النمط الحياتي الصحي وأهميته للحفاظ على صحة الجسم والعقل

"العقل السليم في الجسم السليم" مقولة كثيراً ما سمعناها، ولكنَّ ضغوطات الحياة الكثيرة جعلتنا ننسى مدى أهمية اتِّباع نظام غذائي صحي للحفاظ على صحة العقل ونشاطه، فنجد الإنسان في وقتنا الحالي يركض لإنجاز كثير من المهام في يوم واحد، وعندما يجد القليل من الوقت يتناول الطعام الجاهز غالباً معتقداً أنَّه يستثمر وقته في العمل ولا يضيعه في إعداد الطعام بهدف الوصول إلى أهدافه في الحياة، لكن حتى إن وصل إليها فسيندم حتماً على عدم حفاظه على ثروة الإنسان الحقيقية وهي الصحة الجسدية والعقلية.



علاقة الجسد بالعقل هي علاقة تفاعلية وتكاملية؛ إذ إنَّ العقل يتأثر بما يقع على الجسد من مؤثرات خارجية، وقد أكدت الدراسات أنَّ الأشخاص ممن يعانون من أمراض جسدية تزيد احتمالية إصابتهم بأمراض عقلية بنحو ثلاث إلى أربع مرات عن غيرهم بصفة ذلك دليلاً على علاقة الجسد الصحي بالعقل السليم، لذلك ولأنَّ الجميع يسعى إلى الحفاظ على الشباب الدائم والاحتفاظ بالنشاط وبالقدرة على التفكير والتحليل وإنجاز أصعب المهام، نقدم لك في هذا المقال أهم العادات لاتباع نمط حياة صحي للحفاظ على صحة جسدك وعقلك.

مفهوم نمط الحياة الصحي:

هو الروتين أو الأسلوب الذي يتبعه الإنسان بشكل يومي في حياته من عادات ونشاطات تساعد على الحفاظ على النشاط والحيوية، وللوقاية من الإصابة بالأمراض وحماية خلايا الجسم من التلف أو الشيخوخة؛ أي الحفاظ على صحة العقل والجسم معاً.

عادات صحية للحفاظ على صحة الجسم والعقل:

قد يبدو الحفاظ على الشباب الدائم والصحة أمراً صعباً جداً، إلا أنَّه يتم باتباع عادات يومية قد يجد بعضهم صعوبة في الاعتياد عليها، إلا أنَّها تصبح أسهل بالاستمرار في ممارستها يومياً، وهي كما يأتي:

1. تناول الغذاء الصحي:

توفِّر التغذية السليمة للجسم كل ما يحتاجه من فيتامينات ومعادن ضرورية لاستمرار أجهزة الجسم بعملها الطبيعي ولتسهيل الإدراك والتركيز والتعلم، وهذه بعض الطرائق عن الغذاء الصحي:

  • تناول وجبة الإفطار التي تعد من أهم الوجبات خلال النهار للحفاظ على صحة العقل.
  • تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة التي تعد هامة جداً للحفاظ على الذاكرة وتحسينها وزيادة قدرة العقل على التركيز، وأهمها الخضار والفواكه ذات اللون الأحمر أو البرتقالي أو الأخضر الداكن.
  • تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالكالسيوم كالبيض والحليب واللبن والخضار الورقية؛ وذلك لأنَّها تحمي الجسم من المشكلات التي تظهر مع التقدم بالعمر مثل هشاشة العظام.
  • تناول الخضروات والفواكه المتنوعة التي تغني الجسم بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها، كما أنَّها غنية بالألياف، ومن ثم هي ضرورية لصحة الجهاز الهضمي وتسهيل عمله.
  • تناول الحبوب كالقمح والأرز والشعير، فهي غنية جداً بالفيتامينات التي تساهم في إصلاح الكولاجين والإيلاستين وتزيد نشاط تدفق الدم، كما أنَّ الحبوب الكاملة تقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
  • تناول المشروبات الصحية مثل الشاي الأخضر الذي يحتوي على مادة الكاتيكين التي تعود بفوائد كثيرة على البشرة، وأيضاً من المشروبات الصحية نذكر العصائر الخضراء والغريب فروت وعصير الجزر والبرتقال والبنجر، فجميعها تساهم في تنقية الجسم من السموم.
  • تناول الطعام دون إفراط، فعلى الرغم من ضرورة تناول الطعام المتنوع والصحي، إلا أنَّ الإفراط في تناول الطعام يتسبب في العديد من المشكلات الصحية، مثل السمنة وانخفاض النشاط العقلي والجسدي، لذلك حاول التقليل من تناول النشويات والأطعمة المقلية والحلويات والزيوت المشبعة، واستبدل اللحوم الحمراء باللحوم البيضاء، وقلل من تناول الملح الذي يتسبب في ارتفاع ضغط الدم الشرياني.

أما بالنسبة إلى الزيوت فيفضل تناول زيت الزيتون الذي يساعد على تدمير الخثرات التي تتشكل في الأوعية الدموية، ومن ثم يؤدي دوراً فعالاً في زيادة تدفق الدم إلى أعضاء الجسم كافة بما فيها العقل.

إقرأ أيضاً: 5 علامات تدل على أنّك تتناول الطعام الصحي

2. الحصول على قدر كافٍ من النوم:

تؤثر قلة النوم سلباً في توازن الهرمونات في الجسم، كما أنَّ السهر يتسبب في زيادة الشهية وخاصة للأطعمة غير الصحية، ومن ثم قلة النوم تتسبب بالإصابة بالسمنة، كما أنَّها ترتبط بالإصابة بالأمراض القلبية؛ وذلك لأنَّ الحصول على عدد ساعات نوم طبيعي يساعد على تنظيم ضغط الدم فيقلل من أمراض القلب.

أفضل وقت للنوم هو النوم في المساء باكراً والاستيقاظ في ساعات الصباح الباكرة، وعند النوم أقل من المعدل الطبيعي يشعر الشخص بالتعب وقلة التركيز وتقلُّب المزاج والاكتئاب وفقدان النشاط والحماسة للعمل، لذلك يتخذ غالباً قرارات غير صائبة، وفي الوقت ذاته يعد الإكثار من النوم مشكلة أيضاً؛ وذلك لأنَّ الشخص الذي ينام أكثر من المعدل الطبيعي يزداد احتمال إصابته بأمراض القلب والسكري واضطرابات الغدة الدرقية والقلق والاكتئاب والربو.

أما بالنسبة إلى المعدل الطبيعي للنوم فهو يتراوح بين 7 إلى 8 ساعات يومياً للفرد البالغ، وللحصول على فترة نوم مريحة يفضل تجنب تناول المنبهات في فترة المساء، وتجنب كثرة الحركة وبذل المجهود قبل النوم، كما يفضل تجنب التعرض للإضاءة الاصطناعية بكثرة ليلاً، مثل مشاهدة التلفاز أو استخدام الهاتف المحمول.

3. ممارسة الرياضة:

تحسِّن الرياضة عموماً من صحة الجسم وتزيد شعور الإنسان بالراحة النفسية؛ إذ إنَّها تحسِّن الحالة المزاجية، وتساعد على التخلص من الاكتئاب والقلق والتوتر، وتزيد من صفاء الذهن والتركيز، وتساعد على الحفاظ على الهدوء في الأوقات العصيبة، كما أنَّ الرياضة تمنح الإنسان ثقة بالنفس؛ وذلك لأنَّه يشعر بسيطرته على جسمه وحياته.

لقد أثبتت الدراسات أنَّ النشاط البدني يساعد على ضخ إفرازات الناقلات العصبية التي تسمى الإندروفينات، وتسبب شعور السعادة، ويرتبط ذلك كثيراً بالنشاطات البدنية التي تُمارَس في الهواء الطلق، لذلك تنصح وزارة الصحة والخدمات البشرية في الولايات المتحدة بأن يمارس الفرد التمرينات الهوائية المعتدلة كالمشي السريع والسباحة لمدة 150 دقيقة أسبوعياً، أو ممارسة التمرينات الهوائية الشديدة، مثل الركض وركوب الدراجات لمدة 75 دقيقة أسبوعياً.

كلما زادت كمية التمرينات كانت الفائدة أكبر والنتائج الصحية أكثر، لكن في حال كنت غير قادر على ممارستها يمكن القيام بأي نشاط بدني تحبه، فلا يفترض عليك الالتحاق بنادٍ رياضي؛ إنَّما يمكنك الاكتفاء بالمشي والهرولة لمدة نصف ساعة يومياً والقيام باليوغا وبعض حركات الإطالة وصعود الدرج، فمثلاً لزيادة اللياقة البدنية لا تركب المصعد واستبدله بالسلالم دائماً.

شاهد بالفيديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية:

4. شرب كميات كافية من الماء:

يحتاج جسم الإنسان إلى ترطيب مستمر، ولا يتم ترطيب الجسم بالعصائر أو المشروبات الغازية كما يعتقد بعض الناس؛ وذلك لأنَّها تحتوي على السكر، ومن ثم تؤثر في صحة الجسم سلباً؛ إنَّما يتم الترطيب بالماء فقط، لذلك احرص على شرب كميات كافية من الماء، فالماء يشكل 75% من جسم الإنسان و85% من الدم و70% من العضلات و75% من العقل، لذلك كل عضو وخلية تحتاج إلى الماء لتقوم بعملها الطبيعي.

عند شرب الكميات الكافية يشعر الإنسان بتحسُّن في المزاج وراحة في الهضم، ومن ثم يساهم ذلك في التخلص من الوزن الزائد، كما أنَّه يسهل امتصاص الجسم للعناصر والمعادن وخصوصاً القابلة للذوبان في الماء، ويوصى عادةً بشرب ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء يومياً؛ أي ما يعادل 2 ليتر، لكن يختلف ذلك أيضاً بحسب المنطقة التي يعيش فيها الفرد، فالعيش في منطقة جافة يتسبب بزيادة حاجتك إلى الماء، وأيضاً يؤثر في ذلك طبيعة العمل والحالة الصحية للفرد.

5. تجنُّب التدخين والمخدرات والكحول:

يلجأ إليهم الناس عند الغضب أو المرور بمواقف صعبة للتخفيف من صعوبتها، إلا أنَّ التدخين والمخدرات والكحول يتركون آثاراً سلبية كبيرة في جسم الإنسان وفي عقله أيضاً؛ إذ إنَّ الإدمان عليهم يتسبب بأمراض نفسية كالاكتئاب والتوتر والقلق وأمراض تنفسية، كما أنَّ الكحول يتسبب بالسرطانات وأمراض الكبد.

6. تعلُّم كيفية التغلب على التوتر:

يتسبب التوتر في إضعاف صحة الجسم عموماً؛ وذلك لأنَّه يتسبب بزيادة إفراز هرمون الكورتيزول الذي يضعف أعضاء الجسم ويضر بالأجهزة عامة وبجهاز المناعة خاصة، ومن ثم يتسبب بتعريض الجسم للإصابة بكثير من الأمراض، لذلك أكدنا آنفاً على ضرورة ممارسة الرياضة التي تؤدي دوراً هاماً في التخلص من التوتر.

للتخلص من توتر العمل والحياة عموماً، يفضل تنظيم الوقت وتحديد الأهداف وترتيب الأولويات وتحفيز النفس باستمرار، من خلال مكافأة الشخص لنفسه بعد الانتهاء من مهمة صعبة والحرص على قضاء أوقات ممتعة مع العائلة والأصدقاء، فلا تعدُّها رفاهية؛ إنَّما هي أمور هامة لحماية صحتك النفسية والعقلية.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح للتغلب على التوتر

في الختام

العقل والجسم مرتبطان ببعضهما بعضاً بطريقة متينة، وقد أكدت دراسات كثيرة على صحة ذلك، فكل ما يؤثر في الجسم سلباً يؤثر في العقل سلباً أيضاً، وهذا ما زاد التشجيع لاتباع نمط حياة صحي يبدأ بالتغذية السليمة التي توفِّر للجسم كل ما يحتاجه من فيتامينات وعناصر معدنية ضرورية لتقوم أجهزة الجسم بعملها الطبيعي، إضافة إلى ضرورة ممارسة الرياضة التي تقلل من خطر الإصابة بكثير من الأمراض النفسية والقلبية.

للحفاظ على صحة جسمك وعقلك، لا تكثر من السهر؛ وذلك لأنَّ قلة النوم تتسبب في كثير من الأمراض القلبية، وعدد ساعات النوم اللازمة للحفاظ على جسم صحي وعقل نشيط لا تقل عن 7 ساعات يومياً، ولضمان تحقيق الفائدة العظمى مما سبق، عليك الانتباه إلى شرب الماء بكميات كافية بحيث تحافظ على رطوبة جسمك، ومهما مررت بظروف سيئة لا تلجأ إلى الكحول أو المخدرات أو التدخين فهي بمنزلة السم القاتل للجسم.




مقالات مرتبطة