التهاب الجيوب الأنفية: ما هو، وكيف تتعامل معه، ومتى يجب زيارة الطبيب؟

التهابات الجيوب الأنفية هي حالة شائعةٌ جداً؛ إذ تُصيب كل عام أكثر من 31 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي السبب وراء 16 مليون زيارة للطبيب، وذلك وَفقاً "للكلية الأمريكية للحساسية والربو والمناعة" (American College of Allergy, Asthma, & Immunology).



فالتهاب الجيوب هو حالةٌ مزعجة، تتجمَّع فيه السوائل الالتهابية في الجيوب الأنفية، نتيجة التهاب جرثومي أو فيروسي أو فطري، وسواء أُصبت بها سابقاً أم لا، لا بُدَّ أنَّك تعرف أنَّها ليست حالةً مُريحة.

إذ إنَّ الجيوب الأنفية هي عبارةٌ عن جيوب مملوءة بالهواء، تتوضَّع في الخدين والجبهة وحول العينين، وتحتوي عادةً على جراثيم نافعة وسائل مخاطي، وهذا السائل له بعض الفوائد؛ إذ يُرطِّب الهواء الذي تتنفسه، ويُعطي رنةً لصوتك، كما يُوفِّر بعض الحماية في حال تلقيك صدمة على وجهك، لكن عند حدوث عدوى، قد يتورم الأنف والجيوب الأنفية أو تلتهب، وهذا يؤدي إلى مجموعة من الأعراض.

الأعراض الشائعة:

قد يستمر التهاب الجيوب الأنفية من 10 أيام إلى ثمانية أسابيع، وخلال ذلك الوقت، قد تعاني من بعض الأعراض التي تشمل:

1. زيادة الإفراز المخاطي:

في الحالة الطبيعية، يكون المخاط الأنفي مائياً وخفيفاً جداً، وربما لا تلاحظ إنتاجه على مدار اليوم، وفي حين يُسبِّب التهاب الجيوب غزارةً في الإفراز المخاطي مثله مثل بقية الالتهابات الأنفية، لكن في هذه الحالة، يكون المخاط أكثر سماكة وليس مائياً.

خلافاً للاعتقاد الشائع، فإنَّ إفرازات الأنف الصفراء والخضراء لا تعني بالضرورة أنَّ لديك عدوى جرثومية في الجيوب الأنفية، فالفيروسات أيضاً قد تُسبِّب إفرازات أنفية صفراء أو خضراء؛ لذلك لا يمكنك الاعتماد على لون إفرازاتك الأنفية فقط لتعرف ما إذا كنت مصاباً بعدوى جرثومية، والتي قد تحتاج إلى العلاج بالمضادات الحيوية.

2. احتقان الأنف:

إنَّ الاحتقان والسيلان الأنفي، هي من الأعراض الشائعة أيضاً، ومعظم المرضى يُعانون من العرضين في وقت واحد، فعندما يكون لديك عامل ممرض جرثومي أو فيروسي يُسبِّب عدوى في الأنف، فإنَّه يسبِّب التهاب وتورم بطانة الأنف، التي تسبِّب بدورها الاحتقان والانسداد.

عندما تلتهب الأنسجة، فإنَّها تُفرِز أيضاً مزيداً من المخاط والسوائل، وهذا يؤدي إلى سيلان الأنف، وقد يطغى الاحتقان على السيلان في بعض الأحيان أو العكس، لكن عادةً ما يكون كلاهما موجوداً إلى حدٍّ ما.

3. التقطير الأنفي الخلفي:

يُنتج كل من الأنف والجيوب على مدار اليوم مخاطاً رقيقاً وشفافاً ينزل إلى الجزء الخلفي من البلعوم ليُبتلع، وقد يبدو الأمر مقزِّزاً بعض الشيء، لكنَّه صحي وهام أيضاً؛ فقد تؤدي الجيوب الأنفية دوراً هاماً في تعزيز جهاز المناعة؛ لذا إنَّ المساحة السطحية الإجمالية لجميع الأغشية المخاطية في الأنف والجيوب الأنفية تسمح لجهاز المناعة بالتفاعل مع العالم من حولك؛ إذ تُعلِّم هذه العملية جسدك متى عليه أن يهاجم، كما في حال تعرضه للفيروسات، ومتى عليه أن يمتنع عن الهجوم لكي لا يؤذي نفسه.

إنَّ التقطير الأنفي الخلفي هو الإحساس الذي تشعر به عندما يكون لديك مخاط أكثر سمكاً من المعتاد، وإلى جانب شعورك بسيلان المخاط في بلعومك، أفادت "الأكاديمية الأمريكية لطب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة" (American Academy of Otolaryngology-Head and Neck Surgery)، أنَّ الأعراض الأخرى للتقطير الأنفي الخلفي تشمل الحشرجة، والبلع المتكرر، وخشونة الصوت، أو القرقرة، وألم في الحنجرة والشعور بكتلة في الحلق.

4. الشعور بألم أو ضغط في الوجه:

إنَّ ألم الوجه علامةٌ أخرى محتملة لعدوى الجيوب الأنفية، فقد تسبِّب التهابات الجيوب الأنفية الشعور بالضغط، أو التوتر، أو الاحتقان في الخدين، أو بين العينين، أو في الجبهة، وقد تلاحظ أنَّ الضغط يزداد سوءاً عند الانحناء إلى الأمام، كما تفعل عندما تربط حذاءك.

5. ضعف حاسة الشم:

قد تفقد حاسة الشم في أثناء التهاب الجيوب الأنفية، ويوجد سببان لحدوث ذلك؛ الأول هو الاحتقان، فالتورم يمنع الجزيئات التي تولِّد الرائحة من الوصول إلى مناطق الأنف إذ تتلامس عادةً مع العصب الشمي، الذي يمتد من الدماغ إلى الأنف، وهذا هو السبب الأشيع لفقدان حاسة الشم المرافق لنزلات البرد أو الالتهابات، وتعود الحاسة عادةً عندما يقل الاحتقان.

والسبب الثاني المحتمل، هو أذية العصب الشمي نفسه، فقد يحدث ذلك بمعزل عن الاحتقان، وهو مرتبط ارتباطاً أكثر شيوعاً بالإصابات الفيروسية؛ إذ يبدو أنَّ الفيروسات قادرة على أذية العصب الشمي بطرائق مختلفة؛ لهذا، يفقد المصابون بفيروس "كورونا" (COVID-19) الذين لا يعانون من الاحتقان حاسة الشم، وقد تكون هذه الأذية مؤقتةً أو دائمة، لكن عادةً ما تتراجع تلقائياً.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتخلص من احتقان الأنف والنوم بشكل أفضل

6. ألم الأسنان:

صدِّق أو لا تصدِّق، قد تؤدي عدوى الجيوب الأنفية إلى ألم الأسنان، عادةً في الأضراس العلوية، وقد يحدث ذلك في أحد الجانبين أو كليهما، وذلك اعتماداً على امتداد الإصابة؛ والسبب في ذلك هو أنَّ جذور الأضراس العلوية تمتد إلى الجيوب الأنفية؛ حيث يوجد الالتهاب، والعكس صحيح أيضاً، فإذا كان لديك التهاب في السن، فقد تعاني من التهاب مُعنَّدٍ في الجيوب الأنفية، وَفقأ لعيادة "مايو كلينك" (Mayo Clinic).

7. نقص الطاقة:

عندما تُصاب بالتهابٍ في الجيوب الأنفية، قد تشعر أيضاً بإحساس عام بالتعب وانخفاض الطاقة، حتى في أنشطتك العادية، فمع أنَّ العدوى قد تكون معزولة في الجيوب الأنفية، فإنَّ لها تأثيرات جهازيةٌ تصيب كامل الجسد، وتجعل الناس يشعرون بالتعب أو الإرهاق.

فستشعر بهذا الإحساس لأنَّ جسمك يستهلك الطاقة لمحاربة العدوى، كما أنَّه يفرز أيضاً مواداً كيميائية كجزء من الاستجابة للعدوى، وبينما الهدف من هذه المواد هو مواجهة الالتهاب، فإنَّها أيضاً قد تسبِّب الوهن والتعب.

إقرأ أيضاً: كيف تعزز طاقتك وإنتاجيتك؟

8. حس امتلاء الأذن:

إنَّ نفير أوستاش هو فتحة تصل بين الأذن الوسطى والبلعوم، تُساعد على منع ارتفاع ضغط الهواء وتراكم السوائل داخل أذنك، وقد يؤدي التهاب الجيوب الأنفية إلى التهاب نفس الأنبوب، وتراكم المخاط أو السوائل داخل الأذن، فعندما ينغلق الأنبوب أو تسوء وظيفته، ستشعر بامتلاء أو ضغط في الأذن؛ لهذا، قد تشعر أنَّ أذنيك ممتلئتان عند إصابتك بالتهاب الجيوب، ويطلق على هذه الحالة خلل وظيفة نفير أوستاش.

إلى جانب الشعور بالامتلاء أو الانسداد في أذنيك، قد تشعر أيضاً بإحساسٍ بالفرقعة أو النقر، وألم في إحدى الأذنين أو كلتيهما، ورنين في أذنيك، (ويعرف أيضاً باسم طنين الأذن)، وخلل في التوازن، وقد يصبح صوتك مكتوماً أيضاً.

9. الحُمى:

يؤدي التهاب الجيوب إلى ارتفاع الحرارة أيضاً، وهي علامة على أنَّ جسمك يحاول مقاومة العدوى، فمن الشائع أن تبقى الحُمَّى منخفضة الدرجة في الالتهابات الفيروسية؛ أي أقل من 38 درجة سيلزيوس أو 101 درجة فهرنهايت، لكن إذا كانت الحمى لديك أعلى من ذلك، ينبغي لك استشارة الطبيب.

العلاجات المُتاحة:

تنجم معظم التهابات الجيوب الأنفية عن الفيروسات، وغالباً ما تبدأ في التحسُّن من تلقاء نفسها خلال الأيام الأربعة أو الخمسة الأولى من ظهور الأعراض، فبالنسبة إلى العدوى الفيروسية، يمكنك تخفيف الأعراض عن طريق اللجوء إلى مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية، أو المحلول الأنفي الملحي، أو غسول الأنف، أو بخاخات الأنف الستيرويدية؛ إذ إنَّ وضع كمادات دافئة على الأنف والجبهة للمساعدة على تخفيف ضغط الجيوب الأنفية، أو استنشاق البخار من وعاء به ماء ساخن، أو خلال الاستحمام قد يساعدك أيضاً على تحسين الأعراض، وذلك وَفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، إذا كنت مصاباً بالتهاب فيروسي، لن تستفيد من المضادات الحيوية، لأنَّها ليست فعَّالةٌ ضد الفيروسات.

يُشتبه في التهاب الجيوب الجرثومي عندما تستمر الأعراض لمدة 10 أيام على الأقل، أو إذا ساءت الأعراض مع أو دون تحسُّن أوليٍ؛ إذ يمكن لمقدِّم الرعاية الصحية فقط التمييز بين عدوى الجيوب الأنفية الفيروسية والجرثومية.

فقد تحتاج إلى الصادات الحيوية في حالة الإصابة بالتهاب جرثومي، ومع ذلك قد تكون قادراً على التخلُّص من العدوى الجرثومية دون استخدام المضادات الحيوية.

من الأفضل اتخاذ قرار مشترك مع المرضى؛ إذ قد يقرر الطبيب والمريض الانتظار لفترةٍ معينة قبل وصف المضادات الحيوية، ويمكن للمريض معاودة الاتصال إذا استمرت الأعراض، فإذا كان المريض موثوقاً ويتلقى دعماً كافياً، يمكن للطبيب والمريض مناقشة تأجيل تناول المضادات الحيوية لبضعة أيام.

يُفضَّل اللجوء إلى هذه الاستراتيجية إذا كان المريض قادراً على تحمُّل الأعراض؛ إذ يكفي غسل الأنف بالمحلول الملحي في بداية أي مرض في الجهاز التنفسي العلوي سواء أكان فيروسياً أم جرثومياً.

إقرأ أيضاً: أهم أنواع المُسكّنات، استخداماتها، وآثارها الجانبيّة

متى يجب عليك رؤية الطبيب؟

زيارة الطبيب

يوصى بمراجعة الطبيب إذا كان لديك أي ممَّا يأتي:

  • أعراض شديدة، مثل الصداع الشديد أو آلام الوجه.
  • ازدياد الأعراض سوءاً بعد تحسنها لفترة مؤقتة.
  • استمرار الأعراض لأكثر من 10 أيام دون تحسُّن.
  • استمرار الحمى أكثر من ثلاثة إلى أربعة أيام.

مع انتشار جائحة فيروس كورونا، أصبح من الأفضل مراجعة الطبيب عاجلاً وليس آجلاً؛ إذ من الحكمة إجراء اختبار تشخيصيٍّ للفيروس عند وجود التهاب في الطرق التنفسية العلوية، لكي تُجنِّب الآخرين التعرض للعدوى، وتُمكِّن طبيبك من اتخاذ القرار المناسب عندما تزداد الأعراض سوءاً.

يمكن لمقدِّم الرعاية بعد ذلك المساعدة على تقييم المرضى بناءً على نتائج الاختبارات هذه، وفي حالة الاشتباه في وجود عدوى في الجيوب الأنفية، يمكنهم أيضاً تحديد ما إذا كانت العدوى فيروسية أو جرثومية.

إذا أُصبت بالتهاب الجيوب الأنفية عدة مرات خلال العام السابق، أو شعرت بأنَّ الأعراض لم تُشفى شفاءً كاملاً، فقد تكون مصاباً بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن؛ إذ يُعدُّ الالتهاب حاداً عندما يختفي خلال ثمانية أسابيع، ومزمناً عندما يستمر لفترةٍ أطول من ذلك، ومن الأفضل عندها استشارة الطبيب.

قد لا ينجم التهاب الجيوب المزمن دائماً عن العدوى، وإنَّما غالباً ما يمثِّل حالة التهابية مزمنة مشابهة للربو، فإذا شعرت أنَّ أعراضك تستمر لأشهر بدلاً من أيام أو أسابيع، عليك زيارة أخصائي الأنف والأذن والحنجرة أو أطباء الأنف، الذين يختصون في علاج مثل هذه الحالات.

المصدر




مقالات مرتبطة