الآثار السلبية للاكتفاء بالالتزام الجزئي بمعظم الأمور

إذا كنا متفائلين جداً، فسنقول إنَّ معظمنا يتخلى عن نصف التزاماته، وفي حالات كثيرة؛ أكثر من نصف ما نلتزم به لا نفي به.



نقول مثلاً: إنَّنا سنغير نظامنا الغذائي؛ لكنَّنا لا نلتزم بذلك تماماً، فنحن لا ننظِّم وجباتنا، ولا نشتري الطعام الصحي، ونستمر في تناول الوجبات السريعة، ونستمر في ممارسة عادات الأكل غير الصحية؛ ما يحدث هو أنَّنا لا نشعر برغبة قوية بالالتزام، ولا نملك تلك الإرادة للتغيير.

نحن نقدِّم التزاماً بالعمل تجاه فريقنا، أو العملاء أو زملائنا في العمل؛ لكنَّنا لا نلتزم التزاماً كاملاً؛ إذ نسمح للظروف بتشتيت انتباهنا، ونماطل؛ أي إنَّنا نصف ملتزمين معظم الوقت. والشيء نفسه بالنسبة إلى علاقاتنا مع الأشخاص الذين نهتم لأمرهم، نحن لسنا ملتزمين تماماً معهم؛ لذلك يجب أن نسأل أنفسنا هل نحن ملتزمون تماماً بواجباتنا، يجب أن نكون صريحين دون أن نلوم أنفسنا أو نشعر بالخجل، أو نصدر أحكاماً على أنفسنا.

يجب أن نُجيب عن هذا السؤال لمعرفة ما إذا كنا ملتزمين تماماً في أي شيء، ومعرفة مقدار تأثير ذلك في حياتنا. يجب أن نسأل أنفسنا، كم مرَّة أخلفنا بوعودنا مع الآخرين، وبوعودنا مع أنفسنا؟ وكم مرة خذلنا أحباءنا عندما كانوا يحتاجون إلى اهتمامنا؟ كما يجب أن نسأل أنفسنا، كيف يؤثر عدم التزامنا في أنفسنا وفيمَن حولنا وفي عملنا؟

بالتأكيد، إنَّ عدم التزامنا له تأثير كارثي. فيُفقدنا الثقة بأنفسنا ويؤدي إلى تأنيب الضمير، ويؤثر سلباً فينا، وهذا بدوره يؤثر سلباً في كل شيء حولنا.

نحن نحاول تجنُّب القيام بالمهام الصعبة، ونفضِّل البقاء في منطقة الراحة والاكتفاء بالقيام بالمهام السهلة، كما أنَّنا نخسر ثقة الآخرين ونخيِّب أملهم، بينما ما يزالون يأملون أن نمنحهم الاهتمام الكامل.

عندما نفرط بوعودنا نبدو غير مبالين، وغير جديرين بالثقة بسبب عدم امتلاكنا للعزيمة ونُفوِّت دائماً كل الأشياء الهامة؛ وهذا يجعل الآخرين يعانون من انعدام الأمان في علاقتهم معنا ويفقدون ثقتهم بنا، ونحن بدورنا نتألم عندما نشعر أنَّنا غير جديرين بالثقة. نحن نخسر متعة الشعور بالفاعلية، والمتعة التي يمنحها لنا الالتزام الحقيقي.

مرةً أخرى، نؤكِّد أنَّ مراجعتك لنفسك لا تعني أن تشعر بالخجل أو الذنب أو توبِّخ نفسك بسبب تقصيرك؛ إنَّما تعني أن تراجع نفسك لأنَّ عدم التزامك يؤذيك كونك تخذل نفسك وتخذل الآخرين. وتراجع نفسك من أجل أن تصبح ملتزماً تماماً بما ينبغي عليك فعله؛ أي أن تلتزم التزاماً كاملاً وتتفانى للوفاء بالتزاماتك.

شاهد بالفديو: 7 طرق لتسليم مهامك في الموعد النهائي

إليك 6 نصائح ستمكنك من تطبيق ذلك على أرض الواقع:

  1. تأمَّل قليلاً واستوعب أنَّك تحتاج إلى تحديد مقدار التزامك.
  2. تأكد من حقيقة رغباتك ومشاعرك تجاه شيء ما، وتأكد ما إذا كانت لديك رغبة قوية بالالتزام بهذا الشيء، وتعرَّف حقيقة رغبتك من خلال مقدار شعورك بالراحة تجاه هذا الالتزام، وتأكد إذا ما كانت لديك القدرة والوقت في حياتك لتحمُّل هذا الالتزام.
  3. ضع تحدياً لنفسك، واسأل نفسك هل أنا على استعداد لتحمُّل هذا الالتزام مهما كلَّفني ذلك؟ بالطبع لا نتحدث هنا عن الظروف الخارجة عن إرادتك؛ مثل موت أحد أفراد أسرتك أو مرض أو كارثة طبيعية، لكن باستثناء هذه الأمور فما من شيء يمنعك من الالتزام بشيء ما والرهان على قدرتك على تحمُّل هذا الالتزام.
  4. سارع مباشرةً إلى اتخاذ الإجراءات التي تضمن وفاءك بالتزامك عندما تتأكد من قدرتك على الوفاء بهذا الالتزام، وأعط وعداً لشخص ما بأنَّك ستلتزم بهذا الشيء، واطلب منه أن يسألك عن مقدار التزامك، وصمِّم خطتك واسعَ إلى تحقيق هدفك، وابدأ بالإجراء التالي على الفور، وصمم خطة تتلاءم مع ظروفك وتضمن عدم فشلك، وضع تذكيرات، وافعل كل ما يتطلبه الأمر حتى لا تخذل نفسك أو تخذل الآخرين.
  5. ابدأ بالتزامات صغيرة، وحققها، ولا تبدأ بأشياء كبيرة؛ بل ضع التزاماً يسهل تحقيقه وتستطيع أن تفي به تماماً؛ مثلاً، اقطع وعداً لنفسك أنَّك ستمشي مسافة قصيرة في هذا اليوم وستفعل ذلك مهما كانت الظروف. وبعد فترة، ستكتسب الثقة وستكون قادراً على الوفاء بالتزامات أصعب.
  6. افعل كل ما يتطلبه الأمر، حتى لا تخلف وعداً مرة أخرى، ولكي تبقى دائماً وفياً بالتزاماتك.

تذكَّر، لا تحكم على نفسك، ولا تشعر بالخجل من نفسك؛ بل ابذل قصارى جهدك حتى تفي دائماً بالتزاماتك.

المصدر




مقالات مرتبطة