السياسة النقدية وأثرها في القطاع النقدي والمصرفي

لم يخلُ العالم على مر التاريخ من الأزمات الاقتصادية، وعلى وجه التحديد في العصر الحديث؛ حيث برز في ظلِّ تلك الأزمات الاهتمام بالسياسة النقدية وممارساتها، وذلك بعدما ظهرَت وتطورَت البنوك المركزية وازداد تخصصها في مجالات الإصدار والأسواق المالية.



وعُدَّت السياسة النقدية جزءاً أساسياً وهاماً من أجزاء ومكونات السياسة الاقتصادية العامة للدولة؛ وذلك لأنَّها تهدف إلى دعم عملية التنمية، وإلى تحقيق معدل نمو مرتفع ومستقر.

ولمزيد من التوضيح عن السياسة النقدية، نتناول النقاط التالية:

  1. مفهوم السياسة النقدية.
  2. أثر السياسة النقدية في القطاع النقدي.
  3. أثر السياسة النقدية في القطاع المصرفي.

مفهوم السياسة النقدية:

ينطوي مفهوم السياسة النقدية على مجموعة من الأدوات والأعمال والتدابير والإجراءات والأساليب التي يقوم بها المصرف المركزي، عن طريق تولِّيه مهمة الرقابة على عنصر النقد، من أجل تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية، وتحسين الاقتصاد والحد من التغيرات المستمرة التي تطرأ عليه، مثل مكافحة التضخم، وحماية العملة الوطنية من التدهور، وتحقيق التوسع الاقتصادي.

فيتم عن طريق هذه السياسة تحديد حجم النقد المعروض، ومن ثمَّ التأثير في سعر الفائدة وتعديله عن طريق شراء أو بيع السندات الحكومية، وأيضاً تعديل الاحتياطيات الإجبارية المحتفَظ بها في صناديق البنوك، بالإضافة إلى التحكم بتسهيل أو تقليل الائتمان.

كما يمكن تعريف السياسة النقدية بأنَّها: مجموعة الإجراءات التي تقوم بها السلطة النقدية، بهدف الرقابة على الائتمان وتحقيق الأهداف الاقتصادية للحكومة.

فهي تدخُّل مباشر من طرف السلطة النقدية، للتأثير في الفعاليات الاقتصادية؛ وذلك بتغيير حجم المعروض من النقود، وتوجيه الائتمان.

إقرأ أيضاً: مفهوم النمو الاقتصادي وإيجابياته وسلبياته

أثر السياسة النقدية في القطاع النقدي:

يرى معظم الاقتصاديين أنَّه يجب اتِّباع استراتيجية محددة بهدف الوصول إلى الاستقرار العام للأسعار وتخفيض البطالة وتحقيق نمو اقتصادي واستقرار قيمة العملة دولياً.

فمن أهم أهداف السياسة النقدية في القطاع النقدي هي:

  1. إيجاد أوضاع نقدية وائتمانية ملائمةً والحفاظ عليها، ضمن إطار اقتصادي سليم البنية، وتتحقق هذه السلامة في البنية عن طريق وجود عمالة مرتفعة ومعدل نمو جيد.
  2. الرقابة على التضخم، بحيث يمكن الحد منه لإيجاد السبيل المناسب لتحقيق النمو الاقتصادي.
  3. تحقيق الاستقرار النقدي.
  4. تنشيط عملية الصرافة، مع المحافظة على قيمة العملة.
  5. تشجيع عملية النمو الاقتصادي.
  6. الإسهام الفعال في خلق سوق نقدي وسوق مالي ذي درجة كبيرة من التطور والنشاط.
  7. إيجاد بيئة يسود فيها التوازن الداخلي والخارجي.
إقرأ أيضاً: الأسواق المالية: مفهومها، وأهميتها، وظائفها، وأهم أنواعها

أثر السياسة النقدية في القطاع المصرفي:

إنَّ الجوهر الذي تقوم عليه السياسة النقدية هو مدى فاعليتها في التأثير في نشاطات المصارف، عن طريق التغلغل في السلطة النقدية التي تتمثل في المصرف المركزي، بوصفه مصرف المصارف، ومصرف الحكومة.

