الهجرة غير الشرعية: تعريفها وأسبابها وطرق الحد منها

لقد بات معظم شبابنا اليوم ومن مختلف الدول ذات الدخل المحدود والتي تعاني غالباً من ارتفاعٍ كبير في معدلات البطالة، وكثرة الأوبئة، وتدني المستوى المعيشي، والفقر يلجؤون إلى الهجرة غير الشرعية إلى دول أخرى بحثاً عن واقعٍ معيشي أفضل وظروف اجتماعيةٍ أكثر عدلاً؛ فما هي إذاً الهجرة غير الشرعية؟ وما هي أسبابها وطرائق الحد منها؟ أسئلة تجدون إجاباتها عند قراءة هذا المقال.



أولاً: تعريف الهجرة غير الشرعية، وأسبابها

الهجرة غير الشرعية هي خرق القانون والسفر من بلدٍ إلى بلدٍ آخر دون الحصول على تأشيرة دخول قانونية وبشكل سري، أو هي سفر الأشخاص من بلادهم إلى بلدان أخرى والعيش فيها دون الحصول على موافقتها.

الجدير بالذكر أنَّ أغلب أنواع الهجرة سواء كانت شرعية أم بطرائق غير قانونية تكون من الدول الإفريقية والآسيوية وبلدان العالم الثالث إلى دول الاتحاد الأوروبي المتقدمة أو إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والقارة الأسترالية، وهذه الظاهرة خطيرة وليس سهلاً التعامل معها والقضاء عليها بشكل جذري.

لقد عانت الكثير من الدول المذكورة آنفاً من صعوبة مكافحتها إما بسبب اتساع مساحة هذه الدول الجغرافية، ومن ثمَّ الطول الكبير لحدودها، أو بسبب مواطني هذه الدول نفسها من سكان المناطق الحدودية الذين يمتهن بعضهم مهنة تهريب الأشخاص كعمل ذي مردود مادي مرتفع نوعاً ما، مستفيدين من خبرتهم وحفظهم لتضاريس مناطقهم وطرقها غير المكشوفة والسرية.

أسباب الهجرة غير الشرعية:

تختلف الأسباب التي تدفع الشباب إلى هذا النوع من الهجرة، وسنعدد فيما يأتي أهمها:

  1. ارتفاع سعر تأشيرات الدخول لبعض الدول المتقدمة بشكل خاص؛ لذلك يلجأ بعض الشباب إلى الاستعانة بخدمات أشخاص يُسمَّون وسطاء التهريب الذين يقومون بتسهيل عمليات إدخال المهاجرين وعبورهم الحدود، وبعض هؤلاء الوسطاء قد يُدخِلون المهاجرين بسياراتهم الخاصة عن طريق بعض الممرات السرية المعروفة لديهم وذلك مقابل مبلغ مالي يَعُدُّه المهاجر زهيداً مقارنةً بسعر تأشيرة الدخول القانونية لهذه الدولة.
  2. قلة وندرة الأيدي العاملة في بعض الدول: ويعود ذلك في أغلب الأحيان إلى اتساع مساحات هذه الدول وتربُّعها على بقعة جغرافية كبيرة، وبالمقابل معاناتها من نقص في الكثافة السكانية؛ وهذا يسبب النقص الحاد في الأيدي العاملة الذي يقابله ارتفاع مستوى الأجور؛ فتصبح هذه الدول مقصداً لأي مهاجر.
  3. الحروب والخلافات الكثيرة التي قامت في أواخر القرن الماضي وبدايات القرن الحالي وما نتج عن هذه الحروب من استعمار دول لدول أخرى طمعاً بثرواتها؛ وهذا أدى إلى تدهور وتدني الوضع الاقتصادي لهذه الدول المُحتلَّة ودفع معظم شبابها للهجرة خارج بلادهم بأي طريقة كانت من أجل العيش بظروف أفضل وأكثر أماناً.
  4. ارتفاع مستوى البطالة في الكثير من الدول وتدني مستوى الأجور كثيراً عن دول الجوار.
  5. الزيادة الضخمة لعدد السكان في بعض الدول والمترافقة مع واقع اقتصادي سيئ.
  6. الانهيارات المفاجئة لاقتصادات الدول.
  7. سياسات وقوانين حكومات الدول التي تحدُّ وتمنع مواطنيها من الهجرة خارج بلادهم؛ وهذا يضطرهم إلى اللجوء إلى الهجرة غير القانونية.
  8. تدنِّي المستوى الخدمي في بعض الدول، والذي يشمل كافة القطاعات والمؤسسات ومعاناة مواطنيها الدائمة من سوء الخدمات وشعورهم بعدم احترام حكوماتهم لحقوقهم بصفتهم مواطنين.
  9. زيادة الاضطرابات السياسية الداخلية والخارجية في الدولة وشعور مواطنيها بقلق دائم من القادم.
  10. يؤدي العامل الاجتماعي دوراً هاماً أيضاً في هذه الهجرة، فبعضهم يرغب في عملية لمِّ شمل عائلته، ولمَّا كانت وثيقة لمِّ الشمل يُحدَّد فيها عدد معين من أفراد العائلة لجأ باقي أفراد العائلة غير المسموح لهم إلى الهجرة بطريقة غير مشروعة.
  11. وجود تمييز بين مكونات المجتمع لدولة ما واختلاف كبير في العادات والتقاليد فيما بينهم.
  12. غياب العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد والمحسوبيات.

ثانياً: الطرائق المتَّبعة لمحاولة الحد من الهجرة غير الشرعية

تبحث الدول التي تعاني من الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها عن طرائق للحد من هذه الظاهرة التي تهددها وتُعَدُّ خطراً اجتماعياً واقتصادياً عليها، وتوجد الكثير من الحلول المقترحة من قِبل العديد من خبراء الاقتصاد ورجال السياسة لمحاولة الحد منها، ومن أهم هذه الحلول:

  1. زيادة ودعم الاستثمار الوطني ليكون قادراً على زيادة فرص عمل جديدة للشباب الذين يمكن أن يعدلوا نهائياً عن التفكير في الهجرة في حال توفرت لهم فرص عمل مواتية في بلدهم وبين ذويهم.
  2. الارتقاء بالواقع الصحي من خلال الاهتمام بقطاع الصحة من مستشفيات وتأمين الكوادر الطبية المدرَّبة والأجهزة الحديثة وكافة أنواع الأدوية، وهذا الأمر يمكن أن يحدَّ من الهجرة التي يعود سببها إلى الأمراض وتفشي الأوبئة.
  3. إقبال الحكومات على بناء الجمعيات السكنية الخاصة بالشباب وبيعها لهم بأسعار مناسبة؛ وذلك ليتمكنوا من الزواج وإنشاء عائلة، ومن ثمَّ العدول عن التفكير في الهجرة.
  4. مراقبة الدول حدودها البرية والبحرية بشكل جيد، وإقامة حواجز عسكرية وأمنية في المناطق الحدودية المكشوفة أو على الممرات والمعابر السرية التي يسلكها مهربو الأشخاص.
  5. اتخاذ إجراءات قانونية صارمة وعقوبات رادعة بحق كل مهاجر غير شرعي يتم القبض عليه؛ وذلك ليعلم باقي الشباب الذين يرغبون في هذا النوع من الهجرات مصيرهم.
  6. قيام حكومات الدول المهاجَر إليها بنشر الوعي بين مواطنيها والطلب إليهم مساعدة حكوماتهم؛ وذلك عن طريق امتناعهم عن توظيف أي شخص من خارج البلاد لا يملك تأشيرة دخول قانونية وإبلاغ سلطات البلاد عنه فوراً.

شاهد: 10 محظورات لا تفعلها على متن الطائرة

ثالثاً: أشكال الانتهاكات التي تخص الهجرة غير الشرعية

توجد أربعة أشكال لهذه الانتهاكات وهي:

  1. دخول بلاد دون وجود أي تصريح أو وثيقة: إذ يجتاز الأشخاص حدود دولة ما سراً ودون أن يتم اكتشافهم من قِبل سلطاتها المسؤولة عن مراقبة حدودها البرية والبحرية.
  2. اللجوء إلى تزوير الوثائق واستخدامها للدخول عبر حدود الدول: عند تعرُّض هؤلاء الأشخاص للتفتيش أو التدقيق عبر الحدود يبرزون هذه الوثائق المزوَّرة التي يحملونها ويدخلون حدود الدولة بطريقة غير شرعية.
  3. ارتكاب مخالفات تتعلق بالمدة المسموح لهم بها الإقامة في هذه الدولة: إذ يُدوَّن على تأشيرة الدخول المدة المسموح لحامل التأشيرة أن يقيم فيها في الدولة التي يدخلها، ويُعَدُّ دخول الدولة بهذه الطريقة دخولاً قانونياً وشرعياً، لكن يتم انتهاك قانون الدولة في حال انتهاء المدة المسموح بها للإقامة وبقاء الشخص ضمن حدودها فيصبح مهاجراً غير شرعي.
  4. مخالفات تخص الأحكام والشروط: بعد دخول الأشخاص إلى الدول بصورة قانونية وشرعية يقومون بانتهاك إحدى شروط تأشيرة الدخول الخاصة بهم، وهذه المخالفات تُعَدُّ الأكثر شيوعاً في الوقت الحالي.
إقرأ أيضاً: آداب السفر وقواعد السلوك الدولية

رابعاً: آثار الهجرة غير الشرعية

معظم الآثار التي سنذكرها فيما يأتي آثار ذات تأثير سلبي كبير في الدول التي يُهاجَر إليها، وهي:

  1. الجرائم: يقوم بعض المهاجرين بارتكاب الجرائم بسبب عدم تأقلمها مع البيئة والمجتمع الجديدين وخاصة جرائم السرقة وتعاطي المخدرات، وأحياناً تصل إلى جرائم القتل أو عمليات تزوير الوثائق الخاصة بهم؛ وذلك ليتمكنوا من الحصول على فرص عمل جيدة في البلد الجديد.
  2. خلافات وشجارات بين المهاجرين ومواطني الدولة الأصليين، فمن المعروف أنَّ المهاجرين غير الشرعيين يعملون بأجور أدنى من الأجور التي يعمل بها أبناء البلد الأصليين؛ وهذا الأمر يؤدي إلى حصول خلافات بسبب المنافسة على فرص العمل؛ إذ إنَّ أرباب العمل يقومون بطرد العمال من أهل البلاد لتوظيف المهاجرين مكانهم؛ وذلك لعدة أسباب أهمها ما تحدثنا عنه من تدني أجورهم مقارنةً بسكان البلاد الأصليين، إضافةً إلى عدم مطالبتهم رب العمل بالحصول على أي تأمين، ولن ننسى أنَّ رب العمل يفضِّلهم لأنَّه يعلم بوجودهم غير الشرعي فيبقى مطمئناً؛ لأنَّهم لا يستطيعون تقديم أي شكوى بحقه للقضاء في حال قام باضطهادهم أو حتى امتنع عن إعطائهم أجرهم بشكل دوري.
  3. إيذاء الممتلكات العامة للدولة أو ممتلكات المواطنين الخاصة: يقوم بعض المهاجرين قبل تمكُّنهم من الحصول على عمل وعدم امتلاكهم للمال باقتحام منازل المواطنين بغرض السرقة أو تخريب في الممتلكات العامة للدولة، وفي هذه الحالات يقع على الحكومة دفع جميع نفقات إصلاح ما أتلفه المهاجرون.
  4. انخفاض واردات الضرائب: إنَّ أرباب العمل الذين يوظفون المهاجرين يتهربون في أغلب الأحيان من دفع ما يترتب عليهم من ضرائب؛ الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض في واردات الضرائب العائدة للحكومة.
  5. فرض عقوبات من قِبل بعض الدول على الهجرة غير الشرعية: تختلف العقوبات التي تفرضها الدول على المهاجرين غير الشرعيين، فبعضهم يكتفي بإعادتهم إلى بلادهم، وبعضهم الآخر يمكن أن يقوم بوضعهم في السجون أو يفرض عليهم غرامات مالية، وتختلف شدة العقوبة أيضاً باختلاف الطريقة التي دخل المهاجر غير الشرعي فيها إلى البلاد، هل دخلها عنوةً بقوة السلاح أم بشكل سري.

يجب ألا يخفى على أحد المخاطر التي يتعرض لها المهاجر نفسه بسبب الهجرة غير الشرعية، فالكثير من المهاجرين يلقون حتفهم في أثناء هذه الهجرات؛ وذلك بسبب تعاملهم مع وسطاء التهريب الذين لا تهمهم حياة المهاجر بقدر ما يهمهم ماله، وبسبب الطرائق غير الآمنة التي يسلكونها وخصوصاً أولئك الذين يلجؤون إلى الهجرة عن طريق المياه مستخدمين قوارب بدائية يمكن أن تغرق في عرض البحر.

فضلاً عن هذا كله فإنَّ وصول المهاجرين غير الشرعيين إلى الدول القاصدين لها بأعداد كبيرة، يؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي لهذه الدول بسبب زيادة الكثافة السكانية؛ وهذا يشكل عبئاً كبيراً على حكومة الدولة، ويخيِّب أمل المهاجر الذي كان هدفه من الأساس الهرب من ظروفه الاقتصادية السيئة.

إقرأ أيضاً: البطالة في المجتمع: تعريفها، أسبابها، وطرق معالجتها

في الختام:

بعد أن عرفنا ما هي الهجرة غير الشرعية، وأسبابها، والحلول المقترحة للحد منها، وآثارها السلبية، يجب أن ننوه إلى أنَّ أغلب الهجرات من هذا النوع يكون مصيرها الفشل طبعاً باستثناء بعض الحالات، فكما ذكرنا المهاجر معرَّض للقبض عليه وإعادته إلى بلاده أو سجنه في أيَّة لحظة.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة