الدليل الكامل للتأمل (الجزء الثاني)

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن تعريفات التأمُّل ونوعين من أنواعه، وسنتابع في هذا الجزء الثاني والأخير منه الحديث عن التأمُّل الموجَّه وكيفية التأمُّل وبعض النصائح للتأمُّل.



التأمُّل الموجَّه الحديث:

التأمُّل الموجَّه هو شكل حديث للتأمُّل، وهو مُصمَّم للحياة الحافلة بالمشاغل، يستخدم التحفيز السمعي (أصوات الطبيعة أو نبضات بالأذنين كلتيهما أو الموسيقى بالأذنين كلتيهما، أو حتى التعليمات المنطوقة) لتوجيه الممارس في أثناء ممارسة تقنيات التأمُّل.

1. التأمُّلات التقليدية (Traditional Meditations):

هي تسجيلات صوتية مع معلم أو مدرب لإرشادك إلى حالة التأمُّل، وغالباً ما تكون التمرينات متجذرة في الأساليب البوذية أو الهندوسية.

2. يوجا نيدرا (Yoga Nidra):

هو سلسلة من التمرينات التي تستخدم تقنيات اليوجا التأمُّلية لمساعدتك على النوم ليلاً، فبالنسبة إلى أولئك الذين يعانون الأرق، قد يكون هذا النوع من التأمُّل خياراً ممتازاً.

إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

3. الصور الموجَّهة (Guided Imagery):

تستخدم الصور الموجَّهة "التأمُّل البؤري" لمساعدتك على تخيل الأشياء أو تصورها أو إرشادك خلال رحلة ذهنية، يُستخدم عادةً لأغراض الاسترخاء؛ لكنَّه غالباً ما يكون وسيلة لتعزيز الشفاء العاطفي والعقلي.

4. النبضات بالأذنين كلتيهما (Binaural Beats):

تُمارس منذ أربعينيات القرن التاسع عشر، باستخدام إشارات من ترددين مختلفين (موجات ألفا وموجات بيتا) لبدء حالة تأمل، وتستخدم الموسيقى بالأذنين كلتيهما تلك الاختلافات في موجة الدماغ لتسهيل عملية التأمُّل.

5. عبارات التحفيز الإيجابية:

الهدف منها ترسيخ رسالة إيجابية في ذهنك، عادة ما تترافق مع الصور الموجَّهة وتقنيات الاسترخاء الأخرى.

6. الاسترخاء:

تساعد هذه التقنية على استرخاء جسمك، وتجلب لك الهدوء والسلام، إنَّها مثالية لمن يعانون الأرق أو الألم؛ لأنَّها تقلِّل الألم وعدم الراحة وتحفز النعاس.

إذاً، يوجد عدد كبير من أنواع التأمُّل المختلفة، ولكل منها فوائده الخاصة؛ لذا يجدر بك البحث أكثر في كل نوع لمعرفة أيها يناسب شخصيتك وأسلوب حياتك وعاداتك.

كيف تتأمل؟

على كل شخص أن يجد طريقته الخاصة في التأمُّل، عليك أن تجد نوع الممارسة التأمُّلية والتقنيات التي تناسبك؛ هذا يعني تجربة تقنيات التأمُّل وأنواعها المختلفة المذكورة آنفاً، لا توجد طريقة واحدة تناسب الجميع للتأمُّل.

في الأساس، يقسم التأمُّل إلى خمس خطوات:

  1. الاسترخاء: عليك أن تبدأ بإرخاء جسدك وعقلك، فهذا يساعد على التخلص من التوتر ويجعلك في حالة ذهنية للتأمُّل.
  2. التركيز: بمجرد أن تسترخي، سيساعدك التركيز على التعمق أكثر في عقلك وجسمك، ويمكنك التركيز على أفكارك ومشاعرك وعواطفك وأحاسيس جسدك وتنفسك أو العبارات التحفيزية التي ترددها.
  3. التأمُّل: كلما تعمقت، تمكنت من التفكير في عالمك الداخلي وقيمك ورغباتك، إنَّه دراسة للعقل الباطن دون الخروج من حالة التأمُّل.
  4. الإدراك: عندما تفهم ما تشعر به، فإنَّك تصل إلى حقيقة أعمق ومعنى أكبر.
  5. تأمُّل اليقظة: الخطوة الأخيرة هي إيقاظ داخلك، مما يجعلك تشعر بالتعافي والسلام والسعادة.

لا تتبع الممارسات التأمُّلية جميعها هذه العملية؛ لكنَّها تعطي معلومات مثيرة للاهتمام عن قدرة التأمُّل على جذبك إلى أعماقك ببطء حتى تصل إلى أعمق نقطة في داخلك.

ممارسة التأمل

التأمُّل للمبتدئين:

ليس عليك التسجيل في دورات أو القيام برحلة سفر، يمكنك ممارسة بعض الأساليب الأساسية دون مغادرة منزلك أو حتى دون الوقوف على قدميك.

1. تأمُّل اليقظة الذهنية:

للبدء اتخذ وضعية مريحة، اجلس أو استلق، وتأكد من محاذاة رأسك ورقبتك وظهرك وركبتيك على نحو صحيح.

أغمض عينيك وخذ نفساً عميقاً، عد إلى أربعة للاستنشاق، ومرة ​​أخرى لأربعة للزفير، استمر في نمط التنفس هذا، في أثناء الشهيق والزفير، انتبه إلى أحاسيس جسدك، اشعر بأضلاعك وهي تتوسع مع ارتفاع صدرك، وتدفق الدم الذي يتبع كل استنشاق، دع الأحاسيس تملأ عقلك، افعل ذلك مدة 3-5 دقائق، ثم افتح عينيك، لقد تأمَّلتَ للتو.

2. تأمُّل التحديق:

أشعل شمعة وضعها على الطاولة أمامك، اجلس على كرسيك في وضع مريح، ركِّز عينيك على الشمعة، وشاهد الضوء المتحرك الراقص، قاوم إغراء النظر إلى أي مكان آخر.

تحكَّم بتنفسك، وعد إلى أربعة مع كل شهيق وزفير، بعد دقيقة، ستستقر على إيقاع معين ولن تحتاج إلى مواصلة العد، إذا تبادرت إلى ذهنك أي أفكار، شتتها بالنظر إلى لهب الشمعة، استخدم لهب الشمعة للحفاظ على صفاء ذهنك، حدِّق في الشمعة مدة 3-5 دقائق، أو حسب رغبتك.

توجد ممارسات تأمل كثيرة أخرى، يمكنك العثور على موارد مذهلة عبر الإنترنت، أو يمكنك زيارة أقرب مركز تأمل أو صالة يوجا لاكتشاف مزيدٍ من المعلومات عن الأنواع المختلفة من التأمُّل، كلما تعلمت أكثر، صار من الأسهل العثور على نوع يناسبك.

نصائح للتأمُّل:

إذا كنت ترغب في جعل التأمُّل مريحاً وفعالاً قدر الإمكان، فإليك بعض النصائح لمساعدتك على القيام بذلك على نحو صحيح:

1. اختر الوقت المناسب من اليوم:

ربما يكون من الأسهل التأمُّل في الصباح الباكر أو قبل النوم، ويُفضِّل بعض الناس التأمُّل في منتصف يوم حافل عندما يحتاجون إلى تصفية أذهانهم من التوتر، فابحث عن الوقت المناسب لك من اليوم والتزم به، التكرار هو الأساس لنجاح التأمُّل.

2. ابدأ بخطوات صغيرة:

يستطيع ناس قليلون التأمُّل لساعات في أول محاولة لهم، لكن يستطيع معظم الناس الجلوس بضع دقائق في البداية، وزيادة وقت التأمُّل تدريجياً في أثناء ممارستهم؛ لذا ابدأ بـ 5-10 دقائق فقط يومياً، لا تقلق إذا كنت لا تستطيع التأمُّل مدة أطول، ستستطيع فعلك ذلك بمرور الوقت.

3. لا تجهد نفسك:

توقف عن القلق بشأن كيفية التأمُّل، ابدأ فقط، وإذا تبادرت الأفكار إلى ذهنك، فلا تقلق بشأن الحفاظ على صفاء ذهنك، عش اللحظة الراهنة فقط، واسمح لعقلك وجسدك بالاسترخاء، يُصعِّب القلق ممارسة التأمُّل.

إقرأ أيضاً: 15 تقنية للتنفس تساعدك لتكون حاضراً ذهنياً

4. اعرف نفسك:

اكتشف أفضل أوقات التأمُّل، وأنسب نوع لك، وكيف تشعر براحة أكبر، الهدف من التأمُّل فهم عقلك وجسمك فهماً أفضل.

5. ارتدِ ملابس مريحة:

ارتدِ ملابس فضفاضة ومريحة، إذا كان الجو بارداً، فارتدِ ملابس شتوية حتى تشعر بالدفء، وفي حر الصيف، ارتدِ ملابس تحافظ على برودة جسمك.

6. اختر البيئة المناسبة:

عليك أن تجد مكاناً هادئاً وخالياً من المشتتات للتأمُّل، ويمكن للروائح أن تعزز التأمُّل أو تفسده؛ لذا بإمكانك إشعال شمعة أو بخور لمنع الروائح الخارجية، وإذا شتت الضوء انتباهك، فحاول التأمُّل في غرفة مظلمة، اختر المناطق المحيطة التي تساعد على إحلال السلام في عقلك وجسمك.

7. مارِس التأمُّل يومياً:

إن لم تتقن التأمُّل بالممارسة، فعلى الأقل ستصبح عادة دائمة، فعقلك عبارة عن عضلة تزداد قوة بالممارسة، كلما مارست التأمُّل، أصبح الأمر أسهل، وستجد أنَّ الممارسة اليومية تسمح لك بتصفية ذهنك والتركيز على كيانك الداخلي بجهد أقل بمرور الوقت.

في الختام:

يكمن جمال التأمُّل في عدم وجود مسار واحد فقط للسلام الداخلي، فكما رأيت فيما ذُكِرَ آنفاً، توجد العشرات من الطرائق للاسترخاء وتصفية ذهنك والتواصل مع كيانك الداخلي، ولا يمكن إنكار فوائد التأمُّل؛ لذا فإنَّ الأمر يستحق المحاولة إذا كنت ترغب في تحسين عقلك وجسمك، وكلما حاولت أكثر، زاد فهمك لتقنيات التأمُّل التي تناسبك على وجه أفضل.




مقالات مرتبطة