التدخين يسرق صحتك عمرك، ونقودك!

أصبحت عادة التدخين عادة شائعة بشكل كبير مؤخّراً بين الرجال والنساء والشباب الصغير بالعمر، وتُعتَبَر من العادات الخطيرة والسيِّئة جدّاً، وذلك لما لها من آثار سلبيّة تُضِر بالشخص المُدخِّن صحيّاً ونفسيّاً وأضرارها على المجتمع والبيئة المحيطين بالمُدخِّن، إضافةً لكونها وسيلة لإسراف المال وضياعه بلا فائدةٍ تُذكَر.



ويُعتَبَر التدخين أحد أهم أسباب الوفاة والمرض التي يُمكن تجنُّبها في العالم، وتشير تقارير منظّمة الصحّة العالميّة بأنّ حوالي خمسة ملايين ونصف وفاة سنوياً لها علاقة مباشرة باستهلاك التبغ، ومن المُتوقع أن يزيد عدد الوفيّات إلى عشرة ملايين بحلول عام 2025 فيما لو بقيت الإجراءات المُتّبعة في مكافحة التدخين ضعيفة، علماً أنّ 70% من هذه الوفيات تَحدُث في الدول النامية.

سنتحدّث فيما يلي عن أضرار التدخين على صحّة الفرد الجسديّة والنفسيّة وعلى المُدخّنين السلبيين وانعكاساتها على الناحية الاقتصاديّة للمجتمع والشخص المُدخِّن.

أوّلاً: أضرار التدخين على صحّة المُدخِّن

لا يوجد مستوى آمن من كميّة التبغ المُدخّنَة سواء كانت قليلة أو كثيرة، لذلك يجب أن تعرف أنّك في حال كنت من المُدخِّنين بأيّ شكلٍ من الأشكال. فأنت مُعرَّض بشكل أكبر من غيرك للإصابة بواحدة أو أكثر من أمراض التدخين التالية:

1. أضرار التدخين على الرئتين:

يُعَد تدخين التبغ مسؤولاً عن 90% من حالات الوفاة الناتجة عن سرطان الرئة وداء الانسداد الرئوي المُزمِن. ففي كلِّ مرةٍ يتنشق فيها الشخص المُدخِّن دخان التبغ، تدخُل الغازات السامة وجزيئات القطران إلى الرئتين. ومع مرور الوقت، تؤدّي هذه المواد الكيميائية إلى تلف الرئتين الذي لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة فقط، بل يزيد أيضاً من خطر الالتهاب الرئوي، التهاب الشعب الهوائية وانتفاخ الرئة.

وأمراض الرئة القاتلة تتكون على مر الزمن، وعادةً لا يتم تشخيصها لدى المصابين بها قبل بلوغهم عمر الستينات والسبعينات.

2. أضرار التدخين وتأثيرها على القلب والأوعية الدموية:

تؤدِّي المواد الكيميائية التي يحتوي عليها التبغ إلى إلحاق الضرر بخلايا الدم، وتؤثِّر بشكل سلبي على وظائف القلب عموماً وبنية وتكوين ووظائف الأوعية الدموية كذلك، وهذه العوامل مُجتمعة كلّها تؤدّي سويةً لزيادة فُرص الإصابة بالعديد من أمراض القلب والأوعية الدموية، والتي نذكر منها الأمراض التالية:

وتزداد الخطورة، وتتضاعف فُرص الإصابة بأمراض القلب لدى المُدخِّن، في حال تزامن ذلك مع إصابته بحالات مَرَضيّة وأعراض أخرى، مثل:

  • معاناته من مستويات غير صحيّة من الكوليسترول الضار.
  • إصابته بارتفاع في ضغط الدم.
  • السُمنة أو الوزن الزائد.

3. أضرار التدخين والإصابة بالسّرطان:

تحتوي سجائر التبغ على العديد من المواد المُسرطِنة والضارة بالجسم، والتي لا تتركّز في الرئة فقط، بل وتنتشر عبر الدم إلى سائر أرجاء الجسم، وتُسبِّب هذه المواد المُسرطِنة تغييرات في الحمض النووي DNA والتي قد تؤدّي إلى نشوء خلايا سرطانية في الجسم.

