الهيكل التنظيمي والهيكل الوظيفي

تحتاج المنظمة بين الحين والأخر إلى إعادة النظر بنوع ومحتوى الوظائف والأعمال التي تنجزها، وإعادة النظر هذه تقع تحت نشاط يسمى بتحليل الأعمال وتصميمها أو إعادة تصميمها Work Reading ويكمن الهدف من هذا النشاط في جعل الأعمال أكثر جاذبية للأفراد الذين ينجزونها، أي أن الهدف يتمثل في زيادة دافعية العاملين وجعلهم أكثر دافعية وإنتاجية ورضا والتزام وولاء في أعمالهم.




اعتماداً فإن تحليل وتصميم العمل يهدف في النهاية لتحقيق أفضل مواءمة بين الهيكل التنظيمي وهيكل الوظائف وبالتالي تحقيق المواءمة ما بين الفرد والوظيفة Individual - job fit والوظيفة والمنظمة Job - organization fit والفرد والمنظمة Individual - organization fit ولهذا الغرض قد تحتاج المنظمة لتغيير محتوى العمل Work content أو تغيير مكان إنجاز العمل، أو وقت إنجازه، وفي جميع الأحوال أعلاه فإن عملية التغيير تنصب على الوظيفة التي تمثل خلية الأداء الرئيسية في المنظمة والقاعدة التي يبنى عليها كل من الهيكل التنظيمي والوظيفي، فينتهي بها الهيكل التنظيمي في الوقت الذي يبدأ منها الهيكل الوظيفي.

وتأسيساً على ما تقدم سوف نتطرق إلى الحديث عن الهيكل التنظيمي أولاً ثم الحديث عن الهيكل الوظيفي.

الهيكل التنظيمي (Organizational Design):

يعتبر الهيكل التنظيمي لأي منظمة وسيلة أو أداة هادفة لمساعدة المنظمة على تحقيق أهدافها بكفاءة وفاعلية، من خلال المساعدة في تنفيذ الخطط واتخاذ القرارات وتحديد أدوار الأفراد وتحقيق الانسجام بين مختلف الوحدات والأنشطة، وتفادي التداخل والازدواجية والاختناقات وغيرها.
ومن ناحية أخرى فإن للهيكل التنظيمي تأثير كبير على سلوك الأفراد والجماعات في المنظمات، فتقسيم العمل والتخصص يتضمن إسناد مهام وواجبات محددة للفرد, والالتزامات المترتبة على الفرد وتوقعاته نتيجة لذلك قد توفر له الشعور بالرضا عن العمل.

الخصائص والأبعاد الرئيسية للهيكل التنظيمي (Org .Dimensions):

لقد اقترح الكتاب (3) خصائص وأبعاد رئيسية للهيكل التنظيمي وهي:

  • التعقيد Complexity: تتكون من ثلاثة عناصر وهي: التمايز، التقسيم الأفقي، (تعدد وتنوع الأنشطة والواجبات والمجموعات الوظيفية والتخصصات المتنوعة)، و التمايز الراسي (عدد المستويات التنظيمية ) والتمايز الجغرافي (التوزيع الجغرافي لعمليات وأنشطة المنظمة). فالهيكل التنظيمي يزداد تعقيداً كلما زاد واحداً أو أكثر من أنواع التمايز الثلاثة وكلما زادت درجة التعقيد كلما زادت الحاجة للاتصالات والتنسيق والرقابة.
  • درجة الرسمية Formalism: تشير إلى مدى اعتماد المنظمة على القوانين والأنظمة والتعليمات والقواعد والمعايير في توجيه وضبط سلوك الأفراد أثناء العمل. ومن النتائج والآثار السلبية التي تسببها الرسمية العالية للأفراد إعاقة نمو الشخصية الناضجة والمبدعة، واستبدال الأهداف حيث تصبح الأنظمة والتعليمات غاية وليست وسيلة.
  • المركزية Centralization: تشير إلى مصدر أو موقع اتخاذ القرارات في المنظمة أو توزيع السلطات، وتؤدي المركزية الشديدة إلى إحباط الأفراد وعدم الرضا وعدم التطور والنمو وإعاقة الإبداع.

نماذج الهيكل التنظيمي:

يصنف الكتاب والباحثون أنواع الهياكل التنظيمية إلى نموذجين رئيسيين يقعان على نهايتي خط مستقيم وهما: النموذج الآلي (البيروقراطي/الكلاسيكي Mechanistic (Model والنموذج العضوي (Organic Model)، وسنناقش باختصار هذين النموذجين:

النموذج الآلي (Mechanistic Model):

يطلق على النموذج الآلي أيضا النموذج البيروقراطي أو النموذج الكلاسيكي أو النموذج الهرمي، ويلاحظ من أدبيات التنظيم عدم وجود اتفاق كامل بشان ماهية هذا النموذج وخصائصه، ومن أهم ملامح وخصائص هذا النموذج ما يلي:

  • تقسيم العمل والتخصص بشكل واضح ومحدد.
  • تسلسل واضح ومحدد للسلطة.
  • تتركز سلطة وقوة اتخاذ القرارات في قمة السلم الهرمي في المنظمة.
  • يتعامل كل فرد في المنظمة مع الآخرين ومع العملاء بشكل رسمي، وغير شخصي.
  • نطاق إشراف ضيق (عدد المرؤوسين تحت إشراف كل رئيس قليل).
  • هيكل تنظيمي طويل (عدد المستويات التنظيمية كبير).

لقد أثار النموذج الآلي انتقادات عديدة من مختلف الكتاب والباحثين، ومن أهم هذه الانتقادات:

  • لا يسمح بشكل مناسب لنمو الفرد وتطوير شخصية ناضجة.
  • يساعد على تطوير الفرد وإعداده ليصبح متمثلاً، وخاضعاً.
  • لا يعطي أهمية للتنظيمات/الجماعات غير الرسمية.
  • استبدال أهداف المنظمة.
  • يصبح الالتزام والتقيد بالأنظمة والقواعد غاية في حد ذاته.
  • شعور الفرد بالغربة والعزلة.
  • تركيز السلطات في جهات محدودة.

ومن أهم مزايا النموذج الآلي:

  • تطبيق القواعد والأنظمة دونما تمييز أو محاباة.
  • نظام واضح للسلطات.
  • إجراءات محددة لانجاز العمل.
  • تقسيم العمل مبني علي التخصص الوظيفي.

شاهد بالفديو: 10 أمور تدل على سوء الإدارة في العمل

نموذج التنظيم العضوي (Organic Model):

لقد استند أنصار هذا النموذج إلى افتراضات مغايرة لافتراضات النموذج الآلي، ومن بينها: اعتماد معايير أخرى بالإضافة إلى الإنتاجية والكفاءة للحكم على فعالية المنظمة ونجاحها من بين هذه المعايير: التكيف والمرونة والاستجابة السريعة للتغيرات، واستخدام الموارد، ورضا العاملين وغيرها كما افترضوا أن المنظمة تتفاعل مع البيئة، وأن البيئة مضطربة.

أما أهم خصائص وملامح هذا النموذج فهي:

  • ينظر إلى أهداف المنظمة على أنها غاية، وأن الأهداف الوظيفية (الوحدات) وسائل لتحقيقها.
  • التنسيق الأفقي هام مثله مثل التنسيق الراسي، بل وأكثر منه.
  • تشارك مختلف الوحدات والمستويات في وضع استراتيجيات المنظمة.
  • هيكل السلطات غامض.

ويصف (Robbins،1991) النموذج العضوي في إطار الخصائص الثلاث الرئيسية لهيكل التنظيمي (التعقيد والرسمية، والمركزية) على النحو الأتي:

  • البساطة النسبية، حيث يؤكد النموذج على إثراء العمل وتوسيع نطاقه بدلاً من التخصص الشديد أو المتطرف.
  • درجة متدنية من الرسمية، ويؤكد على عدم الرسمية العالية بسبب تركيزه على التنظيم السلعي أو على أساس المنتفعين.
  • بالنسبة للمركزية، فقد أولى هذا النموذج عناية زائدة لموضوع تفويض السلطة للمستويات الأدنى، وزيادة عمق العمل وبالتالي توفير مزيد من اللامركزية وكذلك الاستفادة من الموارد البشرية.

تصميم الهيكل التنظيمي:

يمر إنشاء الهيكل التنظيمي بمجموعة من الخطوات نعرضها بإيجاز على النحو التالي:

1. تحديد أهداف وسياسات المشروع الرئيسية الحاكمة للعمل.

2. تحديد أوجه النشاط اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، وبصفة عامه نجد أن الأنشطة الرئيسية لأي مشروع صناعي إنما تتمثل فيما يلي:

  • أنشطة إنتاجية فنيه.
  • أنشطة تسويقية.
  • أنشطة مالية.
  • أنشطة إدارية.
  • أنشطة شرائية.

