تعريف الذكاء العاطفي وفوائده في مختلف مجالات الحياة

في منتصف التسعينيات وُلد في الولايات المتحدة الأمريكية مصطلح جديد اسمه الذكاء العاطفي عرَّفه واضعوه على أنَّه قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع ذاته ومع الآخرين؛ حيث يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله.



اعتقد كثير من الناس أنَّه لا مكان للعواطف في العمل وقد بيَّنت معظم الدراسات التي أُجرِيت في السبعينيات من القرن العشرين إنَّ القادة والمديرين يعتقدون أنَّ العمل (يحتاج إلى عقولنا وليس إلى قلوبنا)، لكنَّ المشهد اختلف تماماً مع اقتراب الألفية الثانية من نهايتها، فالدراسات والإحصاءات الحديثة التي أُجرِيت في العشرين سنة الماضية أظهرت بوضوح أنَّ القائد الناجح هو الذي يؤثر في الآخرين ويحرك في نفوسهم مشاعر الحب والولاء للمؤسسة التي يعملون لديها وأنَّ ذلك يحتاج إلى توافر مهارات في القائد تختلف عن مهارات الذكاء العقلي (IQ) ألا وهي مهارات الذكاء العاطفي (EQ).

تعريف الذكاء العاطفي:

كثيرة هي التعريفات التي تحدثت عن الذكاء العاطفي، ولكن أهم ما يمكن القول في هذا المجال حول الذكاء العاطفي هو أنه قدرة المرء على فهم مشاعره ومشاعر الآخرين، وحسن إدارة تلك المشاعر بطريقة جيدة بعيدة عن الانفعال وردود الأفعال.

1. تعريف الذكاء العاطفي في اللغة:

يعرف الذكاء العاطفي لغة بأنه مجموعة من القدرات التي تختلف عن الذكاء الأكاديمي، إذ يتضمن الذكاء العاطفي القدرات المعرفية الخاصة بالعواطف والمشاعر الإنسانية والتعامل معها.

2. تعريف الذكاء العاطفي اصطلاحاً:

يعد مصطلح الذكاء العاطفي مصطلح حديث نسبيا، وقد بدأ الاهتمام به مع تطور المعرفة، وزيادة المنافسة، وعلى الرغم من تزايد الاهتمام بمفهوم الذكاء العاطفي، إلا أن هذا المصطلح ما زال مبهما لدى الكثيرين، إذ لا يزال هناك قصور كبير في فهم الإنسان لمشاعره ومشاعر الآخرين، ولفهم الصورة بشكل أكبر يجب علينا أن ندرك أن مفهوم الذكاء العاطفي لا يتم تدريسه في المدارس والجامعات، فعندما يلتحق المرء في المدرسة أو الجامعة أو العمل يتعلم مبادئ القراء والكتابة ورفع التقارير، إلا أنه لا يتعلم كيفية إدارة مشاعره بطريقة نافعة في خضم التحديات اليومية التي تواجه الفرد، فاتخاذ القرارات الصحيحة والتعامل مع الآخرين، وضبط الانفعالات لا يمكن الحصول عليها من خلال عملية تعليمية أكاديمية، إذ على المرء أن يعتمد على ذاته من أجل اكتساب تلك المهارات، ومن هنا جاء اصطلاح الذكاء العاطفي الذي يساهم في إكساب المرء كل تلك المهارات التي تكون حجر الأساس للنجاح في الحياة على جميع الأصعدة.

3. تعريف الذكاء العاطفي في علم النفس:

إنّ إخراج أفضل مكنونات الإنسان يعد واحدا من أهم وأنبل ما يمكن أن يقدمه علم النفس في عصرنا الحالي، وقد كانت جلّ الدراسات النفسية تركز على انفعالات الإنسان، واضطرابات السلوك والتفكير، ويعد الذكاء العاطفي واحداً من الاتجاهات الحديثة التي تركز على استخراج الجوهر الأساسي والفاضل لدى الإنسان من خلال جعله شخصاً يستطيع أن يحدد مشاعره وأن يفصلها بعضها عن بعض، وأن يتحكم بها، ويضبط انفعالاته، ويتعاطف مع الآخرين ويشعر بهم بطريقة مثالية لا مغالاة فيها.

4. تعريف الذكاء العاطفي عند دانيال جولمان:

يعدّ دانيال غولمان صاحب الفضل الأول في توظيف الذكاء العاطفي بشكل مثالي، على الرغم أن هناك كثر غيره قد سبقوه في هذا الأمر.

يُعرَّف الذكاء العاطفي على أنَّه فهم وإدارة المشاعر الشخصية ومشاعر الآخرين؛ إذ إنَّ الذين يتمتعون بقدرٍ عالٍ من الذكاء العاطفي يَعرفون جيداً ما يشعرون به، وما تعنيه هذه المشاعر، وكيف يمكن للمشاعر أن تؤثِّر في الآخرين.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لاستثمار الذكاء العاطفي في كسب محبة الناس

مكونات الذكاء العاطفي:

فهم الذات وفهم الآخرين:

  1. إدراك المبادئ والقيم والأهداف.
  2. إدراك مشاعر الذات والتعامل الإيجابي مع الآخرين.
  3. استخدام الحدس استخداماً صحيحاً.
  4. التفاؤل.
  5. المرونة.
  6. المبادرة وتحمُّل المسؤولية.
  7. التحكم بالمشاعر.
  8. الثقة بالنفس.
  9. التصميم.
  10. الإبداع.
  11. التعامل الإيجابي مع الذات.
  12. إدراك مشاعر الآخرين.
  13. التعاطف.
  14. التعبير عن المشاعر.
  15. التواصل مع الآخرين.
  16. الخلاف البنَّاء.
  17. الثقة بالآخرين.

ونحتاج إلى شرح لكل مفردة، ولا يتسع المقام لذلك، ولكن أردنا أن نبيِّن أهميته في واقع حياتنا.

ولقد أجريت أبحاث خلال الـ 24 سنة الماضية من قِبل 1000 مؤسسة على عشرات الألوف من الأشخاص وكلها توصَّلت إلى النتيجة نفسها: إنَّ نجاح الإنسان يتوقف على مهارات لا علاقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي.

إنَّ انخفاض الذكاء العاطفي يجلب للأفراد الشعور السلبي كالخوف، والغضب، والعدوانية، وهذا بدوره يؤدي إلى استهلاك قوة هائلة من طاقة الأفراد، انخفاض الروح المعنوية، والغياب عن العمل، والشعور بالشفقة، ويؤدي إلى سد الطريق في وجه العمل التعاوني البنَّاء، فالعاطفة تزوِّدنا بلا شك بالطاقة، والعاطفة السلبية توجد أو تخلق طاقة سلبية، والطاقة الإيجابية تخلق قوة إيجابية.

إقرأ أيضاً: مكونات الذكاء العاطفي

أهمية الذكاء العاطفي:

  1. بالنسبة إلى العمل.
  2. بالنسبة إلى طلاب المدارس.
  3. بالنسبة إلى الأسرة.

1. الذكاء العاطفي في العمل:

بالنسبة إلى العمل، أصبح الذكاء العاطفي اليوم جزءاً هاماً من فلسفة أي مؤسسة في اختيار وتدريب أفرادها؛ وذلك لأنَّ الذكاء العاطفي يعلِّم الناس كيف يعملون معاً للوصول إلى هدف مشترك.

تأثير التحسن في مهارات الذكاء العاطفي على كفاءة الشركات (مجال عمل الشركة / نسبة ازدياد الإنتاج / الانخفاض في نسبة الاستقالة).

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني

2. الذكاء العاطفي في المدرسة:

بالنسبة لطلاب المدارس، في تجربة استمرت لمدة عامين أُدخلت مادة الذكاء العاطفي ضمن البرنامج الدراسي لمجموعة من الطلاب، ثم تمت متابعة هؤلاء الطلاب لمدة ست سنوات بعد انتهاء التجربة فكانت النتيجة كما يلي:

  1. ازدياد قدرة الطلاب على التأقلم مع الشدة النفسية.
  2. نخفاض نسبة الإدمان والعادات الغذائية السلبية.
  3. انخفاض نسبة التصرفات العدوانية.
  4. انخفاض نسبة التدخين.

كما ثبت أيضاً أنَّ تنمية مهارات الذكاء العاطفي عند المدرسين تساعدهم على التواصل مع الطلاب بشكل أفضل.

إقرأ أيضاً: اختبار الذكاء العاطفي (الانفعالي)

3. الذكاء العاطفي في الأسرة:

أما بالنسبة للأسرة، ففي دراسة قام بها عالم النفس الأمريكي غولمان على تأثير الذكاء العاطفي في نجاح العلاقة الزوجية استطاع من خلال مراقبة الطريقة التي يتحدث بها الزوجان في أثناء الخلاف أن يتنبأ باحتمال الطلاق بينهما خلال ثلاث سنوات بنسبة من الدقة وصلت إلى 97%.

إنَّ استخدام مبادئ الذكاء العاطفي يساعد الوالدين على إنشاء علاقات قوية مع أبنائهم، كما يساهم في تنمية الذكاء العاطفي عند الأبناء.

وباختصار، إنَّ بناء الذكاء العاطفي لأي شخص له أكبر الأثر عليه طيلة حياته.

المصدر: برينيكور




مقالات مرتبطة