ويُمكن للتّدخين أن يُسبّب السّرطان في أيِّ عضوٍ من أعضاء جسمكَ، حيث يرتبط التدخين بحوالي 15 نوعاً من أنواع السرطانات، ومنها: سرطان المثانة، سرطان الدّم، سرطان عُنق الرّحم، سرطان القولون والمستقيم، سرطان المعدة، سرطان المريء، سرطان الكلى والحالب، سرطان الحنجرة، سرطان الكبد، سرطان البلعوم الفموي، سرطان البنكرياس، سرطان القصبات الهوائيّة والرّئة.

كما يؤدي التدخين إلى زيادة خطر الوفاة والإصابة بأمراض أُخرى لدى مرضى السّرطان أو النّاجين منه، ويعتمد مقدار الزيادة في خطر الإصابة بالسرطان الناتج عن التدخين على عدد سنوات التدخين وعدد السجائر التي يتم تدخينها، إلّا أنّ عدد سنوات التدخين له أثر أكبر في زيادة خطر الإصابة بالسرطان من عدد السجائر.

إقرأ أيضاً: أضرار التدخين وأهم النصائح للإقلاع عنه

4. مخاطر التدخين على النساء المُدخِّنات:

يزداد خطر الإصابة بسرطان الرئة بالنسبة للنساء اللواتي يُدخِّنَّ السجائر بشكل أكبر من الرجال الذين يكونون في نفس السن مع تاريخ مُماثِل من التدخين. وبشكل عام فحتّى النساء اللاتي لم يُدخِّنَّ قط مُعرَّضات بشكلٍ أكبر لخطر الإصابة بسرطان الرئة عن نظرائهنَّ من الرجال. ويُعتَبَر هذا المرض السبب الرئيسي لوفيّات السرطان بين النساء، والذي يحصد الكثير من الأرواح عن سرطانات الثدي، المبيض، الرحم، وسرطان عنق الرحم.

5. مضار التدخين على الجهاز التناسلي:

يؤثِّر النّيكوتين على تدفُّق الدم إلى الأعضاء التناسليّة لكلٍّ من الرجال والنساء، ممَّا قد يؤثِّر على الوظائف الجنسيّة بعدَّة طُرق.

5. 1. بالنسبة للرجال يؤدّي التدخين إلى:

  • إضعاف الأداء الجنسي لدى الرجال.
  • زيادة فُرَص الإصابة بالعجز الجنسي لدى الرجال.
  • إتلاف المادة الوراثيّة داخل الحيوانات المنويّة، ممَّا قد يؤدّي إلى العُقُم أو التشوُّهات لدى الأجنَّة.
  • عدم الرضا الجنسي لدى النساء من خلال تقليل الانزلاق والقدرة على الوصول إلى النشوة الجنسيّة.

5. 2. وبالنسبة للنساء:

فالتدخين غير آمن وخاصة خلال فترة الحمل، والنساء اللواتي يُدخِّنَّ هنَّ أيضاً أكثر عرضة من النساء غير المُدخِّنات لمواجهة مشاكل في الحمل، فقد يؤدّي تدخين النساء إلى:

  • صعوبة حدوث الحمل لدى الأنثى وصعوبة ولادة جنين بصحّةٍ جيّدة.
  • حدوث سن اليأس المُبكِّر لدى النساء، والذي يرتبط بفرصة الإصابة بأمراض القلب بشكلٍ أكبر.

كما قد يؤدّي التدخين إلى تخفيض مُستويات الهرمونات الجنسيّة لدى الرجال والنساء، وهذا يُمكن أن يؤدّي إلى انخفاض الرغبة الجنسيّة.