3. بعد تحديد الأنشطة يتم تجميعها في مجموعات متناسقة ومنطقية أفقياً ورأسياً لتجسد في النهاية الهيكل التنظيمي، وغالباً ما يتم تجسيد وتجميع الأنشطة في شكل إدارات متخصصة على أساس: وظيفي - سلعي - أو جغرافي - أو المراحل أو العمليات - أو العملاء - أو على أساس مشترك.

4. تحديد الأعمال التي يتضمنها كل نشاط من الأنشطة المختلفة، وتنطوي هذه الخطوة على حصر الأعمال التي يتضمنها كل نشاط بدقة وكفاءة.

5. إلحاق الأعمال بالوظائف (تصميم أو إنشاء الوظائف) ويتوقف عدد الوظائف المطلوبة للقيام بالعمل على:

  • حجم العمل ودرجة تعقده.
  • المكان الذي يتم فيه العمل.
  • عدد الساعات المطلوبة لإنجاز العمل.
  • تسهيل أعمال الرقابة على النشاط.
  • منع تكرار الجهود المتشابهة.
  • الاستفادة من الإمكانيات والتسهيلات المتاحة.
  • تجميع الوظائف في مجموعات على رأس كل منها وظيفة إشرافية ويتوقف عدد الوظائف التي يتطلع الرئيس (الوظيفة الإشرافية) أن يشرف عليها على نطاق الإشراف.
  • تحديد السلطات والمسؤوليات لكل وظيفة، وتحديد علاقات السلطة التي تربط بين الوظائف المختلفة.
  • ترجمة الخطوات السابقة في صوره خريطة تنظيمية أو هيكل تنظيمي يوضح الإدارات والأقسام التي تتألف منها المنظمة.
إقرأ أيضاً: 4 خطوات رئيسة لإجراء عملية إعادة تنظيم فاعلة للشركة

الهيكل الوظيفي:

مفهوم الهيكل الوظيفي:

يُعد الهيكل الوظيفي أساس دراسة الوظائف باعتباره العنصر الرئيسي الذي تتكون منه مجموعة الهياكل الوظيفية للتشكيلات الإدارية المكونة للمنظمة، يركز هيكل الوظائف على عنصرين أساسيين هما:

  • الفرد: فالفرد يؤدي كل ما تتضمنه الوظيفة من مسؤوليات وواجبات شرط أن تتوفر فيه المؤهلات اللازمة لإشغال الوظيفة.
  • ومحتوى الوظيفة: يختلف محتوى الوظيفة باختلاف الوظيفة من حيث النوع والمستوى، ففي الوقت الذي يشير النوع إلى طبيعة العمل الذي تحتويه الوظيفة (زراعية، صناعية، خدمية) يقصد بالمستوى درجة الصعوبة في الواجبات والمسؤوليات التي تشتمل عليها الوظيفة مقارنة بالوظائف الأخرى، ولكل وظيفة من الوظائف درجة وفئة ومهنة وصنف تنتمي إليه.

أهمية الهيكل الوظيفي:

تتجلى أهمية الهيكل الوظيفي من خلال تأثيره المباشر في قدرة المنظمة على تحقيقها للأهداف المرسومة، إذ يشكل الإطار العام للأداء التنظيمي لكل تشكيل إداري من خلال مجموعة الوظائف (القيادية والتنفيذية والفنية والخدمية) ويوضح الهيكل الوظيفي الكيفية التي يتم بها تدرج الوظائف ضمن الهرم الوظيفي للمنظمة لتظهر ثلاثة أنواع من الهياكل الوظيفية هي:

  1. هيكل المهن في المنظمة Hierarchy Of Skills: اعتماداً على مبدأ التخصص في تقسيم العمل يتم تحديد الاختصاصات الوظيفية والمهنية لمختلف النشاطات الإدارية والتشكيلات الإدارية للمنظمة.
  2. هيكل المسميات (الرتب) في المنظمة Hierarchy Of Rank: تعبر العناوين الوظيفية عن حقيقة الواجبات والمسؤوليات ودرجة الصعوبة التي تمتاز بها الوظيفة عن بقية الوظائف بالإضافة إلى المؤهلات اللازمة لشغلها.
  3. هيكل الأجور في المنظمة Pay Hierarchy: تعبر الدرجة المالية عن الكلفة المالية التخمينية للوظيفة في المنظمة إذ تترتب وفقاً لتسلسل الوظائف من الحد الأعلى الدرجة إلى الأدنى ولمجموعة درجات.

سمات الهيكل الوظيفي:

لكي يكون الهيكل الوظيفي قادراً على الوفاء بمتطلبات العمل التنظيمي في المنظمة لا بد له من أن يتصف بمجموعة سمات لتجعل منه فاعلاً وكفوءاً في تأدية مهماته بتحقيق أهداف المنظمة، وهذه السمات كالأتي:

  1. مبدأ الهرمية (التدرج الرئاسي): يقصد بالهرمية تسلسل المستويات الأدائية للوظائف من العليا حيث تتسع السلطات (الصلاحيات) الممنوحة للأفراد التي تمكنهم من اتخاذ القرارات ذات التماس المباشر بأهداف المنظمة، وحتى المستويات الدنيا منها المنفذة لتلك القرارات.
  2. مبدأ التكامل: يتحقق التكامل من خلال عملية ترتيب الوظائف وفقاً لنوع العمل وصعوبته النسبية مقارنة بوظائف أخرى.
  3. مبدأ التناسق: يتحقق هذا المبدأ من خلال وضوح العلاقات الأفقية والعمودية التي تربط كل وظيفة مع باقي الوظائف سواء تلك التي تقع في نفس المستوى الإداري (علاقات أفقية) أو بمستويات أعلى أو أدنى منها (علاقات عمودية).
  4. مبدأ التوافق مع الهيكل التنظيمي: لكي يحقق الهيكل التنظيمي هدف المنظمة يجب أن يستند إلى هيكل وظيفي مماثل يضم مجموعة وظائف تتدرج ضمن تسلسل رئاسي من قمة الهرم الإداري حتى قاعدته وبنفس الشكل الهرمي الذي تتدرج به التشكيلات الإدارية المكونة للمنظمة لتحقيق التكامل والتفاعل والتناسق في تنفيذ الواجبات والمسئوليات المحددة لكل تشكيل وبالتالي إمكانية تحقيق أهداف المنظمة.
إقرأ أيضاً: الدليل الكامل لإجراء التغيير الوظيفي الذي تحتاجه

بناء الهيكل الوظيفي وتصميمه (Job Structure Design):

تُعد المنظمة مجموعة من الأفراد يعملون معاً، لأداء عمل ما، وإن هذا العمل يحمل عنواناً يسميه البعض الهدف ويسميه آخرون غرضاً أو غاية. وعلى ذلك فإن بناء الهيكل الوظيفي وتصميمه يمر عبر سلسلة من الخطوات موضحة بالشكل رقم (3) وهي كالأتي:

  1. تحديد هدف المنظمة: تعد أهداف المنظمة بمثابة النهايات أو الغايات التي تسعى المنظمة للوصول إليها، وتبعاً لذلك فإن الأهداف تحددها المهمات والواجبات التي تعمل المنظمة على تنفيذها.
  2. وضع الخطط: تعبر الخطط عن الوسائل والأساليب التي تستخدمها المنظمة من اجل تحقيق أهدافها، إذ تتحدد من خلالها الكيفية التي تؤدي بها الأنشطة والفعاليات بالمستوى والكفاءة المطلوبين.
  3. تقسيم العمل: تتم عملية تقييم العمل في المنظمة من خلال تحديد نشاطاتها من رئيسية وفرعية وثانوية، مع تحديد كل الواجبات والمسؤوليات المرتبطة بكل نشاط.
  4. بناء الهيكل التنظيمي: يعد الهيكل التنظيمي الوعاء الذي يتم من خلاله تنفيذ الخطط عن طريق التشكيلات الإدارية التي تتحدد وفق النشاطات (الرئيسية والفرعية والثانوية) للمنظمة.
  5. تحليل العمل: يتم بموجبه تجزئة الكل إلى مجموعة أجزاء صغيرة، وتبعاً لذلك فإن كل نشاط وتشكيل إداري يتم تجزئته إلى مجموعة العناصر التي يتكون منها بغية تحديد عدد الوظائف واختصاصاتها ومسؤولياتها.
  6. وصغ الوظائف: وهي عملية تحديد واجبات ومسؤوليات وصلاحيات الوظيفة وفقاً لمسمياتها وظروف أدائها وعلاقاتها بالتنظيمية في المنظمة، فوصف الوظائف يحدد محتوى الوظيفة ومتطلباتها.
  7. بناء الهيكل الوظيفي وتصميمه: يبنى الهيكل الوظيفي للمنظمة من خلال تحديد هيكل الوظائف فيها اعتماداً على تنسيق وترتيب الوظائف تبعاً لمستويات الأداء فيها وبالشكل الذي يحقق نوع من التناسق ما بين الهيكل التنظيمي والأداء الوظيفي.



مقالات مرتبطة