"فبعدَ كُلِّ شيء، هناك عدَّة أسباب مقنعة للاستثمار في الأسهم". يُوَضِّح الصَّحفي المختص بالشؤون المالية أندرو توبياس في كتابه الاستثماري بعنوان "دليل الاستثمار الوحيد الذي ستحتاج إليه".
"فعلى عكس السَّندات، تُقدِّم الأسهم على الأقل إمكانية مواكبة التضخم"، على حدِّ تعبيره، "وعلى المدى الطويل -قد تكون فترةً طويلةً حقَّاً- سوف تتفوق الأسهم على الاستثمارات "الأكثر أمانًا"، مثل السَّندات وصكوك الإيداع".
بناءً على ما سبق، فَالاستثمار عبارةٌ عن مخاطرةٍ دائمة. فإن قررت السَّير في هذا الطريق، ففكر عندئذٍ في "الطريقة الأكثر منطقية للاستثمار في الأسهم"، كما لخَّصها توبياس في النِّقاط العشر التالية:
أولاً: لا تستثمر سوى الأموال التي لن تحتاجها لفترةٍ طويلة
إنَّ القليلَ منَ المال إن وجد، هو أمرٌ مضمون عندما يتعلق الأمرُ بالاستثمار، ويمكنك عندئذٍ كسبُ مزيدٍ من المال أو خسارة مالك. لذا إذا كنت بحاجةٍ إلى الوصول بسرعةٍ إلى السيولة النقدية على المدى القصير، فربما لن ترغب في الاستثمار في تلك الحالة.
"استثمر فقط المال الذي لن تضطر إلى المساس به لسنوات عدَّة"، يؤكد توبياس: "إذا لم يكن لديك أموالٌ من هذا القبيل، فلا تشتري الأسهم. فالأشخاص الذين يشترون الأسهم عندما يحصلون على أرباح، ويبيعونها عندما يرون أنَّ الوضع قد بدأ يسوء، هم في الحقيقة يُخضعون قراراتهم الاستثمارية إلى مخاطرة عالية".
ثانياً: لا تقم بتوقيت استثماراتك
يشرح توبياس أنَّ النَّاس لديهم مَيل إلى "تجنب السوق عندما يتراجع ويغامرون فيه مجدداً بعد أن ينتعش".
ومع ذلك، "إنَّ الفرص عندما يبدو السوق أسوأ، تكون أفضل؛ إذ عندما تعود الأمور جيدةً مرَّة أخرى، تكون الفرص أكثرَ هزالةً والمخاطر أكبر".
باختصار: لا تَشعُرَنَّ بحماسٍ مبالغٍ فيه عندما يكون السُّوق مُعافاً، وتذكَّر أنَّ الأمور السَّيئة لا تكون واضحةً عندما تكون الأوقات جيدة. وكما كان المستثمر الأسطوري وارن بافيت يُحبُّ أن يقول: "أنت لن تعرف ألوان الثياب التي يسبح بها الناس إلا عندما يَنحَسِرُ المد".
شاهد بالفيديو: 8 أمور هامّة لنجاح استثمارك الخاص
ثالثاً: استثمر أموالك في السُّوق بشكلٍ دوري، لا دفعةً واحدة
بدلاً من التَّسرع في شراء المئات من الأسهم عندما تكون مقتنعاً بأنَّ السهم سيرتفع، قم باستثمار جزءٍ من راتبك في السوق كل شهر، يوصي توبياس.
"قم بتنويع استثماراتك مع مرور الوقت عبر عدم الاستثمار دفعةً واحدة. ووزِّع استثماراتك لتهدئة أثر الارتفاع والانخفاض في سوق الأسهم. إنَّ دورة حياة الاستثمارات الدَّورية، بمعنى إضافة 100 دولار أو 750 دولار في الشهر، أو أيِّ شيء يمكنك تحمله بشكل مريح إلى صندوقك الاستثماري، هو مفتاح الوصول للأمان المالي".
رابعاً: فكّر على المدى الطويل واترك استثماراتك وشأنها
"بشكلٍ عام، يعتبر شراء الأسهم والابقاء عليها من أجل أموالك الطَّويلة الأجل، هو السبيل للمُضِيِّ باستثماراتك قدماً"، يؤكِّد توبياس. وكما يقول وارن بافيت: "إذا لم تكن على استعداد لامتلاك سهم واحد لمدة عشر سنوات، فلا تفكر في امتلاكه لمدة عشر دقائق". إلى الأبد هي فترة الانتظار الجيدة. فبَعدَ كل شيء، أبقى بافيت على أسهمه في شركة GEICO منذ خمسينيات القرن العشرين إلى يومنا هذا.
خامساً: قم بتنويع استثماراتك
إنَّ وضع كل أموالك في مكان واحد هو كمن يسعى وراء المشاكل.
يقول توبياس: "إذا كانت كُلُّ أموالك تُنفَق على اثنين أو ثلاثة من الأسهم، فإنَّكَ تتعرض لمخاطر أكبر بكثير مما لو كنت قد نوَّعتَ استثماراتك على أكثر من 20 أو 30 سهماً. فَكِّر في الأمر: إنَّ فشل 20 أو 30 شركة في وقت واحد هو أمرٌ مستبعد إلى حد كبير.