لدى السياسة النقدية حزمة من الأدوات التي تستخدمها من خلال المصارف المركزية، بهدف التأثير في القطاع المصرفي تأثيراً كاملاً، وهي:

  1. التحكم بسعر الفائدة: وهو ذلك السعر المفروض من قِبل المصارف المركزية على المصارف التجارية الذي يخص القروض قصيرة الأجل.
    • فإذا كان الهدف هو زيادة الإنفاق من قِبل الأفراد والشركات، فيتم التشجيع على القروض عن طريق تخفيض سعر الفائدة، وهو ما يؤدي إلى التوسع في الاقتصاد، وحدوث الانتعاش الاقتصادي.
    • أمَّا إذا كان الهدف هو تحقيق الانكماش، فيتم تخفيض إنفاق الأفراد والشركات عن طريق عدم التشجيع على أخذ القروض وذلك برفع سعر الفائدة.
  2. التحكم بالاحتياطي النقدي للمصارف: هي تلك القيم النقدية التي يلتزم المصرف التجاري بالاحتفاظ بها في الصناديق لديهم، أو لدى المصرف المركزي، ومن ثمَّ يمكن التحكم بحجم النقد المعروض لديهم والمتاح للأفراد والشركات، عن طريق تخفيض قيمة هذه الاحتياطيات الإجبارية أو زيادتها من قِبل المصرف المركزي، ومن ثمَّ التحكم بالحاجة إلى وجود حالة انكماشية أو توسعية في الاقتصاد ككل.
  3. التحكم بعمليات السوق المفتوحة: ويتم ذلك من خلال التحكم بعمليات بيع أو شراء السندات الحكومية المصدَّرة من قِبل المصرف المركزي.
    ومن ثمَّ التحكم بما يسمى بالاحتياطي الفدرالي في الدولة الفدرالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
  4. التحكم بالفائدة على الاحتياطي النقدي للمصارف: وهي نسبة الفوائد المطبَّقة على الإيداعات النقدية الفائضة لدى المصارف التجارية.
    • حيث يتم تخفيض هذه النسبة في حال كانت الحاجة إلى وجود توسع اقتصادي، فتنخفض الإيداعات، ويزداد المعروض من النقد.
    • ويتم زيادة هذه النسبة في حال كانت الحاجة إلى وجود انكماش اقتصادي لمواجهة التضخم، فتزيد الإيداعات، وينخفض المعروض من النقد.

نستنتج مما سبق أنَّه لدى السلطة النقدية المتمثلة في المصرف المركزي، استراتيجيات مختلفة يمكن تطبيقها لممارسة السياسة النقدية، عن طريق استهداف تلك المتغيرات التي يتحكم بها بأدواته السابقة.

فإذا أراد أن يؤثر في نسب العمالة أو مستويات الأسعار، فإنَّه يختار المتغيرات التي تمكِّنه من التحكم بالكمية المعروضة من النقود أو سعر الفائدة قصيرة الأجل أو طويلة الأجل، وفي حال عدم تأثرها، يمكن للمصرف المركزي أن يلجأ إلى متغيرات أخرى، مثل الاحتياطيات النقدية أو سعر الفائدة على الأرصدة المركزية، بوصفها متغيرات شديدة الحساسية والاستجابة.

وبذلك يستطيع البنك المركزي أن يقيِّم مباشرةً فيما إذا كانت سياسته النقدية تسير في الطريق الصحيح أم لا، عوضاً عن انتظاره لرؤية النتائج النهائية المبيَّنة في الأثر في نسب العمالة أو المستوى العام للأسعار.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة