على مال من هذا العمل، وقد تفشل معظم هذه الأفكار؛ لكنَّني اتَّخذتُ الإجراءات اللازمة واستعدتُ السيطرة، ولقد تقبَّلتُ المخاطرة والشعور بالحرية التي سأحظى بها دائماً كرائد أعمال.

 

المصدر




مقالات مرتبطة