حصيات المرارة وعلاقتها بسرطان المرارة

عضو صغير يوجد في الجهة اليُمنى من البطن يدعى المرارة، يؤدي دوراً هامَّاً في عملية الهضم، فهو ينتج المادة الصفراء التي تساعد على هضم الدهون في الطعام، والتي تخزن فيه قبل أن تفرز إلى الأمعاء الدقيقة.



تتألف المرارة من عدة أجزاء، منها المستقبل الصغير والمستقبل الكبير والجسم والرأس، وتعمل خلاياها على إنتاج المادة الصفراء التي تعمل على هضم الدهون في الأمعاء الدقيقة، إضافة إلى دورها في عملية الهضم، تقوم المرارة أيضاً بتخزين المواد الفائضة من الصفراء، والتي يمكن أن تتكون في شكل حصى المرارة، هذا المصطلح الذي لا بد أنَّنا سمعنا به أو عانينا منه، وتسبب لصاحبه بكثير من الإزعاج والألم.

سنتناول في مقالنا اليوم موضوع حصى المرارة، والتي هي ترسبات صلبة في المرارة تتكون من المادة الصفراء المتكتلة أو المعادن، ويمكن أن تسبب مشكلات صحية خطيرة إذا لم يُتعامَل معها معاملة صحيحة، وأسبابها مختلفة، أهمها التغذية غير الصحية والنظام الغذائي عالي الدهون، والعوامل الوراثية.

ماهي حصيات المرارة؟

حصى المرارة أو حصوات المرارة أو حصيات المرارة جميعها مصطلحات تدل على معنى واحد، يعني وجود ترسبات صلبة متكونة داخل المرارة، وتتكون عادةً من المادة الصفراء المتكتلة أو المعادن مثل الكالسيوم والكوليسترول والبيليروبين، ويتراوح حجم حصيات المرارة من حجم حبة الرمل إلى حجم الكرة الصغيرة، وتتفاوت أشكالها وأحجامها وألوانها.

تعد حصى المرارة من الأمراض الشائعة التي تصيب المرارة، وتحدث عندما يتجاوز تركيز بعض المواد داخل المرارة الحد الأقصى للذوبان، وهذا يؤدي إلى ترسبها وتكوين الحصى، أما الأسباب الرئيسة لتكوين هذه الحصيات هي النظام الغذائي الغني بالدهون والكوليسترول، وزيادة الوزن، والتعرض لبعض الأمراض مثل السكري والتهابات المرارة.

يتسبب وجود حصى المرارة بظهور عدة أعراض، أهمها الألم الحاد في منطقة المعدة والظهر والكتفين والرقبة، والغثيان والقيء، والحمى والتعرق الليلي، وصعوبة في الهضم والإسهال أو الإمساك، وفي حال عدم معالجة حصى المرارة، يمكن أن تتفاقم المشكلة وتؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب المرارة والتهاب البنكرياس وسرطان المرارة.

إقرأ أيضاً: ما هي المرارة وما تركيبها وما وظيفتها

ما هي أهم وسائل استقصاء المرارة والقنوات الصفراوية؟

1. الصورة الشعاعية البسيطة للبطن:

وهي هامة قبل القيام بالاستقصاءات الظليلة للطرق الصفراوية، وفي أمراض البطن الحادة؛ إذ يمكن أن نكشف الحصى الظليلة على الأشعة في ربع الحالات، وكذلك نرى غازاً في المرارة في حالة التهاب المرارة النفاخي أو نكشف وجود الغاز في القنوات الصفراوية (كما في تهوي القنوات الصفراوية) في حال وجود ناسور معوي – صفراوي.

2. الصورة الظليلة للمرارة عن طريق الفم:

يمكن للصورة الظليلة للحويصل المراري أن تكشف وجود الحصى المرارية في نصف الحالات فقط؛ حيث نرى الحصى بشكل ظلال هندسية أو مدوَّرة، ويجب أن نميزها عن غازات الكولون، كما يكشف التصوير الظليل كفاءة المرارة، فالمرارة التي لا تقوم بتكثيف المادة الظليلة فلا نراها على الأشعة، ونَعُدُّها غير وظيفية يجب إزالتها، ويتم التصوير الظليل بإعطاء اليود الظليل على الأشعة بالطريق الفموي بشكل مضغوطات يتم امتصاصها من مخاطية الجهاز الهضمي، لتنتقل إلى القنوات الصفراوية في الكبد وتُطرَح عبر الصفراء.

3. التصوير بالأمواج فوق الصوتية Ultra sound—Echography للمرارة والقنوات الصفراوية:

هو أكثر الفحوص استخداماً لكونه فحصاً رخيصاً وسهلاً وغير مؤذٍ، ويُشترَط لاستخدامه أن لا يأكل المريض أو يشرب قبل إجرائه؛ حيث يعطي الإيكو فكرةً شاملة عن حالة المرارة من حيث اتساعها ومحتوياتها وموجودات جدارها - سمك أو وذمة الجدار في الالتهابات، أو وجود الغاز ضمن الجدار أو داخل تجويف المرارة أو حولها - كما يمكن للإيكو إظهار الحصى في القنوات الجامعة وكذلك معرفة قطرها إن كان مزداداً أو طبيعياً، ويستطيع الإيكوغرافي أن يُظهِر الحصى المرارية بنسبة تصل إلى 90-95 % أما في حصى القنوات الجامعة فتكون دقة التشخيص 65% فقط.

4. التصوير باستخدام النظائر المشعة IDA SCAN TCm:

يستخدم هذا الاستقصاء مادة Imuno diacetic acid المحتواة ضمن العنصر المشع وهو التكنيشيوم-99m، وتتميز هذه المادة التي تُحقَن بالوريد بأنَّها تُستقلَب بواسطة الكبد وتُطرَح مع المادة الصفراوية، ومن ثمَّ تُرسَم المرارة والقنوات الصفراوية، كما يساعد الفحص على تشخيص التهاب المرارة الحاد بدقة عالية؛ حيث لا يرتسم الحويصل المراري لكون قناته مغلقة، وأيضاً يفيد الفحص بتقييم القنوات الصفراوية خاصةً؛ إذ يظهر أيُّ تسريب للمادة الصفراوية أو أيُّ انغلاق في القنوات الصفراوية ناتجاً عن أذية جراحية أو طبية Iatrogenic، ويستطيع هذا الفحص أن يبين أهمية وكمية التسريب الصفراوي؛ مما يساعد على انتقاء العلاج المناسب.

5. التصوير باستخدام التصوير الطبقي المحوري المحوسب CT Scan:

يساعد على إظهار الحصى الصفراوية في المرارة والقنوات الصفراوية، لكنَّ دوره الأساسي يكمن في تقييم الكتل السرطانية للمرارة والقنوات الصفراوية وارتباطها بالأعضاء القريبة منها، ونظراً للكلفة الباهظة لهذا الاستقصاء فمن النادر أن نلجأ إليه في التقييم الكلاسيكي للحصيات الصفراوية.

6. التصوير باستخدام المرنان للمرارة والقنوات الصفراوية MRCP:

هو استقصاء حديث؛ حيث يمكن إجراء تقييم دقيق للمرارة والقنوات الصفراوية مثل التصوير الطبقي المحوري المحوسب، لكنَّه يتميز عنه بكونه يستطيع أن يقدِّم تقييماً ممتازاً وغير راضٍ للقنوات الصفراوية والبنكرياسية من الناحية التشريحية، وإنَّ استعمال هذا الاستقصاء نادر بسبب الكلفة المادية الباهظة.

ما هو سرطان المرارة Gall Bladder Cancer؟

هو الأكثر حدوثاً بين سرطانات القنوات الصفراوية، كما يحتل المرتبة الخامسة بين سرطانات الأنبوب الهضمي؛ إذ يمثل 2-4 % منها، ويكثر حدوث الورم بين 50-70 سنة من العمر، ولدى الإناث أكثر من الذكور بنسبة 4/1% الإنذار سيئ؛ إذ إنَّ البقيا لـ 5 سنوات أقل من 5%.

الأسباب والعوامل المؤهلة لسرطان المرارة:

ما يزال السبب الدقيق لسرطان المرارة غير معروف، ولكن توجد بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان، وتشمل:

1- تراكم الحصى المرارية:

تزداد فرص الإصابة بسرطان المرارة لدى الأشخاص الذين يعانون من تراكم الحصى في المرارة.

2- العمر:

تزداد فرص الإصابة بسرطان المرارة مع التقدم في العمر، وتعد الإصابة بهذا النوع من السرطان أكثر شيوعاً بين كبار السن.

3- الجنس:

تصاب الإناث بسرطان المرارة بنسبة أكبر من الذكور.

4- السمنة:

يزيد الوزن الزائد والسمنة من خطر الإصابة بسرطان المرارة.

5- الإصابة بالتهاب المرارة المزمن:

يزيد التعرض المتكرر والمزمن لالتهاب المرارة من خطر الإصابة بسرطان المرارة.

6- الإصابة بأمراض القناة الصفراوية:

يزيد ارتفاع مستويات البيليروبين في الدم بسبب الإصابة بأمراض القناة الصفراوية من خطر الإصابة بسرطان المرارة.

7- التدخين:

تزداد فرص الإصابة بسرطان المرارة لدى المدخنين.

أعراض سرطان المرارة الأولية:

غالباً ما يكون سرطان المرارة في مراحله المبكرة بلا أعراض ويُكتَشَف بالصدفة عندما تُجرى الفحوص الطبية الدورية أو عن طريق الصدفة، ومع ذلك، يمكن أن تظهر أعراض سرطان المرارة الأولية على الشكل الآتي:

  • ألم في المنطقة العلوية من البطن.
  • الغثيان والقيء.
  • فقدان الشهية وفقدان الوزن غير المبرر.
  • تصبُّغ الجلد والعينين باللون الأصفر (يرقان).
  • حرارة غير مبررة.
  • تورُّم في المنطقة العلوية من البطن.