كما أنَّ الكثيرَ من مكاسب السوق جاءت من عدد صغير مما يسمى "الرَّابحين الكبار"، مثل شركتي مايكروسوفت و إنتل. لذا يمكنك محاولة العثور على مثل تلك الأسهم واستبعاد بقية السُّوق... ولكن على الأغلب لن تجدهم. أو يمكنك أن تقتنع بشراء صناديق مؤشرات متنوعة للغاية، إذ بينما ستؤدي تلك الصناديق بشكل "متوسط" فقط، إلا أنَّها ستشتمل على تلك الأسهم الكبيرة تقريباً في متوسطها هذا".
سادساً: لا تُشَوِّش على نفسك
إنَّ الاستثمار يُصبح عاطفياً. إذ كثيراً ما تكون خياراتنا محاطة بالخوف والجشع والتَّوتر، ولا يفيدك أبداً مراقبة كيف تسير الأمور طوال اليوم. لذا تجنَّب إغراء التَّحقق من مؤشر الأسهم أو حسابك بشكل يومي أو أسبوعي. فالأسواق ترتفع وتنخفض كُلَّ يوم، وكذلك الأسهم الفردية، لكن هذا لا يعني أنَّ هناك أهميَّة لكُلِّ حركة صعودٍ أو هبوطٍ في الأسهم. بالإضافة إلى ذلك، كلَّما زاد تداولك في سوق الأسهم، كلما قلَّ أداءك. يقول بافيت في ذلك الخصوص: "بالنِّسبة للمستثمرين ككل، تنخفض العوائد مع زيادة الحركة".
سابعاً: لا تَنخدع بالأسهم التي يُفَضِّلُها الجميع
"احذر نشرات الأسهم المرتفعة والأسهم التي يُحبُّهَا الجميع، حتى لو كانت أسهم الشركات البارزة. إذ حتى لو جاء النمو في الموعد المحدد، فقد لا ترتفع الأسهم. لأنَّها وبكل بساطة مرتفعة بالأصل. وعلى فرض أنَّ الأرباح لم تستمر في النُّمو كما هو متوقع، فقد تنهارُ مثل تلك الأسهم، وذلك بالرغم من أنَّ الشركة الأساسية قد تظل سليمة". بالإضافة إلى ذلك، من غير المرجح أنَّ هذه الأسهم قد تم تجاهلها وأنَّها "كنزٌ خفي" عجز سوق وول ستريت للأسهم عن اكتشافها.
ثامناً: لا تُلقِ بالاً للاشتراك بالنَّشرات الإخبارية المُخصَّصَة للمستثمرين
يقول توبياس: "إنَّ النَّشرات الإخبارية للمستثمرين التي تكون أغلى سعراً، بالإضافةِ إلى خدمات الكمبيوتر؛ لا معنى لها إلَّا بالنسبة للمستثمرين الذين يمتلكون الكثيرَ من المال. فإلى جانب تكلفتها، فهي أيضاً وفي كثيرٍ من الأحيان، تجعلك عُرضةً لأن تقعَ فريسةً لإغرائكَ على الشراء، وتجعلك تخشى من أن تبيعَ ما قد اشتريته. بالإضافةِ إلى ذلك، نصف الخبراء وفي أيِّ وقتٍ من الأوقات؛ من المرجح أن يكونوا مخطئين".
هناك الكثير من الموارد المجانية عبر الإنترنت التي يمكنك الاستفادة منها. يوصي توبياس بموقع (Yahoo Finance) من أجل معرفة المزيد عن الشركات التي تطرح أسهمها للتَّداول العام (يمكنك الاطلاع على التقارير السنوية ومخططات الأداء وتقديرات الأرباح) وموقع (Morningstar) من أجل التَّعرف على الصناديق الاستثمارية والاستثمار بشكل عام.
تاسعاً: استثمر؛ لكن لا تتكهن
"أن تُخاطرَ وتستثمر في أسهم منخفضة السِّعر على أمل أن تُحَلَّ مشاكلها وتتضاعف قيمتها مع مرور الوقت شيء، وأن تتسرع وتستثمر ومن ثم تنسحب من الاستثمار في الأسهم (أو العقود الآجلة) على أمل بأن "تتلاعب بالسوق" بنجاح، لهو شيءٌ آخر تماماً"، يقول توبياس.
لذا أبقِ الأمرَ بسيطاً: "اشترِ قيمة السَّهم واحتفظ بها. لا تشارك ومن ثم تنسحب، ولا تحاول أن تتذاكى على السوق".
عاشراً: تبنى فكرة صناديق المؤشرات
خلاصة القول هي أنَّه ينبغي على معظم الناس القيام بالاستثمار في سوق الأسهم عبرَ صناديق المؤشر الخالية من الرسوم أو العمولات، وهي عبارة عن صناديق استثمارية مشتركة لا تحاول انتقاء أفضل الأسهم، ولكن فقط تستثمر بشكلٍ غير مباشر في جميع الأسهم في المؤشر الذي صُمِّمَت لتتناسب معه.
أنت لن تضرب أي ضربةٍ كبرى عن طريق الاستثمار في صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة، ولكنك لن تخسر الأموال بسرعة أو بشكل كبير.
التعليقات
شعبان محمد
قبل 2 شهرمقال رائع
أضف تعليقاً