اكتشف هدف حياتك خلال 30 دقيقة

لقد تعلَّمنا في مقالات سابقة الاختلافات بين الأهداف الخاطئة والحقيقية، وإلى المبادئ التوجيهية الستة لتحديد هدفك، وفي هذا المقال سنشارك تمريناً لاكتشاف الهدف الحقيقي من حياتك.



"دع روحك تجذبكَ بصمتٍ إلى ما تحبه، حقاً إنَّها لن تُضلك أبداً" - جلال الدين الرومي (Rumi).

خصِّص 30 دقيقةً على الأقل قبل البدء؛ إذ يجب ألا تتعرَّض لأي مشتِّتات خلال هذا الوقت، وإذا كنت تشعر أنَّك مشغول جداً بحيث لا يمكنك توفير 30 دقيقةً فقط، ففكِّر في أنَّ 30 دقيقة هذه هي استثمار صغير لأمر من شأنه أن يغيِّر حياتك؛ إذ من خلال تخصيص وقتك بوعي للتفكير في هدف حياتك، ستعيش حياتك كلها بوضوح، فإذا كان لديك وقت لتصفح الإنترنت والدردشة ومشاهدة التلفاز والقيام بنشاطات عشوائية، فبالتأكيد لديك وقت لذلك؛ لذا اقتطع بعض الوقت من الأمور الأخرى وطبِّق هذا التمرين.

تمرين: اكتشف الهدف من حياتك

هذا التمرين لاكتشاف أنَّ هدفك يسيرٌ جداً، ويمكن تلخيصه في 4 خطوات سهلة:

  1. تجهيز قلم وورقة، أو استخدام معالج النصوص، طبِّق هذا التمرين عندما تكون وحدك.
  2. الإجابة عن السؤال الآتي: "ما هو هدف حياتك؟".
  3. كتابة كل الأفكار التي تتراود إلى ذهنك، ومع كل فكرة تظهر الاستمرار في طرح نفس السؤال.
  4. الاستمرار في فعل هذا حتى تصل إلى الإجابة التي تجعلك تحدد هدفك.

قد يواجه بعض القرَّاء صعوبة عند القيام بذلك؛ لذا فيما يأتي بعض الخطوات العملية:

1. كتابة ما يتبادر إلى الذهن:

حتى لو خرجت بإجابات مثل "لا أريد فعل أي شيء"، أو "أريد أن أشاهد التلفاز"، أو "أريد أن أنام"، دوِّنها واستمر، وإذا كانت لديك أي شكوك، فاكتبها واستمر أيضاً، فكل ما تكتبه هنا لا يهم أبداً، ما يهمك هو الإجابة النهائية التي تبحث عنها.

2. تجاهُل العوامل الاجتماعية:

لأنَّنا نعيش في العالم المادي، ستكون إجاباتنا الأولية مرتبطة به، مثل كسب المال، وشراء سيارة، وتحقيق الثراء، والحصول على وظيفة الأحلام، وفقدان الوزن، والحصول على مظهر جيد، وكسب محبة شخص ما، وما إلى ذلك؛ لذا استمر في الكتابة فحسب، وستبدأ الإجابات الجديدة في الظهور بعد أن تفكِّر بعمقٍ كافٍ.

3. التنوع في الأسئلة إذا لزم الأمر:

يمكنك تنويع أسئلتك مع تقدُّمك في طرح الأسئلة، مثل "ما هي مهمتي في الحياة؟"، أو "ما هو هدفي النهائي في الحياة؟"، أو "لماذا أنا هنا؟"، وإذا حصلت على إجابات تجعلك تفكِّر، فابحث بعمق، وتابع بـ "لماذا قلت ذلك؟، وماذا يعني هذا؟"، ثمَّ عد إلى السؤال الأساسي: "ما هو الهدف من حياتي؟".

4. الوصول إلى مصدر هدفك:

يمكنك الكتابة عن الأمور التي تحب القيام بها، سواء كانت الكتابة أم الرسم أم الطبخ؛ إذ يجب الوصول إلى مصدر هذه النشاطات، فلماذا تحب القيام بهذا النشاط كثيراً؟ هل لأنَّه يتيح لك النمو وتصبح أفضل نسخة من نفسك؟ أو هل لأنَّه يتيح لك إظهار إبداعك؟ أو هل لأنَّك تتواصل مع الناس من خلاله؟ ركِّز على المغزى وليس الوسيط.

5. الاستمرار حتى تصل إلى هدفك:

في أثناء الكتابة، ستحصل على إجابات تروق لك أكثر من غيرها، ركِّز على هذه الإجابات، وانظر إلى أين ستؤدي بك، فأحياناً قد لا تؤدي هذه الإجابات إلى شيء، وفي هذه الحالة يمكنك إعادة طرح سؤال "ما هو الهدف من حياتي؟"؛ لذا استمر في فعل هذا حتى تصل إلى الإجابة التي تناسبك، ويمكن أن تستغرق مدة قصيرة تصل إلى 30 دقيقةً أو قد تصل إلى ساعة، فالوقت ليس هو المفتاح هنا.