إقرأ أيضاً: التدخين والأضرار التي يُسببها للمرأة الحامل والجنين

6. تأثير التدخين على الجلد والمظهر:

يُمكن العثور على أكثر من 4.000 نوعٍ مختلف من المواد الكيميائيّة في دُخَّان السجائر. والتي لها تأثيرات كبيرة على الجلد ومنها:

  • يقوم التدخين بتدمير الكولاجين والإيلاستين اللذان يحافظان على متانة ومرونة الجلد.
  • عند تضرر الكولاجين والإيلاستين نتيجة للتدخين الفعلي أو السلبي، يُصبِح الجلد مُتعباً ومُتهدِّماً، ممّا يجعلنا نبدوا أكبر من عمرنا الحقيقي.
  • إنَّ التدخين يقوم بتقليل التأثير المُزمِن من امتصاص الجلد لكميّةٍ كافيةٍ من الأوكسجين والمواد المُغذِّية الأخرى، ممّا يجعل البشرة تبدو شاحبةً، مُتعبةَ ومُتجعِّدة.
  • قد يؤدّي التدخين إلى رؤيتنا أحياناً لألوان متفاوتة للبشرة لدى المُدخِّنين.

كما أنّ المُدخنين أكثر عرضة لخطر الإصابة بقرحة المعدة بسبب مَضَار التدخين، إضافةً إلى أنّ اثنين من الأسباب الرئيسيّة لفقدان البصر عند كبار السن (إعتام عدسة العين، والضمور البقعي) هما أكثر شيوعاً لدى المُدخِّنين بشكلٍ خاص، بالإضافة للعديد من الأمراض الأخرى التي يُسبّبها التدخين والمرتبطة بالعين والأذن والفم والأسنان والعضلات والعظام والجهاز الهضمي وغيرها.

ثانياً: الآثار النفسيّة للتدخين

 تعتمد الآثار النفسية للتدخين على تأثير النيكوتين على الدماغ. حيث يَعتَقِد المُدخِّنين أنّ التدخين يُحسِّن المزاج ويُهدِّئ الأعصاب، بينما أظهرت الدراسات أنّه يزيد التوتُّر والضغوط النفسيّة. حيث أنَّ الرغبة النفسيّة للتدخين يمكن أن تستمر فترة طويلة لأنَّ المُدخِّن يرى السجائر علاجاً لكلِّ شيء عندما يكون تحت الضغط، ويعتقد المُدخِّن أنّه إذا كان مُتعباً فإنّ السجائر مُنشِّطة له، وإذا كان مُتوتِّر فإنّ السجائر تُقلِّل الضغوط النفسيّة.

ويُعتَبَر النيكوتين الموجود في التبغ واحداً من المواد المُسبِّبة للإدمان، والذي يُسبِّب الشعور بالنشاط عند التدخين، ويُسبِّب القلق، والانزعاج، والاكتئاب عند محاولة الإقلاع عنه، بالإضافة إلى تشكُّل رغبة التدخين المُستمرَّة واعتياد الشخص عليه، ممّا يجعل عملية الإقلاع عنه صعبةً للغاية. لذلك فإنّ هذه الضغوط العقليّة الشديدة تجعل الإقلاع عن التدخين صعب وعليه فإنّ أغلب المُدخِّنين يحتاجون إلى المساعدة عند محاولة قطع التدخين.

إقرأ أيضاً: نصائح للاقلاع عن التدخين

ثالثاً: أضرار التدخين على الآخرين (التدخين السلبي)

وهي أن يستنشق شخص الدخان المنبعث من سيجارة مشتعلة أو نرجيلة أو أيّ وسيلة تدخين أخرى، أي الدخان الذي قد يخرج من فم أو أنف الشخص المُدخِّن. وهو ما يُعرَف بالتدخين السلبي اللاإرادي، فالمُدخِّن يُخرِج زفير مُحمَّل بآلاف السموم، من خلال الدخان الذي خرج عبر عملية التنفس والذي يتواجد به تركيبة كيميائية من الغازات السامة، وبهذا فأنت تستنشق أكثر من 7000 مادة كيميائية عندما تكون بجانب شخص مُدخِّن، كما أنّ الدخان الصادر مؤذي للصحة وممكن أن يُسبِّب السرطان.

