التفكير المنطقي: مهارة يمكن اكتسابها

نسمع كثيراً عبارات من مثل "فلان شخص منطقي"، "هو صاحب تفكير منطقي"، "لماذا لا تفكر تفكيراً منطقياً؟"، ولكنَّنا لا نعرف الكثير عن هذا التفكير المنطقي؟ وهل هو هبة ربانية؟ أم أنَّه مهارة يمكن اكتسابها والتدرب عليها؟



أولاً، تعريف التفكير المنطقي:

يمكن أيضاً تعريف التفكير المنطقي على أنه فعل تحليل الموقف والتوصل إلى حل معقول. إنه مشابه للتفكير النقدي. يستخدم التفكير المنطقي مهارات التفكير لدراسة أي مشكلة بشكل موضوعي، مما يساعد على التوصل إلى نتيجة عقلانية حول كيفية المضي قدمًا. على سبيل المثال، تواجه مشكلة في المكتب، لمعالجة ذلك، تستخدم الحقائق المتاحة، وتستخدم مهارات التفكير المنطقي، قد تتساءل عن معنى التفكير المنطقي، إنه يعني الانتقال من بيان أو فكر ذي صلة إلى آخر. العبارات الأولى في التفكير المنطقي تسمى السوابق، والبيانات اللاحقة هي تبعات.

ثانيا، فوائد التفكير المنطقي:

الفرد الذي يقال إنه يمتلك مهارات تفكير معقولة سيكون قادرًا على ربط الأحداث والأشياء. الفائدة الأكثر أهمية هي أن فرص ارتكاب الخطأ منخفضة للغاية بين هؤلاء المفكرين العاقلين. هؤلاء الأفراد يتحملون مخاطر محسوبة لمعرفة سبب ونتائج الموقف. هذا قابل للتطبيق جيدًا بين الطلاب الذين يذهبون إلى المدرسة والذين يتألقون في الدراسة بسبب الأفكار العقلانية. يحقق المهنيون العاملون والعديد من رجال الأعمال ارتفاعات كبيرة لأنهم يعرفون كيفية التعامل مع المواقف الصعبة باستخدام استراتيجيات ذكية مكتسبة من خلال التفكير المنطقي.

الميزة الرئيسية للتفكير المنطقي هي اتخاذ القرار السريع، ويمكن أن يحدد الأهداف، ويحل المشكلات الصعبة، والتفكير الإبداعي. الحياة ليست هي نفسها في كل الأيام والوقت لأنها ستتغير وربما تشكل تحديًا لك خلال مراحل معينة. لا يتم تبسيط التحديات في حياتك إلا إذا لاحظت المشكلات وحللتها بعمق. لذلك يجب ان تكون ماهرا في حل المشاكل في حياتك التي تتطلب القدرة على التفكير. يجب أن تعرف كيف تحدد الأشخاص الصحيحين والخطأ في مناحي حياتك اليومية. لا ينبغي أن يكون إيجاد حل أو التوصل إلى قرار بشأن مشكلة ما مهمة تستغرق وقتًا طويلاً، وبدلاً من ذلك، يجب أن تكون عفوية وذكية، لذلك، عليك أن تتفاعل فكريًا للغاية في مكان عملك أو حياتك.

1. مفهوم التفكير المنطقي:

المنطق:

جاء مصطلح المنطق من الكلمة اليونانية Logos، التي تشير إلى "السبب"، أو "الفكر".

التفكير المنطقي:

  • هو مهارة استخدام المنطق في التفكير.
  • هو إعمال العقل واستخدام المنطق في التفكير وحل المشكلات، بعيداً عن المشاعر والعواطف.
  • هو عملية عقلية يقوم المخ فيها بترتيب وتفسير وتحليل المعطيات، للوصول إلى النتائج.
  • هو النظر بموضوعية وتجرُّد إلى الأمور، مع مقارنة الخيارات المتاحة، واختيار الخيار الأنسب.
  • هو التعامل مع الموضوعات والمواقف، كالتعامل مع مسألة الرياضيات، باتباع الخطوات المنطقية، والاعتماد على القوانين والحقائق والأدلة، للوصول إلى النتيجة الصحيحة.
  • تعدُّ الرياضيات من أكثر مجالات تطبيق التفكير المنطقي.

الشخص المنطقي:

يتميز الشخص المنطقي بالعقلانية، والهدوء، والاتزان، والتأني في اتخاذ القرار، والدقة، والاستماع الجيد، والثبات الانفعالي، والموضوعية، والوعي الذاتي، والثقة بالنفس، والاستقلالية، والقدرة على الحوار وطرح الأسئلة، ومهارات التواصل الاجتماعي والتفاوض، والمرونة في تقبُّل وجهات النظر المختلفة، والاستعداد للتغيير، والاعتراف بالخطأ والسعي إلى تصحيحه.

