النصائح الأكثر أهمية لمن يشغل منصب المدير لأول مرة

نحن نخضع إلى كثيرٍ من التغييرات على مدار حياتنا، بعضها الإيجابي والآخر السلبي، وتختلف ردات أفعالنا لتلك التغييرات؛ فبعضنا يحتفل بها ويتكيف معها، بينما يواجهها بعضنا الآخر بالخوف والتردد، ومن ضمن هذه التغيرات: تحوُّل الشخص من موظف إلى مدير، حيث يعيش بعض الناس عقلية الإدارة التقليدية، معتقداً أنَّه كلما ازدادت صرامته؛ ازداد احترام فريق العمل له.



في حين يتبنَّى بعضنا الآخر عقلية الإدارة الواعية، فيتعامل بحكمة مع خوف البدايات، ولا يستسلم لمشاعر التوتر والقلق التي تنتابه لوجود تغيير حقيقي في حياته المهنية؛ بل يدرك مقدار أهمية التحدي الذي يعترضه في تجاوز دائرة أمانه والمضي قدماً إلى ما يريد ويطمح، فتجده يتَّخذ خطوات جريئة في وضع نفسه في الفعل مباشرة سامحاً لعقله بالتعلم والتطور والنمو في أثناء رحلة سعيه؛ أي قام بتحويل مشاعر التوتر إلى مشاعر إنجاز وارتقاء.

مَن يقرر كسر نمطه التقليدي والبحث عن فرص أكثر قوة، ومسؤوليات أكبر حجماً هو شخص جريء وواثق جداً، ويعمل على إرسال رسالة صادقة إلى الكون مفادها "أنا قوي وأستحق الأفضل".

إن كنتَ من محبي التغيير والساعين إلى التطور دوماً، وإن كنتَ تشهد تجربة إدراة قسم ما في مؤسستك لأول مرة؛ إذاً سنقدِّم إليك بعض النصائح الغنية التي ستفيدك في تجربتك الأولى هذه.

هل أنت مدير لأول مرة؟

إن كنتَ تختبر منصب "المدير" لأول مرة؛ فهذا يرتب عليك كثيراً من التغييرات في منهجية التفكير وآلية التعاطي مع الأمور، فأنتَ لم تَعُد موظفاً عادياً مكلَّفاً بإنجاز مهام معيَّنة؛ بل أصبحتَ شخصاً مسؤولاً عن إدارة فريق عمل متكامل، وعن إنجاز أهداف معيَّنة ترفع من سوية المؤسسة ككل، وعن رسم رؤية واضحة لمستقبل المنظمة، والمنوط به الوصول إلى أفضل النتائج بأقل التكاليف وأيسر الطرائق.

شاهد بالفيديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة

ما هي النصائح الأكثر أهمية لك في تجربتك الأولى كمدير؟

1. وظائف الإدارة الأساسية:

يشترك جميع القادة الناجحين على مستوى العالم بالأساسيات الأربع لوظائف الإدارة الناجحة وهي؛ التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والرقابة. فإن كنتَ مديراً للمرة الأولى؛ عليك أن تُتقِن هذه الوظائف، كأن تخطِّط لتفاصيل العمل من حيث الأهداف العامة للشركة، والرؤية الخاصة بها ونوع العمالة وكفاءتها، ونوع الخدمات المقدمة، والخطة المالية للعمل في ضوء الميزانية المخصصة، والخطة التسويقية للعمل، ومن ثمَّ يأتي دور التنظيم من خلال تدقيق المهام التي تحتاج إلى تنظيم، كأن تُنظِّم العمالة وفقاً لاختصاصاتهم وأدوراهم، وتُنظِّم فريق التسويق وفقاً لأولويات الخطة التسويقية الحالية، ويجب أن تتابع عمل الفريق في أثناء التنفيذ وتوجِّههم بما يخدم أهداف العمل، ومن ثمَّ تراقب العمل بعد مضي فترة معيَّنة وتتأكد من أنَّ التنفيذ مطابق لما هو مخطط، وتتفحَّص وجود المشكلات وتُقيِِّم الوضع ومن ثمَّ تسعى إلى تقويمه وإصلاحه.

2. تقييم الأداء:

عليك كمدير تقييم أدائك أو أداء مَن هم أقل منك في السَّوية الإدارية، وذلك على هيئة أرقام لتتمكن من قياس التطور الموجود وقياس الفجوات الموجودة في الأداء بهدف علاجها، وهنا في حال كونك مديراً لمنظمة قائمة بحد ذاتها؛ تستطيع تقييم أداء المدراء وفقاً لما تتألف منه المنظمة من إدارات (مالية، موارد بشرية، تسويق، تشغيل وعمليات)، كأن تقيس مقدار قدرة المدير المالي على تحقيق وظائف الإدارة فيما يخص الإدارة المالية للمنظمة، فتقول على سبيل المثال: حصل المدير المالي على الدرجات التالية؛ التخطيط (7 من 10)، والتنظيم (6 من 10)، والتوجيه (8 من 10)، والرقابة (8 من 10) وهكذا لكل مدير لديك، وبعد ذلك تقوم بتقييم وظيفة "التخطيط" على مستوى المنظمة ككل، كأن تقارن درجات التخطيط في كل إدارة من الإدارات، وتكتشف بعدها مكان الخلل الأكبر في هذه الوظيفة الإدارية في حال كونك مديراً لقسم ما في المنظمة.

إقرأ أيضاً: تقييم الأداء

3. النتائج:

تُعدُّ النتائج معيار نجاح القائد الإداري؛ إذ يجد القائد الناجح التوازن بين ما يحققه من إنجازات، وبين صحته ونشاطاته، وأوقات فراغه ومتعته؛ حيث تدل مقولة "أنا مشغول للغاية" على أنَّ الشخص فاشل في إدارة وقته وأولوياته.

4. خوف البدايات:

تأكَّد أنَّ ما تشعر به من مشاعر خوف وقلق وتوتر بعد تنصيبك بمنصب "مدير"؛ مشاعر طبيعية للغاية؛ حيث يعتاد الإنسان على العمل فيما يتماشى مع دائرة أمانه، فلا يُرحِّب بأي تغيير يضعه خارج هذه الدائرة، فيلجأ إلى الخوف والتوتر كشكلٍ من أشكال مقاومة التغيير. ينقل الإنسان الواعي مشاعره الطبيعية هذه إلى مستوى إيجابي، محوِّلاً إيَّاها إلى حافز للتعلم والتطور، فينفتح على الخيارات الموجودة مبتعداً عن مشاعر الخوف سامحاً للنمو في الظهور في حياته، وهذا ما يسمَّى "الخوف الإيجابي" الذي يحرك الإنسان من أجل العمل والنمو، حيث يتعامل بعض الأشخاص مع مشاعر الخوف بكثيرٍ من الضعف، سامحين لها بالسيطرة التامة على حياتهم، فلا يستطيعون الخروج من دائرة أمانهم، وبالتالي تنخفض فرصهم للنمو والتطور.

إقرأ أيضاً: البدايات فرصة لخلق واقع جديد

5. الوعي إلى اختلاف مناطق الأداء:

تختلف مناطق الاهتمام لدى العاملين، فيميل كل موظف إلى الإبداع والتميز في إنجاز مَهمة معيَّنة من المهام، في حين ينزع معظم العاملين إلى ارتكاب الأخطاء في أثناء إنجاز مهام أخرى لعدم توافقها مع اهتماماتهم، وهنا يأتي دور المدير في تعزيز الجانب الإبداعي لدى الموظفين، وتشجيعهم على العمل والأداء العالي فيما يخص المهام المتوافقة مع اهتماماتهم، ومن ثمَّ الانتباه إلى مواطن الخلل في أثناء تنفيذهم لباقي المهام وتوجيههم بأسلوب مدروس للوصول إلى التنفيذ الخالي من الأخطاء.

6. التفويض:

لا يستطيع القائد الإداري الاهتمام بكل العمليات لوحده، حيث تنحصر مهام القائد الناجح في إدارة الناس والنظام وفي تحقيق الرؤية؛ أي أنَّه المسؤول عن تحفيز العاملين وعن وجود نظام قوي يضبط الأمور كلها، ويرصد الأخطاء، ويطرح الحلول المناسبة بغية تحقيق رؤية ورسالة المنظمة مع التوجيه الدائم لها.

وهنا على المدير الناجح اعتماد أسلوب التفويض في الإدارة لما له من آثار إيجابية في رفع الإنتاجية والروح المعنوية للعاملين؛ حيث يشعر العاملون بالثقة والتحفيز عندما تعهد بجزء من مهامك الخاصة إليهم، ويساعدك التفويض على توفير الوقت، بحيث تنشغل بمهامك الأساسية والتي لا تستطيع تفويضها لغيرك. ومن جهة أخرى، يساعدك تفويض المهام على إعداد فريقٍ عالي الأداء، بحيث تنمِّي قدراتهم ومهاراتهم، وتزيد من صلاحياتهم بما يتناسب مع مهاراتهم المتنامية، وصولاً إلى فريق قوي بأكمله. يأتي نجاحك كمدير من نجاح وتمكُّن فريقك، وليس من احتكار المعلومات وحصر الإجراءات بك وحدك.

7. إدارة الأولويات:

المدير الناجح هو مَن يبدأ إنجاز المهام الأكثر أهمية والتي يؤدي القيام بها إلى تحقيق 80% من النتائج، وينقل هذه الثقافة إلى عامليه بحيث ينجحون في إدارة أولوياتهم بهدف تحقيق الهدف العام للمنظمة. يدرك المدير الناجح أهمية وجود فواصل زمنية بين المهام، حيث يخصص استراحات بين المهام لإعادة شحن الطاقة وللحصول على تركيز أكثر.

8. الإيمان:

إنَّ أهم ما يميِّز الناجحون على مستوى العالم هو إيمانهم المطلق بما يفعلون، فهم شديدو التمسك بأحلامهم وشغفهم، بغضِّ النظر عن قبول المجتمع لها، حيث يساعدهم هذا الأمر في الوصول إلى ما يريدون ويطمحون.

9. الخطوة الأولى:

يدرك المدير الناجح أهمية الخطوة الأولى، فيتخلَّص من التسويف الذي يترافق مع الخوف من التغيير، ويضع نفسه في الفعل، مواجهاً مخاوفه وساعياً إلى التطور والارتقاء بمهاراته وقدراته لكي يصل إلى ما يريد ويطمح.

10. اتخاذ القرار:

يَعِي المدير الناجح أهمية مشاركة موظفيه بالقرارات التي يصدرها، فيتعامل معهم على أنَّهم ثروات حقيقيَّة لا بُدَّ من استثمارها، فيتناقش معهم ويستمع إلى أفكارهم ومقترحاتهم ويُثنِي على مشاركتهم الغنية والمفيدة.

11. الحرية:

يجب أن يكون هدف المدير الناجح هو الوصول إلى عاملين مبادرين ليسوا تابعين وعديمي الشخصية، حيث يرفع العامل الذي يملك نية المبادرة من سوية الفريق، ويعزز من الإنتاجية، ويساعد في تلافي كثيرٍ من الأخطاء، على سبيل المثال: قد يبادر عامل ما في إصلاح عطل ما في النظام دون وجود أوامر مباشرة منك، فيجب على المدير أن يحفز العاملين ويمدحهم بشكل مستمر وصادق ويفي بوعوده لهم، ويراعي شخصية كل عامل وطريقة التحفيز الملائمة له، حيث يتحفز بعض العاملين بالكلام الإيجابي في حين يتحفز آخرون بالمكافآت المادية، ومن جهة أخرى، يجب على المدير الناجح ترك قنوات الاتصال مفتوحة بينه وبين العاملين، من خلال القيام بالاجتماعات واللقاءات المستمرة فيما بينهما.

12. الصَّبر:

يعلم المدير الناجح أنَّ عليه الصبر والعمل بجد للوصول إلى النتائج التي يريدها، فيكون مستعداً لبذل الجهد لساعات طويلة وتحديداً في الفترات الأولى من استلام المنصب الإداري؛ إذ يتحدَّى المدير الناجح العمليات والإجراءات التي يجب القيام بها للوصول إلى الهدف، ويدرك أنَّها جزء لا يتجزأ من رحلة النجاح.

إقرأ أيضاً: نصائح لتتحلّى بالصبر عندما تتعرّض لضغوط العمل

13. المسؤولية:

يدرك المدير الناجح المسؤوليات الواقعة عليه، فالبرغم من اتباعه أسلوب التفويض إلَّا أنَّه لا يتهاون بمراقبة العمل وبدقة. فهو يعلم أنَّه مَن يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية.

الخلاصة:

إن كنتَ مديراً لأول مرة؛ اعلم أنَّ خير الأمور أوسطها، فاسعَ إلى كسب ثقة الموظفين، واهتم بتفاصيلهم، وأظهِر لهم الاحترام والتقدير ولكن مع المحافظة على الحدود اللازمة بينكما وعلى شخصيتك كمدير قوي.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8




مقالات مرتبطة