التبويض عند النساء

نشأةُ حياة كل بشريٍّ على الأرض تبدأ من اتحاد نطفةٍ مع بويضةٍ؛ نطفة من الذكر وبويضة من الأنثى تتحدان لتشكلا جسداً وروحاً تخرج إلى هذه الحياة، وهذه هي سنة الكون، وفي مقالنا هذا سنتعرف إلى جزءٍ من دورة هذه الحياة، والتي تبدأ بظاهرة التبويض عند النساء.



الحيض عند النساء:

إنَّ النساء يمررن بظاهرةٍ جسديةٍ تحدث مرةً كل شهرٍ بعد وصولهن إلى سن البلوغ، تدعى فترة الحيض أو الدورة الشهرية، وهذه العلامة هي المؤشر إلى وصول النساء إلى سنٍّ ووضعٍ يسمح لهن بالإنجاب.

الحيض: هو عبارةٌ عن مجموعةٍ من التغيرات الجسمانية التي تطال جسم الأنثى؛ إذ يحدث نوعٌ من التغير الهرموني الأنثوي الطبيعي، مترافقٌ مع نزول دمٍ ونسيجٍ بطانيٍ من الرحم عن طريق المهبل؛ وذلك إشارة إلى تبديل وتجديد بطانة الرحم بشكلٍ دائمٍ ليظل مستعداً لاستقبال البويضة والإلقاح، وفي حال لم يحدث أي إلقاحٍ تعود العملية لتتكرر بشكلٍ شهريٍ مرةً كل 28 إلى 35 يوماً، حتى يحدث الإلقاح، عندها تنقطع الدورة الشهرية لمدة تسعة أشهرٍ حتى تمام الحمل والولادة.

يُعَدُّ أول حيضٍ تحيضه النساء مؤشراً لبلوغها، وعادةً ما يبدأ في أعمارٍ متفاوتةٍ بين سن الثامنة وسن السادسة عشر، ويتكرر شهرياً بشكلٍ دوريٍ إذا لم يحدث أي إلقاحٍ أو حملٍ حتى تصل المرأة إلى سن الخمسين تقريباً، وتسمى الفترة التي تلي انتهاء الحيض بسن الإياس أو اليأس، وتتفاوت نهاية الحيض بين أنثى وأخرى أيضاً.

تحدث الدورة الشهرية على ثلاث مراحلٍ:

المرحلة الأولى:

التبويض عادةً ما تبدأ مرحلة التبويض ما بين اليوم السابع واليوم الرابع عشر أو الواحد والعشرين من موعد الدورة الشهرية التالية.

المرحلة الثانية:

تبدأ بطانة الرحم بازدياد سماكتها وتهيئة الرحم لحدوث الحمل.

المرحلة الثالثة:

وهي فترة الحيض التي فيها يتم التخلص من بطانة الرحم في حال لم يحدث أي إلقاحٍ أو حملٍ، وتستمر بين ثلاثة إلى سبعة أيام عادةً.

أعراض الحيض عند النساء:

تتعدد الأعراض التي تظهر عند النساء قبل وفي أثناء فترة الحيض، وتختلف بين أنثى وأخرى، وتتنوع هذه الأعراض كما يأتي:

  1. تغييراتٌ بالحالة النفسية والمزاجية: إذ تختلف الحالة النفسية بين أنثى وأخرى من الحساسية العالية والعصبية، أو الحزن والتوتر والشعور بالتثبيط.
  2. آلامٌ أسفل البطن: تشعر الأنثى ببعض من الانقباضات والتقلصات والآلام أسفل البطن.
  3. تغيراتٌ في الثديين: إذ تطرأ بعض التغيرات على حجم الثدي والشعور بالألم في أثناء اللمس أو الضغط عليه.
  4. الميل إلى النوم الكثير: إذ تميل الأنثى إلى النوم الكثير خلال فترة الحيض.
  5. زيادة الشهية لبعض الأصناف: قد تتوق الأنثى إلى تناول العديد من الأصناف فجأةً؛ كأن تشتهي الشوكولا أو العصائر أو وجبةً معينةً.
  6. اضطرابات الجهاز الهضمي: قد تصاب بعض النساء باضطراباتٍ هضميةٍ تشمل الإمساك أو الإسهال والإحساس بالنفخة والغازات.
  7. الصداع: يحدث نتيجة التغيرات في نسبة هرمون الأستروجين.
  8. حب الشباب: تظهر حبوب الشباب في فترة الحيض عند بعض النساء.

وغيرها.

