لا مفرَّ من مواجهة الصعوبات، ولكن يمكننا التخفيف من وطأتها من خلال إيجاد طرائق للاستفادة منها في حياتنا، مثل البحث عمَّن واجه أزمات تماثل أزماتنا، وتطبيق حلول وأفكار نجح في استخدامها، وقد لا تنجح جميع تلك الأفكار، ولكن كلما جربنا طرائق جديدة زاد نمونا.
في هذا المقال ستتعرف إلى تقنية أثبتت نجاحها في معاملة أي أفكار أو عواطف سلبية، وأكثر ما يميزها هو إمكانية تطبيقها أينما أردت؛ فهي تقنية عملية وسهلة الاستخدام، ولست بحاجة أي ملابس خاصة أو كتب أو حتى كوتش لتطبيقها.
أصل هذه التقنية:
هذه التقنية مستلهمة من كتاب "فن التعلم" (The Art of Learning) لكاتبه جوش ويتزكين (Josh Waitzkin)؛ ففي هذا الكتاب دروس رائعة تجعلك تعيد قراءتها، وأحد أكثر تلك الدروس تأثيراً هو في قوله: "إذا تجنبت أفكارك فستعود أكثر شراسة".
يشرح المؤلف في الكتاب كيف تعلم هذا الدرس خلال مباراة شطرنج هامة للغاية؛ ففي نقطة حاسمة من اللعبة كان المؤلف شديد التركيز في محاولة الخروج باستراتيجية للتغلب على خصمه، حتى علقت في ذهنه أغنية مألوفة؛ ممَّا صعَّب عليه التركيز، وقرر تجنب التفكير في الأغنية ومحاولة التركيز قدر الإمكان ولكن مهما حاول ظلَّت الأغنية تصدح عالياً في رأسه.
مر المؤلف بهذه التجربة عدة مرات حتى خطر له خاطر؛ ففي مباراة مماثلة واجه التحدي ذاته، ولكن هذه المرة بدلاً من تجنب الأغنية قرر استخدام تلك الثرثرة في ذهنه لمصلحته؛ فقد عدَّل أفكاره لتناسب إيقاع الأغنية؛ ممَّا ساعده على استعادة تركيزه الكامل، ولم يواجه تلك المشكلة مجدداً.
تقنية "معانقة السلبيات ومصادر التوتر":
تتركَّز تقنية "معانقة السلبيات" حول استخدام الفكرة التي طبقها المؤلف جوش ويتزكين في معاملة الأفكار السلبية؛ ففكرة الترحيب بالمصائب كما نرحب بالخير الذي يدخل حياتنا هي طريقة رائعة للتكيف مع كل ما نواجهه في الحياة؛ فلا بد أنَّك مررت بحالة حاولت فيها تجنب فكرة ما برحت تجول في ذهنك أو التخلص منها؛ لكنَّك عجزت عن ذلك؛ لأنَّ الفكرة ظلَّت تسيطر على انتباهك، ولم تستطع الإفلات من قبضتها إلا عندما توقفت عن محاولة تحرير عقلك منها.
شاهد بالفيديو: تعرّف على آلية مواجهة الأفكار السلبية لعيش حياة إيجابية وسعيدة
قانون عدم المقاومة:
ينصُّ قانون عدم المقاومة (Law of non-resistance) على أنَّك "تجذب كل ما تقاومه"؛ أي يزعجنا كل ما نتجنبه أكثر؛ فلو استطعنا فقط أن نفهم أنَّ الطريقة الوحيدة للتغلب على التحديات هي تقبلها بدلاً من تجنبها سنتمكن من تجاوز ذلك الشعور غير المريح بصورة أسرع.
باستخدام الأفكار التي طرحها الكاتب جوش في كتابه، وبالاستفادة من قانون عدم المقاومة علينا أن نتخيل أنفسنا "نعانق" كل ما هو سلبي في أذهاننا؛ فمن خلال "احتضان" كل ما يؤرق راحتنا نرحب به مجازياً في حياتنا؛ إذ يكمن سحر هذه التقنية في أنَّنا نرتاح لفكرة وجود أمر لا يريحنا، وما إن نبلغ هذه المرحلة نتمكن من تقييم الموقف من منظور محايد؛ ممَّا يتيح لنا اتخاذ قرارات أفضل وإنهاء المعاناة.
كلما زادت حدة الانزعاج ازدادت صعوبة تخيل "معانقة" وتقبل السلبية؛ إذ لعلَّك تتساءل: "ما الذي عليَّ أن أتخيل معانقته؟" يعتمد ذلك الموقفَ؛ فإذا أشعرك شخص ما بعدم الارتياح تخيل نفسك تعانقه، وإذا كان ما يعكِّر صفو حياتك موقف ما فتخيل نفسك تفتح ذراعيك، وتقول: "شكراً على ما قدمته لي من دروس"، أو يمكنك أن تتصور نفسك تعانق أي شخص يُعَدُّ طرفاً بإثارة انزعاجك.
أما زال لديك شك بهذه الفكرة؟
قد يشك بعضهم في هذه الفكرة؛ لذا دعنا نوضحها كما يأتي: لا شك في أنَّك تحب معانقة أصدقاءك المقربين أو أفراد أسرتك أو أي شخص تحبه؛ لذا فكر بأنَّ المعانقة هي رمز للتقدير والقبول؛ فعادة عندما نتصالح مع شخص ما نتعانق دليلاً على مسامحة بعضنا؛ فربطت أدمغتنا بذلك المعانقة بالإيجابية فقط، ونظراً لأنَّ أدمغتنا تربط المعانقة بالحب والقبول والتسامح والسعادة؛ سنعايش المشاعر ذاتها عندما نتخيل معانقة أحدهم، وإذا ما أتقنَّا تصور ذلك فسوف نشعر كما لو أنَّنا نعانق هذا الشخص حقاً؛ مما يزيد نسبة الهرمونات المسؤولة عن المشاعر الإيجابية في أجسادنا، لنشعر بذلك بسعادة أكبر.
نصائح مفيدة لتطبيق التقنية:
قبل تطبيق التقنية هذه دعنا نقدم لك بعض النصائح:
- ثِق بأنَّ التقنية ستنجح معك.
- اعلم أنَّ ما يحدث في حياتك يحدث لمصلحتك وليس ضدك، ومن ثمَّ كل ما يثير توترك هو فرصة لك لتظهر بصورةٍ أفضل.
- اعلم أنَّ الطريقة الوحيدة لعيش حياة رائعة هي من خلال إلزام نفسك دوماً باتخاذ القرار المناسب الذي يلهمك به حدسك، وليس القرار الذي يمليه عليك المجتمع وأصدقاؤك وعائلتك.
أضف تعليقاً