الاختلاف بين المثابرة والكمال

أنت تدرك أهمية المثابرة لإحراز التقدم، والقيام بعمل أفضل، والحصول على الغرض المطلوب، وتحقيق مستوى معيَّن من النجاح في معظم مجالات الحياة؛ وبمجرد أن تدرك قوة المثابرة، ستكون هناك عواقب مرتبطة بهذه المعرفة، وهذه العواقب تتمثل في عقلية "الحصول على كل شيء أو لا شيء"، فهذا الموضوع ليس واضحاً؛ لذلك دعنا نتحدث عن المثابرة وكيف يمكننا استخدام العلم والبحث لتجنب الأخطاء والعثرات الشائعة.



عقلية الحصول على كل شيء أو لا شيء:

بمجرد أن تدرك أنَّ المثابرة أمر ضروري للنجاح، قد تصبح مهووساً بها، ومن الأمثلة على ذلك:

  • هل تحاول إنقاص وزنك؟ من السهل أن تقنع نفسك أنَّك إذا لم تتبع نظامك الغذائي بشكل مثالي، فهذا يعني أنَّك فشلت.
  • هل تريد التأمل كل يوم؟ احذر من المبالغة في عدم تفويت يوم واحد لدرجة الشعور بالإجهاد بسبب التزامك الشديد ببرنامج التأمل.
  • هل تتطلع لأن تصبح كاتباً ناجحاً؟ يمكنك أن تقنع نفسك للاعتقاد بأنَّ المؤلفين الناجحين يكتبون كل يوم دون أن يفشلوا (الأمر نفسه ينطبق على الفنانين والرياضيين على اختلاف أنواعهم)، وبمعنى آخر، من السهل حقاً الخلط بين المثابرة والكمال، وهذه مشكلة؛ لأنَّه لا يوجد هامش أمان للأخطاء والمشكلات وحالات الطوارئ، والمقصود هنا، الأخطاء التي تجعلك إنساناً عادياً.

يصبح التماس العذر لأنفسنا أكثر أهمية عندما نفكر في العلم وراء تكوين العادات والتحسين المستمر؛ حيث تُظهِر الأبحاث أنَّه بغضِّ النظر عن العادة التي تعمل على بنائها، فإنَّ تفويت يوم واحد ليس له تأثير ملموس في نجاحك على الأمد الطويل.

بمعنى آخر، الأمر كله يتعلق بالتأني لا بالتسرع؛ إذ تشبه الإخفاقات اليومية التحذيرات التي يجب أن تنتبه لها، ولكن إذا حافظتَ على متوسط ​​سرعة جيد، فسوف تصل دائماً إلى وجهتك على الرغم من التوقفات والتأخيرات على طول الطريق.

إقرأ أيضاً: التسرع: أشكاله، وعواقبه، وطرق علاجه

الفكرة في الممارسة:

"جوش هيليس" (Josh Hillis) هو كوتش في مجال التغذية وتخفيف الوزن، وعند العمل مع العملاء، لا يكلف "جوش" نفسه عناء تتبُّع سعراتهم الحرارية اليومية؛ حيث إنَّه ينظر فحسب إلى إجمالي السعرات الحرارية في نهاية كل أسبوع، ويقوم بإجراء تعديلات بناءً على ذلك، فلاحظ مدى اختلاف هذه الاستراتيجية عن نهج التغذية النموذجي.

إنَّ "جوش" لا يهتم بما تأكله لمرة واحدة، ولا يشعر بالقلق إذا أخطأتَ في تناول الطعام مرة أو مرتين؛ ذلك لأنَّه يدرك أنَّ الوجبات التي تأكلها لمرة واحدة لا تهم إذا حافظتَ على "السرعة المتوسطة" الصحيحة على مدار الأسبوع.

وكما هو واضح، إنَّ هذه طريقة منطقية للتفكير في المثابرة والتقدم في كل مجال، فأنت لا تنوي ارتكاب أيِّ خطأ على الإطلاق، ولكن إن فعلتَ ذلك، فانظر إلى مدى تقدُّمك على الأمد الطويل، ولا تحكم على نفسك بناءً على حدث واحد.

شاهد بالفيديو: 10 اقتباسات لما يقوم به الناجحون بشكل مختلف

المواظبة على المثابرة بالتخطيط للتعامل مع الفشل:

المثابرة ضرورية للنجاح في أيِّ مجال، ولا توجد وسيلة للالتفاف على حقيقة أنَّ الإتقان يتطلب كمية عمل هائلة، ولكن إذا كنتَ ترغب في الحفاظ على عقلك وتقليل التوتر وزيادة احتمالات النجاح على الأمد الطويل، فأنت بحاجة إلى التخطيط للفشل وكذلك التركيز على المثابرة.

أظهر بحث أجرته أستاذة جامعة "ستانفورد" (Stanford University) "كيلي ماكغونيغال" (Kelly McGonigal) أنَّ السبب الرئيس وراء تلاشي قوة الإرادة، وفشل الناس في المواظبة على عاداتهم وأهدافهم، هو عدم وجود خطة للتعامل مع الفشل.

فالتخطيط للفشل لا يعني أنَّك تتوقع الفشل، ولكن هو القدرة على أن تعرف ما الذي ستفعله، وكيف ستعود إلى المسار الصحيح عندما لا تسير الأمور على ما يرام، فإذا كنتَ تركز على أن تكون مثالياً، فأنت ضحية فكرة "الحصول على كل شيء أو لا شيء".

وفي غضون ذلك، إذا أدركتَ أنَّ الإخفاقات الفردية لها تأثير ضئيل في نجاحك على الأمد الطويل، فيمكنك التعافي من الإخفاقات والنكسات بسهولة أكبر؛ ذلك لأنَّ المثابرة لا تعني أن تكون مثالياً.

المصدر




مقالات مرتبطة