2. أهمية التفكير المنطقي:

تأتي أهمية التفكير المنطقي، من الأسباب الآتية:

  • يساعد التفكير المنطقي على اتخاذ القرارات السليمة.
  • يساعد التفكير المنطقي على حل المشكلات والمواقف، والتوصل إلى أفضل الحلول.
  • يساهم التفكير المنطقي في تقليل احتمالات المخاطرة والخسارة.
  • يساهم التفكير المنطقي في اتخاذ القرارات الصحيحة.
  • يساعد التفكير المنطقي على بناء الرأي استناداً إلى الحقائق وليس العاطفة.
  • ينتج عن التفكير المنطقي النجاح في الدراسة والعمل والحياة عموماً.
  • يؤدي التفكير المنطقي إلى كسب احترام وثقة الآخرين، فالشخص المنطقي هو أول من يلجؤون إليه، لاستشارته وسماع رأيه.
  • يساهم التفكير المنطقي في حل الخلافات والمنازعات مع الآخرين، بأسلوب يُرضي جميع الأطراف.
  • يقضي التفكير المنطقي على التعصب والتحيز والأحكام المطلقة.

3. أنواع التفكير المنطقي:

للتفكير المنطقي أنواع عدَّة، هي:

  • المنطق الرياضي: هو المنطق المطبَّق في علم الرياضيات.
  • الاستدلال الاستنتاجي: ينطلق الاستدلال الاستنتاجي من قاعدة عامة، ثمَّ يصل إلى دعم ملاحظة محددة، فهو ينتقل من العام إلى الخاص، وعندما تكون الحقائق الأصلية صحيحةً، يكون الاستنتاج حتماً صحيحاً.
  • الاستدلال الاستقرائي: ينطلق الاستدلال الاستقرائي من ملاحظات خاصة ومحددة، ليصل إلى تعميمات عامة مبنية على أدلة متراكمة، وهذا الاستنتاج ليس بالضرورة أن يكون منطقياً؛ حيث يُجرى في هذا الأسلوب البحث العلمي، وتجميع الأدلة، ووضع النظريات.
  • الاستدلال العقلي: يُستخدَم الاستدلال العقلي في حالة عدم التأكد؛ أي المعلومات المتاحة غير مكتملة، فهذا النوع بمنزلة تجربة حظ؛ وذلك لأنَّه ينطلق من مجموعة غير مكتملة من الملاحظات، ويصل إلى تفسير لها، ويناسب الاستدلال العقلي صنع القرارات اليومية.
  • التفكير النقدي: وهو أحد أنواع التفكير المنطقي الذي يحلل ويطرح الأسئلة، ويقارن، ليصل إلى النتيجة.

أمثلة على التفكير المنطقي:

يساعد استخدام التفكير المنطقي على النجاح في القيام بالمهمات سواء كانت مهمات عمل أو مهمات دراسية أو مهمات أسرية واجتماعية، ودائما ما يؤدي استخدام التفكير المنطقي في الوصول إلى النتائج المرضية، ويمكن أن نذكر مثال على التفكير المنطقي من واقعنا، إذ إنه فيما لو كنت رب أسرة مسؤول عن إعالتها، فإن التفكير المنطقي، في الحاجات وترتيب الأولويات، وتلبية الاحتياجات الضرورية تؤدي إلى تحسين توزيع المصروف ليتم تلبية الحاجات بدءاً من الأهم.

شاهد بالفديو: 10 عادات مميّزة يتبعها الأشخاص الناجحون في التفكير

4. خطوات التفكير المنطقي وحل المشكلات:

يتم التفكير المنطقي من خلال الخطوات التالية:

4. 1. تحديد المشكلة:

الخطوة الأولى في التفكير المنطقي، هي تحديد المشكلة، وهنا قد نتوصل إلى أنَّ الأمر ليس مشكلةً حقيقية، وإنَّما هو مجرد سوء تفاهم وينتهي الأمر، أما عند اكتشاف أنَّ الأمر هو بالفعل مشكلة، هنا يجب تحديد ماهيَّتها وأسبابها، وبحسب "باري لوبتكين" - باحث في علم النفس السريري في "نيويورك" - فإنَّ تحديد الشخص للمشكلة هو بحد ذاته درجة عالية من التطور العقلي.

4. 2. تحليل المشكلة:

بعد تحديد المشكلة يجب تحليلها من زوايا مختلفة، والنظر إليها من وجهات نظر أخرى، وجمع المعلومات عنها، وهل هي قابلة للحل؟ وهل نحتاج إلى مساعدة على حلها؟ قد نكتشف وجود تحيُّز حينها أو نظرة خاطئة للموضوع.

4. 3. طرح حلول للمشكلة:

لا يجب الاكتفاء بأول حل للمشكلة يتبادر إلى الذهن؛ بل يجب وضع قائمة من الحلول الممكنة.

4. 4. اختيار الحل:

تُدرس الحلول الممكنة، وتُقيَّم، وتُقارَن، ثمَّ يُختار الحل الأنسب.

4. 5. التنفيذ:

تأتي خطوة التنفيذ بعد اختيار الحل، وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّه ما من مشكلة إلا ولها حل، حتى وإن كان هذا الحل هو تقبُّل الوضع الحالي، بدلاً من الاستمرار في المشكلات.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة لتجنب المشاكل والابتعاد عنها

5. تنمية مهارات التفكير المنطقي؟

يمكن تقوية التفكير المنطقي لدينا من خلال:

5. 1. التشكيك في كل شيء:

من أولى خطوات تقوية التفكير المنطقي هي التشكيك في كل شيء، أن نطرح الأسئلة وندقق في كل ما نسمع، ولا نأخذ أيَّة معلومة على أنَّها مسلَّمة.

5. 2. إعمال العقل:

لا يمكن أن نفكر بشكل منطقي ونحن لا نُعمِل عقلنا؛ إذ يقوم التفكير المنطقي على إعمال العقل في جمع المعلومات والحقائق، وفحصها والتحري عن صحتها، وربطها ببعضها، وتحليلها، للتوصل إلى النتائج والحلول، ومقارنة هذه الحلول، وتقييمها لمعرفة أيها الأنسب للمشكلة.

5. 3. تمرينات المنطق:

كما تحتاج عضلات الجسم إلى التمرينات الرياضية لتقويتها، تحتاج مهارة التفكير المنطقي إلى ممارسة تمرينات المنطق لتقويتها أيضاً، وذلك بأن نُدخِل تمرينات المنطق في روتيننا اليومي، ومن الأمثلة عليها: ألعاب السودوكو، والشطرنج، والألغاز، وألعاب الرياضيات، والكلمات المفقودة.

5. 4. منظور آخر:

حتى نقوي التفكير المنطقي لدينا، يجب علينا أن نتعلم رؤية الأشياء من منظور آخر، والانفتاح على وجهات النظر المختلفة، فحينها نصبح قادرين على التعامل مع المواقف بشكل منطقي أكثر.

5. 5. الموضوعية:

تُعَدُّ الموضوعية أساس التفكير المنطقي؛ إذ يجب علينا أن نتخلى عن أهوائنا وتحيزاتنا الشخصية عند التفكير بقضية ما، واتخاذ القرار بكل موضوعية وتجرُّد بعيداً عن العواطف والأهواء.

5. 6. المرونة:

يحتاج التفكير المنطقي إلى التحلي بالمرونة؛ بمعنى أن نتعامل بمرونة مع القضايا والمواقف كلها، ونتقبَّلها بعقل منفتح دون رفض مسبق أو تعصُّب لأفكارنا ومعتقداتنا؛ مما يتيح لنا التفكير بشكل منطقي وعقلاني.

5. 7. العلاقات الاجتماعية:

تُوسِّع العلاقات الاجتماعية، والتفاعل مع عدد كبير من الأشخاص، من المنظورات التي نرى بها الأمور، ومن ثمَّ زيادة قدرتنا على حل المشكلات.

5. 8. ممارسة الرياضة:

تزيد ممارسة الرياضة من تدفُّق الدم إلى الدماغ، وضمان وصول كميات أكبر من الأوكسجين والجلوكوز إلى المخ، كما تساعد الرياضة على التخلص من المشاعر والطاقة السلبية؛ مما يعزز من صحة الدماغ وقدرته على التحليل والتفكير المنطقي.

5. 9. النوم والغذاء:

يحتاج العقل لكي يعمل عملاً جيداً إلى عدد ساعات كافية من النوم، وغذاء صحي متوازن غني بالفيتامينات والأحماض الأمينية خاصةً أوميغا 3، والعناصر الأساسية لنمو الدماغ، والالتزام بتجنب السكريات، مثل: الحبوب، والمكسرات، والأسماك، والكركم.

5. 10. القراءة:

كلما زادت معرفة الإنسان، زادت حكمته وعقلانيته وتفكيره بشكل منطقي؛ لذا فإنَّ ممارسة عادة القراءة يومياً هي إحدى التمرينات الهامة في تطوير مهارة التفكير المنطقي.

5. 11. إعادة دراسة الرياضيات:

ترتبط مادة الرياضيات بالمنطق بشكل كبير، بعملياتها الحسابية ومعادلاتها ونظرياتها، والاستنتاج، والإثبات؛ لذا من المفيد الرجوع إلى هذه المادة، حتى لو أصبحنا كباراً ونعمل في مجالات بعيدة عن الرياضيات، ومراجعة أساسياتها، وإعادة حل المسائل والتفكير بشكل منطقي.

5. 12. تمارين التفكير المنطقي والاسترخاء:

تفيد تمرينات التأمل والاسترخاء في تقليل مستويات الضغط والقلق التي يشعر بها الإنسان؛ مما يمنح قسطاً من الراحة للدماغ، ويجعله يعمل عملاً أفضل، ويزيد مهارة التفكير المنطقي.

5. 13. العزف:

أثبتت الأبحاث أنَّ تعلُّم الموسيقى يعزز القدرات العقلية كتعلُّم الرياضيات، ومن ثمَّ القدرة على التفكير المنطقي.

5. 14. تعلُّم لغة جديدة:

يُعَدُّ تعلُّم لغة جديدة أحد الأساليب التي تنشط الدماغ، وتزيد القدرة على المحاكمة والتفكير المنطقي.

5. 15. المناظرات:

تُعَدُّ المناظرات والمناقشات الجدية إحدى الوسائل المفيدة في تطوير مهارة التفكير المنطقي؛ وذلك لأنَّها تنشِّط العقل وتجبره على التفكير؛ لذا يجب أن نحرص على البحث كل فترة عن شخصية معيَّنة تمتلك الثقافة والمنطق، ونتجادل معها في أي موضوع كان.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لزيادة قوة العقل

6. كيف نُعلِّم أطفالنا مهارة التفكير المنطقي؟

كما ذكرنا آنفاً، لا يولَد التفكير المنطقي مع الإنسان، وإنَّما هو مهارة يمكن اكتسابها والتدرب عليها منذ الصغر، وهنا تأتي مسؤولية الأهل في تعليم أطفالهم هذه المهارة، ويكون ذلك من خلال:

6. 1. القدوة:

قبل أن يفكر الأهل في تعليم طفلهم التفكير المنطقي، عليهم أن يكونوا هم أنفسهم قدوةً له، ويتبعوا التفكير المنطقي، وأن يكونوا قدر الإمكان منطقيين في تصرفاتهم وقراراتهم، فالطفل يُقلِّد أكثر مما يسمع.

6. 2. شرح آلية التفكير المنطقي للطفل:

أن يشرح الأب والأم للطفل أسباب اتخاذ قرارٍ ما يخصه، أو سبب التصرف معه بسلوكٍ ما، بطريقة مبسطة بحيث يفهم آلية التفكير المنطقي التي اتبعها الأبوان، في التوصل إلى هذا القرار أو التصرف.

6. 3. تشجيعه على إعمال عقله:

أن يشجع الأهل طفلهما على إعمال عقله، من خلال الحوار الدائم معه بشكل منطقي، وطرح الأسئلة عليه، وعدم قبول إجابات من قبيل: "لا أعرف"، أو "السؤال صعب لا أريد التفكير"، وذلك بالإلحاح عليه بالتفكير وإيجاد أي حل، وتركه يحل مشكلاته بنفسه.

6. 4. تعزيز ثقته بنفسه:

قد يناقش الطفل أو يتصرف بمنطق بسيط، وربما مضحك أحياناً، ومن الخطأ أن يسخر الأهل من منطقه؛ مما يحبطه ويجعله يخجل من قول أفكاره؛ بل على العكس من ذلك، يجب على الأهل تعزيز ثقته بنفسه، وتشجيعه على طرح ما يجول بخاطره، وجر الحديث معه إلى منطقة المنطق.

6. 5. الرياضة والموسيقى:

يجب الاهتمام بتعليم الطفل العزف والرياضة، لما لهما من دور كبير في نمو العقل وتنشيطه.

إقرأ أيضاً: بناء عقلية طفلك الناقدة!

في الختام، التفكير المنطقي وسيلة لحياة مريحة:

هناك مقولة لـ "جين دي لا بروير": "الحياة مأساة بالنسبة إلى أولئك الذين يشعرون، وكوميديا بالنسبة إلى أولئك الذين يفكرون"؛ إذاً حتى ننعم بحياة سعيدة ومريحة، نحن بحاجة إلى التقليل من المشاعر والعواطف، واعتماد العقل والتفكير المنطقي في اتخاذ قراراتنا وحلِّ المشكلات التي تواجهنا، ولا ننسى أنَّ المخ مثل أيَّة عضلة أخرى في الجسم، يمكن تقويتها بتمرينات الذكاء والتركيز والتفكير المنطقي.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة