تعزيز المشاركة ضمن بيئة العمل عبر بناء علاقات إنسانية حقيقية

لتحقيق مشاركة فعَّالة في العمل، يحتاج الموظفون إلى تكوين روابط حقيقية تجمعهم مع زملاء العمل والمؤسسة التي يعملون لصالحها؛ إذ تُظهِر الدراسات واحدةً تلو الأخرى، أنَّ الأمر برمته يتعلق بمعاملتهم كما يُعامَل الناس، بكلِّ الإجلال والاحترام الذي ينطوي عليه ذلك.

فجميعنا يُدرك بالفطرة ما هو شكل العلاقة "الحقيقية" مع إنسان آخر؛ علاقةٌ تقوم على الثقة والاحترام المتبادل. لكن وفقاً لمجلة "غالوب" (Gallup)، ما تزال هذه العلاقات الجذابة في مكان العمل بعيدة المنال.



وُلِدنا للمشاركة:

نحن نحتاج إلى منح الآخرين الثقة، وحاجتنا إلى ذلك لا تقتصر على القيام بعملنا على أكمل وجه؛ وإنَّما تجاوز أعباء الحياة اليومية كذلك. نحن نبدأ بالتواصل وبناء العلاقات مع الآخرين خلال الساعة الأولى عقب الولادة، وهذا سلوكٌ متأصلٌ في غرائزنا، وبالكاد يكون محسوساً.

وكما قال عالم النفس الاجتماعي "رودريك إم. كرامر" (Rodderick M. Kramer):

"وُلِدنا للتفاعل مع الآخرين وإثارة تفاعلهم، وهذا جلُّ ما تقوم عليه الثقة؛ إذ لطالما كان ذلك إحدى ميزات كفاحنا من أجل البقاء".

يحتاج كل موظفٍ إلى هذا الحد الأدنى من الثقة بربِّ العمل، ليقوم بواجبه على أكمل وجه.

إنَّ هذا ما يجعل تمييز زيف نوايا الأشخاص من صدقها، أمراً سهلاً للغاية لدى معظمنا؛ لذا عندما تحاول اصطناع تواصل حقيقي في مكان العمل، فإنَّه سيبدو كنوع من النفاق، يلاحظه الجميع. وفي غياب اعترافٍ حقيقيٍ وملموسٍ بالأمر من قبل الآخرين، نبدأ بفقدان إحساسنا بذاتنا.

إقرأ أيضاً: تأثير برامج تعزيز السعادة في بيئة العمل

ظاهرة الوادي الغريب:

نقصد بذلك الخوف المتأصل الذي نشعر به جميعاً، والمرتبط بحاجتنا الغريزية إلى المشاركة الاجتماعية؛ الخوف من الوحدة، والخوف من عدم اكتراث المجموعة لوجودنا. عندما تدَّعي الوثوق بموظفيك والاهتمام بهم وبتطورهم الوظيفي، فإنَّه دائماً ما ينتج عنه تأثير الوادي الغريب، بغضِّ النظر عمَّا تبذله من جهد لإظهار ذلك.

قد يميِّز الموظفون المبادرات والإيماءات المتداولة، لكنَّهم يدركون في قرارة أنفسهم أنَّها ليست حقيقية؛ ولذلك لا يتأثرون بها؛ فالأمر لا يقتصر على اتباع استراتيجية ما مع وجود بطاقة تعريف تحمل اسم المدير للتواصل مع الناس؛ وإنَّما يتطلب جرأةً وتحفيزاً واستعداداً لنزع بطاقة التعريف المذكورة والتصرُّف كإنسانٍ مثلهم.

إقرأ أيضاً: 7 تقنيات لدمج الموظفين الجدُد في بيئة العمل

سُلطة المدير:

توجد العديد من العوامل المتعلقة بالبيئة، التي من الممكن أن تساهم في شعور الموظف بعدم الرضى، ولكن يمكن القول إنَّ شكل العلاقة التي تربطه بالمدير لها التأثير الأكبر، فهو أكثر شخص يتفاعل معه أيُّ موظف بكونه المشرف المباشر على العمل.

كشاهد على ذلك، قام "المعهد الوطني للبحوث في مجال الأعمال" (National Business Research Institute)، بإجراء بحثٍ ركَّز فيه على أكثر 10 شكاوى متكررة قدمها موظفون بخصوص أرباب العمل. وكما هو متوقع، فإنَّ ثماني منها من أصل عشر، كانت بسبب تعليقات مباشرة من قبل المدراء أو أصحاب المناصب العليا؛ إذ كان أشدها وقعاً تلك المتعلقة بعدم الكفاءة، والتطرُّق إلى النواحي الإدارية الدقيقة، والمحسوبية، وعدم التقدير.

لم يقُل أحد إنَّ من السهل بناء علاقاتٍ حقيقية، فالأمر ليس كذلك؛ إذ لا يمكن التأثير في مشاعر الناس بسهولة؛ وهذا قد يجعل الأمر محرجاً ومثيراً للإحباط، ويحتاج إلى جهد كبير، ومهارات اجتماعية، ونسيج اجتماعي قوي لضمان نجاحه. لكنَّك تفعل ذلك لأنَّك تهتم بما فيه الكفاية. وهذه لفتة يمكن للجميع تقديرها.

المصدر




مقالات مرتبطة