التبويض عند النساء:

التبويض هو المرحلة الأولى من مراحل دورة الطمث، وهو عملية إطلاق بويضةٍ ناضجةٍ جاهزةٍ للإلقاح من المبيض مروراً بالبوق ثم قناة فالوب باتجاه الرحم الذي يبدأ بزيادة سماكة بطانته تحضيراً لاستقبال البويضة وإلقاحها، وفي حال لم يحدث أي إلقاحٍ أو تخصيبٍ تتموت البويضة وتستمر مراحل الدورة الشهرية التي تلي التبويض من خروج دمٍ وطردٍ لنسيج بطانة الرحم؛ وذلك لتجهيز الرحم لاستقبال البويضة التالية، واستمرار الخصوبة.

إقرأ أيضاً: نصائح لزيادة فرص حدوث الحمل

متى يحدث التبويض عند النساء وكم يستمر؟

يبدأ التبويض بعد بداية الدورة الشهرية بعشرة إلى أربعة عشر يوماً، ومدة كل دورةٍ شهريةٍ نحو 28 يوماً، وتحدث التبويض في منتصفها تقريباً، مع بعض الاختلاف بالمدة وطول الدورة بالاختلاف بين أنثى وأخرى.

يقوم عندها الجسم بإفراز الهرمون المنبه للجريب FSH، وهذا الهرمون يعمل على مساعد البويضة داخل المبيض على النضوج حتى تطلق خارج المبيض، وعندما تنضج البويضة، يفرز الجسم هرموناً يؤدي إلى إطلاق البويضة خارج المبيض وتبدأ التبويض بين 24 إلى 36 ساعة بعد إفراز الهرمون.

تبقى البويضة حيةً داخل الرحم 24 ساعةً فقط، وإن لم يحدث أي إلقاحٍ، يبدأ الرحم بلفظ البويضة وبطانته ويحدث الحيض، لكن في حال حدوث إلقاحٍ قبل التبويض بيومين أو أكثر، فإنَّ احتمال حدوث حملٍ عندها كبيرٌ جداً؛ إذ إنَّ الحيوانات المنوية تبقى نشطةً داخل الرحم لأربعة أو خمسة أيامٍ بعد القذف؛ نظراً لأنَّ الرحم له بيئةٌ محافظةٌ على الحيوانات المنوية.

إقرأ أيضاً: 9 أسباب لتأخر الدورة الشهرية

علامات حدوث التبويض عند النساء:

توجد عدة أعراض وعلامات تنبه بحدوث التبويض ومنها:

  1. تغيرٌ في المفرزات المهبلية: قبل حدوث التبويض يقوم الجسم بزيادة إفراز هرمون الأستروجين؛ وهذا يؤدي إلى زيادةٍ في المفرزات المهبلية الصادرة من عنق الرحم وتغير قوامها ولونها، وتختلف هذه المفرزات بين أنثى وأخرى، لكن عموماً تزداد كميتها ويصبح لونها شفافاً ولزجاً مثل قوام بياض البيض، وهذه المفرزات اللزجة لها دورٌ كبيرٌ في مساعدة الحيوانات المنوية على السباحة والوصول إلى البويضة لتلقيحها، وبعد انتهاء مرحلة التبويض تبدأ هذه المفرزات بالتناقص ويتغير لونها وقوامها ليصبح عكراً وسميكاً.
  2. تغيراتٌ في درجة حرارة الجسم: تتغير درجة حرارة جسم الأنثى في أثناء فترة التبويض؛ إذ إنَّ حرارة الجسم الطبيعية بحدود 36 إلى 37.5 درجةٍ مئويةٍ، وتنخفض تحت الطبيعي نتيجة تذبذب الهرمونات ووصول هرمون الأستروجين إلى أعلى مستوىً له عند حدوث التبويض، ثم تبدأ بالارتفاع بمقدار نصف درجةٍ بعد حدوث التبويض؛ وذلك بسبب ارتفاع هرمون البروجيسترون، وحينها يكون الرحم مهيأً وجاهزاً لاستقبال البويضة الناضجة الجاهزة لعملية الإلقاح.
  3. تغيرات عنق الرحم: يتغير موقع عنق الرحم وملمسه على امتداد الدورة الشهرية؛ إذ يرتفع إلى الأعلى باتجاه الرحم قبل حدوث التبويض، ويصبح ذا ملمسٍ ناعمٍ وأكثر ليونةً وانفتاحاً قبل التبويض مباشرةً، وينزل إلى الأسفل ويصبح ذا ملمسٍ خشنٍ نسبياً وضيقاً صعب الانفتاح في الفترة التي تلي التبويض ومرحلة عدم الخصوبة خلال دورة الطمث.
  4. قوة في الحواس: قد تزداد بعض حواس النساء قوةً في فترة التبويض؛ إذ تصبح حواسها أكثر حساسيةً وخاصةً الشم؛ وذلك لتهيئة جسمها لينجذب لهرمون الأندروستينون، بالإضافة إلى ازديادٍ في قوة حاسة البصر واللمس أيضاً.
  5. آلام التبويض: تعاني معظم النساء في الفترة التي تسبق التبويض من آلامٍ خفيفةٍ إلى متوسطة الشدة في منطقة المبيضين وأسفل البطن، وتعزو هذه الآلام لتمدد سطح المبيض نتيجة نمو الجريب ونضوج البويضة، فيأتي الإحساس بالألم الواخز في المبيضين أحدهما أو كليهما، بالإضافة إلى إحساسٍ بالحرقة نتيجة إفراز الجريب لسوائل عند لفظه للبويضة، مع الشعور بثقلٍ وألمٍ في أسفل البطن، ويتفاوت في الشدة والمدة من أنثى لأخرى.
  6. التشنجات: تترافق فترة التبويض ببعض التشنجات والتقلصات في جدار البطن؛ وذلك نتيجة تذبذب الهرمونات كالأستروجين والبروجيسترون، أو في حال الإصابة بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات.
  7. مفرزاتٌ ذات لونٍ أحمرٍ أو بنيٍ: تظهر هذه المفرزات نتيجة تمزق الجريب عند نضج البويضة وانخفاض مستوى هرمون الأستروجين؛ وهذا يسبب نزفاً بسيطاً، وحين ينزل يكون قديماً؛ لذا قد يتحول إلى اللون البني أو يخرج بلونه الأحمر.
  8. زيادة الرغبة الجنسية: ترتفع الرغبة الجنسية لدى النساء في أثناء فترة حدوث التبويض؛ وذلك نتيجة ارتفاع مستويات هرمون الأستروجين والتستوستيرون، وتُعَدُّ هذه المرحلة هي الأكثر خصوبةً ويزداد فيها النشاط الجنسي والفرصة لحدوث حملٍ.
  9. وذماتٌ وانتفاخٌ في الجسم: قد يسبب ارتفاع هرمون الأستروجين حدوث احتباس سوائل في الجسم؛ لذا من المحتمل ظهور بعض الوذمات الانضغاطية في القدمين وأصابع اليدين وحدوث انتفاخٍ في البطن.
  10. الإعياء والصداع: من المحتمل أن تعاني بعض النساء من الإعياء والصداع نتيجة تذبذب الهرمونات الجنسية والتغيرات السريعة في الارتفاع والهبوط فيها.

العوامل المؤثرة في التبويض عند النساء:

فيما يأتي بعض العوامل التي تؤثر في عملية التبويض عند النساء:

  1. التغيرات في وزن الجسم: تؤثر النحافة الشديدة والبدانة المفرطة في التبويض عند النساء؛ وذلك نتيجة تأثيرها في إنتاج الهرمونات الجنسية؛ إذ تكون المرأة في حالة النحافة تعاني من نقصٍ في إنتاج الهرمونات الجنسية كالأستروجين، وتكون المرأة البدينة ذات خطورةٍ عاليةٍ للإصابة بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات.
  2. التقدم بالعمر: تتضاءل قدرة المرأة على التبويض وتنخفض خصوبتها مع التقدم بالعمر.
  3. التدخين: التدخين يشوه الحمض النووي البشري، ويقلل الخصوبة ويضعف من إفراز الهرمونات، ويضر بالغدد الصم والمبيضين، وقد يعطل القدرة على التبويض.
  4. الكحول: إدمان معاقرة الكحوليات بشكلٍ شديدٍ يومياً قد يؤثر في التبويض والخصوبة.
  5. متلازمة المبيض متعدد الكيسات: وهي نوعٌ من الاضطرابات الهرمونية التي تؤدي إلى ارتفاعٍ في مستوى الأندروجينات عند الأنثى، وهذا بدوره يسبب مشكلات في الدورة الشهرية، ويؤثر في الخصوبة والتبويض؛ إذ يبدأ المبيضان بإنتاج جريباتٍ أو أكياسٍ صغيرةٍ وعديدةٍ تحوي سوائل، وتقل قدرته على إنتاج بويضاتٍ سليمةٍ وناضجةٍ بشكلٍ منتظمٍ.

بالإضافة إلى بعض العوامل غير الشائعة وغير المتوقعة التي تؤثر أيضاً في عملية التبويض، نذكر منها اضطراباتٍ في مستويات هرمون الميلاتونين، وتناول مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وأمراض اللثة والفم، واضطرابات الغدد الصم، والتعرض للإشعاع وبعض المواد الكيميائية، وبعض أنواع السرطانات وغيرها.

في الختام:

كنا قد تحدثنا في هذا المقال بشكل موجزٍ عن الحيض عند النساء وأعراضه، وتعمقنا بظاهرة التبويض عندهن، وتعرفنا إلى موعد حدوثه وعلاماته والعوامل المؤثرة فيه، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.

المصادر: 1،2،3،4،5،6،7،8،9




مقالات مرتبطة