الدليل الكامل للإنتاجية: تعريفها وطرق تحسينها

هذا المقال ذو شقين، أولاً، سنُعرِّف الإنتاجية، ففي كثير من الأحيان، نحاول زيادة الإنتاجية دون معرفة ماهيتها، وثانياً، سنتناول عدة طرائق مجرَّبة ومثبتة لتحسين إنتاجيتك، وهذا الدليل هو خلاصة أبحاث أكثر من 10 سنوات عن الإنتاجية.



أفضل تعريف للإنتاجية:

الإنتاجية مفهوم يُساء فهمه كثيراً، وذلك لأنَّنا نستخدم كلمة الإنتاجية لنشير إلى الإنتاج على نطاق واسع وضيق، على سبيل المثال، نقرأ في الأخبار عن إنتاجية القوى العاملة، والتي هي الناتج الإجمالي لجميع العمال.

لذلك؛ عندما نقرأ أنَّ الإنتاجية ارتفعت في شهر محدد نشعر بالحيرة، فلا علاقة لهذه الزيادة على نطاق واسع بمدى إنتاجية الشخص، فالإنتاجية هي مقياس شخصي، وخاصة في القرن الواحد والعشرين؛ إذ يعمل معظمنا عملاً مستقلاً، وأصبحت قيمتنا تعتمد على معرفتنا ومهارتنا، وأصبحنا مسؤولين عن إدارة وقتنا وطاقتنا بأنفسنا.

بناءً على ما سبق، ثمَّة نوعان من الإنتاجية:

  1. إنتاجية القوى العاملة: الكمية الإجمالية للسلع والخدمات التي ينتجها العاملون في فترة معينة.
  2. الإنتاجية الشخصية: نتائج الفرد المرتبطة بهدف محدد في فترة معينة.

الأولى خارجة عن سيطرتك، ولكنَّك تتحكَّم بالثانية بالكامل، ومن ثمَّ إذا أراد شخص أو مدير أو قائد تحسين الإنتاجية الجماعية، يجب أن يعمل على تحسين الإنتاجية الشخصية أولاً.

ثمَّة ملاحظة واحدة عن تعريف الإنتاجية الشخصية، نقصد بنتائج الفرد المرتبطة بهدف محدد العمل على الأشياء الصحيحة؛ إذ يمكن أن تكون منتجاً جداً وتنتج الكثير، لكنَّ النتائج التي تحققها قد تكون معدومة الفائدة، في حين عندما تركِّز على النتائج المرتبطة بهدف محدد، فإنَّك تنجز الأشياء الصحيحة التي ستحسِّن حياتك المهنية أو عملك أو شركتك.

يجب أيضاً النظر إلى الإنتاجية خلال فترة معينة، ويفضَّل أن يكون ذلك شهرياً، وفي النهاية الناتج المتسق هو الذي يحقق الأهداف.

شاهد بالفيديو: 9 قواعد أساسية لزيادة الإنتاجية في العمل

فوائد تحسين الإنتاجية:

الإنتاجية هي أهم مقياس للنمو في الاقتصاد ومستويات معيشة الفرد، فهي مؤشر لارتفاع الدخل والمزايا الأفضل، وتوافر المزيد من وقت الفراغ، ففوائد زيادة إنتاجيتك واضحة، عندما تعمل على الأشياء الصحيحة، ستحصل على نتائج أفضل، والنتيجة أنَّك ستنمو.

فيما يأتي ثلاث فوائد إضافية لزيادة الإنتاجية:

1. الابتكار:

الحياة والعمل في العصر الحديث يقتصران على التغيير، لكنَّ وتيرة التغيير تسارعت كثيراً في القرن الواحد والعشرين، كما زادت التكنولوجيا من إنتاجيتنا، وخلاف ذلك صحيح أيضاً؛ إذ تؤدي إنتاجيتنا المتزايدة إلى ابتكار مزيد من تقنيات التكنولوجيا؛ لذا كلما أصبحنا أكثر إنتاجية، زادت قدرتنا على الابتكار.