6. فعل ذلك في جلسات متعددة إذا لزم الأمر:

إذا شعرت بالتعب في منتصف الجلسة، ولا يمكنك الاستمرار، خذ قسطاً من الراحة وافعل ذلك لاحقاً، ولا تشعر بالإحباط إذا لم تصل إلى ما تريده، فمن الطبيعي أن تستغرق بعض الوقت؛ لذا استمر في فعل هذا وستجد الإجابة التي تبحث عنها في النهاية، إنَّها موجودة داخلك، وفي انتظار الكشف عنها.

قد يسأل بعض الأشخاص: "كيف سأعرف بأنَّني حصلت على الإجابة؟"، عندما تصل إلى الإجابة، ستعرف ذلك، إذ إنَّك ستشعر بكثير من الطاقة والتحفيز.

وإذا كنت لا تعرف ما إذا كانت هذه هي الإجابة أم لا، فربما لا تكون أعمق إجابة يمكنك الحصول عليها؛ لذلك فكِّر بعمق وافعل ذلك في جلسات منفصلة، دون أن تربط نفسك بالإجابة التي اكتشفتها؛ فإذا كانت هي الإجابة المنشودة، فستظهر مرةً أخرى، فقد يجد بعضهم إجابته في الإجابة رقم 200 أو حتى 500.

شاهد بالفيديو: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

بعض النتائج المحتملة:

فيما يأتي بعض النتائج المُحتملة من هذا التمرين:

  1. يمكن أن تحصل على إجابة ترتبط بقلبك وروحك، فبالنسبة إلى بعضهم، قد يغمرهم شعور بالبكاء، وربما عانى معظمكم من نفس الأمر، وشعروا بعاطفة شديدة لدرجة أنَّ الدموع انهمرت من وجوههم.
  2. قد تحصل على إجابة تؤكد بأنَّك ستصل إلى ما تريده.
  3. قد تحصل على إجابة تجعلك تتساءل عن معناها.
  4. قد تحصل على إجابات غير مترابطة أبداً.

فعندما تصل إلى الإجابة الأولى، ستعرف ذلك، وإذا حصلت على الإجابة الثانية، فتابع التمرين؛ إذ توجد إجابات أعمق يجب الكشف عنها.

أمَّا إذا حصلت على الإجابة الثالثة أو الرابعة، فهذا يعني أنَّك لم تصل إلى الإجابة الحقيقية حتى الآن؛ لذا استمر أو خذ قسطاً من الراحة وحاول مرةً أخرى لاحقاً، فالطريقة التي ينجح بها التمرين هي أنَّك تخاطب جوهر ذاتك، لتكشف عن هدفك الحقيقي؛ لذا اتَّبع التعليمات أعلاه، واستمر في التحقُّق من الإجابات التي تخرج بها، فعقلك مثل المحيط، والإجابة تكمن في قاع المحيط.

لاحظ أنَّ وصولك إلى الإجابة الأولى يعتمد على ما يأتي:

1. اتساع وعمق خبراتك حتى وصلت إلى هذه المرحلة:

كلما زادت المواقف التي تعرَّضت لها، كان من الأسهل عليك التقدُّم في هذا التمرين، فعلى سبيل المثال، السفر والعيش في بلدان مختلفة يعرِّفك إلى أنماط مختلفة من الحياة، والسعي إلى تحقيق أهداف في مجالات مختلفة يضعك في مواقف جديدة، والعمل في مجالات مهنية مختلفة يعرِّفك بأفكار جديدة.

وإذا لم تتمكَّن من الحصول على إجابة ذات مغزى نتيجة التفكير في داخلك، فحاول النظر إلى العالم من حولك، فما الذي لم تستكشفه أو تراه بعد؟ انطلق وانفتح على كل الأمور الممكنة.

فكلما زادت المواقف التي تعرض نفسك لها، زادت احتمالية العثور على ما يثيرك في جوهرك، وهذا ما يُعرف بمفهوم الحدس المهني، وهو عملية البحث المستمر لإيجاد الحل الأمثل لمشكلة ما.

إقرأ أيضاً: 7 أمور خاطئة تمنعُك من تحقيق أهدافك في الحياة

2. مستوى وعيك:

مستوى وعيك هو نتيجة إدراك ذاتك، وهذا الأمر هام جداً، وذلك لأنَّه يمهِّد الطريق لتحقيق هدفك، فإذا كان لديك فهم محدود للواقع، فسيكون لديك هدف محدود أيضاً.

من خلال فهم الكون الذي تعيش فيه بطريقة صحيحة، يمكنك تحديد هدفك بصورة أكثر دقةً، وبناءه على أساس راسخ؛ إذ إنَّه مثل إلقاء نظرة عامة إلى متاهة وتحديد أفضل مسار للمضي قدماً.

فيما يأتي بعض الطرائق لزيادة وعيك:

  1. اعتماد وجهة نظر عالمية، بدلاً من التركيز على وقت ومكان محددين.
  2. تحدي المفاهيم والمعتقدات الاجتماعية باستمرار.
  3. العمل على فهم السبب الجذري للأمور، بدلاً من التعامل مع تأثيراتها.
  4. التأمل وتفريغ الأفكار.

لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة؛ إذ لا يوجد سوى الجواب الصحيح بالنسبة إليك، فبعض الإجابات قد تكون: "هدفي أن أحب نفسي والآخرين دون قيود أو شروط"، أو "هدفي أن أعيش أفضل حياة من خلال المثابرة واتخاذ إجراءات مستمرة لتحقيق أهدافي"، أو "هدفي هو القيام بالأمور الصحيحة بطريقة صحيحة"، أو "هدفي أن أكون أفضل نسخة من نفسي وأن يحبني الآخرون"، فأنتم جميعاً أفراد فريدون، ومن ثمَّ سيكون هدفكم فريداً تماماً بالنسبة إليكم، وهذا كل ما يهم.

إقرأ أيضاً: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

حدد رسالة مهمتك:

بعد أن اكتشفت الهدف من حياتك، يجب عليك صياغته في بيان رؤية؛ إذ إنَّ بيان الرؤية هو بيان يوضِّح هدف حياتك، ومن المُفترض أن يكون مختصراً ​​ومباشراً، لذلك عادةً ما يكون عبارة عن بضعة أسطر فقط، وربما تكون قد سمعت عن الشركات التي لديها بيان رؤية، ونفس الأمر ينطبق على حياتك.

توجد بعض المؤشرات المتعلقة ببيان الرؤية:

1. يجب أن يتكوَّن من سطر إلى سطرين:

أن ينقل بدقة ما تريد القيام به في هذا العالم، وأن يتوافق معك، ويسهل تذكُّره بما فيه الكفاية، وإذا كان مكوَّن من عدة سطور، فاختر الجوهر منه، وعدِّله ليصبح سطراً أو سطرين، وذلك لأنَّه إذا كان لديك فقرة تتكوَّن من 6-7 أسطر، فسيكون من الصعب عليك تذكرها والتصرف وَفقها، أمَّا استخدام سطر أو سطرين، سيدفعك إلى تحديد الأولويات واختيار جوهر هدفك، ومن ثمَّ يسهل عليك العيش وَفقاً له.

2. يضع نموذجاً لاتخاذ الإجراءات:

صغ هدفك في شكل إجراء، مثل "أريد أن أعيش بأقصى إمكاناتي"، أو "أريد أن أحقق الحب والفرح لكل شخص في العالم"؛ إذ تهدف رسالة الهدف الخاصة بك إلى جعلك جاهزاً للعمل، بدلاً من استخدام عبارات لا تحثُّك على العمل، مثل "الحب والحقيقة والشجاعة"، أو "السعادة والفرح".

3. يسبب الشعور بالحماسة:

ما هو شعورك عندما ترى رسالة هدفك؟ هل تشعر بالحماسة؟ أم أنَّك لا تشعر بأيِّ شيء؟ يجب أن تجعلك رسالة هدفك تنبض بالحياة عندما تراها، وهذا يعني أنَّ كل كلمة يجب أن يكون لها صدى وتأثير فيك، فإذا لم يكن الأمر كذلك، عدِّل هدفك حتى تشعر بذلك، وإذا لزم الأمر، أعِد النظر في التمرين، واستشر نفسك مرةً أخرى.

4. يركز في الرحلة وليس الوجهة:

يجب أن تعكس رسالة الهدف رحلة مستمرة، وليس نقطة النهاية، على سبيل المثال: "أن أعيش بأعلى إمكاناتي وأكون في أفضل حال"، هذا يعني أنَّك تنمو باستمرار، وأنَّك ستصبح أفضل نسخة من نفسك؛ فلا توجد نقطة نهاية محددة للنمو؛ لأنَّ الإمكانات البشرية غير محدودة ويوجد دائماً مجال للتحسن.

شاهد بالفيديو: 7 حقائق عليك أن تفهمها عن الحياة

بعد تحديد هدفك:

أهمُّ أمر يجب ملاحظته هو أنَّه حتى بعد تحديد رسالة مهمتك، فإنَّها ستتغيَّر في المستقبل، تماماً كما تتطوَّر بوصفك شخصاً طوال الحياة، ستتغيَّر أيضاً تصوراتك عن معنى الحياة.

لذا، تأكَّد من مراجعة رسالة هدفك بصورة دورية، كل 3 أشهر في البداية، ثم كل 6 أشهر، ثم سنوياً؛ وذلك للتأكُّد من أنَّها تتوافق مع جوهرك، فمن الممكن أن تكون قد واجهت تغييرات، أو اكتشفت نظرة جديدة للعالم تجعل هدفك غير ذي صلة بك، وهذا الأمر مشابه تماماً للطريقة التي تراجع بها الشركات رسالة مهمتها بانتظام للتأكُّد من أنَّها ليست قديمة.

المصدر




مقالات مرتبطة