من هو تشارلز ديكينز؟
يُعد تشارلز ديكينز من أبرز كتّاب الأدب الإنجليزي في القرن التاسع عشر، وقد خلّدته أعماله التي تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية بعمق وسرد مؤثر. فيما يلي أهم محطات حياته:
- تشارلز جون هوفام ديكنز، كاتب بريطاني ذائع الصيت وصاحب أهم المؤلفات في الأدب الإنجليزي وأشهرها.
- يُعد تشارلز من أعظم روائيي العصر الفيكتوري؛ إذ كتب "أوليفر تويست" و"ترنيمة عيد الميلاد" و"ديفيد كوبرفيلد" و"توقعات عظيمة"، واشتهر ببراعة أسلوبه المميز بالتهكّم والسخرية اللاذعة.
- كان تشارلز صحفياً، ومحرراً، ومعلقاً اجتماعياً، ورسّاماً أيضاً.
النشأة والطفولة
- ولد تشارلز ديكنز في 7 شباط من عام 1812 في "بوتسمورث" على ساحل إنجلترا الجنوبي، وكان الثاني من بين إخوته البالغ عددهم ثمانية. والده هو "جون ديكنز"، الكاتب الذي كان يحلم بالثراء. أما والدته، فهي "إليزابيث بارو"، التي حلمت بأن تصبحمعلمةً ومديرةً للمدرسة.
- نشأ في كنف عائلة متعففة تكافح للعيش؛ فكانت طفولته بائسةً وواجه كثيراً من التجارب المريرة، التي كانت السبب في إلهامه في كثيرٍ من الأحيان.
- كان تشارلز مريضاً في طفولته ومعرضاً للتشنّجات؛ لذلك، لم يكن يخرج ليتجول، أو يمارس الرياضة، فعوّض عن ذلك بالقراءة، وتأثّر بكتب هامّة، مثل "روبنسون كروزو"، و"بيرغرين بيكل"، و"ألف ليلة وليلة"، و"توم جونز"، ومؤلفات شكسبير.
- انتقل تشارلز ديكنز مع عائلته إلى "تشاتام"في عام 1816. وفي عام 1822، انتقلوا إلى "كامدن تاون"، وهو حي فقير في لندن، وأكمل حياته في لندن حتى عام 1860.
السيرة الذاتية
- عندما انتقلت عائلة تشارلز إلى لندن، كان وضعهم المادي أسوأ؛ إذ كان والده مبذّراً، وهذا ما أوقع العائلة في الديون وتسبب في سجن والد تشارلز في عام 1824. حينها، لم يتجاوز عمر تشارلز 12 عاماً، واضطر إلى ترك المدرسة للعمل في معمل تلميع أحذية بالقرب من نهر التيمز، لمساعدة عائلته. أثّرت ظروف العمل الشاقة تلك فيه وكوّنت رأيه الخاص حول العمل ومعاملة الفقراء. وعندما حصل والده على ميراث عائلي وتمكن من تسديد الديون، عاد تشارلز إلى الدراسة والتحق بأكاديمية "ويلينجتون هاوس" في "كامدن تاون أي أن". كانت دراسة تشارلز عشوائيةً ومتقطعةً، ويذكر أن مدير المدرسة كان مصدر إلهامه في كتابة شخصية "السيد كريكل" في رواية ديكنز.
- عندما بلغ تشارلز الخامسة عشر ترك المدرسة مرة أخرى وكذلك في عام 1827 اضطر لتركها ليبدأ بالعمل.
- بعد علاقة حب فاشلة عاشها ديكنز مع "ماريا بيدنيل"، وهي ابنة أحد المتصرفين، تزوج في عام 1836 من "كاثرين هوغارث"، وهي ابنة "جورج هوغارث"، محرر في "إيفينيج كرونكل"، وصادف ذلك بعد وقت قصير من نشر الكتاب الأول لهبعنوان "اسكتشات لبوز". أنجبا 10 أطفال بين عامي 1837 و1852. اشتهر من أولاده، في ما بعد، محرر المجلة "تشارلز ديكنز جونيور"، والمحامي "هنري فيلدينغ ديكنز" والرسامة "كيت ديكنز بيروجيني"، والسياسي "إدوارد ديكنز".
- فقد تشارلز ابنته الرضيعة "دورا" في عام 1851، وأيضاً والده جون في العام ذاته. وفي عام 1858، انفصل تشارلز عن زوجته، ثم دخل في علاقة مع ممثلة شابة تدعى "إلين تيرنان"، وصدرت شائعات تقول إنّ العلاقة بينه وبين الممثلة بدأت قبل الانفصال عن زوجته، وعمد تشارلز إلى تشويه سمعة زوجته وحاول جاهداً أن يمحي أية وثائق تشير إلى علاقته مع الممثلة.
- أصيب تشارلز بسكتة دماغية في الثامن من يونيو في عام 1870، وكان في "كينت" في إنجلترا وذلك بعد الانتهاء من كتابة رواية "لغز إدوين درود"، ومن ثم توفي في اليوم التالي عن عمرٍ ناهز الـ 58 عاماً، ودُفن في ركن الشعراء في "كنيسة وستمنستر"، على الرغم من أنّه كان راغباً في أن يُدفن في مقبرة صغيرة دون إحداث ضجة، ولكن لم يقبل محبّوه، وقد تجمع عدد كبير منهم لتقديم واجب العزاء عند قبره، وقد امتلأ قبر تشارلز ديكنز المفتوح بآلافٍ من باقات الأزهار المقدمة من المعزّين.

المسيرة المهنية
- انطلق ديكنز إلى الحياة المهنية بعمر صغير. ففي عام 1827، بدأ العمل في مكتب، وخلال عام، بدأ عمله مراسلاً في محاكم في لندن، وخلال عدة، سنوات أصبح ديكنز مراسلاً لصحيفتين رئيستين، وفي عام 1833، أرسل تشارلز رسوماته إلى عدة مجلات وصحف، ولكن باستخدام اسم مستعار له وهو "بوز" (لقبه في العائلة). كانتأولى قصصه "عشاء في بولار ووك"؛ التي نُشرت في 1833 في مجلة لندن الشهيرة، وفي 1836، نشرت قصاصاته في كتابه الأول، كما ذكرنا سابقاً.
- كتب مجموعةً من الروايات الخيالية بين عاميّ 1836 و1870. كانت أولها رواية "أوراق ما بعد الوفاة لنادي بيكويك"، وآخرها رواية "لغز إدوين درود". ميّز روايات ديكنز أنّها كانت تُنشر على بحلقات شهرية متسلسلة، إضافةً إلى أنّها متاحة للجميع؛ إذ كانت تُباع مقابل شلن واحد فقط لكل حلقة، وهذا السعر بسيط ليتمكن الناس العاديّون من القراءة. لكن، ورغم ذلك، أُعجب بديكينز أيضاً كثيرٌ من الأثرياء، مثل الملكة فيكتوريا.
- قدّم ديكنز وزوجته مجموعة محاضرات في الولايات المتحدة في عام 1842 واستمرت الجولة خمسة أشهر؛ بدأت في "فرجينيا" وانتهت في "ميسوري"، وحضرها كثيرٌ من الناس ورحبوا به ترحيباً حارّاً، فشعر ديكنز بالفخر العارم بنفسه؛ إذ كان يستمتع في البداية بهذا الاهتمام المبالغ به ثم شعر بالاستياء لانتهاك خصوصيته، فانتقد الثقافة الأمريكية والمادية الأمريكية. بعد ذلك، أطلق جولةً ثانيةً من عام 1867 إلى 1868 متأمّلاً بتصحيح بعض الأمور مع جمهوره من خلال خطاباته.
- كتب ديكنز "ترنيمة عيد الميلاد" في ستة أسابيع، ليتمكن من إطلاقها في وقت الاحتفالات بعيد الميلاد في عام 1843. كان الهدف منها لفت الانتباه للمصاعب التي تواجه فقراء إنجلترا، فحقق نجاحاً باهراً في إنجلترا وأمريكا. لكنّه حقق أرباحاً قليلةً من هذا العمل، فاضطر إلى اتخاذ بعض الإجراءات القانونية بحق من ينشر نُسخاً غير قانونية. ونشر بعدها عدة روايات قصيرة عن عيد الميلاد أيضاً بين عاميّ 1844 و
- حُوّلت كثيرٌ من أعمال تشارلز ديكنز إلى مسرحيات وأفلام بعد إعادة صياغتها صياغات مختلفة، وإجراء التعديلات المناسبة، لتصبح أعمالاً مسرحيةً أو أفلاماً حاز بعضها على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم.
إنجازات تشارلز ديكنز
تُعد روايات تشارلز ديكنز من أهم إنجازاته، إليك عناوينها بالتسلسل:
- أوراق بيكويك (1836).
- أوليفر تويست (1837).
- نيكولاس نيكلبي (1838).
- متجر التحف القديم (1840).
- بارنابي ريدج (1841).
- مارتن تشوزلويت (1843).
- دومبي وابنه (1846).
- ديفيد كوبرفيلد (1849).
- البيت الكئيب (1852).
- أوقات عصيبة (1854).
- دوريت الصغيرة (1855).
- حكاية مدينتين (1859).
- توقعات عظيمة (1860).
- صديقنا المشترك (1864).
- لغز إدوين درود (1870).

تحديات واجهها تشارلز ديكنز
لم تكن حياة الكاتب الإنكليزي خالية من المتاعب والصعوبات، ومن أبرز ما واجهه من تحديات:
- يُعد الفقر الذي عانت منه عائلة تشارلز ديكنز من أكثر التحديات صعوبةً. فقد أجبره ذلك على العمل بسن مبكرة وحرم من التعليم النظامي، فأثّر ذلك في حصوله على وظيفة جيدة.
- عانى من ضغوطات مهنية كان أهمّها ضرورة العمل لإنتاج كمٍّ هائل من الكتابة ليلبّي طلبات الناشرين والقرّاء.
- على الرغم من إنجابه 10 أطفال، إلا أنّ زواجه لم يكن سعيداً؛ إذ بل عانى من مشكلات، وضغوطات، وانتشرت أخبار عن علاقة عاطفية تربطه بممثلة شابة.
تأثير تشارلز ديكنز
ترك تشارلز ديكنز بصمة لا تُمحى في الأدب العالمي، وأثر في الثقافة والمجتمع بأسلوبه الفريد وقضاياه الإنسانية.
- كان لتشارلز ديكنز دور هامّ في تطوير اللغة الإنجليزية، من خلال ابتكار عديدٍ من الألفاظ والتراكيب، وقد أصبحت جزءاً من اللغة العامية.
- يُعد تشارلز من أوائل الكتّاب الذين أسّسوا للرواية الاجتماعية التي تصور الواقع وتسعى إلى إحداث تغيير، من خلال إثارة الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية.
- حققت رواياته نجاحاً باهراً، وحظيت بشعبية كبيرة إلى يومنا الحالي. كما أنّها تُرجمت إلى عدة لغات، واقتُبس منها عديدٌ من الأفلام والمسلسلات.
أهم الأقوال والاقتباسات المأثورة عن تشارلز ديكنز
من أهم أقوال تشارلز ديكنز:
- "من يخفف من أعباء الآخرين، لا يمكن عدّه من عديمي الفائدة في هذا العالم".
- "لا تغلق شفتيك أبدأ أمام أولئك الذين فتحت لهم قلبك بالفعل".
- "لقد أحببتها رغم العقل؛رغم الوعد؛رغم السلام؛رغم الأمل؛رغم كل ما يمكن أن يثنيني أو يثبّط عزيمتي".
- "لقد كانت المعاناة أقوى من كل التعاليم الأخرى، وقد علمتني أن أفهم قلبك؛ لقد انحنيت وانكسرت، ولكنّني أصبح أن أكون في حالة أفضل".
- "قل للريح والنار أين يتوقفا؛ لكن لا تقل لي ذلك".
- "كُن صاحب قلب لا يقسو أبداً، ومزاج لا يتعب أبداً، ولمسة لا تؤذي أبداً".
- "لا يوجد شيء في العالم معدٍ على نحوٍ لا يقاوم مثل الضحك والفكاهة".
- "هناك كتب تكون أغلفتها وظهورها أفضل أجزائها على الإطلاق".
- "حقيقة رائعة يجب التأمل فيها، وهي أنّ كل مخلوق بشري قد خُلق ليكون غموضاً وسراً عميقاً بالنسبة لكل مخلوق آخر".
- "هناك أيام في هذه الحياة تستحق الحياة، وأيام تستحق الموت".
- "التسويف هو لص الوقت؛ اقبض عليه".
- "لا تسأل أسئلةً، ولن تسمع أية أكاذيب".

الجوائز والتكريمات التي نالها تشارلز ديكنز
رغم غياب الجوائز الرسمية في عصره، إلا أن تأثير ديكنز الأدبي كان بمثابة تكريم لا يُضاهى.
- لم يحصل تشارلز ديكنز على جوائز أدبية أو غيرها، ويعود ذلك لغياب نظام الجوائز الأدبية. فلم تكن "جائزة نوبل" موجودةً حينها أو غيرها من الجوائز المرموقة، بالإضافة إلى اهتمام الناشرين بالمبيعات والتوزيع أكثر من الجوائز الأدبية.
- تُعد الشهرة الواسعة والنجاح الشعبي الباهر الذي حققه أكبر جائزة. كما أن روايات ديكنز تُقرأ بشغف كبير من طبقات المجتمع المختلفة، وحازت على إعجاب النقاد الأدباء، والنقاد المعاصرين لديكنز، وإلى يومنا الحالي، بقي ديكنز مميزاً بالعبقرية والأسلوب الفريد الذي ألهم الأجيال التي تلته.
في الختام
تشارلز ديكنز ليس مجرد روائي فحسب، بل مؤرخ نفساني واجتماعي، وعبقري لا مثيل له؛ استطاع عكس هموم الناس وآمالهم. تحدثنا في مقالنا عن سيرة حياته الشخصية والمهنية، التي توضح السبب وراء شعبيته المستمرة إلى يومنا هذا.
أضف تعليقاً