2. الثقة بالنفس:

نشرت الكاتبة "بيرنيس ميلبورن مور" (Bernice Milburn Moore) مقالاً بعنوان "أهمية الثقة بالنفس لرفع الكفاءة" (Self-Confidence For Competence)، في مجلة "إدجوكيشنال ليدرشيب" (Educational Leadership)، تحدثت فيه كيف يمكنك أن تعزِّز كفاءاتك ثقتك بنفسك، والمقصود هو أنَّك كلما تحسَّنت في فعل شيء ما، زادت ثقتك بنفسك، وكلما زادت إنتاجيتك، زادت كفاءاتك، ومن ثمَّ أصبحت أكثر ثقة بنفسك.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من عدم الثقة بالنفس

3. الاندماج:

كلما كان الشخص شغوفاً بعمله، زادت مستويات اندماجه في العمل.

فثمَّة كثير من الأبحاث عن الإنتاجية، لكنَّ الأمر لا يتطلَّب بحثاً علمياً لإدراك قوة الإنتاجية، ما عليك سوى تحسين إنتاجيتك الشخصية وملاحظة آثارها في عملك وطاقتك وتفكيرك وسعادتك وغيرها من جوانب حياتك.

تحديات الإنتاجية الشائعة:

قبل أن نشارك التقنيات الأكثر استخداماً لتحسين الإنتاجية، يجب أن نسلِّط الضوء على أكبر العقبات التي تعترضها، فإذا لم تعالج هذه المشكلات الشائعة لن تتمكَّن من الالتزام بأي من نصائح الإنتاجية:

1. المشتِّتات:

مكان العمل في العصر الحديث هو مكان يشتِّت الانتباه بطبيعته، فادخل إلى أي مبنى وسترى عدداً لا يحصى من الأشخاص في غرف الاجتماعات، أو يتجولون، أو يحتسون القهوة، أو يدردشون، وفوق كل هذا يحمل كل منَّا هاتفاً محمولاً يخطف انتباهنا كل دقيقة، ونتيجة لذلك لا يمكننا العمل على مهامنا دون مقاطعة كل بضع دقائق.

إقرأ أيضاً: كيف يمكنك استعادة انتباهك في عالم مليء بالمشتتات؟

2. الأسباب الشخصية:

الحياة صعبة، يعمل بعضٌ منَّا ساعات طويلة جداً، وهذا لا يترك لنا سوى بضع ساعات من وقت الفراغ في المساء؛ نتيجة لذلك تجدنا مُنهكين لأنَّ لدينا أيضاً التزاماتنا الشخصية، مثل العلاقات، والأسرة، وشراء البقالة، ودفع الفواتير، والتمرينات الرياضية وغيرها.

3. قلة التدريب:

نريد أن نركِّز أكثر في العمل، ونريد أن نكون أكثر هدوءاً في حياتنا الشخصية، ونريد أن يكون لحياتنا أهمية، لكنَّنا لا نعامل الإنتاجية بوصفها مهارة يمكن للمرء أن يتعلمها.

يمكن حل جميع التحديات المذكورة أعلاه من خلال تحسين مهاراتك في الإنتاجية، ويجب أن تفهم ما يمنعك من أن تصبح أكثر إنتاجية، فبالنسبة إلى معظمنا فإنَّ الأسباب الثلاثة المذكورة أعلاه هي أكبر المعوقات، ثمَّ يجب أن تلتزم بالتغلُّب عليها والسعي إلى استثمار كامل إمكاناتك.

طرائق مستخدمة على نطاق واسع عن الإنتاجية:

لتحقيق إمكاناتك الكاملة، استخدم طرائق الإنتاجية المجرَّبة الآتية:

1. كتابة اليوميات:

في حين قد تعتقد أنَّ كتابة اليوميات لا علاقة لها بتحسين الإنتاجية، لكن يعدُّ الاحتفاظ بدفتر يوميات من أقوى أدوات زيادة الإنتاجية، حتى إنَّ معظم الشخصيات البارزة كانوا يفعلون ذلك، فإذا بدأت بالعمل على التنمية الشخصية، نوصيك بالبدء بكتابة اليوميات أيضاً.

  1. تقنية بومودورو (The Pomodoro Method)، خذ فترات راحة لزيادة الإنتاجية؛ فذلك سيحسِّن تركيزك على الفور، وهي تقنية خضعت لكثير من الأبحاث التي أثبتت جميعها أنَّها من أفضل تقنيات زيادة الإنتاجية.
  2. وضع الأهداف والالتزام بنظام عمل لتحقيقها.
  3. تقسيم الوقت، وهي طريقة منظَّمة وفعَّالة للعمل.
  4. التركيز على شيء واحد، لا تعني الإنتاجية إنجاز كمية كبيرة من العمل، بل تعني العمل على الأشياء الصحيحة، وعندما تركِّز على شيء واحد صحيح تلو الآخر، يمكنك تحقيق أي شيء.
  5. استقاء الحكمة من الفلسفة القديمة، من الواضح أنَّ الفلاسفة القدامى فكَّروا في الإنتاجية أيضاً، فهي ليست مشكلة حديثة، اقرأ عن نصائح الإنتاجية من فلاسفة، مثل "سقراط" (Socrates)، و"أفلاطون" (Plato)، و"لاو تزو" (Lao Tzu) وغيرهم.
  6. إدارة طاقتك، أساس زيادة الإنتاجية ينحصر في إدارة طاقتك، فمعظم الناس يحاولون إدارة وقتهم، لكنَّ هذا خطأ شائع، فبدلاً من ذلك ركِّز على إدارة طاقتك.
  7. فهم محدودية فوائد التكنولوجيا، في كثير من الأحيان نعتمد على التكنولوجيا لزيادة إنتاجيتنا، لكنَّ يوجد حدٌّ يحصل بعده خلاف ذلك، حينها تصبح التكنولوجيا سبب تراجع إنتاجيتك.
  8. عدم البقاء مشغولاً طوال الوقت، كلما زادت الراحة والهدوء ووقت الفراغ في حياتك زادت إنتاجيتك.
  9. اتباع العادات الصحيحة.
  10. تجنب تعدُّد المهام، القيام بكثير من الأشياء في الوقت نفسه ليس مثمراً.
  11. قراءة مزيد من الكتب.
  12. أخذ إجازة، لا تتعلَّق الإنتاجية بالعمل دون توقف، بدلاً من ذلك خذ قسطاً من الراحة بين الحين والآخر؛ إذ سيحسِّن ذلك إنتاجيتك على الأمد الطويل.
  13. تنظيم حياتك، يمكنك أن تقرأ عن جميع تقنيات الإنتاجية في العالم، لكن إذا كانت حياتك في حالة من الفوضى، لن تستفيد شيئاً؛ لذا عليك تنظيم حياتك أولاً.
  14. تبسيط الأمور، يميل كثير من الخبراء في هذا المجال إلى المبالغة في تعقيد الأمور، لكن في النهاية يتعلَّق الأمر كله بالعمل.

من خلال تطبيق هذه الطرائق، ستحقِّق النتائج حتماً، لكن لا تجرِّبها كلها معاً، ففي حين أنَّ من الجيد الإقلاع عن كل عاداتك السيئة في الوقت نفسه، لكن عندما تحاول تطبيق الكثير من الأشياء الجديدة معاً يمكن أن تفقد حماستك، فبدلاً من ذلك ضع استراتيجية للأشياء التي تريد تحسينها فيما يتعلق بالإنتاجية وجرِّبها واحدة تلو الأخرى.

شاهد بالفيديو: تعرّف على أفضل الطرق لزيادة إنتاجيتك

أفضل الكتب عن الإنتاجية:

أفضل الكتب عن الإنتاجية لم تُكتَب عن الإنتاجية، بل تتعلَّق بعيش حياة أفضل، وفيما يأتي أفضل أربعة كتب منها:

  1. كتاب "المدير التنفيذي الفعال" (The Effective Executive)، للمؤلف "بيتر دراكر" (Peter Drucker): يستعرض هذا الكتاب الإنتاجية من وجهة نظر عملية يجب على كل عامل تتطلَّب وظيفته بذل الطاقة الذهنية أن يقرأه، وأهم درس عن العمل هو أنَّ الأمر لا يتعلَّق بما تفعله، بل يتعلَّق بالنتائج التي تحصل عليها، وهذا هو الفرق بين الكفاءة والفاعلية.
  2. كتاب "الجوهرية" (Essentialism)، للمؤلف "غريغ ماكيون" (Greg McKeown): تقتصر الإنتاجية على فعل الأشياء الصحيحة، ويساعدك هذا الكتاب على التركيز عليها، فبمجرد أن تعرف ما الذي تريد تحقيقه يصبح الوصول إليه أسهل.
  3. كتاب "قوة العادات" (The Power Of Habit)، للمؤلف "تشارلز دويج" (Charles Duhigg): تطوير عادات جديدة هو مهارة عملية تؤثر مباشرة في جودة حياتك، سواء كنت تريد أن تكون أكثر إنتاجية، أم ممارسة الرياضة بانتظام، أم إنشاء شركة ناجحة، فالشيء الوحيد المؤكَّد هو أنَّك من دون العادات، سيكون من الصعب تحقيق هذه الأشياء.
  4. كتاب "العادات اليومية" (Daily Rituals)، للمؤلف "ماسون كوري" (Mason Currey): يقدِّم نظرة ثاقبة فريدة عن عادات أهم وأشهر الشخصيات في العالم.

أدوات وتطبيقات الإنتاجية المفيدة:

يمكن لأدوات الإنتاجية أن تسهِّل حياتك، لأنَّها تساعدك على توفير الوقت وتحسين التركيز وتحسين الجودة الشاملة لعملنا، ومنها:

1. دفتر ملاحظات:

دفتر الملاحظات الورقي العادي هو أبسط أداة إنتاجية.

2. تطبيق التقويم:

يمكن استخدام تطبيق التقويم على هاتفك المحمول لتخصيص وقت دون مقاطعة لأهم المهام.

3. تطبيق "تريلو" (Trello):

هو أداة متعددة الاستخدامات لإدارة المشاريع يمكن استخدامها بعدة طرائق، على سبيل المثال يمكنك إنشاء لوائح للمشاريع التي يتعيَّن عليك القيام بها، ويمكنك إنشاء لوحة لكل مشروع لديك تتذكر فيها جميع المهام التي يجب عليك إنجازها لإكمال هذا المشروع.

4. تطبيق "إيفرنوت" (Evernote):

أفضل تطبيق لتدوين الملاحظات؛ إذ تظهر الأبحاث أنَّ دماغنا يعمل بطريقة مماثلة للتي يخزِّن بها تطبيق "إيفرنوت" (Evernote) الملاحظات والأفكار والمهام وما إلى ذلك.5.

5. تطبيق "ريسكيو تايم" (RescueTime):

أسهل طريقة لتتبع أنشطتك، وبعد استخدامه ستندهش من مقدار الوقت الذي تهدره في أنشطة غير مُجدية عليك التخلص منها.

6. تطبيق "غرامرلي" (Grammarly):

إذا كانت كتاباتك لا تقتصر على رسائل بريد إلكتروني، فاستخدم هذا التطبيق.

7. تطبيق "بي فوكسد" (Be Focused):

هذا تطبيق يعتمد تقنية بومودورو، يمكن اختيار أي تطبيق آخر مماثل، لكن يجب أن يكون المؤقت مرئياً، هكذا تتجنَّب تضييع ساعات كل يوم؛ إذ يوفِّر لك هذا التطبيق ساعة يومياً على الأقل.

8. تطبيق "سيلف كونترول" (SelfControl):

على أجهزة "ماك" (Mac)، وتطبيق "فوكسمي" (FocusMe) على أجهزة "ماك" (Mac) وأجهزة "ويندوز" (Windows): مناسبين لحظر المواقع المشتتة للانتباه.

9. تطبيق "داي ون" (Day One):

أفضل تطبيق لتدوين اليوميات.

المصدر




مقالات مرتبطة