التغيير في الحياة: لماذا نخافه؟ وكيف نتغير؟

"هل مللت روتين حياتك وإيقاعها؟"، "هل ترغب في إحداث تغيير حقيقي في نظام حياتك وأسلوب تعاطيك مع المواقف والتجارب إلَّا أنَّ هناك شيئاً ما يمنعك من ذلك؟"، "هل قررت مئات المرات تغيير نظامك الغذائي إلَّا أنَّك لا تلبث أن تعود إلى عاداتك القديمة بعد مضي فترة قصيرة من الزمن؟"، "هل تخاف من التغيير وينتابك الرعب من نتائجه؟"، "هل تجد أنَّه لا داعي إلى إحداث التغيير في حياتك، وأنَك بخير مع الأشياء التي اعتدت القيام بها في حياتك؟"، "هل تجد أنَّك لا تمتلك الإرادة القوية لإحداث تغيير ما في حياتك؟".



هل التغيير ضرورة أم رفاهية؟ وكيف لنا أن نتغير؟ هذا ما سنعرفه من خلال هذا المقال.

التغيير:

هو الحقيقة الثابتة الوحيدة في الحياة، فكل ما في الكون يتغير بين لحظة وأخرى؛ حيث تتجدد خلايا الإنسان بين لحظة وأخرى، وينمو الطفل ويكبر بين يوم وآخر، لاحِظ أنَّ نظرتك إلى الحياة تختلف بين مرحلة وأخرى من مراحل حياتك؛ حيث يتغير وعيك وإدراكك للحياة وتجاربها في كل يوم، فما كان مقبولاً بالنسبة إليك السنة الماضية، قد يتحول إلى أمر مستهجن للغاية اليوم؛ إذاً التغيير هو السمة الدائمة للحياة، والطبيعة الخالدة فيها، وكل إنسان يقاوم التغيير فهو يقاوم الفطرة الجوهرية للحياة.

لماذا نخاف التغيير؟

1. إدمان الروتين:

يدمن الكثير من البشر القيام بالعادات ذاتها التي اعتادوا القيام بها منذ سنوات عديدة، الأمر الذي يجعلهم يخافون من إجراء أي تغيير في نمط حياتهم؛ حيث يميل معظم الناس إلى الإحساس بالأمان ويهربون من أي أمر يشعرهم بعدم الاستقرار والأمان.

2. الخوف من المجهول:

لا يقوم أغلب البشر إلَّا بتنفيذ الأمور ذات النتائج المؤكدة بالنسبة إليهم، ويهربون من المخاطرة والتجربة، معتقدين أنَّ الأمور التي يعرفونها أكثر سلاماً من الأمور التي يجهلونها.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتغلب على خوفك من المجهول

3. عدم القدرة على التغيير:

يشعر الكثير من الناس بعدم قدرتهم على القيام بالتغيير في حياتهم؛ وذلك لعدم امتلاكهم الإرادة الكافية لتحقيقه، فهُم يعلمون أنَّه يحتاج إلى الكثير من القوة والالتزام والإصرار.

4. عدم امتلاك الرغبة في التغيير:

يشعر الكثير من الناس بالسلبية، معتقدين أنَّ الفقر والحزن ما هما إلَّا قسمتهم ونصيبهم في هذه الحياة وأنَّ هذا الواقع لن يتغير مطلقاً، ممَّا يجعلهم في حالة من الهمة الفاترة ومن السعي المضطرب.

5. عدم وجود الأهداف:

مَن لا يمتلك رسالة في حياته وأهدافاً يدافع عنها ويسعى إليها؛ لن يعترف بأهمية التغيير في حياته، وسَيرضى أن يعيش على هامش الحياة.

6. جهل الطريقة:

يرغب بعض الناس في التغيير إلَّا أنَّهم لا يجدون الطريقة الصحيحة لإجراء هذا التغيير، ممَّا يجعلهم في حالة من الجمود والثبات.

إقرأ أيضاً: كيف تقوم بترسيخ العادات الجيدة في حياتك؟

7. عدم معرفة الأولوية:

لا يدري معظم الناس نقطة البداية في التغيير، فهُم لا يفهمون فلسفة التغيير العميقة، ويؤمنون بسطحية التغيير أكثر من جوهره، كأن يغيِّر شخص ما وظيفته ولا يغير الأفكار التي يحملها عن العمل والمال والعلاقات، أو تغيير فتاة ما مظهرها ولا تغيِّر ما تحمله من أفكار عن شخصيتها وثقتها بنفسها، ومن جهة أخرى، هناك اضطراب فيما يخص أولويات التغيير، فمعظم الناس غير قادرين على تحديد مجال التغيير الذي من المفترض أن ينال الأولوية في حياتهم.

8. غياب مفهوم التكامل:

ينزع أغلب البشر إلى تغيير ناحية واحدة في حياتهم، متجاهلين فكرة أنَّ التغيير يجب أن يكون متكاملاً وشاملاً لكل نواحي الحياة، فلا بدَّ من تحقيق التغيير على المستوى النفسي والصحي والعائلي والعاطفي والمهني والروحاني بحيث يصل الإنسان إلى التوازن في حياته.

