الزهايمر المبكر: أسبابه وطريقة علاجه وتأثيره في نفسية المريض

كثيرة هي الأمراض في زماننا وتتنوع بين عقلية وجسدية وخلقية، ولكل منها خصوصية وصعوبة معيَّنة، ومن هذه الأمراض التي تصيب خلايا الدماغ مرض ألزهايمر. سنستعرض في هذا المقال مفهوم هذا المرض وكيفية معالجته وما المطلوب من أهل المريض فعله لتدارك أخطاره والحفاظ على صحة مريضهم.



مفهوم مرض ألزهايمر:

هو مرض يسبب إشكالات عصبية دماغية كثيرة؛ إذ يسبب تقلصات كثيرة ومتكررة في الدماغ بمعنى ضمور وفقدان الخلايا التي يتكون منها الدماغ لوظائفها، ومرض ألزهايمر هو من المسببات الأعظم انتشاراً لما نسميه ونألفه الخَرَف؛ فهو تشخيص يحتوي على تدني سريع وقد يكون أحياناً مفاجئاً في قابلية الإنسان إلى التفكير في مختلف مجالات الحياة ومنها القدرات الأخلاقية والشعبية؛ مما يترك آثاراً سلبية كثيرة في قابلية الإنسان للقيام بالأعمال بشكل منفرد.

فعلى سبيل المثال يقطن في الولايات المتحدة الأمريكية نحو 5.8 ملايين إنسان مصاب بمرض ألزهايمر في سن الـ 65 فما فوق متضمنين رجال ونساء، ومن بين هؤلاء 80% أشخاص بعمر الـ 75 فما فوق، وفي العالم نحو 50 مليون إنسان يعانون من الخَرَف؛ إذ إنَّ نسبة الناس المصابين بمرض ألزهايمر من هؤلاء تتراوح بين 60% إلى 70%.

تتضمن الدلالات المتأخرة للداء أنَّه يسبب عدم تذكُّر المصاب بألزهايمر للأمور التي حدثت مؤخراً أو النقاشات الآنية، ومع وصول المرض إلى حالات متقدمة جداً ومتأخرة سينتاب المصاب شعور بعدم توازن كبير في ذاكرته وإدراكه، ويصبح غير قادر على القيام بأبسط الوظائف اليومية.

قد تعمل الأدوية على تخفيف الأعراض التي يسببها المرض بشكل مؤقت أو تؤخِّر تقدُّم مراحله بشكل بسيط، وفي العديد من الأوقات يمكن أن تعمل هذه المعالجات على مساعدة الناس الذين يعانون من مرض ألزهايمر على رفع جودة الأسلوب الوظيفي والعمل على جعلهم يحافظون على أنفسهم قدر المستطاع حتى لو لفترة قصيرة من الزمن، وقد تتمكن هذه المعالجات من أن تعمل على تخفيف العبء عن أهل المريض الذين يبقون في حالة يقظة شديدة ومراقبة كثيفة على مريضهم إذ لا يستطيعون تركه وحيداً.

لا توجد أي معالجات تامة تصل إلى حد الشفاء من مرض ألزهايمر أو حتى عرقلة الأمور التي يغيرها هذا المرض في خلايا الدماغ، وفي المستويات المتأخرة من هذا المرض تؤدي النتائج الناجمة عن الاضطراب الكبير في العديد من وظائف خلايا الدماغ إلى الموت، فعلى سبيل المثال حدوث الجفاف أو نقص التغذية أو العدوى، وأخيراً الوفاة.

أعراض مرض ألزهايمر:

من المؤكد أنَّ داء ألزهايمر يدمِّر مقدرة الإنسان المصاب بالمرض على ذاكرته وخاصة القريبة؛ إذ في المستوى الأول من مرض ألزهايمر يصبح المصاب فاقداً بشكل جزئي للتذكر وتتخلله حالات متعددة من الشعور بالارتباك وعدم الاتزان؛ مما قد يؤدي في آخر الأمر إلى مشكلات دائمة لا نتمكَّن من حلها في المهارات الفكرية لدى المريض، كما يدمر أيضاً  قدرته على التذكر والتحليل العقلاني وقدراته التعلمية وقدرته على التخيل.

كل إنسان في هذه الحياة قد يعاني في تذكُّر العديد من الأمور؛ فأن تنسى المكان الذي وضعت فيه جوالك المحمول هي حالة طبيعية، أو حتى أسماء أناس تجتمع بشكل نادر معهم، ولكنَّ معاناة الذاكرة بالنسبة إلى مصابي ألزهايمر تتقدم وتأخذ مستويات متقدمة أكثر بكثير، والذين يعانون من داء ألزهايمر تعترضهم مشكلات كثيرة منها:

  1. يكررون ذات الجملة والكلمة بشكل ملحوظ غير آبهين بأنفسهم.
  2. ينسون الكثير من الأحاديث أو المواعيد التي قاموا بها.
  3. يضعون أشياء في غير موضعها المناسب وأحياناً في أماكن تثير الضحك.
  4. ينسون أسماء أشخاص قريبين منهم مثل أبنائهم وإخوتهم، وقد ينسون مكان وضعهم لبعض الأدوات.
  5. يتسبب بمشكلات كبيرة في التفكير؛ إذ يكون مستوى التفكير لدى المصابين بألزهايمر متدنياً جداً.
  6. من الممكن ألَّا يستطيع المصابون بمرض ألزهايمر الحفاظ على قيادتهم المالية في أوائل أيام المرض، وهي مصيبة قد تؤدي إلى مشكلة في الحسابات والقيم وحساب الأعداد.
  7. إيجاد الكثير من الصعوبة في الحصول على التعابير المناسبة؛ لذلك تراه كثير التردد وغير متزن.
  8. إيجاد صعوبة كبيرة في القيام بأمور وأعمال تحتاج إلى الخطط، وصعوبة في امتلاك عزيمة وقدرة على اتِّخاذ الكثير من القرارات.
  9. وقد يصل بهم الأمر إلى درجة نسيان دخول الحمام؛ لذلك يتبولون بثيابهم.

صفات مرضى ألزهايمر:

تظهر لدى المصابين بمرض ألزهايمر صفات مميزة تجعلك تعلم أنَّهم مرضى بمجرد الجلوس معهم لربع ساعة، ومن هذه الصفات:

  1. يكون المريض ذا مزاج متقلب: إذ يكون المصاب بمرض ألزهايمر غير متزن.
  2. لا يثق بالآخرين: إذ دائماً يراوده شعور بأنَّ الآخر يحاول السخرية منه والنيل منه؛ لذلك يكون في حالة دفاع دائم عن نفسه.
  3. المعاندة على أبسط الأمور: مثلاً عدم قبول تناول الطعام.
  4. الانعزال عن الآخرين: إذ نجد أنَّ المصاب بمرض ألزهايمر يكون منزوياً دائماً لا يحب الحديث مع أحد، ودائماً يشعر بأنَّ الآخر عدو له.
  5. الكآبة: إذ نراهم شديدي الهموم.
  6. الخوف: من الآخر ومن الموت.
  7. يكون ذا نظرة عدوانية: إذ دائماً ينظر إلى الآخر على أنَّه عدو.

شاهد: ست خطوات ذهبية تساعد على تقوية الذاكرة

طرائق العلاج:

قد تعمل بعض عقاقير مرض ألزهايمر في الوقت الحاضر على المساعدة لمدة قصيرة من الزمن على معالجة العوارض التي تظهر في ذاكرة المريض بألزهايمر والمتغيرات العقلية الأخرى.

يمكن استخدام صنفين من العقاقير في الوقت الحالي من أجل معالجة الأعراض المعرفية:

1. مثبطات الكولينستيراز:

تعمل هذه المثبطات من خلال زيادة مستويات الاتصال من خلية إلى خلية أخرى عن طريق العمل على المحافظة على الناقل الكيميائي المتناقص بسبب الاستخدام في خلايا الدماغ؛ وذلك يعود إلى مرض ألزهايمر، وهذه هي العقاقير الأولى التي استُخدمت في أغلب الأحيان، وقد يلتمس أغلب الناس المصابون بألزهايمر تقدماً بسيطاً في تخفيف أعراض المرض عند استخدامها.

قد تقوم أيضاً هذه المثبطات على تخفيف الأعراض العصبية والعقلية، على سبيل المثال الهيجان أو حالات الحزن والخوف الشديد، وتتضمن أيضاً مثبطات الكولينستيراز المعروفة بشكل كبير على دونيبيزيل "أريسيبت"، وغالانتامين "رزاديين" وريفاستيغمين "إكسيلون".

تحتوي هذه المثبطات على عوامل ثانوية مرافقة مثل الإسهال الحاد والشعور بالغثيان والإقياء والأرق الشديد والمقلق، بينما بالنسبة إلى الناس الذين يعانون من بعض المشكلات في القلب، فقد تحتوي على آثار جانبية قد تكون خطيرة تسبب عدم انتظام في عمل القلب.

2. الميمانتين "ناميندا":

يقوم هذا النوع من العقاقير بالعمل على شبكة تواصل لخلايا دماغ أخرى، ويؤخر من تقدُّم مستويات عوارض مرض ألزهايمر المعتدل إلى العالي، وقد يُستخدم في العديد من الأوقات مع مثبط الكولينستيراز، وتوجد عواقب جانبية قليلة الحدوث بشكل كبير، وهي الدوخة والاضطراب والقلق.

إقرأ أيضاً: مرض الزهايمر: أنواعه، أسبابه، أعراضه وطرق الوقاية منه

كيف تدعم ثقة المصاب بمرض ألزهايمر بنفسه؟

تستطيع من خلال بعض الأعمال أن تدعم ثقة المصاب بذاته، وتمكِّنه من إنجاز الكثير من النشاطات المتعددة والمختلفة:

  1. تعويده على مكان محدد واحد لوضع بعض الأغراض كالهاتف المحمول والمفاتيح وتجنَّب تغيير مكانها.
  2. وضع الأدوية بعيداً عن نظر المريض، وتقديمها له بنفسك بشكل منتظم.
  3. تركيب أزرار إنذار على باب المنزل لتعرف أنَّه قد خرج من المنزل وبعدها مراقبته دون أن يلاحظ أنَّك تراقبه.
  4. تخفيف عدد المرايا في المنزل؛ لأنَّ النظر إلى المرآة سوف يسبب له الارتباك والدهشة.
  5. وضع أشياء مميزة ومحببة للمريض أمام المنزل لكي تجذبه عند خروجه من المنزل.
  6. إحضار كنزة له مكتوب عليها عنوان منزله، فإذا تاه يُرجعه أي أحد.
  7. يجب أن يمارس عداة ما يومياً؛ إذ يساهم ذلك في تعزيز ثقته بنفسه وإحساسه بأنَّه ما يزال عنصراً فعالاً في وسطه المحيط به، ومشاركته بالأعمال اليومية كالطبخ والتنظيف مثلاً مع مراقبته طبعاً.
  8. تعويده على القراءة كقراءة الجرائد مثلاً، فهذا سوف يجعله يقاوم المرض قليلاً رغم ضعف أثره في المراحل المتقدمة.
  9. التأكُّد من أنَّ الأحذية التي يرتديها المريض مريحة بشكل جيد وتؤمِّن له مشياً متوازناً وثابتاً.
  10. تجنُّب عتاب المريض إذا اقترف أي خطأ غير مقصود، فعندما تلومه تُشعره بالذنب والخوف أحياناً، وهذا سوف يفاقم حالته ويجعله مضطرباً وقلقاً من عمل أي شيء.
  11. محاولة التحدث إليه قدر المستطاع وعدم تركه ينعزل، ومحاولة أخذه في زيارات معك مثل زيارات الأهل والجيران والأقارب.
  12. تجنُّب معاندة المريض قدر المستطاع إذا كان ذلك لا يؤثر في صحته وصحة من حوله.
إقرأ أيضاً: كل ما تحتاج معرفته عن مرض الزهايمر

في الختام:

إنَّ مرض ألزهايمر ليس بالهيِّن؛ بل يحتاج إلى عناية فائقة خاصة من قِبل أهل المريض؛ إذ يترتَّب على الأهل عدم تركه لو للحظة واحدة وحده، ودلَّت الدراسات على أنَّ السبيل الوحيد للشفاء التام من مرض ألزهايمر هو تشخيص المرض في مرحلة مبكرة جداً حتى قبل ظهور الأعراض، أما باقي المعالجات فهي معالجات جزئية تفيد لفترة محددة وقصيرة فقط؛ لذلك لا ضير من القيام بتصوير رنين مغناطيسي للدماغ كل فترة وخاصة في سن بعد الخمسين؛ إذ يزداد خطر الإصابة بمرض ألزهايمر فوق سن الخمسين.

المصادر: 1،2




مقالات مرتبطة