تحسين تجربة الموظفين يؤدي إلى تحسين تجربة العملاء

نحن نتداول العديد من العبارات الرنانة للاهتمام بالعميل ونتدرب على تكرارها؛ مثل: "رعاية العميل هي أولويتنا الأولى"، و"العميل دائماً على حق"؛ إذ نؤمن بها ونطبقها في أعمالنا اليومية، ولكنَّ عصرنا المتغير الذي ساعد على التركيز في "تجربة العملاء" (Customer Experience) (CX)، أثبت أنَّ الاهتمام "بتجربة الموظفين" (Employee Experience) (EX) سيعود بفائدة طويلة الأمد على الشركة.



لنتأمَّل مكانة العميل التي تغيرت مع الوقت: تُظهِر التقارير الصادرة في سوق الأسهم عن "مؤشر خدمة رضى العملاء الأمريكي" (American Customer Service Satisfaction Index) الذي ارتفع بفضل موظفي خدمة العملاء وتفوَّق على مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 93%، ومؤشر "فورتشن 500" بنسبة 20%، ومؤشر "ناسداك" بنسبة عظيمة وهي 335%.

ومع ذلك، ووفقاً لتقرير "محادثة المستهلك" (The Consumer Conversation) لعام 2015: أثبتت 37% فقط من الشركات المشاركة قدرتها على ربط زيادة الإيرادات أو توفير التكاليف "بنشاطات تحسين تجربة العملاء"، وهي نسبة جيدة تمثل أربع شركات من أصل عشر، ولكنَّها نسبة سيئة للغاية بالنسبة إلى الآخرين؛ وذلك لأنَّها تضيع المال والجهد.

خلُص تقرير شركة "أكسنتشر" (Accenture report) إلى أنَّ نصف مبادرات تحسين تجربة العميل في الشركات لا تؤدي غرضها في الاحتفاظ بالعملاء، وترافقَ التقرير مع توقعات ببلوغِ قيمة الاستثمار في سوق خدمات التكنولوجيا لإدارة تجربة العملاء نحو 13.2 مليار دولار بحلول عام 2021، وكل هذا في سبيل التركيز في العملاء والفائدة الربحية المرتبطة بهم.

إقرأ أيضاً: سعادة عميلك تعني سعادتك

يُحدِث الموظفون فارقاً:

يؤمن الكثيرون أنَّ العميل هو سبب إيجاد الوظيفة بحد ذاتها. ومع ذلك، لم تفهم أغلب الشركات الأمر على النحو الصحيح؛ فعلى الرغم من الاستثمارات الكبيرة في برامج رعاية العملاء، والتسويق للخدمات، واستعمال استطلاعات واسعة للعديد من المنصات لقياس رضى العملاء، إلَّا أنَّ القادة لم يستطيعوا شراء ولاء العملاء ومودتهم، فلن يتم الأمر بزيادة ميزانية التسويق أو رشوة العملاء وحتى الابتكار لن يحرز أثراً طويل الأمد في ظل المنافسة المحتدمة بين الشركات، إلَّا أنَّ مفتاح استمرارية النجاح هو بالاستثمار في الموظفين.

المشكلة هي أنَّ معظم المؤسسات مهووسة بتطوير تجربة العملاء لدرجة تتجاهل بها العامل الأساسي في إنشاء هذه التجربة، وهو "الموظفون"، وتُعامِل القليل من الشركات موظفيها معاملةً صحيحة.

إقرأ أيضاً: كيف تبني فريقاً يركز على العملاء؟

تحسين تجربة الموظف يعني تحسين تجربة العميل:

إنَّ اهتمامك بالموظفين ورعايتهم هو ما يؤدي إلى نجاح تجربة الموظف، ومن ثم نجاح تجربة العميل؛ أي نجاح تجربة العميل يعتمد على نجاح تجربة الموظف.

دخلتُ في الخريف الماضي مخبزاً صغيراً ضمن متجرٍ كبيرٍ خاص؛ حيث عُرِفَ المخبز بمعجناته اللذيذة، وبينما كنت أتجول لمحت فطيرة تفاحٍ طازجة وقررت شراءها، وبينما كنت أقف عند المنضدة سمعت رجلاً افترضتُ أنَّه المشرف يوبِّخ المحاسِبة المراهقة في الغرفة الخلفية، وكان الصوت عالياً لدرجة أنَّ العديد من الناس سمعوه من مكانٍ قريب.

قرعت جرس المنضدة فخرجت الفتاة وخاطبتني: "ما الذي تريده؟" بدلاً من أن تقول: "مرحباً"، أو "كيف حالك اليوم؟" أو "هل ترغب في تجربة عيِّنة؟" ولكنَّها لسوء ما تعرضت إليه للتو؛ لم تستطع المجاملة أو النظر في عيني.

كان أول ما طرأ في ذهني حينها أن أبتعد عن المخبز، ولكنَّني فكرتُ في الأمر وأدركتُ أنَّه لم يكن خطأ المراهقة؛ إذ كانت تجربة العميل السيئة نتيجة طبيعية لتجربة الموظف السيئة. فطلبتُ الحديث مع المدير وأخبرته بما سمعت، ثم ألقيتُ عليه محاضرة عن الاهتمام بموظفيه؛ فأنا مستشار وهذا ما أقوم به عادةً، ثم مشيت بعيداً دون شراء أفضل فطيرة تفاح على الإطلاق.

كملاحظة جانبية: أُغلِق المخبز منذ أكثر منذ مدة، ولم يُفتَتَح بعد.

شاهد أيضاً: 7 مهارات يحتاجها موظفو خدمة العملاء.

يحدد الموظف شكل تجربة العميل:

موظفوك هم علامتك التجارية، فَهُم مَن ينقل جودة عملك إلى العميل، وترتكب العديد من الشركات خطأً فادحاً بتجاهل تجربة الموظف لبناء تجربة عميل مميزة، وهذا لن يحرز أي تقدم؛ إذ إنَّ تجربة العميل هي نتيجة سلوك الموظفين وتفاعلهم في العمل؛ لهذا علينا التنسيق والموازنة بينهما.

فكِّر في الأمر بمنحى مختلف: هل سألت نفسك عن حقيقة التجربة التي يمر بها الموظف والخدمات المقدمة لهُ في آخر مرة واجهتَ تخبُّط الموظفين في التعامل مع العملاء؟ ولكنَّ الاحتمالات جميعها تشير إلى أنَّ خلق تجربة عميل سيئة ما هي إلَّا نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لفشل موظف في حل مشكلةٍ ما في العمل؛ وذلك بما يخص تعزيز الجودة، أو توفير خدمات إضافية لإرضاء العملاء أو بناء علاقة جيدة معهم، أو الوفاء بوعد أو التزام.

ستؤثر تجربة الموظف سلباً أو إيجاباً في تجربة العميل بجميع المقاييس سواءً مقاييس رضى العملاء أم تحسين جودة الخدمات أم زيادة الإيرادات.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب للاهتمام بمعنويات الموظفين

قانون التجربة المتطابقة:

ما هي فائدة بذل الجهود الجبارة لنيل رضى العميل في بيئة مفككة؟ إنَّ المنظمات بعضها تبالغ في قوانين حماية تجربة العميل من التأثُّر في تجربة الموظف في عمله، فتضع قوانين مفصَّلة لمنع الموظفين من الإضرار بعلاقة العملاء، ولكن لماذا؟ لأنَّ الموظف غير المبالي بعمله لن يجتهد لنيل رضى العميل.

وهذا ما يسمى: "قانون التجربة المتطابقة" (The Law of Congruent Experience): سيسعى الموظف إلى تحسين تجربة العمل بقدر ما تتحسن تجربته في المؤسسة، وستعكس تجربة الموظف مع عميله تجربته مع المنظمة.

إنَّ وجود أرباب عمل غير مبالين يعني عمل الموظفين بلا اكتراث، ومن ثم لن يبالي الموظفون برضى العميل وتجربته. فلنعُد إلى المثال السابق ونفكر في الموظفة التي وبَّخها مشرفها، هل ستستطيع خدمة العملاء تقديم فطائر التفاح بابتسامة وكلمات لطيفة؟ أشك في ذلك.

نحن لا ندعو إلى تجاهل تجربة العميل، ولكنَّ العديد من الشركات تنسى في خضمِّ سعيها إلى نيل رضى العميل أنَّ للموظف الحق في العمل بسعادة ورضى أيضاً؛ فتجربة موظف ممتازة تعني تجربة عميل ممتازة.

المصدر




مقالات مرتبطة