تشخيص سرطان المرارة وكيف يتم الكشف عنه؟

يُكشَف عن سرطان المرارة ويُشخَّص عبر طرائق عديدة، ومن بين هذه الطرائق نذكر:

  • فحص المستضد السرطاني المضغي CEA أو فحص CA19-9، وهما فحصان دمويان تكون نتائجهما مرتفعة عند تشخيص سرطان المرارة، ويمكن استخدمها لمتابعة حجم استجابة المريض للعلاج.
  • اختبار ERCP: وهو إجراء يُستخدَم لتشخيص سرطان المرارة إضافة إلى فحص وتشخيص أمراض الكبد والبنكرياس والقنوات الصفراوية.
  • تحليل خزعة مأخوذة عن طريق المنظار لعينات من النسيج الداخلي والمحيط بالكبد.
  • يمكن تشخيص سرطان المرارة باستخدام التنظير بالأمواج فوق الصوتية والحصول على تقييم دقيق للحالة الورمية.
  • الرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي للبطن والصدر والحوض، ويفيد هذا الإجراء في التأكد من عدم انتشار السرطان إلى مناطق أخرى من الجسم.

مراحل سرطان المرارة:

تختلف مراحل سرطان المرارة وفقاً لنوع الورم وحجمه وموقعه ومدى انتشاره، ومن المعتاد استخدام نظام تصنيف يسمى نظام تصنيف TNM لتصنيف مراحل سرطان المرارة، ويشمل ما يأتي:

  • المرحلة الأولى (T1): وهي المرحلة الأولى لسرطان المرارة، ويكون الورم فيها محصوراً داخل الجدار المراري.
  • المرحلة الثانية (T2): وهي المرحلة التي ينتشر فيها الورم إلى الأنسجة المحيطة بالمرارة.
  • المرحلة الثالثة (T3): وهي المرحلة التي يمتد فيها الورم إلى الكبد أو البنكرياس أو الأنسجة الأخرى المجاورة.
  • المرحلة الرابعة (T4): وهي المرحلة التي ينتشر فيها الورم إلى الأعضاء الأخرى في الجسم.

تختلف طرائق علاج سرطان المرارة وفقاً لمرحلة السرطان عند التشخيص، وعادةً ما تكون نسبة شفاء سرطان المرارة أكبر في حالة الكشف المبكر عنه، وعلاج سرطان المرارة في المراحل المبكرة.

علاج سرطان المرارة:

يختلف علاج سرطان المرارة وفقاً لنوع السرطان وحجمه ومدى انتشاره ومرحلته وحالة المريض الصحية العامة، ويتضمن علاج سرطان المرارة الإجراءات الآتية:

1- الجراحة:

تُستَأصل فيها المرارة والأنسجة المحيطة بها، وتعد هذه الطريقة علاج سرطان المرارة الرئيس في المراحل الأولى والثانية.

2- العلاج الإشعاعي:

يُستخدَم فيه الإشعاع لتدمير الخلايا السرطانية، ويُلجأ إليه من أجل علاج سرطان المرارة في المراحل المتقدمة.

3- العلاج الكيميائي:

تُستخدَم فيه الأدوية الكيميائية لتدمير الخلايا السرطانية وعلاج سرطان المرارة، ويُلجأ إليه أيضاً في المراحل المتقدمة.

4- العلاج الهرموني:

تُستخدَم فيه الهرمونات لتقليل نمو الخلايا السرطانية، ويُلجأ إليه في بعض الحالات النادرة.

5- العلاج الموجَّه جزئياً بالأشعة (SBRT):

يُستخدَم فيه الإشعاع الموجه لتدمير الخلايا السرطانية بدقة عالية، ويُلجأ إليه عادةً في المراحل المتقدمة من علاج سرطان المرارة.

قد يستخدم الأطباء أيضاً مزيجاً من هذه الأساليب في علاج سرطان المرارة، ويُحدَّد الخيار الأفضل للمريض بناءً على حالته الصحية ومرحلة السرطان وحجمه ومدى انتشاره، وقد يتطلب العلاج الجراحي أيضاً إجراءات أخرى مثل التدخل الجراحي لنقل الصفراء (biliary bypass surgery)، لتحسين تدفق الصفراء في الجسم في حالة تضرر القنوات الصفراوية.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح تجنبك الإصابة بمرض السرطان

في الختام:

إنَّ سرطان المرارة يعد نوعاً نادراً من السرطانات، ويتطلب التشخيص المبكر عبر مراقبة أعراض سرطان المرارة الأولية والعلاج السريع واستئصال المرارة لزيادة نسبة شفاء سرطان المرارة وتحسين جودة حياة المريض؛ لذا من الهام الالتزام بالفحوص الطبية المنتظمة لتشخيص وعلاج سرطان المرارة في مراحله المبكرة، والحفاظ على نمط حياة صحي.قد يكون العلاج صعباً ومرهقاً، لكنَّ الخيارات العلاجية المتاحة المتنوعة تساهم مساهمة كبيرة في الشفاء منه، وخاصة إذا ما تم العمل مع فريق الرعاية الصحية المختص واتباع خطة العلاج الموصى بها بدقة.

المصدر:  مقرر الجراحة العامة كلية الطب البشري جامعة دمشق.




مقالات مرتبطة