وللتدخين السلبي آثار عديدة على الآخرين غير المدخنين منها:

  • يزيد التدخين السلبي من فرص الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغيّة مقارنةً بمن لا يتعرَّضون للتدخين السلبي.
  • إنَّ استنشاق المواد الصادرة عن المُدخِّن تقوم بتدمير الشُعيرات الصغيرة الموجودة في قنوات الجهاز التنفُّسي والتي تساعد على إزالة الجزيئات والبكتيريا، ممّا يؤدي لتراكمها وزيادة فرص الإصابة بالتهابات في الجهاز التنفُّسي.
  • يزيد التدخين السلبي من فُرَص إصابة الأطفال بالربو، كما قد يرفع من فُرَص إصابتهم بالعديد من الأمراض، مثل: التهاب الشعب الهوائية، الالتهاب الرئوي، تلوُّثات قنوات الجهاز التنفسي والأذنين. أمّا بالنسبة للرضع، فقد يؤدّي التدخين السلبي لحدوث ما يُسمَّى بموت المهد المُفاجِئ. كما وُجِدَ أنّ آثار التدخين السلبي تستمر إلى ما بعد مرحلة الطفولة، وتنعكس على الطفل في عدَّة نواحي كتوقُّف النمو، وتدنِّي التحصيل الدراسي.
  • إنّ تعرُّض النساء الحوامل اللواتي لا يُدخِّنَّ لدخان السجائر قد يُعرِّض حياة الجنين للخطر.

رابعاً: آثار التدخين الاقتصادية على المجتمع والمُدخِّن

هل تعلم أنّه وبحسب منظمة الصحة العالمية أنّ القرن الماضي شهد وفاة مائة مليون شخص بسبب التدخين، وأنّ حجم مبيعات السجائر حالياً يبلغ 800 مليار دولار، بينما تُكلِّف فاتورة العلاج من أمراض السرطان الناجمة عن التدخين 1.9 ترليون دولار.

وبالنسبة للوطن العربي فنصيبه من ذلك ليس جيّد أبداً، حيث يُوصَف الأردن بأنّه أسوأ ثالث دولة في العالم من حيث نسبة التدخين. وتصل نسبة التدخين بين الذكور إلى 50%، وبين الإناث إلى 18%، بتكلفة أزيد من مليار دولار، علماً بأنّ ثُلث الأطباء الأردنيين يُدخِّنون.

وفي المملكة العربية السعودية ستّة ملايين مُدخِّن، بينما تبُلغ مبيعات السجائر ملياري دولار، وفي العراق سبعة ملايين مُدخِّن ينفقون 500 مليون دولار سنوياً، وفي تونس ثلاثة ملايين مُدخِّن.

فقد يُنفِق الفرد ربع دخله على التدخين، وقد يُنفِق مثل ذلك أيضاً في علاج الأمراض الناتجة عنه، على الرغم من أنّه قد يكون محدود الدخل، أو ينُفق على أسرةٍ كبيرة، أو يُعاني ظروفاً مالية صعبة، الأمر الذي قد يُسبِّب له تراكُم الديون ومضاعفة المشكلات، وما يترتَّب على ذلك من هموم ومشاكل وغيرها..

وسبب ارتفاع معدلات التدخين في بلادنا مقارنةً مع الدول المُتقدِّمة يعود إلى الدعاية المُستمرّة ضدّ التدخين المنتجة في أميركا وأوروبا منذ عقود، والضرائب العالية على التبغ، فيما بالمقابل لازال بإمكان أصحاب الدخل المُرتفِع وحتّى المُنخفِض الحصول على التبغ بالعديد من الطرق، مع محاولات ضئيلة لمكافحة التدخين من قِبَل الدول العربية بشكلٍ عام.

وأخيراً فإنّ التدخين سبب للكثير من الأمراض الخطيرة التي لا تُعَد ولا تُحصَى، كما أنّ له آثار مُضرَّة على الناحية النفسيّة، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعدّاه على الإضرار بغيرك ممّن يحيطون بك وقد يكونون أقرب الناس لك وهم أطفالك وعائلتك، كما أنّ التدخين استنزاف للأموال وتبذير لها فيما لا ينفعك.

وبعد هذا كلّه هل ما زلت تُفكِّر بالتدخين؟

المصادر:




مقالات مرتبطة