إقرأ أيضاً: الرحلة إلى التوازن النفسي: سعي إلى كسر القوالب الجاهزة

9. الصورة السلبية عن الذات:

قد يتنازل الكثير من الناس عن إحداث تغييرات حقيقية في حياتهم؛ نظراً لما لديهم من مشاعر سلبية مُخمَرة على مدار سنوات طويلة من التجارب القاسية المختبرة، بحيث مات لديهم الإحساس بقيمة وجودهم وعظمة إنسانيتهم وحجم قدراتهم.

كيف أتغيَّر؟

1. المعرفة:

يجب بداية أن يعرف الإنسان أهمية التغيير في حياته، ويكتشف النواحي التي تحتاج إلى تغيير في شخصيته وفي أسلوب حياته، وتتطلب هذه المرحلة الكثير من الصراحة والوضوح، كما يجب على الإنسان تقبُّل نقد الآخرين له، والتعامل معه على أنَّه فرصة لكي يتطوَّر ويرتقي.

2. الاعتراف:

وهنا على الإنسان أن يتحلى بالكثير من الصدق وتقبُّل الذات لكي يعترف بأخطائه وبالتفاصيل المزعجة في شخصيته وفي طريقة تعاطيه مع الأمور، أو في الطريقة التي ينظر بها إلى الحياة؛ حيث يبتعد الإنسان في هذه المرحلة عن التبريرات والأعذار، فبدلاً من إلقاء اللوم على الأحداث الخارجية؛ يشعر بالمسؤولية تجاه حياته وخياراته.

3. القرار:

وهنا يقرر الإنسان إجراء التغيير في حياته، كأن يقرر شخص ما الإقلاع عن التدخين إقلاعاً نهائياً.

4. التكرار:

وهنا يلتزم الإنسان في التغيير التزاماً مطلقاً؛ بحيث يبدأ ببناء عادات يومية صغيرة، ومن ثمَ تكرارها على مدار فترة من الزمن إلى حين تجلِّي التغيير في حياته تجلِّياً فعلياً وقوياً، وفي حال عودة الإنسان إلى السلوك السلبي القديم وفشل محاولته الأولى للتغيير؛ فهنا لا يجب عليه جلد ذاته والدخول في نوبة من الكآبة والحزن؛ بل عليه تقبُّل الانتكاسة، ومن ثمَ تكرار المحاولة من جديد إلى حين تفعيل التغيير بصورة جديَّة في حياته. 

أدوات التغيير:

1. المعرفة:

كأن يعرف الإنسان أنَّ التغيير الحقيقة الوحيدة في الحياة، وأنََّ التحرك باتجاه التغيير تحرُّك باتجاه التطور والارتقاء، فالغاية الأسمى من وجودنا هي إعمار أنفسنا؛ فكيف لنا أن نصل إلى المراتب العليا إذا لم نتخذ قرارات التغيير في كل ناحية من حياتنا؟ كيف لك أن تصل إلى الله إن لم تتخذ القرار بتغيير عاداتك اليومية وتبنِّي أسلوب حياة أكثر تقربُّاً منه؟ وكيف لك أن تحقق مشروعك الخاص إن لم تتخذ القرار بتغيير طريقتك في التعاطي مع المشتتات بحيث تركز أكثر على أهدافك؟

شاهد بالفديو: 6 أسئلة هامّة لمعرفة ما تريد أن تنجزه بحياتك

2. الرغبة:

استثمر رغبتك في التغيير، فالتغيير من أجل نعم الحياة، والرغبة هي الأداة الأولى التي في إمكانها تحريك الإنسان إلى مسار التغيير.

3. القدرة:

لا تقل إنَّك لا تملك القدرة على التغيير؛ اعلم أنَّ بداخل كل شخص منَّا طاقة كبيرة وقدرات هائلة إلَّا أنَّنا لا نشعر بها، واعلم أنَّ كل ما في الكون سيهبُّ لمساعدتك في اللحظة التي تتخذ فيها قرار التغيير، وستكتشف بعد قيامك بالخطوة الأولى في درب التغيير بأنَّك على خطأ، فمخزون طاقتك لم ينضب بعد؛ بل كان بحاجة إلى مَن يوقظه من سباته ليس أكثر.

إقرأ أيضاً: اكتساب وترسيخ العادات الجديدة باستخدام "قاعدة الدقيقتين"

في الختام:

اعلم أنَّ النجاح عبارة عن تغييرات بسيطة تراكمية وتكرارية، لذلك عليك أن تأخذ مسؤولية اتخاذ تلك التغييرات، وأن تلتزم فيها التزاماً جدياً، ولا تجلد ذاتك في حال تراجعك عن التغييرات التي خططت لها، واعلم أنَّ الحياة قائمة على مبدأ المحاولة والخطأ.

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة