المنظمات المسرعة التعلم Accelerated Learning Organization

إننا جميعاً في حاجة دائمة لإعادة النظر في أفكارنا، وأحياناً التخلي عن بعضها فيما يتعلق بالتعلم الإنساني والتدريب داخل المؤسسات الكبيرة، ولقد آن الأوان من وجهة نظرنا أن نعلن عن وجوب تحول مؤسساتنا بكل أنواعها وتخصصاتها إلى منظمات التعلّم من جهة، وإلى ضرورة ممارسة تعلّمٍ تنظيمي جديد في تلك المنظمات التي يمكن أن نطلق عليها "منظمات التعلّم المسرّع" وهى التي تخضع لمجموعة من الخصائص والأدوات والتقنيات والاستراتيجيات والمبادئ المعيارية للتعلّم السريع، التي تمكنها من تنمية مواردها البشرية بصورة تفوق المنظمات الأخرى، وبالطبع فأن الوصول لذلك يحتاج الى بيئة ملائمة تهتم فيها المنظمات بالتنمية المهنية المستدامة ووضع معايير لقياس مدى تطبيق المنظمات لبرامج وخطط طويلة المدى لاكتشاف وتطوير الموارد البشرية لديها لتحقيق التنمية المستدامة.



تجسد روح التعلُّم السريع فلسفة متكاملة عن الحياة والتعلم، وبصفته هذه، فهو يشكِّل نظرة جديدة كلَّ الجِّدة للأمور تهتم بالتخلص من المكننة وإعادة الإنسانية إلى عملية التعلُّم، إنها تعمل على إعادة المتعلم وليس المدرِّب أو المدرِّس وليس المواد المساعدة، وليس العروض التوضيحية إلى مركز العملية التعليمية.

وإننا في دائرة التعلّم السريع نبدأ من حاجات المتدربين لنصمّم لهم ما هو أفضل وأكثر ملاءمة وعليه جاءت مبادئ التعلّم السريع كالآتي:

  1. لا بـُدّ أن ينسجم التعلم مع الطريقة التي يعمل بها الدماغ.
  2. يتحسَّن التعلم عندما يُـقدَّم بطرق متنوعة.
  3. يطبق التعلم الناجح مبادئ الذاكرة.
  4. إشغال المتعلم كُـلّه يحسن من التعلم بشكل كبير.
  5. يتعلم المتعلم ما يريد أن يتعمله.
  6. ينمو التعلم بقوة إذا أتت المادة التعليمية في سياقها.
  7. التعلم هو تجربة وخبرة اجتماعية.

ولما كان بناء مستقبل المجتمع هو في الحقيقة قائم على خبرات التعلّم والتدريب لمنظمات المجتمع، وعلى قدرة هذه المنظمات على إحداث التغيير في سلوكها التنظيمي بما يبرهن على استفادتها من التعلّم الذي أنجزته وفق خطتها الاستراتيجية فما هي ثقافة منظمات التعلّم؟

وهنا يستوقفنا سؤال معياري: ما هي ثقافة المنظمات المتعلمة Learning Organizations؟

مفهوم المنظمة المتعلمة:

وأننا في دائرة التعلّم السريع نبدأ من حاجات المتدربين لنصمّم لهم ما هو أفضل وأكثر ملاءمة، وعليه جاءت مبادئ التعلّم السريع كالآتي:

  • تعريف (1991)PEDLER,els: المنظمة المتعلمة هي التي تسهل التعلم على مختلف أفرادها والتي تتغير باستمرار.
  • تعريف P.SENGE(1990): المنظمات المتعلمة هي المنظمات التي يطور الأفراد داخلها قدراتهم بصفة مستمرة من أجل تحقيق النتائج المرجوة ويتعلمون باستمرار كيفية التعلم الجماعي، وهي المنظمات التي تظهر فيها طرق جديدة للتفكير كما أن بها يتحرر الطموح الجماعي.
  • تعريف سامى الطوخى: هي تلك المنظمة التي تعلّم وتشجع أفرادها على التعليم، فهي تشجع تبادل المعلومات والمعارف بين أفرادها وبالتالي تملك موارد بشرية أكثر معارف ومهارات، مما يجعلها منظمة ذات مرونة عالية حيث يتقبل ويتبنى أفرادها أفكار التغيير الجديدة من خلال رؤية مشتركة.
    وبصفة عامة فإن التعاريف متقاربة وتشمل الجوانب التالية: التعلم الفردي والجماعي، التغيير المستمر، تطور القدرات، المعرفة تحقيق الأهداف، إلا أن تعريف SENGE جاء شاملاً.

خصائص المنظمة المتعلمة:

  • لديها استراتيجية للتغيير التنظيمي المستمر.
  • تركز على العمل الجماعي.
  • تتبنى الهيكل التنظيمي المنبسط الذي يتكون من عدد محدود من المستويات الإدارية.
  • تركز على نظام التعلم بالمنظمة.
  • لديها آلية لتمكين العاملين أي جعلهم قادرين على التصرف والتحرك بفعالية ومرونة.

ويرى بيتر أن هناك خمس أبعاد أساسية لازمة لنجاح المنظمات المتعلمة وهي: (التفكير التنظيمي، التفوق الشخصي، النموذج العقلي، الرؤية المشتركة، التعلم الجماعي).

إقرأ أيضاً: ازرع التعلّم السريع في مؤسستك

معوقات التعلّم التنظيمي:

  • جمود الهياكل التنظيمية.
  • ممارسة المركزية.
  • الافتقار إلى القيادات الواعية بأهمية التعلم التنظيمي.

نخلص إلى أن ثقافة التعلّم التنظيمي للمنظمات المتعلّمة يمكن وصفها بالآتي:

  • توفير فرص التعلم المستمر.
  • التعليم تقليدي عن طريق توفير التدريب.
  • استخدام التعلم للوصول إلى أهداف المنظمة.
  • الربط بين الأداء الفردي والأداء التنظيمي.
  • التشجيع على المشاركة والعمل الجماعي.
  • التشجيع على نقل المعرفة المتوافرة إلى أقسام وفروع أخرى من المنظمة وخارجها.
  • جعل المعلومات في المنظمة في متناول من يطلبها.

ومن هنا جاءت الحاجة إلى تعلّم يمكّن المنظمات تنمية مواردها البشرية بصورة تفوق المنظمات الأخرى وذلك من خلال الخضوع إلى استراتيجيات تعمل على الربط بين الأداء الفردي والأداء الاستراتيجي، وبعتقادنا أن رأس المال البشري لمنظمات التعلّم المسرّع هو المحرك المنشود لكل الموارد المالية والمادية المتاحة وغير المتاحة.

لماذا منظمات التعلّم السريع؟

  • توفّر فرص التعلم المستمر.
  • تستخدم استراتيجيات وأدوات وتقنيات التعلّم السريع القائم على الحواس / نظرية الذكاءات المتعددة / نظرية الدماغ / نظرية التعلّم البنائي في تدريب المنتسبين للمنظمة.
  • متعددة الاتجاهات، إذ أن استخدام التعلم السريع يساعد على الوصول إلى الأهداف المراد تحقيقها وتحقيق أهداف جديدة.
  • الربط بين الإداء الاستراتيجي والأداء المهني.
  • فرض نظم المشاركة والعمل الجماعي.
  • فرض نظم نقل المعرفة المتوافرة إلى أقسام وفروع أخرى من المنظمة وخارجها.
  • جعل المعلومات في المنظمة في متناول الجميع ويخضعون للمتابعة للتأكد من استيعابهم.
  • هي منظمة تستمد تميزها من إمكانات استراتيجية أفضل ومقدرة أسرع وأكفأ على التغيير وأسلوب أداء أعلى.

شاهد بالفديو: كيف تتعلَّم أي شيئ بسرعة؟

بعض الممارسات الدالة على منظمة التعلم السريع:

المشاركة في وضع السياسات:

  • جميع المستويات التنظيمية تشارك في وضع السياسات العامة للمنظمة السياسات تعكس قيم جميع العاملين وليس فقط الإدارة العليا.
  • مناقشات تقييم الأداء يتم الاستفادة منها في إعداد وتطوير السياسات والإجراءات في المنظمة.

تبادل المعلومات والشفافية:

  • يمكنك معرفة أداء وحدتك أو باقي الوحدات في أي وقت بسهولة وسرعة.
  • المعلومة يتم تبادلها للتعلم والتفهم وليس للعقاب أو الثواب.
  • تكنولوجيا المعلومات يتم تسخيرها في فهم كل فرد لمتطلبات دوره بالمنظمة وللتحسين المستمر.
  • تتحدث الإدارات بحرية مع بعضها سواء بهدف التعاون أو التنافس.
  • الإدارة تسهل الاتصال والتفاوض بين الوحدات المختلفة.
  • تشارك المنظمة في مناسبات التعلم مع العملاء، الموردين، المنافسين وغيرهم ويكون للمنظمة دور كبير في تعليم مورديها وعملائها والمجتمع المحيط بها.

مناخ التعلم:

  • هناك حرية في المبادرة والتصرف.
  • هناك أثابه لمن يتعلم ولمن يطبق ما تعلمه بفاعلية.
  • عند حدوث مشكلة فالكل يساعد علي الحل بهدف التعلم من التجربة أو المشكلة.
  • هناك إحساس واتجاه دائم للتعلم والتحسين المستمر.
  • هناك توليفة من كل التخصصات والخلفيات والمهارات تعمل بالشركة.
  • الأفراد لديهم الوقت المناسب لتحليل أدائهم ومناقشته وتحسينه.
  • هناك تشجيع لطلب المعونة والمساندة من الآخرين حتى يتم إنجاز المطلوب.

فرص التقدم:

  • فرص التقدم متساوية ومتاحة للجميع.
  • لكل فرد الحق في التدريب والمطالبة به.
  • نشجع الاستقلال وتحمل المسئولية عن الإنجازات والأفعال الفردية.
  • موارد التعلم متاحة للجميع حتى من خارج المنظمة.
  • ميزانية التعلم في ازدياد باستمرار.
  • في تقييم الأداء ورسم المستقبل الوظيفي يتم التركيز علي متطلبات وإمكانات الفرد للتعلم السريع وتطبيق ما يتعلمه بفاعليه ولا يتم التركيز على الثواب والعقاب فقط.
إقرأ أيضاً: ورشات التعلُّم السريع

تطبيق مفهوم التعليم السريع فى المنظمات المتعلمة يلزم التالي:

1. الانفتاح والشفافية:

  • تداول المعلومات: (رؤية ورسالة المنظمة، المنافسين، الجودة، صفحة المعلوماتية)، (ما المطلوب تعلمه أسرع، كيف ولماذا).
  • التشجيع: النجاح - التعلم السريع (أهمية الخطوات الأولى في التعليم).
  • الصبر: على المرؤوس حتى يتعلم ويطبق التعلم السريع.

2. التحدي والتغيير:

على المنظمات معرفة مدى التحدي الذي تواجهه حتى تتجاوب معه بالصورة التي تحقق لها ميزة تنافسية وتحقق لها افضل ترتيب في الأداء بين منافسيها، وبديهياً أن درجة التحدي تحدد معدل التعلم بالمنظمة حيث أنه كلما زاد التحدي كلما زادت درجة التعليم بالمنظمة.

وتتحدد درجة التحدي بوجود:

  • معلومة جديدة (عن منتجات، نظم، أساليب عمل وغيرها).
  • مسئوليات جديدة (توسعات، أدوار جديدة).
  • ظروف جديدة (عوامل النجاح بالصناعة، منافسون) مع كل معلومة جديدة نتعلم كيف نؤدي مهامنا أفضل، مع كل مسئولية جديدة نتعلم كيف نؤدي مهمة جديدة أفضل، مع كل ظروف جديدة نتعلم كيف ندبر التغيير ونتميز عن المنافسين.

3. مناخ المنظمة:

يجب أن يرحب بكل أمر جديد ويشجع البحث عن كل ما هو جديد ومفيد وأن يبنى خطة للتعامل مع المتغيرات بدلاً من مقاومتها.

4. قائد منظمة التعلّم السريع:

هناك أربعة نماذج من القيادة في التعامل مع التعلم السريع حسب الشكل التالي:
ومن خلال التحليل السابق لأنماط القيادة في منظمة التعلم المستمر فأننا نستخلص مواصفات قائد المنظمة سريعة التعلم.

مواصفات قائد منظمة التعلم السريع:

1. تركيز الدعم والمساندة: ليس على أداء المهمة أو نتائجها ولكن علي خلق إنسان (مرؤوس) كفء طوال حياته.
2. مدة الدعم والمساندة: طوال العمر وليس لمجرد شهور أو سنوات.
3. أسلوب المساندة: ليس فقط بالإرشاد والتوجيه ولكن بمفهوم صداقة عمل مستمرة بين الطرفين (الرئيس والمرؤوس).
4. أسلوب التعامل مع التحدي: لا ينظر إليه كمشكلة يجب حلها أو استبعادها كجزء طبيعي من عالم كله إثارة لتعيش فيه المنظمة بل وفي أحيان كثيرة تقوده.
5. المزايا المنظمة: ليس مجرد الأداء أو تحقيق الأهداف ولكن يتعدى لك إلي تحقيق رسالة منظمة.
وهنا نجد أنفسنا أمام حقيقة مفادها أن منظمات التعلّم في مواجهة مع نتائج سياساتها الاستراتيجية، ولا بد أن تسعى في اتجاه التحول نحو التعلّم المسرّع الذي نأمل من وراءه إلى تحقيق إنماء حقيقي للبشر،
ويترك التعلُّم السريع أثراً لا يمكن إنكاره لدى المتدربين، وهذا الأثر لا يقل عن تجربة نجاح في التعلُّم لم يختبروها من قبل، قال الكثيرون أن التعلُّم السريع كان "تجربة غيَّرت حياتهم"، وقال الكثيرون أيضاً أن التعلُّم السريع ساعدهم على اكتشاف طاقات إبداعية في العمل لم يعرفوها في أنفسهم من قبل.

إقرأ أيضاً: ازرع التعلّم السريع في مؤسستك

ومن الخبرات التي تعرفنا بأثر التعلُّم السريع على المؤسسات:

يترك التعلُّم السريع آثاراً جبارة على عمل المؤسسات، وهنا نتعرض إلى بعض الأمثلة عن هذا الأثر:
لقد استطاعت إحدى أضخم شركات إنتاج أنصاف النواقل في الولايات المتحدة أن تحسِّن ناتج التدريب القابل للقياس بنسبة 507 % في دورة تعالج موضوع السلامة الإنتاجية ومخاطر الكيميائيات، لقد تم تحقيق هذا التقدم الجبار عن طريق خلق "بوفيه مفتوح" من الخيارات التعليمية، حيث كان لكلِّ متدرب أن يختار نوع مادة التدريب التي يرغبها (مطبوعات، صوتيات، مرئيات) ومن ثم أن يتعاون مع باقي المتدربين.
وهنالك تجربة مثيرة للاهتمام قامت بها شركة تأمين على المسافرين، وهي تنفيذ دورتين متزامنتين للتدريب على نظام حاسوبي جديد لمقارنة الناتج التعليمي عند اتباع الأسلوب التقليدي للتدريب، وعند اتباع أساليب التعلُّم السريع كانت المفاجأة أن نسبة المتدربين الذين حصلوا على تقدير أعلى من 85 في الدورة التي تتبع الأسلوب التقليدي لم تتجاوز ال 12%، مقارنة بنسبة فاقت ال 67% في دورة التعلُّم السريع، كيف تم تحقيق نسبة التحسُّن العالية هذه (400%)؟  ببساطة: تخفيض التوتر النفسي، التعاون بين المتدربين، واستخدام حيل الذاكرة اللفظية البسيطة.
كما حقَّقت كلِّية المجتمع في فلوريدا نسبة تحسُّن مماثلة في دورات تعلّم الحاسب الآلي عن طريق القيام بفعل بسيط، وهو وضع متدربين اثنين على كل حاسب وجعل كل منهما مسؤولاً عن تدريب الآخر،
وفي جهة أخرى شركة عملاقة تمكنت من تخفيض زمن التدريب إلى النصف في دورات تدريب مندوبي خدمة الزبائن مع تحسُّن الأداء القابل للقياس عن طريق التحول إلى أسلوب التعلُّم السريع، ركَّز الأسلوب الجديد للتدريب على خلق بيئة نفسية مشجِّعة وعلى التنوع في وسائل التدريب وإعطاء الفرصة للمتدربين للاندماج في العملية التعليمية وتشجيع التعاون فيما بينهم، هنالك العديد من الأمثلة الأخرى التي تؤكد نجاح التعلُّم السريع في تحقيق فوائد جمة للشركات من حيث اختصار الوقت والنفقات وتحسين الناتج على حد سواء.




مقالات مرتبطة